ثقافة

جمهور المسرح يحطمون "الجدر" ويعزفون "الزمر" بشغف فني

ورش متخصصة وجلسات حوارية متخصصة

 


تقدم المسرحية عددا من الرؤى والرسائل المختلفة، وهي في شكلها التراجيدي تسعى أن توضح الصراع بين المتغيرات المتعددة، بين الماضي الذي يفسر وجوده من خلال حامل كتاب التاريخ، والتمرد من خلال الحطاب الثائر الذي أبى السكوت على الظلم وراح يكسر الجدر، وبين الخوف الذي يسكن في أبيلا المقيدة بسلاسل ضليل.

واختار المخرج في المسرحية أن يوظف الجوقة بشكل كبير في المسرحية، وتكون هي نمط التعبير السائد عن معظم حالات الموجودين على الخشبة، وهو ما أسهم في إعطاء المسرحية أبعادا لاقت استحسان الجمهور وإعجابهم.

تعقيبا على عرض 'الجدر' ..

وعقبت العرض المسرحي جلسة تعقيبية أدارها هلال الزيدي، قالت فيها الدكتورة نرمين الحوطي: 'أن نص مسرحية 'الجدر' يحمل كلمات وعبارات رمزية، والكلمة لها ابعاد نفسية للمثل، وما يميز المسرحية أن البطل فيها لم يكن شخصا واحدا، وإنما جميع عناصر العرض السمعية والبصرية جعلهم المخرج أبطال يتحدثون عما كتب في النص'.

وتحدث الحوطي عن أبرز ما ميز العرض المسرحي حيث أكدت على أن حضور الجوقة بأسلوب المخرج استطاع أن يضفي جماليات للعرض، وأضافت: 'المخرج استطاع توظيف الكلمة من خلال الاداء الحركي، وكذلك مشهد الشجرة الذي تكونت في أحد المشاهد باستخدام الممثلين، كما أن لغة الجسد والأداء الحركي للمثلين استطاع إيصال الكثير من التفاصيل للجمهور، إضافة إلى ضرورة التأكيد على أن عناصر النص المسرحي كلها مرتبطة برؤية المخرج وكلمة المؤلف، ووظف المخرج الموسيقى الحية الصادرة من الإنسان بصورة رائعة، لا سيما صوت الخطوات'.

كما تحدث الفنان المعتمد اليافعي عن العرض المسرحي فقال: 'النص جميل وعميق لما طرحه في كثير من الاسقاطات

اسقاط سياسي، واجتماعي، نبدأ بالعنوان ودلالته، حيث يرمز الجدر إلى الجدار او الحاجز أوالمانع، ذلك الحاجز الذي يمنع التجديد والحرية والاصلاح، ليقف بجانب العبودية والاستبداد، ويوضح الفرق بين الحقيقة والزيف، والاختلال والتوازن'.

ركز اليافعي في مداخلته على النص الذي استعرض مجموعة من حواراته ذات العمق والأبعاد المختلفة، وقال: 'اختار الملك ضليل أن يضع البلدة في دائرة مغلقة للحد الذي أصبحت فيه المدينة باهتة لا لون فيها الا اللون الرمادي'، وأضاف: 'تسوء احوال اهل المدينة الى ان جاء اليوم الذي حدث فيه ما كان متوقعا من سكان المدينة، صنعوا فؤوسا للقضاء على الوباء اللعين'.

وقال اليافعي أن أسماء الشخوص في العرض المسرحي كان له دلالات رمزية جميلة، حيث ترمز 'امورنا' لآلهة فرعوني، وهو إله الخصب والخصوبة والولادة، وضليل هو من يسير على الضلال.

كما تداخل الحضور والمشاركين في نهاية الندوة متحدثين عن مواضع القوة والضعف في العمل المسرحي.

فعاليات مصاحبة ..

واحتضن المهرجان صباح اليوم عدد من الفعاليات المصاحبة للمهرجان حيث أقامت فرقة مسرح مسقط مؤتمرا صحفي عن عرضها المسرحي 'الزمر'، من تأليف عبدالله البطاشي، وإخراج جاسم البطاشي.

كما أقيمت جلسة حوارية لضيوف المهرجان، أدارها الفنان زكريا الزدجالي، وتحدث فيها الدكتور مرزوق بشير أستاذ الدراما والنقد بكلية المجتمع بدولة قطر، والدكتور مصطفى حشيش أستاذ المسرح بجامعة المنوفية في جمهورية مصر، حول تجربتهم المسرحية، وضرورة أن يرفع الوعي بأهمية المسرح حتى يكون مستمرا ومعطاء، وعرج المتحاورون في الجلسة للحديث عن المسرح التجريبي، كما تم التطرق للحديث عن أهمية استمرار إقامة المهرجانات المسرحية لما لها من فائدة تعود للمسرح وإثراء الساحة الفنية والمسرحية.

سايكولوجية الشخصية المسرحية

وضمن الأنشطة المرافقة لمهرجان المسرح العماني الثامن نظمت إدارة المهرجان صباح اليوم ورشة عمل بعنوان 'سايكولوجية الشخصية المسرحية'، قدمها المسرحي العُماني عمير أنور البلوشي، ، تناولت الورشة بشكل معمق الجوانب النفسية للشخصيات المسرحية، ودورها الحيوي في تعزيز أداء الممثلين على الخشبة وبناء علاقة متينة مع الجمهور.

واستعرض البلوشي في ورشته مدارس في التحليل النفسي، مستندًا إلى 'مثلث هاوكينز للوعي'، والذي يُعدّ من الأساليب البارزة لفهم الشخصيات في المسرح. وشرح كيفية تطبيق هذه النظرية لفهم أعمق للعواطف والمعتقدات النفسية التي تحرك الشخصيات، مما يسهم في تقديم أداء تمثيلي متكامل وتفاعلي.

وخلال الورشة، قُدّم للمشاركين فرصة لتطوير مهاراتهم في فهم دوافع الشخصيات وكيفية توقع تصرفاتها، الأمر الذي يساعد على تجسيدها بشكل أكثر واقعية وإقناعاً، وتم تخصيص جزء عملي من الورشة لتطبيق هذه التقنيات، حيث تم تقسيم المشاركين إلى مجموعات لتمثيل مشاهد تفاعلية تعكس الفهم النفسي العميق للشخصيات.

ولم تقتصر الورشة على الجانب النظري فقط، بل تضمنت مداخلات من شخصيات بارزة في المجال، من بينهم الفنان الكويتي عبدالله التركماني، الذي تحدث عن تجربته في المسرح وربط السيكولوجيا بالحياة اليومية، وأكد أن هذا العلم ليس مقتصرًا على الممثلين، بل يشكل أداة تعبير فعّالة لكل فرد في المجتمع.

في ختام الورشة، شجع البلوشي المشاركين على مواصلة دراسة السيكولوجيا المسرحية، مؤكدًا أنها تفتح آفاقًا جديدة للإبداع وتطوير الأداء المسرحي. وتجدر الإشارة إلى أن عمير أنور البلوشي يُعتبر من الأسماء الصاعدة في المسرح العماني، حيث حصل على العديد من الجوائز المحلية والدولية في مجالات التمثيل والإخراج بلغت 9 جوائز، وشارك في عدة مهرجانات مسرحية على المستوى العربي والدولي، وهو أحد خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية بدولة الكويت بتخصص تمثيل وإخراج.