مذكرة اعتقال نتنياهو وعواقبها
الثلاثاء / 23 / جمادى الأولى / 1446 هـ - 20:05 - الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 20:05
ترجمة: قاسم مكي
على مدى شهور بدا صدور القرار حتميًا وفي الوقت نفسه بعيدا عن الاحتمال. وفي يوم 21 نوفمبر جاء أخيرا. فقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي ويواف جالانت وزير الدفاع حتى وقت قريب. لقد اتهما بالإشراف على جرائم حرب أثناء حرب إسرائيل التي امتدت إلى عام في غزة ضد حماس. كما وجهت المحكمة الاتهام أيضا إلى القائد العسكري العام لحماس. لكن التهم الموجهة ضد السياسيين الإسرائيليين هي الزلزال الحقيقي. إنها كارثة دبلوماسية لنتنياهو وربما أيضا للمحكمة نفسها.
طلب كريم خان مدعي المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات الاعتقال في مايو. والدعوى التي رفعها منفصلة عن الاتهامات بارتكاب إسرائيل أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين ولم تبت فيها بعد محكمة العدل الدولية التي تنظر في النزاعات بين الدول (المحكمة الجنائية الدولية تقاضي الأفراد).
نوع التهم التي وجهت ضد نتنياهو وجالانت أيسر إثباتًا من تهمة الإبادة الجماعية ضد إسرائيل. فالرجلان متهمان باستخدام التجويع كسلاح حرب في غزة والتوجيه بشن هجمات ضد المدنيين في القطاع.
وجدت لجنة من ثلاثة قضاة «أسبابًا معقولة للاعتقاد» بأن مثل هذه الجرائم حدثت. ولا شك أن الأحداث الأخيرة تعزز قضية كريم خان. فالأمم المتحدة تستمر في التحذير من مجاعة وشيكة في شمال غزة الذي حرم إلى حد بعيد من الحصول على العون الإنساني خلال أكثر من أربعين يومًا.
رفضت اللجنة الاعتراض الإجرائي من جانب إسرائيل والتي دفعت بأن المحكمة ليس لديها اختصاص قضائي في غزة. ففلسطين والتي تشكل غزة جزءا منها طرف موقع على ميثاق روما وهو الإطار القانوني للمحكمة الجنائية الدولية. وقضى القضاة بأن هذه الصفة تمنحهم سلطة التحقيق في الجرائم التي ارتكبت هناك.
القصد من إنشاء المحكمة الجنائية الدولية أن تكون محكمة الملاذ الأخير التي تتدخل عندما تفشل المحاكم الخاصة بالبلد المعني في المحاكمة على الانتهاكات. أخطر المدعي العام لإسرائيل نتنياهو هذا العام أن تشكيل لجنة تحقيق حكومية قد يوقف إجراءات المحكمة الجنائية الدولية. لكنه لم يكون لجنة حتى الآن. وأشار القضاة في قرارهم إلى إخفاق إسرائيل في القيام بذلك.
قوبل قرار المحكمة باستهجان شبه عام من جانب الساسة الإسرائيليين. فوزير المالية اليميني المتطرف بيزاليل سموتريتش قال: إنه «أثر قايين» على المحكمة الجنائية الدولية (في إشارة إلى قابيل أو قايين في اللغة العبرية والذي قتل أخاه هابيل - المترجم.) هذا فيما وصفه يائير جولان وهو رئيس حزب يساري بالقرار «المخجل» وحاجج إسرائيليون عديدون بأنه نتيجة عداء للسامية. ونتنياهو نفسه وصفه بأنه « محاكمة دريفوس حديثة،» مشيرا بذلك إلى محاكمة جائرة بحق ضابط يهودي في الجيش الفرنسي في عام 1894.
لكن وصم القرار بالعداء للسامية يقلل من قيمة هذا المصطلح. فلا يوجد شيء في تاريخ المحكمة يوحي باستهداف اليهود. ومنذ إنشائها في عام 2002 قاضت المحكمة في معظم الأحايين لوردات حرب وطغاة أفارقة. وخلال العامين الماضيين أصدرت مذكرات ضد عدد من المسؤولين الروس بمن فيهم الرئيس فلاديمير بوتين. وهذه أول مرة توجه فيها الاتهام لإسرائيليين.
