عمان العلمي

«OL-1» عينٌ من الفضاء على سلطنة عُمان

 
في منتصف نوفمبر الجاري، فتحت سلطنة عمان نافذة جديدة على المستقبل بإطلاق أول قمر صناعي لها «OL-1»، بواسطة شركة «عدسة عمان». هذا الحدث التاريخي يمثل بداية حقبة جديدة في مجال الفضاء، فمن خلال هذا القمر الصناعي، ستتمكن سلطنة عمان من مراقبة حدودها، وإدارة مواردها الطبيعية بكفاءة، والمساهمة في جهود البحث العلمي العالمية. وللحديث أكثر عن هذا الإنجاز الوطني، التقينا بـعلي بن ناصر الوهيبي، مدير المبيعات والتسويق بشركة «عدسة عمان».

ما أهم التقنيات التي تم استخدامها في تطوير هذا القمر الصناعي، وكيف تم دمج الذكاء الاصطناعي في عملياته؟ أدخلنا عدة تقنيات متقدمة لتطوير «OL-1»من أهمها أجهزة متقدمة للاستشعار عن بُعد لالتقاط صور تفصيلية للمناظر الطبيعية والبنية الأساسية والموارد الطبيعية، وتم تدعيمه كما أسلفنا بالذكاء الاصطناعي، مما يتيح معالجة البيانات والصور عالية الدقة في الزمن الحقيقي، وتقديم تحليلات سريعة ومباشرة من الفضاء مما يسرّع من عملية اتخاذ القرارات، والتعلم من البيانات السابقة لتحسين دقة التحليلات والتنبؤات المستقبلية.

كما يتيح الذكاء الاصطناعي للقمر أداء بعض المهام بشكل مستقل، مثل تعديل مساره أو جدولة مهامه بناءً على البيانات المستلمة.

إن القفزات العلمية الهائلة التي نشهدها اليوم ماهي إلا دليل على رغبة الإنسان في تسهيل حياته واستغلاله لموارد أكبر وأفضل ولكن مع هذا السعي نحو تراكم المعرفة العلمية، هل من الممكن أن يسهم سوء استخدام الإنسان للمعرفة العلمية في دماره؟ والسؤال الأهم هل ممكن أن يحدث ذلك دون قصد منه؟ سنحاول في هذا المقال الحديث -من ناحية فيزيائية- عن التنبؤات المتوقعة لسيناريوهات كارثية ممكن حدوثها إذا توفرت الظروف المناسبة أو عدم القدرة على كبح معرفة علمية خرجت عن السيطرة والتي كانت في الأساس نافعة ومهمة في التطور العلمي والتقني.

كما سنتحدث عن تهديدين علميين محتملين وهما الثقوب السوداء المصطنعة (داخل المعامل) والطاقة الفراغية. وقد يختلفا إثباتا عن الخطر النووي أو الكوارث الطبيعية كالفيضانات أو الزلازل والبراكين وحتى ما يسمى بالاحتباس الحراري، ولكنهما الأكثر تدميرا واكتساحا. ومناقشة ماذا يدور في أذهان العلماء من نظريات وتوقعات علمية قد تكون مهددة لحياة الإنسان، بل الكون أمر في غاية الأهمية ولعل الذي نظنه -حاليا- غير قابل للتحقق فإنه من الممكن حدوثه مستقبلا بسبب التطورات والاكتشافات العلمية المتسارعة.

أولا: الثقوب السوداء المصطنعة

يُطرح احتمال أن تصطدم البشرية بمخاطر من صنعها مثل إنشاء ثقب أسود مصغر، فعلى سبيل المثال تجارب مصادم الهادرونات الكبير (LHC) في CERN أثارت تساؤلات حول إمكانية تكوين ثقوب سوداء صغيرة أثناء تصادم الجسيمات، والعلماء يؤكدون أن هذه الثقوب السوداء المصغرة (إن وُجدت) ستتبخر بسرعة وفقا لنظرية هوكينج للإشعاع، ولن تشكل خطرا[1].

تعد الثقوب السوداء مناطق في الفضاء تكون فيها الجاذبية قوية جدا لدرجة أن الضوء نفسه لا يمكنه الهروب منها، والثقب الأسود هو عبارة عن نجم ضخم جدا أو مجموعة نجوم زادت طاقتها الجاذبية على قوتها النووية التي تباعد بين مادتها وأصغر نجم ممكن أن يتحول إلى ثقب أسود لابد أن يكون نصف قطره حوالي 3 كم يعني تصور أن الشمس التي نصف قطرها الحالي هو 695700 كم لابد أن تنكمش إلى ذلك الحجم الصغير جدا ولكن مع هذا كتلة شمسنا لا تكفي لتكوين ثقب أسود، فالعامل الآخر هو كثافة المادة التي يجب أن تتوافر في 3 كم أو ما يسمى بنصف قطر شفارتزشيلد والكثافة المطلوبة تصل إلى 108 كتلات شمسية. اكتشف العلماء عام 1971 جرما سماويا كان مرشحا أن يكون ثقبا أسود سمي بـ«الدجاجة اكس-1 Cygnus X-1» وفي عام 2011 تم تأكيده كثقب أسود، يوجد في مجرة درب التبانة عشرات منها ويظن العلماء أن مجرتنا تحتوي من 10 ملايين إلى مليار ثقب أسود.

الآن عزيزي القارئ لنلقي الضوء على نظرية إشعاعات هوكينج (Hawking radiation) والتي نشرها ستيفن هوكينج عام 1974 تتعلق بالسلوك الكمي للثقوب السوداء والذي يؤدي إلى إصدار أشعة وكما نعلم أن قبل هذا كان يعتقد أن الثقوب السوداء لا تصدر أي أشعة أو مادة بل تبلع كل شيء، هذه الظاهرة تحدث -حسب هوكنج - بالقرب من أفق الحدث (نصف قطر شفارتزشيلد) للثقب الأسود، حسب ميكانيكا الكم فإن هناك احتمالية كبيرة لوجود الجسيمات الافتراضية والتي تتكون من الجسيمات والجسيمات المضادة - المقصود تتلاشى الجسيم إذا التقى بضديده ولذلك أتت من الفراغ- ولكن عند أفق الحدث للثقب الأسود سيحصل انفصال بين الجسيم والجسيم المضاد له، هذا الفصل سيجعل أحدهما يسحب إلى داخل الثقب الأسود والآخر يهرب مبتعدا على شكل إشعاع. وهذا الإشعاع يعرف بإشعاعات هوكينج، هذا يعني أن الثقب الأسود يفقد طاقة وبالتالي تنقص كتلته بمرور الوقت وفي النهاية قد يتبخر.