رأي عُمان

التدريب ودوره في صناعة التغيير

رأي عمان

 
تتطور المعارف وتتقدم بشكل متسارع أكبر من أي وقت مضى، ويتحول هذا التطور المعرفي والتكنولوجي إلى مصدر تعقيد في المؤسسات إذا لم تستطع مواكبته بتأهيل موظفيها وكوادرها البشرية لتكون معارفهم العلمية والتكنولوجية مواكبة لآخر تطورات العلم والمعرفة التي تساهم في دعم وظائفهم ومؤسساتهم.. وعلاوة على ذلك فإن التدريب والتأهيل على رأس العمل من شأنه أن يزيد دافعية الموظفين ويرفع إنتاجيتهم ويحفزهم للعمل ويشعرهم بمكانتهم في مؤسستهم التي تسعى لتطويرهم بشكل مستمر.

ولا يمكن النظر إلى هذا النوع من التدريب بوصفه ميزة تقدمها مؤسسة من المؤسسات لموظفيها، إنها استراتيجية أساسية يمكن أن تعزز الإنتاجية والاحترافية بشكل كبير. على أن مثل هذا التدريب لا يقتصر على المؤسسات الإنتاجية/ الصناعية إنه ضروري وأساسي لجميع المؤسسات بما في ذلك المؤسسات الحكومية الإدارية، فعلم الإدارة يتطور بشكل متسارع وتتقدم نظرياته بتقدم وتطور احتياجات المستفيدين من المؤسسات الحكومية، إضافة إلى أن هذا النوع من التدريب من شأنه أن يساهم في بناء السمعة المؤسسية وبالتالي سمعة الدولة نفسها.

وعندما يتلقى الموظفون تدريبًا مصممًا خصيصًا لأدوارهم المحددة، يمكنهم بسرعة تطبيق مهارات ومعارف جديدة على مهامهم اليومية، والموارد البشرية المدربة جيدًا أكثر كفاءة، ويمكنها حل المشكلات بشكل أسرع، وهي مجهزة بشكل أفضل لمواجهة التحديات التي تنشأ في بيئة عمل متطورة بشكل متسارع، وهذا بدوره يؤدي إلى مستويات إنتاجية أعلى في جميع أنحاء المنظمة. كما يعزز التدريب في بيئة العمل وخلاله ثقافة الابتكار التي تسعى لها جميع المؤسسات.

لكن موضوع التدريب والتأهيل لا تقتصر أهميته اليوم على الموظفين بل هو احتياج أساسي للباحثين عن عمل، فالدورات التدريبية المصممة بمهنية عالية من شأنها أن تكسب الباحثين عن عمل الكثير من الخبرات التي تكون في العادة شرطا للحصول على الكثير من الوظائف؛ لذلك من الأهمية بمكان أن تصمم مؤسسات الدولة دورات تدريبية على مستوى عالٍ من المهنية والاحترافية ينخرط فيها الباحثون عن عمل، ويمكن أن تكون مربوطة بخطط توظيف إن لم يكن في الجهات الحكومية ففي القطاع الخاص بحيث لا يكون هناك شكوى من ضعف المخرجات وقلة دافعيتها وخبرتها، على أن يكون القطاع الخاص شريكا أساسيا في بناء الدورات التدريبية والتأهيلية لتكون مصممة وفق احتياجاته واحتياجات سوق العمل بشكل عام. لكن هذا الأمر يحتاج أيضا إلى بناء وعي داخل مؤسسات القطاع الخاص بأهمية التدريب والتأهيل وأثره على الإنتاجية، والخروج من الأفكار التقليدية التي ظلت لعقود تسيطر على الكثير من المؤسسات إلى حد أبعدتها عن دائرة المنافسة فيما كان يمكن أن تتجاوز منافستها السوق المحلية إلى السوق الإقليمية.

وفي هذا السياق يمكن التأكيد على أن الأسواق العالمية اليوم تبحث عن المبدعين وتقدم لهم الكثير من الحوافز لما لهم من قدرة في تغيير مسارات المؤسسات. وإذا كانت المرحلة الماضية شهدت الكثير من التعقيدات في هذا الجانب فإن الأحداث التي جرت خلال السنوات الماضية جديرة أن نستوعب منها العبر.. ويمكن أن نستذكر المقولة التي تقول «إن الخطأ الحقيقي الوحيد هو الخطأ الذي لا نتعلم منه شيئًا».