إلى جانب نتنياهو وجالانت أصدرت المحكمة مذكرة اعتقال بحق محمد ضيف القائد العسكري لحماس. ومن المحتمل ألا يحاكم ضيف، فالإسرائيليون يعتقدون أنه قتل في ضربة جوية في يوليو. (أصدرت المحكمة المذكرة لأنها لا يمكنها تأكيد مصيره) كما طالب خان أيضا بإصدار مذكرتي اعتقال بحق يحيى السنوار وإسماعيل هنية. لكن تم سحب هذين الطلبين؛ لأن الرجلين قتلا بواسطة إسرائيل هذا العام.
لا يوجد احتمال في أن تسلم إسرائيل نتنياهو أو جالانت إلى لاهاي بما أنها ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية. لكن يمكن أن يفعل ذلك 124 بلدا آخر بما في ذلك بلدان عديدة من أقرب أصدقاء إسرائيل.
النتيجة الأكثر فورية لقرار المحكمة أن كليهما لن يكون بمقدورهما السفر إلى تلك البلدان خوفا من الاعتقال. قال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي: إن قرار المحكمة ملزم لكل أعضاء الاتحاد. وكتب إيران اتزيون وهو نائب سابق لمستشار الأمن القومي في إسرائيل» نتنياهو أنهى رحلته كزعيم شرعي في الساحة الدولية».
الاستثناء الرئيسي هو بالطبع أمريكا والتي ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية. لقد ألقى القرار قنبلة وسط انتقال رئاسة الولايات المتحدة. فهو سيربك إدارة جو بايدن المغادرة ويقسِّم الديمقراطيين ويغضب الجمهوريين أثناء استعدادهم لتولي زمام الأمور في البيت الأبيض والكونجرس بمجلسيه في يناير.
حذر كبار الجمهوريين من أن أمريكا ستفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بتأييد من الديمقراطيين إذا أمكن ذلك وبدونهم إذا دعت الضرورة. ووعد مايك والتز الذي اختاره دونالد ترامب مستشارا للأمن القومي بِرَدٍّ «قوي» على انحياز المحكمة «المعادي للسامية» وأدان جون ثون زعيم الأغلبية القادم في مجلس الشيوخ خطوة المحكمة الجنائية واعتبرها «مشينة وغير قانونية وخطرة». وقال إذا تُرِكَت تصرفات المحكمة دون مواجهة «يمكن أن تشكل تهديدا للولايات المتحدة في المستقبل».
وحث زعيمَ الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر على تبني مشروع قانون أجازه المجلس الذي يسيطر عليه الجمهوريون في يونيو. يفرض القانون المقترح عقوبات اقتصادية شاملة وقيود تأشيرة على القضاة وآخرين لهم صلة بالمحكمة بما في ذلك أفراد عائلاتهم. وحذر جون ثون من أنهم إذا لم يفعلوا ذلك سيجيزه الجمهوريون في يناير باعتباره «أولوية قصوى».
الديمقراطيون، من جانبهم، يزداد انقسامهم باطراد حول الحرب في الشرق الأوسط. ففي 20 نوفمبر رفض مجلس الشيوخ بحزم ثلاث مقترحات تدعو بايدن إلى وقف مختلف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل. لكن 17 عضوا من جملة 37 عضوا ديمقراطيًا وعضوين مستقلين صوتوا لصالح مقترح واحد على الأقل من هذه المقترحات بالغة الأهمية.
إدارة بايدن في حيرة من أمرها. لقد عارضت اتخاذ إجراء قانوني ضد إسرائيل. لكنها أيدت المحكمة في إصدار مذكرات اعتقال بحق بوتين وقاومت مشروع قانون المجلس بفرض عقوبات (على المحكمة) معتبرة إياه متجاوزا للحد. وللمفارقة، ربما المحكمة الجنائية الدولية هي التي ستعاني من العواقب الأكثر فورية في شكل عقوبات تفرضها أمريكا. نتنياهو لا يوشك على المثول أمام المحكمة. كما لا تقترب إسرائيل من نهاية حربها في غزة. لكن القرار ستكون لديه عواقب في الأجل الطويل. فكل من نتنياهو وإسرائيل التي يقودها سيكونان أكثر عزلة وأكثر اعتمادا على الولايات المتحدة.
