العرب والعالم

ترامب وهاريس يسابقان الزمن لكسب الأصوات قبل "ساعة الصفر"

بعد غد.. العالم يترقب المواجهة الشرسة بين المتنافسين

 
واشنطن 'وكالات': - استهدفت كامالا هاريس منطقة 'حزام الصدأ' اليوم الاحد بينما توجّه دونالد ترامب إلى كبرى الولايات الحاسمة في مسعى أخير لكسب الأصوات قبل أقل من ساعات قليلة على موعد الانتخابات بعد غدا الثلاثاء، والتي تشهد تقاربا تاريخيا في التأييد.



وصوّت 75 مليون شخص مبكرا قبل ذروة بعد غدا الثلاثاء في وقت تظهر الاستطلاعات تعادل نتائج المرشحين في هذه المرحلة إلى حد غير مسبوق.

وحتى مساء امس، لم يحقق أي المرشحين هامشا أكبر من ثلاث نقاط في أي من الولايات السبع التي يتوقع أن تحسم النتيجة، وفق معدلات نتائج الاستطلاع الصادرة عن 'ريل كلير بوليتيكس'.

وتعتزم هاريس الساعية لكسب التأييد في ولايات البحيرات الكبرى التي تعد أساسية بالنسبة للديموقراطيين، حيث قضت نهار اليوم في ميشيجان، بدءا من ديترويت قبل التوقف في بونتياك وإقامة تجمّع انتخابي مساء اليوم في جامعة ولاية ميشيجان.

وأما جدول أعمال ترامب اليوم الأحد، فتركز على بنسلفانيا وكارولاينا الشمالية وجورجيا التي يعد الفوز فيها مكسبا غاية في الأهمية في إطار نظام 'المجمع الانتخابي' الذي يعطي النفوذ للولايات بحسب عدد سكانها.

يسعى الرئيس السابق البالغ 78 عاما لصرف الأنظار عمّا جرى خلال تجمّع انتخابي أقامه في قاعة 'ماديسون سكوير غاردن' في نيويورك حيث قلل متحدثون من شأن اللاتينيين والنساء عبر تصريحات عنصرية.

في اليوم ذاته، ألقت هاريس خطابا أمام حشد كبير في ذي إيلابس في واشنطن أمام البيت الأبيض.

ورغم أن أيا من الفعاليات المدرجة على جدول أعمال ترامب لن تقام في مناطق تضم عددا كبيرا من السكان اللاتينيين، إلا أن بنسلفانيا هي الولاية الحاسمة التي تضم أكبر عدد من البورتوريكيين، وهي فئة أثارت التصريحات الصادرة خلال تجمّع نيويورك حفيظتها بشكل خاص.

وقالت حملة ترامب 'لا يمكن للخيار بأن يكون أوضح بالنسبة لأهالي بنسلفانيا: يمثّل الرئيس دونالد جاي. ترامب سياسات أمريكا أولا بينما تمثّل كامالا هاريس غياب الكفاءة والسياسات الليبرالية إلى حد خطير التي تدمّر عائلات بنسلفانيا'.

من جهة اخرى، تعد ميشيجان واحدة من الولايات السبع الحاسمة التي تجري متابعة التطورات فيها عن كثب.

نجح ترامب في كسب تأييد الولاية التي كانت معقلا للديموقراطيين سابقا عندما هزم هيلاري كلينتون عام 2016. وأعادها الرئيس جو بايدن إلى صف الديموقراطيين في 2020، بدعم من العمال النقابيين وجالية كبيرة من الأمريكيين المتحدرين من أصول إفريقية.

لكن هاريس تواجه هذه المرة خطر خسارة تأييد جالية أميركية عربية تعد 200 ألف نسمة نددت بطريقة تعاطي بايدن مع الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة.

وأشارت مراكز الاستطلاع إلى تراجع تأييد السود للمرشحة الديموقراطية فيما يقر مساعدو هاريس بأنه ما زال عليهم بذل الكثير من الجهود لدفع ما يكفي من الرجال الأمريكيين من أصل إفريقي لدعم هاريس كما كان الحال مع بايدن في 2020.

وفي مسعى لتجاوز قاعدة مؤيديها التقليدية، اختتمت هاريس يوم حملتها امس بظهور مفاجئ على برنامج 'ساترداي نايت لايف' حيث سخرت من منافسها ترامب.

وقالت نائبة الرئيس الأمريكي 'أبقوا كامالا وامضوا قدما جميعا'.

وحجزت حملة هاريس التي تسعى إلى الظهور على التلفزيون بأكبر قدر ممكن مساحة لمدة دقيقتين من البث اليوم الأحد أثناء مباريات كرة القدم، بما في ذلك خلال مباراة بين فريقين في الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية من ولايتين حاسمتين: غرين باي باكرز (ويسكنسون) وديترويت لاينز (ميشيغان).

