كلام في التغيير!
السبت / 1 / ربيع الثاني / 1446 هـ - 20:46 - السبت 5 أكتوبر 2024 20:46
من المسلم به في أي مخاض تطويري يهدف الى تحقيق غاية طيباوية من خلال فكرة أو مشروع سواء كان مجالها إنسانيا أو حضاريا أو علميا أو نهضويا أن يسير بعجلتين: العجلة الفكرية والعجلة الحركية ونقصان أي عجلة منهما يعني أنه مشروع ناقص لن يصل إلى هدفه وسوف يتعثر ويتوقف عند الخطوات الأولى، وهذا الأمر سنة كونية، فالعجلة الفكرية هي الإطار التنظيري والفكري للمشروع والعجلة الحركية هي الخطوات العملية التي توضح الإطار النظري لهذا المشروع.
جميع المشاريع التي تحمل طابع الحملات'مثلا' وتنفذ في فترة قصيرة لا تتجاوز السنة، يقبل عليها ويتفاعل معها الناس، بينما الملاحظ انهم لا يحبون المشاركة في المشاريع الاستراتيجية التي تحمل أهدافا تتجاوز البضع سنوات. أتحدث عن (مزاج عام) أو طريقة في التفكير يلاحظها كل من يحاول خوض المشاريع العملية أو الثقافية التي تحاول ان تغير الوعي وتؤسس لثقافة أو ممارسة جديدة، وأكثر ما تعاني منه هذه المشاريع عندما تكون إحدى العجلات أبطأ أو أسرع من العجلة الأخرى هو فقدان الاتزان، فيحدث خلل في سير المشروع، ويبدأ التعثر وتضيع البوصلة والنتيجة هي فشل ذريع في تحقيق الهدف.
إن أخطر ما تواجهه مشاريع التغيير هي المراهقة الفكرية والشيخوخة الحركية، بمعنى أن يكون الإطار النظري والفكري للمشروع عبارة عن قفزات هوائية أو آراء ارتجالية أو شطحات فكرية، أو تكون الخطوات العملية ثقيلة الحركة فماذا تكون النتيجة؟ فقدان الثقة والإيمان والرغبة في التغيير والتطوير وآثار سلبية اخرى قد تمتد زمنا طويلا حتى يعاد بناء الثقة لخوض غمار هذه المشاريع مرة أخرى.
في أوليات الفكر التي لا يجهلها النّاس، أنّ الإنسان كائن اجتماعي ومفكّر وإذا كان الإنسان كائناً مفكراً، فما وظيفة هذا الفكر؟ إنّ الفكر حين يتعامل مع ذاته فهو فكر متأمّل وحين يتعامل مع الأِشياء ومع الأحداث ومع وقائع الحياة فهو فكر ناقد وسائس!، وهذا يعني أن أي فكر لا يتعامل بمنطقية مع الأحداث والوقائع فهو فكر ناقص ولن يكون صمام أمان لمشروع التغيير أو أي مشروع آخر، وهذا مكمن الخطر فتعامل الفكر مع نفسه فقط دون النظر في واقع الحياة والأحداث هي مراهقة فكرية.
إن الخروج من دائرة التفكير الذاتي إلى دائرة التفكير الشامل يعني أن العجلة الفكرية للمشروع على أتم الاستعداد للانطلاقة والتحرك نحو الهدف و يبقى الجزء الآخر أو العجلة الأخرى وهي العجلة الحركية، تلك التي يجب أن تتناغم مع العجلة الفكرية في الحركة والمسير وإلا حدث الانحراف بغض النظر عن شكل هذا الانحراف.
إن الشيخوخة الحركية يعني أننا نسير إلى الوراء فالأحداث متسارعة وتقلبات العالم سريعة، وحين نسير بهذا البطء غير المبرر ، يعني ذلك أننا نسير نحو نهاية واضحة منذ البداية، نهاية لا تحقق هدفا انسانيا او فكريا نهضويا ساميا. ربما الحديث عن تغيير قناعات الناس ليس بالأمر السهل - وليس بالذي أرمي إليه هنا- وإنما ما أريد قوله أنه بإمكاننا أن نخضع المشاريع التغيرية إلى إيقاع منتظم في منظومة طويلة من الحملات القصيرة المخططة كجزء من عمل مدروس ومنتظم يطور نفسه ويحافظ على أهدافه إذا كان من يدير المشروع واعيا لاتجاه بوصلته وغايات رحلته.
إننا حين نسخر أنفسنا لمشاريع التغيير، فهذا يعني أننا أمام جانب مهم يتناول الإنسان من الداخل بالتحفيز ويتناول المجتمع بالتطوير الهادف لتحقيق واستدامة مبادئ الانضباط والمهنية والعدل والنور والعلم والمعرفة، والمحصلة إننا نحتاج حقيقة إلى رشد فكري بمعنى النضج العقلي والنفسي المتزن وإلى مراهقة حركية بمعنى نشاط مستمر وتفاعل مع الأحداث وهمة لا تفتر حتى لا يصبح طرفا المعادلة الرغبة في التغيير والفشل في إدارة التغيير أكثر صعوبة ويتحول التغيير الى شماعة نعلق عليها شيخوختنا الفكرية وفشلنا في التقدم ومجاراة قطار الحضارة الذي لا ينتظر أحد.