على مدى شهور بدا صدور القرار حتميًا وفي الوقت نفسه بعيدا عن الاحتمال. وفي يوم 21 نوفمبر جاء أخيرا. فقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي ويواف جالانت وزير الدفاع حتى وقت قريب. لقد اتهما بالإشراف على جرائم حرب أثناء حرب إسرائيل التي امتدت إلى عام في غزة ضد حماس. كما وجهت المحكمة الاتهام أيضا إلى القائد العسكري العام لحماس. لكن التهم الموجهة ضد السياسيين الإسرائيليين هي الزلزال الحقيقي. إنها كارثة دبلوماسية لنتنياهو وربما أيضا للمحكمة نفسها.
طلب كريم خان مدعي المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات الاعتقال في مايو. والدعوى التي رفعها منفصلة عن الاتهامات بارتكاب إسرائيل أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين ولم تبت فيها بعد محكمة العدل الدولية التي تنظر في النزاعات بين الدول (المحكمة الجنائية الدولية تقاضي الأفراد).
نوع التهم التي وجهت ضد نتنياهو وجالانت أيسر إثباتًا من تهمة الإبادة الجماعية ضد إسرائيل. فالرجلان متهمان باستخدام التجويع كسلاح حرب في غزة والتوجيه بشن هجمات ضد المدنيين في القطاع.
وجدت لجنة من ثلاثة قضاة «أسبابًا معقولة للاعتقاد» بأن مثل هذه الجرائم حدثت. ولا شك أن الأحداث الأخيرة تعزز قضية كريم خان. فالأمم المتحدة تستمر في التحذير من مجاعة وشيكة في شمال غزة الذي حرم إلى حد بعيد من الحصول على العون الإنساني خلال أكثر من أربعين يومًا.
رفضت اللجنة الاعتراض الإجرائي من جانب إسرائيل والتي دفعت بأن المحكمة ليس لديها اختصاص قضائي في غزة. ففلسطين والتي تشكل غزة جزءا منها طرف موقع على ميثاق روما وهو الإطار القانوني للمحكمة الجنائية الدولية. وقضى القضاة بأن هذه الصفة تمنحهم سلطة التحقيق في الجرائم التي ارتكبت هناك.
القصد من إنشاء المحكمة الجنائية الدولية أن تكون محكمة الملاذ الأخير التي تتدخل عندما تفشل المحاكم الخاصة بالبلد المعني في المحاكمة على الانتهاكات. أخطر المدعي العام لإسرائيل نتنياهو هذا العام أن تشكيل لجنة تحقيق حكومية قد يوقف إجراءات المحكمة الجنائية الدولية. لكنه لم يكون لجنة حتى الآن. وأشار القضاة في قرارهم إلى إخفاق إسرائيل في القيام بذلك.
قوبل قرار المحكمة باستهجان شبه عام من جانب الساسة الإسرائيليين. فوزير المالية اليميني المتطرف بيزاليل سموتريتش قال: إنه «أثر قايين» على المحكمة الجنائية الدولية (في إشارة إلى قابيل أو قايين في اللغة العبرية والذي قتل أخاه هابيل - المترجم.) هذا فيما وصفه يائير جولان وهو رئيس حزب يساري بالقرار «المخجل» وحاجج إسرائيليون عديدون بأنه نتيجة عداء للسامية. ونتنياهو نفسه وصفه بأنه « محاكمة دريفوس حديثة،» مشيرا بذلك إلى محاكمة جائرة بحق ضابط يهودي في الجيش الفرنسي في عام 1894.
لكن وصم القرار بالعداء للسامية يقلل من قيمة هذا المصطلح. فلا يوجد شيء في تاريخ المحكمة يوحي باستهداف اليهود. ومنذ إنشائها في عام 2002 قاضت المحكمة في معظم الأحايين لوردات حرب وطغاة أفارقة. وخلال العامين الماضيين أصدرت مذكرات ضد عدد من المسؤولين الروس بمن فيهم الرئيس فلاديمير بوتين. وهذه أول مرة توجه فيها الاتهام لإسرائيليين.