تتعهّد هاريس في الإعلان بأن تكون 'رئيسة لجميع الأمريكيين' وتعد 'ببناء مستقبل أكبر لأمّتنا'.

وأفادت حملتها بأن 'أبحاث الحملة تظهر أن الأسبوع الماضي أثبت أنه حاسم في ترسيخ الخيار في هذه الانتخابات لدى الناخبين الذين لم يحسموا قرارهم بعد وأولئك الأقل استعدادا' للتصويت.

وأضافت أن 'مشهد المرافعة الختامية في ماديسون سكوير غاردن مقابل ذي إيلابس اخترق ووضّح الخيار بالنسبة لهذه الشريحة من الناخبين'.

وتلقت هاريس (60 عاما) دفعة إلى الأمام امس عندما أظهر استطلاع لصحيفة 'دي موين ريجستر' قبل ساعات قليلة من الانتخابات والتي تعد مقياسا يمكن الوثوق به للجو العام، تقدم هاريس في ولاية آيوا التي فاز فيها ترامب بسهولة في 2016 و2020.

وتقدّمت بثلاث نقاط في الاستطلاع بعدما كانت متخلفة عن ترامب بأربع نقاط في سبتمبر.

وفي سياق آخر، كانت خسارة الأحزاب الحاكمة أو الرؤساء الذين يخوضون انتخابات للفوز بولاية ثانية السمة الأبرز في أغلب الانتخابات التي جرت خلال العام الحالي.

ففي بريطانيا فقد حزب المحافظين السلطة لصالح حزب العمال المعارض في الانتخابات التي جرت في يوليو الماضي، وقبلها خسر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لأول مرة منذ انهيار نظام حكم الفصل العنصري في جنوب أفريقيا الأغلبية النيابية في الانتخابات التي أجريت في يونيو الماضي.

ومنذ أسبوعين فقط خسر الحزب الليبرالي الديمقراطي الياباني الأغلبية في البرلمان، كما خسرت الأحزاب الثلاثة المشاركة في الائتلاف الحاكم بألمانيا الانتخابات في عدد من الولايات الألمانية المهمة في الشهر الماضي.

والسؤال المهم، هل ستمضي الانتخابات الأمريكية في نفس الاتجاه يفقد الحزب الديمقراطي الحاكم رئاسة الولايات المتحدة؟ وفي تحليل نشره موقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي يقول جيمس إم ليندساي أستاذ العلوم السياسية الأمريكي والنائب الأول لرئيس مجلس العلاقات الخارجية ومدير الدراسات وكرسي موريس آر جرينبرج في المجلس إنه من النظرة الأولى يمكن القول إن كامالا هاريس يمكن أن تغير هذا الاتجاه في الانتخابات العالمية. فالاقتصاد هو القضية الأولى لدى الناخبين. وفي حين تعاني اقتصادات بريطانيا وفرنسا وألمانيا واليابان وجنوب أفريقيا، يشهد الاقتصاد الأمريكي حالة ازدهار واضحة. وفي الأسبوع الماضي أعلنت وزارة التجارة الأمريكية نمو إجمالي الناتج المحلي الأمريكي بنسبة2.8% خلال الربع الثالث من العام الحالي.

كما اقترب معدل الباحثين عن عمل من أقل مستوياته. وارتفعت سوق الأسهم إلى مستوى قياسي، كما تراجع معدل التضخم. كل هذه المؤشرات تقول إن الاقتصاد الأمريكي في حالة جيدة تاريخية. ونشرت صحيفة وول ستريت جورنال المرموقة عنوانا يقول 'الرئيس المقبل سيرث اقتصادا مميزا'.

ورغم ذلك فالأمريكيون يرون اقتصاد بلادهم هذه الفترة بشكل مختلف. تقول أغلبية كبيرة منهم في استطلاعات الرأي إن الاقتصاد في حالة سيئة. وتقول أغلبية كبيرة أيضا إن بلادهم تمضي في الاتجاه الخطأ.

وهذا الإحباط الشعبي يساعد في تفسير سبب استمرار حدة التنافس في الانتخابات حتى قبيل التصويت بعد غدا الثلاثاء.. فالجمهوريون يبدون واثقين من أن السباق المتقارب هو في الواقع خبر جيد لمرشحهم دوالند ترامب. وقد كانت استطلاعات الرأي في انتخابات عامي 2016 و2020 لا تعكس مستويات شعبيته الكبيرة الحقيقية. أضف إلى ذلك حقيقة أن الناخبين المتأرجين غالبا ما يصوتون لصالح المنافس في الأيام الأخيرة من الانتخابات، ومن السهل أن نرى لماذا يعتقد فريق ترامب أنه سيصبح أول رئيس منذ جروفر كليفلاند قبل 132 عاما يفوز بفترتين غير متتاليتين بالمنصب.

