أعمدة

المدينة للاستثمار وقرار العدول عن التحول إلى شركة مقفلة

أثار قرار مجلس إدارة شركة المدينة للاستثمار القابضة بالعدول عن تحوّل الشركة من شركة مساهمة عامة إلى شركة مساهمة مقفلة العديد من التساؤلات بشأن دور مجالس إدارة الشركات في تعزيز مكانة وقدرات شركات المساهمة العامة، وهل يمكن أن يُقدم مجلس الإدارة على اتخاذ قرار دون تحديد أهداف هذا القرار ومن ثم تبعاته على الشركة والمساهمين فيها والبورصة وقطاع سوق رأس المال ككل؟ وعلى الرغم من أننا لا نشجع شركات المساهمة العامة على التحول إلى شركات مقفلة نظرًا للتأثيرات الاقتصادية السلبية لمثل هذه التحولات التي لا تتيح النمو للشركات في المستقبل وتجعلها عرضة لأي اهتزازات اقتصادية؛ فإن القرار جاء بعد سلسلة من الإفصاحات وبعد تقييم الشركة من قبل مكتب مستقل وتحديد القيمة العادلة للسهم بـ60.5 بيسة، ثم الحصول على الموافقة المبدئية من هيئة الخدمات المالية، والإعلان عن المستثمرين الراغبين في شراء الأسهم من المساهمين بسعر 60.5 بيسة للسهم بل وتحديد تاريخ شراء الأسهم، كل هذه الإجراءات أثرت على سعر السهم ودفعت بعض المساهمين للشراء والبعض الآخر للبيع، غير أن الشركة فاجأتنا بالتراجع عن قرار التحول من شركة مساهمة عامة إلى شركة مقفلة.

موقف مجلس إدارة شركة المدينة مشابه تقريبًا لموقف آخر من مجلسي الإدارة في بنك صحار وبنك نزوى اللذين أعلنا في أواخر عام 2023 وقف مفاوضات الاندماج بين البنكين والتي بدأت في نوفمبر من عام 2021.

وفي اعتقادنا أن تكرار مثل هذه القرارات من مجالس إدارات شركات المساهمة العامة يعطي انطباعا سلبيا تجاه مجالس الإدارة ويشير إلى أنها لا تقوم بالدراسة الكافية للقرارات التي تتخذها؛ أو في الجانب المقابل لا تجد المقترحات التي تطرحها مجالس الإدارة على الجهات التنظيمية سواء هيئة الخدمات المالية أو البنك المركزي العماني الاهتمام الكافي لتسريع الإجراءات وتفادي أي تأثيرات سلبية على المساهمين في الشركات والمستثمرين في البورصة، ومهما كانت الأسباب فإن لمثل هذه القرارات تأثيرات سلبية على البورصة والمستثمرين فيها.

إن مجالس الإدارة تعد «السد المنيع» لشركات المساهمة العامة وهي المسؤولة أساسا عن حماية حقوق المساهمين والمحافظة على تقوية الشركات وتعزيز نتائجها المالية بما يحقق تطلعات المساهمين، ولهذا فإن قراراتها ينبغي أن تكون مدروسة بعناية وتنطلق من اهتمام مجلس الإدارة بزيادة العوائد التي يحصل عليها المساهمون، وإذا تخلى المجلس عن هذا الهدف فإن الشركات ستكون عرضة للخسائر.

ولعل هذا هو أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تحقيق العديد من شركات المساهمة العامة لخسائر خلال السنوات الماضية بعد أن تخلى مجلس الإدارة عن دوره في تقوية الشركة وتعزيز مكانتها في السوق، وحتى نحمي الشركات من الخسائر فإننا نتطلع إلى أن تكون مجالس الإدارة ذات وعي أكبر لمسؤولياتها وواجباتها ليس في حماية الشركات فقط وإنما أيضا في المحافظة على المكاسب التي يحققها قطاع سوق رأس المال للاقتصاد الوطني بشكل عام.

محمد الشيزاوي كاتب وصحفي عُماني