الاقتصادية

بورصة مسقط تحقق أداء مميزا وثقة متزايدة تعكس متانة الاقتصاد العماني

خبراء يؤكدون أهمية تعزيز الوعي وتبني استراتيجيات استثمارية طويلة الأمد

 
اللواتي: الإدراج الناجح لـ'أوكيو' مهم إذ يقرب السوق خطوة من الترقية إلى مؤشر الأسواق الناشئة

المطيري: من المؤمل تزايد نشاط البورصة مع دخول فئات جديدة من المستثمرين

لؤي بطاينة: المضاربة جزء أساسي وسلوك مستحب في الأسواق المالية

أكّد خبراء أن عام 2024 كان مميزًا لبورصة مسقط، حيث شهدت تحولات ملحوظة في أدائها، وسجّل مؤشر العائد الإجمالي ارتفاعًا ملحوظًا يعكس تفاؤل المستثمرين وجاذبية السوق ومتانة الاقتصاد العماني؛ ويعود هذا الأداء الإيجابي للبورصة إلى تحسين التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان وانخفاض أسعار الفائدة، كما أدى إدراج شركات جديدة، مثل شركة أوكيو للاستكشاف والإنتاج، إلى تنشيط السوق وزيادة أحجام التداول.

وقالوا في استطلاع أجرته 'عُمان': إن هذا التحسن لم يكن خاليًا من التحديات، حيث واجهت بعض الأسهم ضغوطًا بيعية نتيجة تخارج مستثمرين أجانب، مما أثر سلبًا على أسعارها، بالإضافة إلى ذلك فإن الأوضاع الجيوسياسية غير المستقرة أدت إلى حالة من القلق بين المستثمرين، مما زاد من توتر السوق، ومع سحب جزء كبير من السيولة بسبب الاكتتابات الأخيرة، ظهرت ضغوط على أداء بعض الأسهم.

وأشاروا إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة تجعل الأسهم أكثر جاذبية مقارنة ببدائل الاستثمار الأخرى، مما يعزز توقعات بزيادة الاستثمارات في الأشهر المقبلة، وقالوا: إن هذه الديناميكيات تبشر بمستقبل مشرق للاقتصاد العماني وسوق المال، موفرة فرصًا متزايدة للنمو المستدام، وتعزز الثقة بين المستثمرين في سلطنة عُمان، وأكّدوا على أهمية تعزيز الوعي الاستثماري وتبني استراتيجيات استثمارية طويلة الأمد لتشجيع المزيد من الاستثمارات ودعم النمو الاقتصادي في سلطنة عُمان.

تفوق مشجع

أكّد عمار بن موسى اللواتي، الرئيس التنفيذي لشركة الرؤية كابيتال، أن بورصة مسقط شهدت خلال العام الجاري أداءً مميزًا حتى الآن، مما جعلها واحدة من أبرز الأسواق المالية في المنطقة، وذكر أن مؤشر العائد الإجمالي للبورصة بدأ العام عند مستوى 5,950 نقطة وارتفع إلى 6,486 نقطة بحلول الرابع عشر من نوفمبر، مما يعكس زيادة سنوية قدرها 9.02%، وأوضح أن هذا الارتفاع يعبر عن ثقة المستثمرين وتطلعاتهم إلى بورصة مسقط.

وأشار اللواتي إلى أن أحد العوامل الرئيسية التي أسهمت في هذا الارتفاع هو تحسين التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان، والتوقعات بالتخفيض العالمي في أسعار الفائدة، مما عزز جاذبية الأسهم كفئة استثمارية، ويتوقع أن يؤدي انخفاض تكاليف الاقتراض إلى تدفق جديد لرأس المال نحو سوق الأسهم، حيث يسعى المستثمرون لتحقيق عوائد أعلى مقارنة بالأدوات التقليدية ذات الدخل الثابت، مضيفًا إن هذا التحول في المعنويات قد يشكل دافعًا لارتفاع المؤشر على المدى المتوسط.

وأوضح اللواتي أنه من المشجع رؤية تفوق مؤشر بورصة مسقط على نظرائه في المنطقة، حيث حقق عوائد تفوق العائد الإجمالي لمؤشر 'أس أند بي' لدول مجلس التعاون الخليجي، الذي سجّل زيادة قدرها 3.2%، مقارنة بمؤشر العائد الإجمالي لبورصة مسقط الذي ارتفع بنسبة 9.02%.