في المقابل يخشى الديمقراطيون من تكرار أخطاء استطلاعات الرأي في عامي 2016 و 2020.لكنهم يأملون أن تكرر استطلاعات 2024 ما حدث في انتخابات الكونجرس عام 2022. ففي ذلك العام قللت الاستطلاعات من شعبية المرشحين الديمقراطيين لمجلس النواب وبشرت باجتياح الديمقراطيين للانتخابات وهو ما لم يحدث في الواقع.

لكن اليوم لا أحد يعرف، هل سيكون عام 2024 تكرارا لسيناريو عامي 2016 و2020 أم لعام.2022 والمعروف أن معظم مراكز وخبراء استطلاعات الرأي كانوا مشغولين في هذه الفترة بتعديل منهجياتهم لتصحيح أخطائهم السابقة. وقد يكونوا قد أصلحوا الأمور بشكل أو بآخر هذه المرة، ولكن ربما يكونوا قد تسببوا في مشكلات جديدة عندما أصلحوا مشكلة واحدة. كما أن نتائج استطلاعات الرأي. تأتي دائما بهامش خطأ.. وكل أرقام استطلاعات الرأي الحالية في الولايات المتأرجحة تقع ضمن هامش الخطأ. و نظرا لأن نظام المجمع الانتخابي يعطي الفائز بالأغلبية المطلقة في أي ولاية بكل أصواتها في المجمع الانتخابي باستثناء ولايتين فقط، فإنه حتى الأخطاء الطفيفة في استطلاعات الرأي قد تعني نتيجة انتخابية غير متوازنة.

ويعني هذا أن كل شيء وارد في الانتخابات المقبلة. فقد يسفر التصويت عن فوز هاريس أو ترامب بكل الولايات المتأرجحة وبالتالي يصبح فوز الفائز منهما واضحا ومقنعا في المجمع الانتخابي. وقد تكون الأصوات متقاربة بشدة بحيث تكون عمليات إعادة حصر الأصوات أو اللجوء للقضاء حتمي لحسم النتيجة، وبالتالي يمكن أن تجد الولايات المتحدة نفسها في نزاع سياسي وقانوني مستمر وأكثر حدة عما حدث في 2020.فهل ستمضي الانتخابات الأمريكية مع الاتجاه العالمي الذي جاء ضد الأحزاب الحاكمة أو تعدل عنه؟ والحقيقة أنه في ضوء المنافسة الحادة بين هاريس وترامب، لا يمكن تقديم إجابة حاسمة على هذا السؤال وسيكون على الجميع انتظار مشهد النهاية يوم 5 نوفمبر للحصول على الإجابة.

في الوقت نفسه يحذر المسؤولون الأمريكيون من تزايد المحاولات الخارجية للتأثير على الانتخابات والتي قد تستمر حتى بعد يوم التصويت وأثناء فرز وعد الأصوات. وبعض هذه المحاولات تشمل هجمات سيبرانية لإحداث اضطراب في التصويت. والبعض الآخر يشمل التضليل ونشر المعلومات الخطأ. على سبيل المثال رصد مسؤولو الانتخابات في ولاية بنسلفانيا فيديو مزيف يصور عمليات تدمير لبطاقات التصويت بالبريد في كيستون ستيت. وقال مسؤولون اتحاديون إن حملة تضليل روسية وراء نشر هذا الفيديو.

بالطبع، لا تهم نتائج انتخابات بعد غدا الثلاثاء الولايات المتحدة فحسب بل العالم كله، لذا فليس من المستغرب أن يناقش الكل في جميع أنحاء العالم كيف ستؤثر النتيجة عليهم. لقد سأل مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي مراكز البحث والخبراء في من أفريقيا والأمريكتين وأوروبا والشرق الأوسط عن آرائهم، وأظهرت ردودهم أن تقييمات تأثير الانتخابات تختلف باختلاف من يفوز والمنطقة أو البلد الذي يتم طرح السؤال فيه.

وقالت الباحثة ليزا روبنسون في مجلة فورين أفيرز الأمريكية أن فوز هاريس 'ستكون له تداعيات مهمة، وربما حتى يؤدي إلى تغييرات شاملة، وذلك لأنه من شأن انتخابها أن 'يدعم أولئك الذين يقاتلون ضد الطغيان.. ويخفف بقايا الشكوك في قدرة المرأة على اتخاذ قرارات الحرب والسلام'.

من الديمقراطيين إنهم يثقون في سلامة العملية الانتخابية، في حين قال ذلك 57% فقط من الجمهوريين. معنى هذا أن ترامب سيحظى بدعم أكبر من ناخبيه إذا شكك في نتيجة الانتخابات في حال سقوطه بفارق ضئيل. ليس هذا فحسب بل إنه حتى إذا تم اللجوء إلى المحكمة العليا، فلن يكون لقرارها مصداقية عند نحو 80% من الأمريكيين حيث أظهر مسح مركز بيو أن واحدا فقط من بين كل 5 أمريكيين واثق من أن حكم المحكمة العليا في أي نزاع محتمل بشأن انتخابات الرئاسية سيكون محايدا.