يحملون الهواء على رؤوسهم بغية الوصول إلى البحر
الاحد / 28 / محرم / 1446 هـ - 19:52 - الاحد 4 أغسطس 2024 19:52
(1)
--أ--
بيني وبين النَّدم حبيبة في السُّلوان، أو قمر كالرَّغيف، أو رفيق في الكَمَد (للأسف ولحسن الحظ، لم يُسمح لي بأكثر من ذلك.
--ب--
في هذه المرة أندمُ حيث ينفع النَّدم:
«وما ضرَّني إلا الذين عرفتهم
جزى الله بالخيرات من لست أعرف» (أبو العلاء المعرِّي).
(2)
آه، نحن بدنان فحسب. لن نتمكن من الوصول إلى هناك.
(3)
أتأمل وجهه المجدور، وأرى في يده الحقل والصَّفع ووعود الرَّب في الصلوات المرتجَلَة، وأحاول أن أرى من الأيام كل السِّنين التي لا تضمحل. لا يستقبل الصَّفاء ولا يقبل الإثم، ليس طيِّبا ولا مشعوذا. ليس ماء، ولا بكاء. ليس أبا، ولا أمَّا، ولا تفسيرا. عينه فائضة ولا يستطيع الحياة وليس هُوَ مَنْ هُوَ، ولا أنا مِنْ هُوَ.
سادرا في الطيور. عاجزٌ مثل ركلاته وصفعاته. أرى بُثُوره في أسنانه وبين ضلوعه وكَبِدِه ومُضْغَتِه. أكفِّنه في انسدال القماش الأبيض. أختصرُ استطراداته في البيت. لا أسدِّدُ ديونه في الليمون. لا أراه حتى بعد أن أعرفه. أتركه في الوحشة والمزرعة. أدعه في الكتاب، ولا أستودعه أي شيء، ولا أكفُّ عن الخوف.
(4)
تموء الأسماك التي في هذه الظَّهيرة.
(5)
الاشتياق فعلُ مغادرة (في هذه الليلة، في الأقل).
الاشتياق فعلُ مصادرة (أيضا، في هذه الليلة، في الأقل).
(6)
سيكون الموت أرقا للصُّخور؛ لن يكون الموت أرقا للصُّخور.
(7)
كل شيء مُهِمَّة. لا أريد أن يكون موتي مُهِمَّة (لم يهتم بي الحادث. وفي هذه الليلة، أنا سعيد بذلك، ولو من باب التغيير، فحسب).
(8)
لا ضوضاء في رأسي، لا عابرين يودِّعون العابرين على الحدود، ولا مخالب على الجراح. في رأسي حشرات، وطيور، وبقايا رسالات، وأفلام.
(9)
لا تنغلق كل النوافذ بمجرد إسدال بعض الذِّكريات.
(10)
«سيذكرني قومي إذا جدَّ جدهم
وفي الليلة الظلماء يفتقدُ البدر» (أبو فراس الحمداني، من إحدى قصائد الأسر الرُّومي).
كلا، لست مقتنعا بذلك، ولا أريده.
(11)
حدث شيء عجيب وغريب جدا في حالة ذلك الشَّخص: لقد نَعَوه قبل أن يغتالوه (وعلينا انتظار نشرة أخبار أخرى وإيضاحات أكثر).
(12)
ما الذي يتبقَّى من الليل حين يراهن على النهار؟
(13)
أصابهم الشِّعار بالوقار (لا يُعَوَّل عليهم).
(14)
في كل خطوة يترجَّل الجبل.
(15)
لم يعد القول من ضروب التَّفاسير.
(16)
أنا لستُ في حِلٍّ، وما أنتِ في التِّرحال.
(17)
كيف يستطيع المرء أن يعيش بعد هذا وقد كان ما قبل ذلك خطأ بتضافر الجميع؟
على المرء ألا يقيم وزنا لهذا السؤال في المَقْتَلَة القادمة.
