مبرّرات تدمير غزة
الاثنين / 29 / جمادى الأولى / 1446 هـ - 09:03 - الاثنين 2 ديسمبر 2024 09:03
سؤالٌ تردّد كثيرًا: هل أعطت حماس المبرر الشرعي لتدمير غزة؟! طُرح السؤال في البداية على استحياء، خاصة من مناوئي حماس ومن مؤيدي التقارب مع الكيان الصهيوني، لكن نتيجةً للأوضاع التي آلت إليها الأمور في غزة، أصبح السؤال مطروحًا بصوت مسموع من قبل الشامتين والمطبعين، ومن مدعي التدين، الذين باعوا الأوهام للشباب العربي والمسلم حتى فقدوا البوصلة، بل حتى مؤيدي المقاومة الذين انتابتهم الشكوك حول حماس، لدرجة أن يقال إنّ حماس تخدم المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى تهجير أهل غزة منها إلى سيناء وغيرها من المناطق.
الواقع أنّ الكيان الصهيوني ليس في حاجة إلى أيّ مبرر لعدوانه المتكرر على الشعب الفلسطيني؛ فمنذ إنشائه اعتمد على القتل والوحشية والاغتيالات أمام أعين العالم، الذي فشل في مساعدة وتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، ولم تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، مما يعطي حركة حماس حقَّ الرد على تلك الاعتداءات في الوقت الذي تراه مناسبًا، وهو الذي فعلته في السابع من أكتوبر 2023. ولم يكن أمام الكيان، إلا أن يلجأ إلى الكذب باتهام حماس بقطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء، بهدف تحويل أنظار العالم من مقاومة الحركة للاحتلال الصهيوني -وهو حق مشروع- إلى تهمة ارتكاب جرائم إنسانية.
ماذا لو لم تنفذ حركة حماس هجوم السابع من أكتوبر، هل يعني ذلك أنّ الكيان لن ينفذ خطته المزمعة بتهجير أهل غزة من القطاع؟ للإجابة عن السؤال نعود إلى تصريح للشهيد صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي أدلى به لقناة «الجزيرة» يوم 12 أكتوبر 2023، حيث أوضح فيه أنّ عملية طوفان الأقصى، جاءت استباقًا لهجوم كانت تنوي إسرائيل شنه على قطاع غزة فور انتهاء الأعياد اليهودية. وقد اعتبر البعض حينها أنّ تصريح العاروري ليس إلا للاستهلاك الإعلامي، لكن تأكيدًا لهذا الكلام أوضح تحقيق للقناة 12 التلفزيونية العبرية، بُث يوم السبت 23 نوفمبر 2024، أنّ رونين بار رئيس الشاباك (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي) قدّم في 1 أكتوبر 2023، أي قبل 6 أيام من بدء معركة طوفان الأقصى، خطة لاغتيال القيادة العليا لحركة حماس، بما في ذلك الشهيد يحيى السنوار ومحمد الضيف القائد العام لكتائب القسام. وبحسب التحقيق قال رئيس الشاباك في الاجتماع الذي حضره رئيس وزراء الاحتلال وقادة «المؤسسة الأمنية»: إنّ «السنوار يشعر بمزيد من الحرية في العمل والتحرك، ويجب التخلص منه»، فيما كان تعليق هرتسي هليفي رئيس أركان جيش الاحتلال إنه «يجب شن حملة واسعة ضد حماس، وتنفيذ هجوم استباقي»، وقد أعطت المؤسسة الأمنية الضوء الأخضر لهليفي للمضي قدمًا في تنفيذ الخطة، حسب التقرير.
إذن؛ فتحقيق القناة 12 الإسرائيلية يعزز دقة ما كان لدى حركة حماس من معلومات عن وجود نوايا إسرائيلية لشن هجوم واسع على قادة المقاومة الفلسطينية، وهو الذي أشار إليه الشهيد صالح العاروري في لقائه مع «الجزيرة». ويحمّل التحقيق المتلفز بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال مسؤولية الفشل في منع هجوم أكتوبر، إذ أنه تجاهل التحذيرات والخطط التي كانت تقدّم له، وأوردت القناة تصريحات له قال فيها إنّ «حماس مردوعة»، وتصريحاتٍ أخرى لتساحي هنغبي رئيس مجلس الأمن القومي بتاريخ 1 أكتوبر 2023، أكد فيها على قناعته بأنّ «حماس غير معنية بالحرب».
