أعمدة

التشغيل .. أولوية وطنية راسخة



يحمل لقاء المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ مع أصحاب وصاحبات الأعمال وعدد من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، دلالات عميقة تؤكد أهمية تعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وبلورة الرؤى بما تقتضيه متطلبات المرحلة الحاضرة والمستقبلية لتعميق التعاون من أجل تحقيق الغايات الوطنية المتمثلة فـي تشغيل الباحثين عن عمل والنهوض بالاقتصاد العماني ليواكب اقتصاديات العالم والمتغيرات الاقتصادية.

وعندما يؤكد جلالته ـ حفظه الله ـ أن ملف تشغيل الباحثين عن عمل يحتل ــــ المرتبة الأولى ضمن سُلَّم الأولويات لدى الحكومة، فإن ذلك يعكس أهمية هذه الملف، وضرورة التعاون من قبل القطاع الخاص فـي تحمل مسؤولياته فـي هذا الجانب، والعمل مع الحكومة لاستيعاب القوى العاملة الوطنية، والوثوق بها، وتدريبها وتشغيلها لتحقيق التطلعات الحكومية الرامية إلى استغلال طاقات الشباب العماني، ليسهموا فـي بناء الوطن وتأسيس مستقبلهم بعرق جبينهم من خيرات وطنهم.

إن ملف الباحثين عن عمل كان دائما ضمن الأولويات الحكومية، ففـي اجتماع مجلس الوزراء الذي عقد فـي سبتمبر الماضي، أقرَّ المجلس تخصيص مبلغ إضافـي قدره (٥٠) مليون ريال عماني لدعم برامج ومسارات تشغيل الباحثين عن عمل فـي القطاع الخاص، بالإضافة إلى المبالغ المحصلة بنسبة (1.2%) من قيمة فواتير مشتريات كل من قطاع النفط والغاز والوحدات الحكومية والشركات التابعة لجهاز الاستثمار العُماني، بحيث تقوم الجهات المختصة بوضع إجراءات واشتراطات واضحة لضمان استدامة الفرص التي سوف يتم توفـيرها، كما سبق ذلك العديد من الإجراءات والمبادرات التي قدمت لمؤسسات القطاع الخاص من أجل ديمومة بقائها واستمرارها ضمن منظومة الاقتصاد الوطني.

وتشير الإحصائيات إلى أن عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المقيدة فـي سجل هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بلغ 141ألفا و126مؤسسة حتى نهاية يونيو من العام الجاري، وحظي هذا القطاع على مدى سنوات بحزمة من الحوافز الاقتصادية والبرامج والمبادرات التي أطلقتها الحكومة لدعم القطاع الخاص، فـي سبيل النهوض بهذا القطاع الذي يشكل أهمية كبيرة فـي التنوع الاقتصادي واستيعاب القوى العاملة الوطنية.

لقد عملت الحكومة منذ سنوات على تعدد مسارات الدعم لمؤسسات القطاع الخاص، والتركيز على نموها، وتهيئة الأسس المناسبة لوجود المؤسسات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها المحرك الرئيسي للاقتصاد، وبيئة خصبة لخلق فرص عمل للشباب، الذي تسعى الحكومة إلى تعزيزه بما يخدم عجلة التنمية.

وشجعت الحكومة على تبني مشروعات اقتصادية فـي المحافظات، وتبني أفكار الشباب، وعقد مختبرات وحلقات عمل للعصف الذهني من أجل الاستماع لأفكار الشباب ورؤيتهم لإنشاء المشروعات، وخلق شراكة بين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الكبيرة، والجهات الحكومية لدعم هذه المشروعات.

كما أن تحسن التصنيف الائتماني لسلطنة عمان المستمر لدى المنظمات والوكالات والمؤسسات الدولية، يعطي مزيدا من الدعم للاقتصاد العماني، ويرفع سقف الثقة لدى المستثمر المحلي والأجنبي، وبالتالي فإن المستقبل مبشر بانتعاش الاقتصاد العماني، وبالتالي تتعزز الفرص الاستثمارية ويتوسع رجال الأعمال، وأصحاب المؤسسات الصغيرة و المتوسطة فـي مشروعات.

إن اللقاء بما حمله من مضامين، يفتح آفاقًا من التعاون والشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، ويمهد لمزيد من العمل للارتقاء بالاقتصاد العماني، وانعكاساته الإيجابية على المجتمع والشباب والدفع بعجلة التشغيل وتوافر فرص العمل بمختلف المجالات والقطاعات.