(18)
طائرة تمر عبر النافذة. هذه النافذة ليست طارئة.
(19)
هناك خوف واحد (فقط) عليه: يقرأه الجميع وهم يضحكون، وهو ميت. لكن لا خوف عليه حين يكون هناك.
(20)
أتجنُّب حبّك في مواسم الحصاد، وحين تأتي الطيور، وتنقشع الأسماك.
(21)
لا أحد يستطيع تبرير الطُّبول، ولا أحد يدَّعي معرفة القصَّة.
(22)
لن يسعفني أحد. أثخِنوا أكثر. أنا الليل. أنا الأسى. أنا لستُ أنتم.
(23)
يا الله، يا أنتِ: كل هذه الأمطار من غيمة شريدة.
(24)
كل ما يريده هو أن ينام (لا يكتب، ولا يتذكَّر).
يضيع كل شيء في حُسن الفهم.
(25)
لا أوطِّن الرِّيح (فلستُ من يكتب شهادات الشُّهداء).
(26)
أقرنكِ بالشمس، والبحر، وغبار القرية، وموعد تأجَّل، وأشياء أخرى من قبيل صمت الأقمار أو تدلِّي السَّواقي من الليل.
(27)
كان لا بد من تلك الجريمة الشَّنيعة والزَّائدة كي يحدث استحضار المجرمين الثَّانويِّين.
(28)
من تبقَّى من آخر الشُّعراء لا يزال يزور قبر أمه في صباح كل يوم جمعة في قريَّات (بهذا ينبغي الاطمئنان إلى آخر الشِّعر، وبهذا نثق في أجنحة الماء الضئيل والخائف وهي تأخذنا بعيدا عن الأهل نحو الوطن).
(29)
لا تلجأ في المحنة إلى من أسعفتهم في الماضي من المحن (آذانهم صارت في القماش، وخشية الإساءة إلى الأيام، والليالي، والشُّهداء، وما زال من عاطفة، وما لا يُزال من كلامٍ بسيط).
(30)
«الذي يضحك أخيرا يضحك كثيرا» مقولة سوقيَّة، وذات مرامٍ استراتيجيَّة سلطويَّة صريحة؛ فهي لا تعني أكثر من التَّعسُّف، والمماطلة، والحرمان من اقتناء الضحك لأطول مدة ممكنة. في الحقيقة، تريد السُّلطة أن تعدك بـ«المكافأة» (فيما بعد) كما تفعل في مجالات أخرى من خطابها.
وبالتالي فإن الضَّحك يتحول من «الطَّبيعيَّة» إلى «السُّلطويَّة» من دون أن تحاول المقولة حتى الحد الأدنى من الحشمة في انتقال الأشداق إلى الأشداق.
حسن جدا: اضحك أولا، اضحك كثيراً، واضحك أخيراً، واضحك متى وكما يحلو لك كي لا يكون البديل ألا تضحك أبداً. والخير من ذلك كلِّه أن تبدأ في الضحك الآن.
(31)
«الرزانة»، و«الاتزان»، و«مراعاة الأصول»، و«الحفاظ على السّمت»: لقد انقشعتَ بما فيه الكفاية
(32)
انتبِه: ما من ماء، ولا غريق، ولا نجدة بين الأمواج العاتية.
(33)
لا جدوى في طيور الربيع، ولا كلمة تَصِفُ المدفأة.
(34)
أعدُّ رموشكِ بأعطاب الغَزَل. أأنتِ بخير؟
(35)
لا تقرأ شعرا، ولا نثرا، ولا نقدا، ولا أرانب، ولا فاكهة، ولا كذبا.
(36)
لا يصيبني ما يحيق بالأموات (ولستُ من الذين يعبدون الشمس).
(37)
لا تستطيع الأيقونة أن تفعل شيئا أمام السِّر.
(38)
ينتظرون البُغتة (ولا يهلكون في الانتظار).