الواضح أنّ التحقيق التلفزيوني الإسرائيلي يأتي ضمن الصراع المحتدم بين نتنياهو والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بسبب طوفان الأقصى، حيث يسعى كلّ طرف لتحميل الطرف الآخر مسؤولية الفشل الكبير في منع طوفان الأقصى، وهي نقطة ستظل تُحسب لحماس، مهما كانت نتيجة المعركة بين الطرفين؛ ولكن ما يهمنا في مقالنا هذا، هو أنّ التحقيق التلفزيوني يشير إلى أنّ مؤسسة الاحتلال الأمنية عملت على مدار الساعة على تحديد أماكن قادة حماس خلال الفترة التي سبقت طوفان الأقصى، وكانت تجمع معلومات استخباراتية من الجو والأرض، وكانت تدفع باتجاه تنفيذ عمليات اغتيال واسعة تشكل مفاجأة لحركة حماس، وهذه النقطة مهمة جدًا لتوضيح أنّ حماس كانت في حالة الدفاع عن نفسها ولم تكن السبب في تدمير غزة -كما يذهب البعض-، فالأمرُ كان مبيتًا بليل، وبالتأكيد فإنّ تحقيق القناة الإسرائيلية أشرفُ وأكثر نزاهة من مواقف بعض العرب الذين يقفون مع الكيان الصهيوني، ويحمّلون المقاومة مسؤولية دمار غزة، بدلًا من الوقوف مع إخوة لهم يبادون ولا يجدون ما يأكلون وما يشربون وما يلبسون، وهم ليسوا سوى صدى وأبواق للكيان الصهيوني الذي يردّد أنّ حماس منظمة إرهابية مثلها مثل داعش، وأنّها لا تمثل الشعب الفلسطينيّ في غزة، وأنّها قتلت الأطفال وقطعت رؤوسَهم واغتصبت النساء؛ ويذهب البعض بعيدًا بالقول إنّ القانون الدولي يعطي دولة الاحتلال الحقّ في الدفاع عن نفسها والقضاء على حماس.
فهل أخطأت حماس حقًا في هجومِها على غِلاف غزة؟ وهل هي التي أعطت مبرر تدمير القطاع وتنفيذ مخطط التهجير؟! إنّ المعطيات الإسرائيلية تشير إلى عكس ذلك، ولكن حالة الإحباط التي أصابت الناس بسبب وحشية الكيان الإسرائيلي، جعلت الحابل يختلط بالنابل لدى الناس، ولكن لو وقف العرب مع أشقائهم -أهل غزة- وقوفًا معنويًا فقط، وليس اختيار الوقوف مع العدو الصهيوني، هل كان الكيان سيجرؤ على ارتكابه تلك المجازر ضد المدنيين الأبرياء وضد الحجر والشجر؟! لم يفعل الكيان ما فعله إلا بسبب «الضوء الأخضر» الذي لقيه من دول عربية تريد التخلص من المقاومة، حتى تتفرغ للتطبيع ولأوهام رخاء ما بعد الحرب، وهي بذلك لا تدري أنها تقود نفسها إلى حتفها.
ما فعلته حماس هو تجسيدٌ للمقاومة الحرة ضد الاحتلال. وفي سبيل الحرية والدفاع عن المقدسات نالها ما نالها، وقد يبدو ذلك لقصيري النظر أنها هزيمة منكرة، ولكن ستبقى حماس ما بقي الاحتلال. ستختفي الشخصيات، وستزهق أرواح، وستدمر غزة، ولكن المقاومة ستبقى، وسيدفع الكيان ثمن كلِّ روح أزهقت؛ ففي كلِّ بيت هناك مشروع شهيد، ومشروع انتقام، وهذا لا يخفى على الكيان الصهيوني، وإن خفي على بعض العرب.