وأشار الرئيس التنفيذي لشركة الرؤية كابيتال إلى ارتفاع نشاط التداول في السوق، حيث زاد متوسط حجم التداول اليومي إلى 5 ملايين ريال عُماني في الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، مقارنة بـ4.6 مليون ريال عُماني في عام 2023 و3.8 مليون ريال عُماني في عام 2022، وأوضح أنه من المتوقع أن تتحسن هذه الأرقام بنهاية العام الجاري بفضل زيادة السيولة الناتجة عن إدراج شركة أوكيو للاستكشاف والإنتاج، واكتتاب أوكيو للصناعات الأساسية المرتقب، مما يعكس اهتمامًا متجددًا من المستثمرين.

وأكّد عمار اللواتي على أهمية الجهود المشتركة للجهات المسؤولة عن إدارة الطرح والمستشارين الاستثماريين ومديري الأصول، مشيرًا إلى أن توجيهاتهم الاستراتيجية أسهمت في تسهيل عمليات الإدراج وتعزيز التفاعل بين المستثمرين والإدارة، موضحًا أن العائد الإجمالي للمؤشر الرئيسي لبورصة مسقط العام الجاري يتألف من زيادة بنسبة 2.87% في السعر، يضاف إليها عائد أرباح قدره 6.15% حتى الآن، واعتبر هذا الأداء المتميز مؤشرًا إيجابيًا، خاصة مع بقاء أقل من شهرين على نهاية السنة المالية، مما يعزز التفاؤل بشأن مستقبل السوق.

خطوة مهمة

وأشار عمار اللواتي إلى أن شركة أوكيو للاستكشاف والإنتاج تُعد أكبر طرح عام أولي في تاريخ بورصة مسقط، وقد أثار أداء السهم بعد الإدراج دهشة العديد من المستثمرين، وأوضح أن أوكيو للاستكشاف والإنتاج هي الشركة الرائدة في سلطنة عُمان في مجال استكشاف وإنتاج النفط والغاز، وكانت المشغل الوحيد المملوك بالكامل للحكومة قبل الإدراج، وأشار إلى أن مقارنة أوكيو للاستكشاف والإنتاج بشركة أرامكو السعودية تسلّط الضوء على دورها الحيوي في الاقتصاد الوطني.

وفيما يتعلق بجاذبية الاستثمار، أوضح أن أوكيو للاستكشاف والإنتاج تقدم ملفًا مشابهًا للسندات الحكومية مع إضافة علاوة مخاطرة لتقلبات أسعار النفط العالمية، وأكّد أن السهم يُعتبر معتدل المخاطر من الناحية الائتمانية، ولكن تدفقاته النقدية تتأثر بشكل ملحوظ بتغيرات أسعار النفط، متوقعًا أن يتم تعويض هذا الخطر بعائد أفضل من عوائد السندات الحكومية.

وأشار إلى التزام أوكيو للاستكشاف والإنتاج بتوزيع 90% من تدفقاتها النقدية الحرة كأرباح بدءًا من عام 2025، مع حد أدنى للتوزيعات يبلغ 230.7 مليون ريال عُماني، أي ما يعادل 29 بيسة للسهم، وأوضح أن نشرة الاكتتاب توضح سعي الشركة للحفاظ على إجمالي أرباح لا تقل عن الأرباح الأساسية، وبسعر تداول حالي يبلغ 0.355 بيسة للسهم، يُترجم هذا التوزيع الأساسي إلى عائد بنحو 8.2%، وتعمل الشركة على توزيعات ربع سنوية، ومن المتوقع أن تبدأ الإعلان عن توزيعات الأرباح المرتبطة بالأداء في الربع الثالث من عام 2025.

وأشار اللواتي إلى قدرة الشركة على الحفاظ على الربح الأساسي، موضحًا أن ذلك يعتمد بشكل كبير على نموذج الإيرادات، وأوضح أن مبيعات النفط لدى أوكيو للاستكشاف والإنتاج مرتبطة بسعر البيع الرسمي للحكومة 'OSP' لخلط الصادرات العمانية، بينما تتم مبيعات الغاز وفق عقد 'خذ أو ادفع' مع الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال، مما يوفر استقرارًا إضافيًا.

وذكر عمار اللواتي أن تحليلاته تشير إلى أن أوكيو للاستكشاف والإنتاج تستطيع الحفاظ على أرباحها الأساسية طالما بقيت أسعار خام برنت فوق 60 دولارًا للبرميل، ومع تداول خام برنت حاليًا حول 71 دولارًا للبرميل، تبدو الشركة في وضع جيد للوفاء بالتزاماتها، وتوقع أن تُوزع أول أرباح في ديسمبر 2024، مع توزيع أرباح ربع سنوية منتظمة.