د. خالد الحمداني كاتب عماني
جميع المشاريع التي تحمل طابع الحملات'مثلا' وتنفذ في فترة قصيرة لا تتجاوز السنة، يقبل عليها ويتفاعل معها الناس، بينما الملاحظ انهم لا يحبون المشاركة في المشاريع الاستراتيجية التي تحمل أهدافا تتجاوز البضع سنوات. أتحدث عن (مزاج عام) أو طريقة في التفكير يلاحظها كل من يحاول خوض المشاريع العملية أو الثقافية التي تحاول ان تغير الوعي وتؤسس لثقافة أو ممارسة جديدة، وأكثر ما تعاني منه هذه المشاريع عندما تكون إحدى العجلات أبطأ أو أسرع من العجلة الأخرى هو فقدان الاتزان، فيحدث خلل في سير المشروع، ويبدأ التعثر وتضيع البوصلة والنتيجة هي فشل ذريع في تحقيق الهدف.
إن أخطر ما تواجهه مشاريع التغيير هي المراهقة الفكرية والشيخوخة الحركية، بمعنى أن يكون الإطار النظري والفكري للمشروع عبارة عن قفزات هوائية أو آراء ارتجالية أو شطحات فكرية، أو تكون الخطوات العملية ثقيلة الحركة فماذا تكون النتيجة؟ فقدان الثقة والإيمان والرغبة في التغيير والتطوير وآثار سلبية اخرى قد تمتد زمنا طويلا حتى يعاد بناء الثقة لخوض غمار هذه المشاريع مرة أخرى.
في أوليات الفكر التي لا يجهلها النّاس، أنّ الإنسان كائن اجتماعي ومفكّر وإذا كان الإنسان كائناً مفكراً، فما وظيفة هذا الفكر؟ إنّ الفكر حين يتعامل مع ذاته فهو فكر متأمّل وحين يتعامل مع الأِشياء ومع الأحداث ومع وقائع الحياة فهو فكر ناقد وسائس!، وهذا يعني أن أي فكر لا يتعامل بمنطقية مع الأحداث والوقائع فهو فكر ناقص ولن يكون صمام أمان لمشروع التغيير أو أي مشروع آخر، وهذا مكمن الخطر فتعامل الفكر مع نفسه فقط دون النظر في واقع الحياة والأحداث هي مراهقة فكرية.
إن الخروج من دائرة التفكير الذاتي إلى دائرة التفكير الشامل يعني أن العجلة الفكرية للمشروع على أتم الاستعداد للانطلاقة والتحرك نحو الهدف و يبقى الجزء الآخر أو العجلة الأخرى وهي العجلة الحركية، تلك التي يجب أن تتناغم مع العجلة الفكرية في الحركة والمسير وإلا حدث الانحراف بغض النظر عن شكل هذا الانحراف.
إن الشيخوخة الحركية يعني أننا نسير إلى الوراء فالأحداث متسارعة وتقلبات العالم سريعة، وحين نسير بهذا البطء غير المبرر ، يعني ذلك أننا نسير نحو نهاية واضحة منذ البداية، نهاية لا تحقق هدفا انسانيا او فكريا نهضويا ساميا. ربما الحديث عن تغيير قناعات الناس ليس بالأمر السهل - وليس بالذي أرمي إليه هنا- وإنما ما أريد قوله أنه بإمكاننا أن نخضع المشاريع التغيرية إلى إيقاع منتظم في منظومة طويلة من الحملات القصيرة المخططة كجزء من عمل مدروس ومنتظم يطور نفسه ويحافظ على أهدافه إذا كان من يدير المشروع واعيا لاتجاه بوصلته وغايات رحلته.
إننا حين نسخر أنفسنا لمشاريع التغيير، فهذا يعني أننا أمام جانب مهم يتناول الإنسان من الداخل بالتحفيز ويتناول المجتمع بالتطوير الهادف لتحقيق واستدامة مبادئ الانضباط والمهنية والعدل والنور والعلم والمعرفة، والمحصلة إننا نحتاج حقيقة إلى رشد فكري بمعنى النضج العقلي والنفسي المتزن وإلى مراهقة حركية بمعنى نشاط مستمر وتفاعل مع الأحداث وهمة لا تفتر حتى لا يصبح طرفا المعادلة الرغبة في التغيير والفشل في إدارة التغيير أكثر صعوبة ويتحول التغيير الى شماعة نعلق عليها شيخوختنا الفكرية وفشلنا في التقدم ومجاراة قطار الحضارة الذي لا ينتظر أحد.
د. خالد الحمداني كاتب عماني