ما فعلته حماس هو تجسيدٌ للمقاومة الحرة ضد الاحتلال. وفي سبيل الحرية والدفاع عن المقدسات نالها ما نالها، وقد يبدو ذلك لقصيري النظر أنها هزيمة منكرة، ولكن ستبقى حماس ما بقي الاحتلال. ستختفي الشخصيات، وستزهق أرواح، وستدمر غزة، ولكن المقاومة ستبقى.
الواقع أنّ الكيان الصهيوني ليس في حاجة إلى أيّ مبرر لعدوانه المتكرر على الشعب الفلسطيني؛ فمنذ إنشائه اعتمد على القتل والوحشية والاغتيالات أمام أعين العالم، الذي فشل في مساعدة وتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، ولم تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، مما يعطي حركة حماس حقَّ الرد على تلك الاعتداءات في الوقت الذي تراه مناسبًا، وهو الذي فعلته في السابع من أكتوبر 2023. ولم يكن أمام الكيان، إلا أن يلجأ إلى الكذب باتهام حماس بقطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء، بهدف تحويل أنظار العالم من مقاومة الحركة للاحتلال الصهيوني -وهو حق مشروع- إلى تهمة ارتكاب جرائم إنسانية.
ماذا لو لم تنفذ حركة حماس هجوم السابع من أكتوبر، هل يعني ذلك أنّ الكيان لن ينفذ خطته المزمعة بتهجير أهل غزة من القطاع؟ للإجابة عن السؤال نعود إلى تصريح للشهيد صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي أدلى به لقناة «الجزيرة» يوم 12 أكتوبر 2023، حيث أوضح فيه أنّ عملية طوفان الأقصى، جاءت استباقًا لهجوم كانت تنوي إسرائيل شنه على قطاع غزة فور انتهاء الأعياد اليهودية. وقد اعتبر البعض حينها أنّ تصريح العاروري ليس إلا للاستهلاك الإعلامي، لكن تأكيدًا لهذا الكلام أوضح تحقيق للقناة 12 التلفزيونية العبرية، بُث يوم السبت 23 نوفمبر 2024، أنّ رونين بار رئيس الشاباك (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي) قدّم في 1 أكتوبر 2023، أي قبل 6 أيام من بدء معركة طوفان الأقصى، خطة لاغتيال القيادة العليا لحركة حماس، بما في ذلك الشهيد يحيى السنوار ومحمد الضيف القائد العام لكتائب القسام. وبحسب التحقيق قال رئيس الشاباك في الاجتماع الذي حضره رئيس وزراء الاحتلال وقادة «المؤسسة الأمنية»: إنّ «السنوار يشعر بمزيد من الحرية في العمل والتحرك، ويجب التخلص منه»، فيما كان تعليق هرتسي هليفي رئيس أركان جيش الاحتلال إنه «يجب شن حملة واسعة ضد حماس، وتنفيذ هجوم استباقي»، وقد أعطت المؤسسة الأمنية الضوء الأخضر لهليفي للمضي قدمًا في تنفيذ الخطة، حسب التقرير.
إذن؛ فتحقيق القناة 12 الإسرائيلية يعزز دقة ما كان لدى حركة حماس من معلومات عن وجود نوايا إسرائيلية لشن هجوم واسع على قادة المقاومة الفلسطينية، وهو الذي أشار إليه الشهيد صالح العاروري في لقائه مع «الجزيرة». ويحمّل التحقيق المتلفز بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال مسؤولية الفشل في منع هجوم أكتوبر، إذ أنه تجاهل التحذيرات والخطط التي كانت تقدّم له، وأوردت القناة تصريحات له قال فيها إنّ «حماس مردوعة»، وتصريحاتٍ أخرى لتساحي هنغبي رئيس مجلس الأمن القومي بتاريخ 1 أكتوبر 2023، أكد فيها على قناعته بأنّ «حماس غير معنية بالحرب».