وأوضح أن المستثمرين الأجانب سجّلوا مبيعات صافية تجاوزت 241 مليون ريال عُماني حتى الآن، وقد تم استيعابها بشكل أساسي من قِبل المستثمرين المحليين، وأكّد أن أوكيو للاستكشاف والإنتاج، كأكبر إدراج في البورصة، تأثرت بشكل خاص بهذا النشاط من عملية بيع الأجانب الواضحة، مبينًا أن الضغط البيعي لا يعكس ضعفًا في الأساسيات، إذ لم تعلن الشركة بعد عن نتائجها المالية الأولى، بينما ظلت أسعار النفط مستقرة نسبيًا، واعتبر أن الأسباب وراء ضعف أداء السهم تعود إلى تحديات السيولة بشكل أساسي.

وقال عمار بن موسى اللواتي: إن المسار الحالي للسهم يعكس ديناميكيات السوق الخارجية أكثر من كونه يعكس مشكلات تتعلق بأسس الشركة وعملياتها التجارية، ومع امتصاص السوق لهذه العوامل، توجد أسباب قوية للاستثمار في السهم نظرًا لآفاق توزيعات الأرباح الجيدة وأهميته الاستراتيجية.

وأعرب عمار عن تفاؤله الكبير بشأن آفاق سلطنة عُمان في المدى القريب، مشيدًا بالتزام الحكومة بـ'رؤية عُمان 2040'، معتبرًا أن هذا الالتزام يعكس توافقًا بين القطاعين الحكومي والخاص، مما يعزز من قوة الاقتصاد الوطني، وأوضح أن الأسواق المالية تؤدي دورًا رئيسيًا كمؤشر للتنمية الاقتصادية، إذ يرتبط أداء سوق الأسهم مباشرة بقوة الاقتصاد ونظرة وتوقعات المستثمرين.

وأشار إلى أن الموجة الأخيرة من الطروحات العامة الأولية أسهمت في زيادة عدد المستثمرين وتزايد الاهتمام بالاستثمار في بورصة مسقط مع زيادة الوعي الاستثماري وتوفر منتجات استثمارية مميزة ذات علاقة مباشرة بالاقتصاد المحلي، كما أن الاكتتابات الأخيرة كانت متوافقة مع نظام الشريعة الإسلامية، مما زاد من شريحة المستثمرين الأفراد، ومع زيادة الاهتمام المحلي والدولي بالاستثمار في البورصة والاكتتابات الجديدة، عزز ذلك من سيولة السوق مؤخرًا، واعتبر أن الإدراج الناجح لشركة أوكيو للاستكشاف والإنتاج مهم، إذ يقرب السوق خطوة من الترقية المحتملة إلى مؤشر الأسواق الناشئة MSCI، وهو هدف يترقبه العديد من المستثمرين.

وأكّد عمار أن إدراج أوكيو للاستكشاف والإنتاج أسهم في تلبية متطلبات الحجم والسيولة المطلوبة من MSCI، وأوضح أن سهم بنك صحار الدولي يقترب أيضًا من تحقيق هذه المتطلبات، مما يعكس تحسنًا مستمرًا في أوضاع السوق، مشيرًا إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة تجعل الأسهم أكثر جاذبية مقارنة ببدائل الاستثمار الأخرى، مما يعزز توقعات بزيادة الاستثمارات في الأشهر المقبلة، وقال: إن هذه الديناميكيات تبشر بمستقبل مشرق للاقتصاد العماني وسوق المال، موفرة فرصًا متزايدة للنمو المستدام، وتعزز الثقة بين المستثمرين في سلطنة عُمان.

توقعات إيجابية

من جانبه، قال الدكتور المعتصم بن مصبح المطيري، رئيس قسم الاستثمار في بنك صحار الدولي: إن بورصة مسقط شهدت تباينًا في الأداء في الفترة الماضية بشكل عام، حيث ارتفعت أحجام التداول اليومي بشكل كبير بعد طرح اكتتاب سهم أوكيو للاستكشاف والإنتاج، وهو أحد أهداف الطرح لتنشيط البورصة والتداولات.

وأوضح المطيري أن هبوط سعر سهم أوكيو للاستكشاف والإنتاج يمكن أن يُعزى إلى حالة السوق العامة وتوفر السيولة الكافية لدعم سهم شركة بهذا الحجم، حيث يمثل حجم رأس مال الشركة ما يقارب 25% من إجمالي رأسمال الشركات المدرجة بالبورصة، بالإضافة إلى التوجهات الاقتصادية وتوقعات المستثمرين، وأردف أن الأوضاع الجيوسياسية تشكّل سببًا آخر في تأثر حركة سهم أوكيو للاستكشاف والإنتاج، حيث أثرت الأوضاع الجيوسياسية على أسعار النفط وأدت إلى اضطراب في الحركة اللوجستية بالمنطقة، وأيضًا تزامن الطرح مع فترة الانتخابات الأمريكية، مما زاد من قلق بعض المستثمرين بشأن تأثير السياسة الجديدة المحتملة على أسعار النفط واستقرار السوق.

