بيت القفل.. طراز معماري فريد وشاهد على براعة الإنسان العماني
يعود سبب تسميته لوجود نظام قفل خاص به
الثلاثاء / 19 / ذو القعدة / 1445 هـ - 19:10 - الثلاثاء 28 مايو 2024 19:10
نظرا لطبيعة محافظة مسندم الجبلية وقلة السهول المنبسطة فيها فقد تركز الاستيطان البشري منذ القدم على المصاطب الجبلية وفي الجيوب الساحلية المتناثرة بين سواحلها المشرشرة والمتداخلة وقد تميز الاستيطان البشري في المناطق الجبلية بنمط معماري متميز وفريد من العمارة يدل على مدى براعة الإنسان العُماني القديم في التأقلم مع ظروف الطقس والحياة وقدرته على تطويع موارد الطبيعة من حوله لتناسب احتياجاته واحتياجات أسرته وقد ظل هذا الطراز شاهدا على قدم الاستيطان البشري في المنطقة ويسمى هذا النوع من العمارة «بيت القفل» وتنتشر مثل هذه البيوت أكثر في المناطق الجبلية المرتفعة التي كانت موطنا لكثير من بدو المنطقة الذين تركوا هذه المناطق الجبلية ولكن ظل معظمهم يحتفظ بهذه البيوت ويأتي إليها بين حين وآخر خاصة في فصل الشتاء.
التقت «عمان» بيوسف بن محمد الشحي أحد المهتمين في التاريخ في حوار يعيد إلى الذاكرة نمطا معماريا ندر تشييده في الوقت الحاضر مع تفاصيل جميلة لكيفية بنائه واستخداماته.
يقول يوسف بن محمد بن علي الشحي يسمى هذا الطراز المعماري بيت القفل، وذلك نظرا لدقة بنائه وقوة إحكامه وكان الأجداد والآباء يحرصون في القرون الماضية على بناء مساكنهم في الأماكن المرتفعة وذلك تجنبا لمخاطر سقوط الأمطار التي كانت تهدد البيت في المناطق المنحدرة والبيت عبارة عن غرفة واحدة مبنية من الصخر الأحمر الجبلي أو غيره من الصخور المتوفرة في المنطقة الذي كانت تبنى به أيضا آنذاك القلاع التاريخية القائمة في المنطقة ومناطق أخرى بمحافظة مسندم حتى الآن وتدل مواد البناء المستخدمة في بنائه على عبقرية الأجداد الفطرية فالجدران مبنية من الطين الذي يجعل حرارة البيت معتدلة في الصيف ودافئة في الشتاء أما السقف فمن خشب السدر والسمر وتوضع فوقه طبقة من الطين وبينهما ورق شجر صغير يعرف بـ«السخبر» وذلك لمنع سقوط الطين عند هطول الأمطار في فصل الشتاء.
نظام متكيف مع الطبيعة
من أهم ما يميز بيت القفل هو تصميمه بطريقة خاصة ومناسبة لظروف الطقس المختلفة وفي هذا الجانب يقول يوسف الشحي: «يمثل بيت القفل نوعا خاصا من العمارة يدل على مدى براعة الإنسان القديم في التأقلم مع ظروف الطقس والحياة وكيفية تطويعه الطبيعة من حوله لتناسب احتياجاته واحتياجات أسرته ويعود سبب تسمية هذا النوع من البيوت لوجود نظام قفل خاص به فهو يحوي قفلين يمكنان صاحب البيت من التحكم فيه بشكل أكبر ولحفظ البضائع بالداخل عند مغادرة صاحب البيت في فصل الصيف إلى السواحل ويتميز بيت «القفل» بأمرين: الأول أن حجارة وصخور وجدران «القفل» تكون مرصوفة بشكل متلاصق يربطها ويلحمها بعضها بالبعض الآخر «الجص» أو «الطين» وما يسمونه «طين المقطع» الذي يقوم مقام الإسمنت في البناء الحديث في سد الثغرات الموجودة بين الحجارة أما الأمر الثاني فهو أن غرفة النوم في بيت «القفل» وهي عادة غرفة واحدة رئيسية تنام فيها العائلة كلها فإنها محفورة داخل الأرض بعمق متر تقريبا، كي تساعد على حماية النائمين من البرد الشديد وعواصف الجبال والهواء البارد أيام الشتاء.