الواضح أنّ التحقيق التلفزيوني الإسرائيلي يأتي ضمن الصراع المحتدم بين نتنياهو والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بسبب طوفان الأقصى، حيث يسعى كلّ طرف لتحميل الطرف الآخر مسؤولية الفشل الكبير في منع طوفان الأقصى، وهي نقطة ستظل تُحسب لحماس، مهما كانت نتيجة المعركة بين الطرفين؛ ولكن ما يهمنا في مقالنا هذا، هو أنّ التحقيق التلفزيوني يشير إلى أنّ مؤسسة الاحتلال الأمنية عملت على مدار الساعة على تحديد أماكن قادة حماس خلال الفترة التي سبقت طوفان الأقصى، وكانت تجمع معلومات استخباراتية من الجو والأرض، وكانت تدفع باتجاه تنفيذ عمليات اغتيال واسعة تشكل مفاجأة لحركة حماس، وهذه النقطة مهمة جدًا لتوضيح أنّ حماس كانت في حالة الدفاع عن نفسها ولم تكن السبب في تدمير غزة -كما يذهب البعض-، فالأمرُ كان مبيتًا بليل، وبالتأكيد فإنّ تحقيق القناة الإسرائيلية أشرفُ وأكثر نزاهة من مواقف بعض العرب الذين يقفون مع الكيان الصهيوني، ويحمّلون المقاومة مسؤولية دمار غزة، بدلًا من الوقوف مع إخوة لهم يبادون ولا يجدون ما يأكلون وما يشربون وما يلبسون، وهم ليسوا سوى صدى وأبواق للكيان الصهيوني الذي يردّد أنّ حماس منظمة إرهابية مثلها مثل داعش، وأنّها لا تمثل الشعب الفلسطينيّ في غزة، وأنّها قتلت الأطفال وقطعت رؤوسَهم واغتصبت النساء؛ ويذهب البعض بعيدًا بالقول إنّ القانون الدولي يعطي دولة الاحتلال الحقّ في الدفاع عن نفسها والقضاء على حماس.
فهل أخطأت حماس حقًا في هجومِها على غِلاف غزة؟ وهل هي التي أعطت مبرر تدمير القطاع وتنفيذ مخطط التهجير؟! إنّ المعطيات الإسرائيلية تشير إلى عكس ذلك، ولكن حالة الإحباط التي أصابت الناس بسبب وحشية الكيان الإسرائيلي، جعلت الحابل يختلط بالنابل لدى الناس، ولكن لو وقف العرب مع أشقائهم -أهل غزة- وقوفًا معنويًا فقط، وليس اختيار الوقوف مع العدو الصهيوني، هل كان الكيان سيجرؤ على ارتكابه تلك المجازر ضد المدنيين الأبرياء وضد الحجر والشجر؟! لم يفعل الكيان ما فعله إلا بسبب «الضوء الأخضر» الذي لقيه من دول عربية تريد التخلص من المقاومة، حتى تتفرغ للتطبيع ولأوهام رخاء ما بعد الحرب، وهي بذلك لا تدري أنها تقود نفسها إلى حتفها.
ما فعلته حماس هو تجسيدٌ للمقاومة الحرة ضد الاحتلال. وفي سبيل الحرية والدفاع عن المقدسات نالها ما نالها، وقد يبدو ذلك لقصيري النظر أنها هزيمة منكرة، ولكن ستبقى حماس ما بقي الاحتلال. ستختفي الشخصيات، وستزهق أرواح، وستدمر غزة، ولكن المقاومة ستبقى، وسيدفع الكيان ثمن كلِّ روح أزهقت؛ ففي كلِّ بيت هناك مشروع شهيد، ومشروع انتقام، وهذا لا يخفى على الكيان الصهيوني، وإن خفي على بعض العرب.
ما فعلته حماس هو تجسيدٌ للمقاومة الحرة ضد الاحتلال. وفي سبيل الحرية والدفاع عن المقدسات نالها ما نالها، وقد يبدو ذلك لقصيري النظر أنها هزيمة منكرة، ولكن ستبقى حماس ما بقي الاحتلال. ستختفي الشخصيات، وستزهق أرواح، وستدمر غزة، ولكن المقاومة ستبقى.