وأشار إلى جودة المستثمرين من فئة المؤسسات الدولية الذين كانوا أكثر فئة قامت ببيع حصصهم في أول ثلاثة أيام من التداول، حيث انتهج هذا الاكتتاب نهج التخصيص بالنسبة والتناسب لفئة المؤسسات الدولية تماشيًا مع سياسة التخصيص للمؤسسات المحلية، وذلك وفقًا لتوجيهات الجهات التنظيمية لسوق المال، بدلًا من النهج المعمول به في الاكتتابات السابقة وكذلك في الأسواق الخليجية الأخرى، الذي يعتمد على التخصيص المباشر حسب تقدير الجهة المصدرة للأسهم وبنوك الإصدار، مضيفًا إن نهج التخصيص المباشر يركز على تخصيص أكبر قدر من الأسهم للمستثمرين الاستراتيجيين والمستثمرين ذوي الأهداف طويلة الأجل، الذين يركزون على عمليات الشركات وسياسات توزيع الأرباح، بدلًا من التركيز على الاستثمار قصير المدى أو المضاربة.

وأضاف المطيري: إن نسبة كبيرة من المؤسسات الدولية قد أقدمت على بيع الأسهم المخصصة لها بسعر أقل من سعر الاكتتاب، مما أدى إلى اضطراب في سعر السهم، وأكّد على أهمية أن تتبنى الشركات والمستثمرون استراتيجيات استثمار مدروسة تركز على القيمة الحقيقية للأصول بدلًا من المضاربة السريعة، وأشار إلى أنه يمكن التحكم في هذه السلوكيات من خلال تحفيز الجهات المصدرة للأسهم على استخدام وسائل تخصيص تسمح لهم باختيار المستثمرين ذوي الأهداف طويلة المدى.

وأوضح أن الاكتتابات تهدف في الأساس إلى جمع رأس المال للاستثمار في أصول حقيقية تحقق عوائد، ومع ذلك فإن بعض المستثمرين قد يكون لديهم توجهات مضاربية، وأكّد أهمية العمل على تعزيز الوعي الاستثماري في المجتمع من خلال التعليم المالي، مما يساعد الأفراد على فهم الفروق بين الاستثمار والمضاربة وتأثير ذلك على استقرار السوق، ومن المؤمل أن يزيد نشاط بورصة مسقط وأحجام التداولات بدخول فئات جديدة من المستثمرين إذا ما تم ترقية البورصة إلى سوق ناشئ، وهو أحد ركائز وأهداف جهاز الاستثمار العماني من خلال الاكتتابات الجديدة التي تم تحقيقها وتلك القادمة.

وأضاف: إن العوامل المرتبطة بتوقعات السوق والمستثمرين، أو التغيرات في البيئة الاقتصادية، أو حتى سوء الإدارة، قد تؤثر على الشركات التي تحقق أرباحًا ولكن أسعار أسهمها تتراجع، وأوضح أن سبل المعالجة تشمل تحسين التواصل مع المستثمرين وتعزيز الشفافية حول الأداء المالي والتوجهات المستقبلية، مشيرًا إلى أهمية دور مسؤولي علاقات المستثمرين في الشركات العامة.

وتوقع المعتصم بن مصبح المطيري، رئيس قسم الاستثمار في بنك صحار الدولي أن الاستثمار في الأسهم -خاصة للشركات التي تحقق أرباحًا- يبدو إيجابيًا على المدى الطويل، مقارنةً بالاستثمارات الأخرى، وتُعتبر الأسهم ذات العوائد الجيدة جذابة؛ ولكن من المهم أن يتم تقييم كل استثمار بناءً على تحليل دقيق للأساسيات المالية والظروف الاقتصادية العامة.

استجابة طبيعية

وقال لؤي بطاينة، الرئيس التنفيذي لشركة أومنفيست كابيتال 'مركز دبي المالي العالمي': إن الحالة الراهنة لبورصة مسقط تأثرت بشكل كبير بالاكتتابات الأخيرة، وبالأخص ذلك الاكتتاب الذي يُعد الأضخم حتى الآن، وأدى هذا الاكتتاب إلى سحب جزء كبير من السيولة، حيث توجه المستثمرون للاكتتاب فيه، وبعد الإدراج، ومع انخفاض الأسعار؛ وجد العديد من المستثمرين أنفسهم أمام خيارين، إما بيع أسهمهم والخروج من السوق، مما أوجد حالة من عدم الرضا، أو التروي والانتظار، وهو ما أدى إلى تجميد بعض السيولة.