(39)
يحملون الهواء على رؤوسهم بغية الوصول إلى البحر.
--أ--
بيني وبين النَّدم حبيبة في السُّلوان، أو قمر كالرَّغيف، أو رفيق في الكَمَد (للأسف ولحسن الحظ، لم يُسمح لي بأكثر من ذلك.
--ب--
في هذه المرة أندمُ حيث ينفع النَّدم:
«وما ضرَّني إلا الذين عرفتهم
جزى الله بالخيرات من لست أعرف» (أبو العلاء المعرِّي).
(2)
آه، نحن بدنان فحسب. لن نتمكن من الوصول إلى هناك.
(3)
أتأمل وجهه المجدور، وأرى في يده الحقل والصَّفع ووعود الرَّب في الصلوات المرتجَلَة، وأحاول أن أرى من الأيام كل السِّنين التي لا تضمحل. لا يستقبل الصَّفاء ولا يقبل الإثم، ليس طيِّبا ولا مشعوذا. ليس ماء، ولا بكاء. ليس أبا، ولا أمَّا، ولا تفسيرا. عينه فائضة ولا يستطيع الحياة وليس هُوَ مَنْ هُوَ، ولا أنا مِنْ هُوَ.
سادرا في الطيور. عاجزٌ مثل ركلاته وصفعاته. أرى بُثُوره في أسنانه وبين ضلوعه وكَبِدِه ومُضْغَتِه. أكفِّنه في انسدال القماش الأبيض. أختصرُ استطراداته في البيت. لا أسدِّدُ ديونه في الليمون. لا أراه حتى بعد أن أعرفه. أتركه في الوحشة والمزرعة. أدعه في الكتاب، ولا أستودعه أي شيء، ولا أكفُّ عن الخوف.
(4)
تموء الأسماك التي في هذه الظَّهيرة.
(5)
الاشتياق فعلُ مغادرة (في هذه الليلة، في الأقل).
الاشتياق فعلُ مصادرة (أيضا، في هذه الليلة، في الأقل).
(6)
سيكون الموت أرقا للصُّخور؛ لن يكون الموت أرقا للصُّخور.
(7)
كل شيء مُهِمَّة. لا أريد أن يكون موتي مُهِمَّة (لم يهتم بي الحادث. وفي هذه الليلة، أنا سعيد بذلك، ولو من باب التغيير، فحسب).
(8)
لا ضوضاء في رأسي، لا عابرين يودِّعون العابرين على الحدود، ولا مخالب على الجراح. في رأسي حشرات، وطيور، وبقايا رسالات، وأفلام.
(9)
لا تنغلق كل النوافذ بمجرد إسدال بعض الذِّكريات.
(10)
«سيذكرني قومي إذا جدَّ جدهم
وفي الليلة الظلماء يفتقدُ البدر» (أبو فراس الحمداني، من إحدى قصائد الأسر الرُّومي).
كلا، لست مقتنعا بذلك، ولا أريده.
(11)
حدث شيء عجيب وغريب جدا في حالة ذلك الشَّخص: لقد نَعَوه قبل أن يغتالوه (وعلينا انتظار نشرة أخبار أخرى وإيضاحات أكثر).
(12)
ما الذي يتبقَّى من الليل حين يراهن على النهار؟
(13)
أصابهم الشِّعار بالوقار (لا يُعَوَّل عليهم).
(14)
في كل خطوة يترجَّل الجبل.
(15)
لم يعد القول من ضروب التَّفاسير.
(16)
أنا لستُ في حِلٍّ، وما أنتِ في التِّرحال.
(17)
كيف يستطيع المرء أن يعيش بعد هذا وقد كان ما قبل ذلك خطأ بتضافر الجميع؟
على المرء ألا يقيم وزنا لهذا السؤال في المَقْتَلَة القادمة.
(18)
طائرة تمر عبر النافذة. هذه النافذة ليست طارئة.
