تأثير البريكست على بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي
الاثنين / 15 / جمادى الآخرة / 1441 هـ - 22:40 - الاثنين 10 فبراير 2020 22:40
يتساءل الكثيرون بعد أن خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يوم 31 يناير الماضي، ما هو تأثير هذا الخروج على كل من بريطانيا والاتحاد الأوروبي؟
بالنسبة لبريطانيا في البداية سيكون محدودا، لأن العلاقة بين الطرفين لن تتغير كثيرا في المرحلة الانتقالية التي بدأت في 1 فبراير لمدة 11 شهرا تنتهي في 31 ديسمبر 2020، وفيها سيتم التفاوض على شروط العلاقة الجديدة، حول اتفاقية التجارة الحرة ومفاوضات أخرى حول الأمن والقانون وتراخيص الأدوية وتبادل المعلومات ولوائح الطيران.
وعن المرحلة الانتقالية قال جونسون في بيان له انه يتفهم شعور المتخوفين من تأثير البريسكت على حياتهم، فالحكومة مهمتها لّم شمل جميع البريطانيين والمضي بهم قدما، إنها اللحظة التي نبدأ فيها بناء الوحدة والمساواة، نزرع الأمل ونفتح الفرص في جميع مناطق بريطانيا، وأعلن ما وصفها بأنها مرحلة جديدة من التعاون الودي بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
غير أن هناك أمورا ستتغير خلال الفترة الانتقالية، وأخرى ستبقى على حالها بحسب ما أشارت التقارير الإعلامية. ومن الأمور التي ستتغير ما يلي: السفر، حيث سيتم استمرار تسيير القطارات والبواخر والرحلات الجوية بين بريطانيا ودول الاتحاد كالمعتاد دون أي تغيير خلال الفترة الانتقالية، كذلك الاستمرار في العمل بتصاريح القيادة وجوازات سفر الحيوانات الأليفة دون تغيير. واستمرار العمل ببطاقات التأمين الصحي للبريطانيين في حال سفرهم إلى دول الاتحاد الأوروبي، واستمرار حرية الإقامة والتنقل والعمل حتى نهاية ديسمبر من العام الجاري، كما سيستمر البريطانيون العاملون في دول الاتحاد بتلقي معاشاتهم التقاعدية والزيادات عليها، وستواصل بريطانيا مساهماتها المالية في ميزانية الاتحاد حتى نهاية الفترة الانتقالية، واستمرار التجارة الحرة بين الطرفين دون رسوم او حواجز جمركية طوال الفترة الانتقالية.
أما الأمور التي ستتغير بعد البريكست فتشمل فقدان النواب البريطانيين وعددهم 73 نائبا مقاعدهم في البرلمان الأوروبي، ولن يحضر بوريس جونسون اجتماعات الاتحاد إلا بتوجيه دعوة شخصية له، وسيتم تغيير لون جوازات السفر البريطانية والرجوع إلى اللون الأزرق القديم، وإغلاق إدارة شؤون البريكست في الحكومة البريطانية وإحلال فريق تفاوض محلها، وعدم إمكانية عدول بريطانيا عن قرار الخروج، واذا أرادت ذلك فعليها تقديم طلب التحاق جديد بالاتحاد، كما لن يعد بإمكان البريطانيين التقدم لوظائف في المؤسسات الأوروبي في بروكسل. أما التأثير الأكبر للبريكست على بريطانيا فيتمثل في تهديد وحدة البلاد، حيث سبق لاسكتلندا وايرلندا الشمالية أن صوتت كل منهما في استفتاء 2016 للبقاء في الاتحاد الاوروبي، وما زالت اسكتلندا تطالب بالاستقلال عن المملكة المتحدة بعد فشل استفتاء 2014، وما زالت زعيمة الحزب القومي الاسكتلندي نيكولا ستورغن تطالب بإجراء استفتاء على استقلال اسكتلندا، وتعهدت ببناء أمل في مستقبل أفضل لإسكتلندا.
كذلك الأمر بالنسبة لايرلندا الشمالية التي بدأت في التفكير في الاتجاه نحو الوحدة مع ايرلندا الجنوبية لتستمر في البقاء في صفوف دول الاتحاد الأوروبي، مما يجعل بريطانيا أمام تحديات مصيرية بعد البريكست.
أما عن تأثير البريكست على الاتحاد الأوروبي فيتمثل في اهتزاز حجم الاقتصاد، فخروج بريطانيا يفقد الاتحاد 15% من حجم اقتصاده، فبريطانيا من أكثر الدول الأعضاء في الاتحاد إنفاقا على التسلح، كذلك سيفقد الاتحاد لندن العاصمة المالية الدولية في عالم اليوم، وترى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لحظة حزينة تمثل نقطة تحول في أوروبا.
ومع خروج 66 مليون نسمة هم سكان المملكة المتحدة، سيتراجع عدد سكان الاتحاد الأوروبي إلى حوالي 446 مليونا فيما ستتقلص مساحته بنسبة 5.5%. كما سيتراجع عدد أعضاء البرلمان الأوروبي من 751 إلى 705 أعضاء بعد خروج الأعضاء البريطانيين.
وعبر ميشيل بارينيه، المفوض الرئيسي للاتحاد الأوروبي عن اسفه لضعف الاتحاد الآن بعد خروج بريطانيا، كما عبر عن مخاوفه من إن تحذو بعض دول الاتحاد حذو بريطانيا.
صحيفة «التايمز» نشرت مقالا افتتاحيا بعنوان «خروج بريطانيا من الاتحاد سيعمق الانشقاقات داخله»، قالت فيه: لعل أصعب مشكلة يتعرض لها الاتحاد هي التصديق على ميزانيته لسبع سنوات، في الوقت الذي تغادر فيه واحدة من أكبر الدولة مساهمة في الميزانية، فبريطانيا تساهم بنحو 10 مليارات جنيه استرليني سنويا في ميزانية الاتحاد، وتسبب خسارة هذا المبلغ توترا بين الدول الكبيرة مثل ألمانيا التي تسعى إلى تحديد سقف مساهمة الأعضاء بنسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي حتى تتفادى زيادة مساهمتها في الميزانية.