وأوضح أن هذه التطورات تزامنت مع ضغوط كبيرة على البورصة، دفعت بعض المستثمرين للعزوف عن الدخول، إما لقناعتهم بعدم ملاءمة الوقت الحالي، أو لتوقعاتهم بحدوث انخفاضات مستقبلية نتيجة عمليات التخارج من بعض الأسهم لتغطية مراكز مالية أخرى، مشيرًا إلى أن الاكتتاب الأخير أسهم في إيجاد ضغوط نفسية وواقعية على أداء بعض الأسهم، بالإضافة إلى غياب الأخبار الإيجابية المتعلقة بالشركات المدرجة، التي كان من الممكن أن تحفز النشاط في السوق.

أما بشأن المحاولات التي قد تُفسر على أنها تهدف لإغراق السوق ببيع الأسهم وتخفيض الأسعار، قال لؤي بطاينة: 'لا أعتقد أن هذا كان الهدف الحقيقي، الأمر يبدو نتيجة استجابة طبيعية من المستثمرين للحالة القائمة، خصوصًا في ظل غياب الأخبار الإيجابية أو الحوافز التي تُشجعهم على الاحتفاظ بأسهمهم، إضافة إلى ذلك فإن وجود تطورات متوقعة على الصعيدين المحلي والإقليمي قد يؤثر مستقبلًا على أداء البورصة'.

وأضاف: إن نتائج الانتخابات الأمريكية الأخيرة تُعد أحد العوامل المؤثرة على البورصة، حيث انعكست إيجابيًا على بعض البورصات، كالأسواق الأمريكية، بينما كان لها تأثير مختلف على أسواق أخرى، وهذه الانتخابات أسهمت أيضًا في الضغط على أسعار سلع رئيسية مثل الذهب والنفط، وهو ما قد ينعكس على أداء البورصة، خصوصًا في الدول التي تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط كمصدر أساسي للدخل.

وأكّد أن المضاربة تُعد جزءًا أساسيًا من أي سوق مالي، وسلوكًا مستحبًا في الأسواق، حيث تجبر الشركات على المزيد من الشفافية والإفصاح، وتجذب مستثمرين ذوي استراتيجيات متنوعة؛ لكن هذا لا ينفي الحاجة إلى وجود مستثمرين طويل الأجل، الذين يعتمدون على شركات ذات قيمة عالية وإعلاناتها الجاذبة للاستثمارات المستقرة، مشيرًا إلى أن تحرك الأسواق يعتمد بشكل كبير على الأخبار والإعلانات الصادرة من الشركات المدرجة، التي تؤثر بدورها على قرارات المستثمرين في الشراء أو البيع، كما أن حاجة المستثمرين للسيولة النقدية، أو التمويل من جهات أخرى، قد تؤدي دورًا في توجهاتهم الاستثمارية.

وأشار إلى أنه قد تنخفض أسهم بعض الشركات رغم تحقيقها أرباحًا، وذلك إذا كانت هذه الأرباح أقل من توقعات المستثمرين، وعلى سبيل المثال إذا أعلنت شركة عن نمو أرباح بنسبة 10% وكان المستثمرون يتوقعون نموًا بنسبة 20%، فقد يؤدي ذلك إلى قيام البعض ببيع الأسهم، بينما يستغل آخرون هذا الانخفاض لشرائها، مؤكّدًا على أهمية دور شركات الوساطة المالية والاستثمار في تحليل نتائج الشركات وتقديم رؤى تساعد المستثمرين على اتخاذ قراراتهم، وهذه التحليلات تؤدي دورًا محوريًا في تنقل المستثمرين بين القطاعات المختلفة وفقًا لتوقعاتهم المستقبلية.

وبيّن لؤي بطاينة أن الوضع الحالي للبورصة يعكس حالة الأسواق في المنطقة ككل، حيث تشهد ضغوطًا كبيرة على قطاعات معينة مرتبطة بالإنفاق الحكومي، ومع توقعات انخفاض أسعار النفط، ينتظر المستثمرون الإعلان عن الميزانيات العامة وتوزيع الإنفاق الحكومي لدعم مشروعات جديدة، وهذه التوقعات دفعت المستثمرين للتحرك بين القطاعات والأسواق المختلفة.