إلى جانب نتنياهو وجالانت أصدرت المحكمة مذكرة اعتقال بحق محمد ضيف القائد العسكري لحماس. ومن المحتمل ألا يحاكم ضيف، فالإسرائيليون يعتقدون أنه قتل في ضربة جوية في يوليو. (أصدرت المحكمة المذكرة لأنها لا يمكنها تأكيد مصيره) كما طالب خان أيضا بإصدار مذكرتي اعتقال بحق يحيى السنوار وإسماعيل هنية. لكن تم سحب هذين الطلبين؛ لأن الرجلين قتلا بواسطة إسرائيل هذا العام.
لا يوجد احتمال في أن تسلم إسرائيل نتنياهو أو جالانت إلى لاهاي بما أنها ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية. لكن يمكن أن يفعل ذلك 124 بلدا آخر بما في ذلك بلدان عديدة من أقرب أصدقاء إسرائيل.
النتيجة الأكثر فورية لقرار المحكمة أن كليهما لن يكون بمقدورهما السفر إلى تلك البلدان خوفا من الاعتقال. قال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي: إن قرار المحكمة ملزم لكل أعضاء الاتحاد. وكتب إيران اتزيون وهو نائب سابق لمستشار الأمن القومي في إسرائيل» نتنياهو أنهى رحلته كزعيم شرعي في الساحة الدولية».
الاستثناء الرئيسي هو بالطبع أمريكا والتي ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية. لقد ألقى القرار قنبلة وسط انتقال رئاسة الولايات المتحدة. فهو سيربك إدارة جو بايدن المغادرة ويقسِّم الديمقراطيين ويغضب الجمهوريين أثناء استعدادهم لتولي زمام الأمور في البيت الأبيض والكونجرس بمجلسيه في يناير.
حذر كبار الجمهوريين من أن أمريكا ستفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بتأييد من الديمقراطيين إذا أمكن ذلك وبدونهم إذا دعت الضرورة. ووعد مايك والتز الذي اختاره دونالد ترامب مستشارا للأمن القومي بِرَدٍّ «قوي» على انحياز المحكمة «المعادي للسامية» وأدان جون ثون زعيم الأغلبية القادم في مجلس الشيوخ خطوة المحكمة الجنائية واعتبرها «مشينة وغير قانونية وخطرة». وقال إذا تُرِكَت تصرفات المحكمة دون مواجهة «يمكن أن تشكل تهديدا للولايات المتحدة في المستقبل».
وحث زعيمَ الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر على تبني مشروع قانون أجازه المجلس الذي يسيطر عليه الجمهوريون في يونيو. يفرض القانون المقترح عقوبات اقتصادية شاملة وقيود تأشيرة على القضاة وآخرين لهم صلة بالمحكمة بما في ذلك أفراد عائلاتهم. وحذر جون ثون من أنهم إذا لم يفعلوا ذلك سيجيزه الجمهوريون في يناير باعتباره «أولوية قصوى».
الديمقراطيون، من جانبهم، يزداد انقسامهم باطراد حول الحرب في الشرق الأوسط. ففي 20 نوفمبر رفض مجلس الشيوخ بحزم ثلاث مقترحات تدعو بايدن إلى وقف مختلف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل. لكن 17 عضوا من جملة 37 عضوا ديمقراطيًا وعضوين مستقلين صوتوا لصالح مقترح واحد على الأقل من هذه المقترحات بالغة الأهمية.
إدارة بايدن في حيرة من أمرها. لقد عارضت اتخاذ إجراء قانوني ضد إسرائيل. لكنها أيدت المحكمة في إصدار مذكرات اعتقال بحق بوتين وقاومت مشروع قانون المجلس بفرض عقوبات (على المحكمة) معتبرة إياه متجاوزا للحد. وللمفارقة، ربما المحكمة الجنائية الدولية هي التي ستعاني من العواقب الأكثر فورية في شكل عقوبات تفرضها أمريكا. نتنياهو لا يوشك على المثول أمام المحكمة. كما لا تقترب إسرائيل من نهاية حربها في غزة. لكن القرار ستكون لديه عواقب في الأجل الطويل. فكل من نتنياهو وإسرائيل التي يقودها سيكونان أكثر عزلة وأكثر اعتمادا على الولايات المتحدة.