أعمدة

نبض الدار

سوق سلال وأنسنة المدن..

وضعت زيارة سوق سلال المركزي على أجندة زياراتي للتعرف إليه عن قرب، وفعلا سنحت لي الفرصة أخيرا لهذه الزيارة.

لقد جرى توقيع اتفاقية نقل أنشطة الجملة والبرادات المركزية من سوق الخضروات والفواكه المركزي بالموالح إلى مدينة خزائن الاقتصادية، ليكون مكونا رئيسا لمدينة الغذاء في خزائن، وعلى ضوئه أنشئت شركة لإدارة وتطوير سوق سلال للفواكه والخضروات، وبلغ التمويل المالي للمشروع حوالي ٤٠ مليون ريال عماني حسبما أعلن وقتها.

ورغم أهمية سوق سلال ومرافقه المختلفة، وأنها قللت الفاقد من الخضراوات والفواكه إلى أقل من 5% إلا أن السوق يفتقد اشتراطات أنسنة المدن، فلا ننسى أن خزائن الاقتصادية تقع ضمن مسقط الكبرى بحسب التخطيط العمراني لوزارة الإسكان.

قلة مواقف السيارات ملحوظة أمام الكم الكبير من مرتادي السوق من المستهلكين، فيضطرون إلى إيقاف سياراتهم في ساحات ترابية يملأها الغبار، وتحيطها قنوات مياه جافة عميقة وعريضة، مما يصعب عليهم التنقل، ويصعب عليهم نقل ما اشتروه من فواكه وخضراوات، كما تلاحظ قلة لجوء المستهلكين إلى استئجار عربات النقل، فهل بسبب قلتها أم غلاء أسعارها؟ كنت أتمنى أن أرى أنسنة المكان بالتشجير والزراعة وإن كانت أشجارا برية كالسدر والغاف وغيره لتخفيف حرارة الطقس، فالمكان يكاد يكون صحراء قاحلة، وكذلك إنشاء مماشٍ مظللة، وإنشاء بعض المقاهي حول مرافق السوق، وغيرها من الخدمات التي تؤنسن المكان بحق.

صحيح تم صرف الكثير على السوق ومرافقه العديدة، وحقق أهدافا عديدة، لكن الأنسنة جزء مهم لجذب المستهلك، وجعل المكان أليفا ومحبوبا، فقد كنت أرى بعض النساء يشترين من سوق الجملة لعائلاتهن الكبيرة، وكيف يتعبن في نقل البضاعة إلى السيارة الواقفة في مكان ترابي بعيد وغير مؤهل البتة، بينما العرق يتصبب منهن في حرارة جو لاهبة.

يعد البعض الأنسنة رتوشا، لكنها رتوش تتحول إلى ضرورة حتمية في مناخ كمناخ بلدنا في شدة الحرارة والرطوبة، ليصبح الشراء نزهة ومتعة وليس مشقة، وللتسهيل على المستهلك، فالتسهيل والتيسير واحد من أهداف الأسواق الناجحة.

إن الكثير من الأسر تشتري من سوق الجملة في سلال لرخص السعر بشكل ملحوظ عن سوق المفرق، لكن للأسف تخطيط سوق سلال يقول للمستهلك: لا تشترِ من سوق الجملة وإن كان مسموحا، لأنك ستعاني مشقة كبيرة وصعوبات، ولن يكون الأمر ممتعا أبدا.