(19)
هناك خوف واحد (فقط) عليه: يقرأه الجميع وهم يضحكون، وهو ميت. لكن لا خوف عليه حين يكون هناك.
(20)
أتجنُّب حبّك في مواسم الحصاد، وحين تأتي الطيور، وتنقشع الأسماك.
(21)
لا أحد يستطيع تبرير الطُّبول، ولا أحد يدَّعي معرفة القصَّة.
(22)
لن يسعفني أحد. أثخِنوا أكثر. أنا الليل. أنا الأسى. أنا لستُ أنتم.
(23)
يا الله، يا أنتِ: كل هذه الأمطار من غيمة شريدة.
(24)
كل ما يريده هو أن ينام (لا يكتب، ولا يتذكَّر).
يضيع كل شيء في حُسن الفهم.
(25)
لا أوطِّن الرِّيح (فلستُ من يكتب شهادات الشُّهداء).
(26)
أقرنكِ بالشمس، والبحر، وغبار القرية، وموعد تأجَّل، وأشياء أخرى من قبيل صمت الأقمار أو تدلِّي السَّواقي من الليل.
(27)
كان لا بد من تلك الجريمة الشَّنيعة والزَّائدة كي يحدث استحضار المجرمين الثَّانويِّين.
(28)
من تبقَّى من آخر الشُّعراء لا يزال يزور قبر أمه في صباح كل يوم جمعة في قريَّات (بهذا ينبغي الاطمئنان إلى آخر الشِّعر، وبهذا نثق في أجنحة الماء الضئيل والخائف وهي تأخذنا بعيدا عن الأهل نحو الوطن).
(29)
لا تلجأ في المحنة إلى من أسعفتهم في الماضي من المحن (آذانهم صارت في القماش، وخشية الإساءة إلى الأيام، والليالي، والشُّهداء، وما زال من عاطفة، وما لا يُزال من كلامٍ بسيط).
(30)
«الذي يضحك أخيرا يضحك كثيرا» مقولة سوقيَّة، وذات مرامٍ استراتيجيَّة سلطويَّة صريحة؛ فهي لا تعني أكثر من التَّعسُّف، والمماطلة، والحرمان من اقتناء الضحك لأطول مدة ممكنة. في الحقيقة، تريد السُّلطة أن تعدك بـ«المكافأة» (فيما بعد) كما تفعل في مجالات أخرى من خطابها.
وبالتالي فإن الضَّحك يتحول من «الطَّبيعيَّة» إلى «السُّلطويَّة» من دون أن تحاول المقولة حتى الحد الأدنى من الحشمة في انتقال الأشداق إلى الأشداق.
حسن جدا: اضحك أولا، اضحك كثيراً، واضحك أخيراً، واضحك متى وكما يحلو لك كي لا يكون البديل ألا تضحك أبداً. والخير من ذلك كلِّه أن تبدأ في الضحك الآن.
(31)
«الرزانة»، و«الاتزان»، و«مراعاة الأصول»، و«الحفاظ على السّمت»: لقد انقشعتَ بما فيه الكفاية
(32)
انتبِه: ما من ماء، ولا غريق، ولا نجدة بين الأمواج العاتية.
(33)
لا جدوى في طيور الربيع، ولا كلمة تَصِفُ المدفأة.
(34)
أعدُّ رموشكِ بأعطاب الغَزَل. أأنتِ بخير؟
(35)
لا تقرأ شعرا، ولا نثرا، ولا نقدا، ولا أرانب، ولا فاكهة، ولا كذبا.
(36)
لا يصيبني ما يحيق بالأموات (ولستُ من الذين يعبدون الشمس).
(37)
لا تستطيع الأيقونة أن تفعل شيئا أمام السِّر.
(38)
ينتظرون البُغتة (ولا يهلكون في الانتظار).
(39)
يحملون الهواء على رؤوسهم بغية الوصول إلى البحر.