ثقافة

"سكة البوش".. جسر بري لاستقبال القوافل التجارية القادمة إلى صور قديماً

تمثل شريان حياة للتجارة ومساراً لنقل البضائع من خور البطح للسوق

 
- حمود الغيلاني لـ'عمان':

* سكة البوش تمثل تاريخاً بالنسبة لأهالي صور منذ القدم وتوارثت الأجيال هذا المسمى رغم السنين

* الاسم مشتق من ممر الجمال أو النوق التي تعبر هذا الطريق وهي في طريقها الى 'الفرضة'

* السكة حاضرة في وجدان الأهالي لارتباط صور بالتجارة البحرية وتواصلها مع الولايات الأخرى والعالم الخارجي.

* من أشهر القوافل التي سارت في 'سكة البوش' قافلة بن جويد ذات القوافل الثلاث وأكبرها تضم 100 جمل.

تشتهر مدينة صور بكونها إحدى البوابات التجارية الرئيسية قديماً، فهي بوابة الشرق الساحلية التي توفد إليها بضائع الصين والهند مروراً بالبصرة وشرق أفريقيا، ولأنها ذات محطات تجارية مهمة فقد نتج عن ذلك ظهور ما يسمى بالطرق التجارية البرية القديمة ومثال على ذلك 'سكة البوش' التي هي بمثابة جسر بري للقوافل التجارية وهي تمر بين قرى ومناطق المدينة لتعبر برًا نحو بقية مدن ومناطق عُمان قديمًا.

إن الراصد لهذه الطرق البرية سيجدها قد تفردت بأحداثها التاريخية ووقائعها الاستثنائية التي لا تزال عالقة في مخيلة أبناء الولاية والولايات الأخرى المجاورة لها، وهذا ما أكد عليه عدد من المختصين في مجال التاريخ الثقافي للولاية ممن سجلوا في أبحاثهم العلمية تلك الطرقات وما تحمله من ذكريات وصور تاريخية متفردة.

وقال الشيخ حمود بن حمد الغيلاني، مؤرخ ومختص بالتاريخ البحري العماني لـ'عمان': 'ما من أحد سكن ولاية صور أو جاء إليها تاجراً أو زائراً أو عابراً إلا وعرف أو تعرف على هذا المعلم التجاري التاريخي المرتبط بصور والمتمثل في (سكة البوش) وهذا الاسم مشتق من ممر الجمال أو النوق التي تعبر هذا الطريق وهي في طريقها الى (الفرضة) أي جمرك الميناء القديم لصور، محملة بالبضائع من وإلى الفرضة لتنقل فيما بعد عبر الأسطول البحري التجاري لصور والذي تجاوز 300 سفينة تجارية تجوب البحار وترسو في موانئ العالم من صور العفية إلى اليمن والهند مروراً بموانئ الخليج العربي والبصرة في العراق ناقلة التمور إلى إفريقيا، وحتى جنوب آسيا'.

وأشار قائلا: 'إن سكة البوش تمثل بالنسبة للتجار الشريان الذي تنقل عبره البضائع القادمة من مناطق الداخل بالشرقية والمنطقة الداخلية والظاهرة حيث تأتي الجمال أو كما يطلق عليها (البوش) محملة بالمنتجات العمانية مثل التمور والليمون المجفف والدبس والفخاريات وغيرها من المنتوجات الأخرى، لتمر هذه الجمال عبر هذه السكة إلى الفرضة لتنزل حمولتها وتحمل بالبضائع الأخرى القادمة من الخارج وتعود إلى مواطنها، وسكة البوش تمثل تاريخاً بالنسبة لأهالي صور منذ القدم وتوارثت الأجيال هذا المسمى رغم السنين إلا أن سكة البوش بقيت حاضرة في وجدان أهالي صور لارتباط صور بالتجارة البحرية وتواصلها مع ولايات سلطنة عمان وقراها والعالم الخارجي، والتطور الذي طرأ على هذه السكة من إقامة محلات تجارية لم يحدث أي تغير على هذا المسمى التاريخي فعندما يحاول المرء السؤال عن محل تجاري يقع على جانبي السكة أو الاستفسار عن سوق النساء يقال له في (سكة البوش) التي تبدأ من أول السوق التجاري أو المدخل للحي التجاري مروراً بعدد من الحارات حتى تصل إلى الميناء'.

مشيراً إلى أن هناك العديد من القوافل التي عُرِفت بأسماء عدد من الأسر التجارية في مدينة صور والتي كانت تخوض في طريق 'سكة البوش'، وتحدث عن ذلك قائلا: 'من تلك القوافل (قافلة بن جويد) والتي لها ثلاث قوافل، تتحرك الأولى من ولاية بدية وولاية القابل وتكون محملة بالبسر والتمر وتكاد تكون هي الأكبر من بين القوافل الثلاث حيث يتجاوز عدد الجمال في هذه القافلة الـ (100) جمل، وهناك القافلة المنطقة من ولاية وادي بني خالد، أما الثالثة فتتحرك من ولايات جعلان وتكون مقاربة للأولى من حيث عدد الجمال، وهناك أيضا قافلة ود علي بن ربيع المخيني، وقافلة ود شيلة، وغيرها من القوافل الأصغر حجما'.

وبيّنَ الغيلاني أنه قبل مدخل سكة البوش بنحو 100 متر كانت تتواجد جمارك القوافل القادمة إلى صور من جعلان ووادي بني خالد ولاية بدية وولاية القابل والقوافل القادمة من محافظات الداخلية والظاهرة.