تعاون في البناء
ويؤكد يوسف الشحي على روح التعاون الأسري والقبلي الذي كان سائدا فما إن كان الشخص ينوي الزواج وبناء منزل للعائلة حتى يهب الكبير والصغير من أجل المعاونة في عملية البناء التي تمر بمراحل متعددة تتميز كل مرحلة بدقتها وتفاصيلها وتقع على عاتقهم مهمة البناء وقد يطلبون «فزعة» أي نجدة ومساعدة من أبناء الحي فإذا اجتمع هؤلاء للمساعدة سمي هذا التجمع «حشيد» أي الحشد من الأصدقاء الذين يساعدون في إتمام بناء بيت القفل.
المرحلة الأولى
وتبدأ أولى مراحل بناء بيت القفل بحفر حفرة بيت القفل على شكل مربع أو حسب رغبة مالك البيت في شكلها أو عمقها وعادة تكون شكل مستطيل بعمق متر فإذا تم هذا باشروا بحفر أساس البيت وهو الأساس الذي ستقوم عليه جدران البيت الأربعة فبيت القفل عامة مربع الشكل وتوجد في داخله دكتين يفصل بينهما مكان الجلوس وتحضير الطعام أي أن تصميم البيت مكون من دكتين مرتفعتين تتوسطهما مساحة الجلوس أي استقبال الضيوف وصنع الطعام فإذا تم تكديس الصخور التي ستبنى بها الحيطان، فحينذاك يقومون بتهيئة «الجص» الذي يصنعونه في محارق خاصة وهو المادة التي تمسك وتشد الحجارة بعضها إلى البعض الآخر أو أن يستعملوا بدلا عنه «الطين» وهو مادة طينية حمراء شديدة التماسك تصلح للبناء، وأحسنه ما يسمى «طين المقطع». فإذا وضعوا حجر الأساس ارتفعوا بالبناء بأن يضعوا حجرا جنب حجر بشكل هندسي ويملأون الثغرات بينهما بالجص أو بطين المقطع فيتماسك الحجر ويرتفع الحائط محافظين على استقامته وعدم بروز أحجار منه لئلا يميل ويسقط.
المرحلة الثانية
ونظرا لكبر حجم الأواني الفخارية التي يستخدمها سكان المناطق الجبلية لتخزين الطعام فإنه يتم البدء بوضعها في البيت قبل الشروع في بناء السقف حيث يقول يوسف الشحي: إذا ارتفعت الجدران ووصلت إلى أعلى من قامة الإنسان بدأوا بإدخال الأواني الفخارية «الخرس» الذي تحفظ به الحبوب والتمر والعسل وغيرها ثم يعمدون إلى السقف ويباشرون بتهيئة المواد التي يصنع منها ليقوموا بالتسقيف وتتكون مواد التسقيف عادة من أخشاب شجر السدر القوي ويسمونه «علبة»، وتوضع أخشاب السدر بشكل متراص على حيطان البيت لتكون المرحلة الأولى من عمل التسقيف.
فإذا تم هذا رصوا فيما بينها وشدوها بعضها بالآخر ثم جهزوا أحجارا صخرية صغيرة اسمها (الصفي) تصف ما بين (العلب) أي خشب السدر المتراص. وبعد ذلك يهيئون (الغيلة) وهي خلطة تصنع من الطين الأحمر والتبن وعيدان ورق شجر (السخبر) تخلط بالماء جيدا فتصبح كثيفة ومتماسكة وتفرش جيدا على خشب السدر والحصى الصغير الموجود بينهما حتى تسد كافة الثغرات والتشققات فإذا انتهوا من هذا العمل فرشوا ترابا بارتفاع قدم إلى قدمين فوق الغيلة فيصير السقف قويا يتحمل زخات المطر الكثيف فلا يترشح منه الماء إلى داخل البيت كما أنه يتحمل ثقل أهل البيت إن هم رغبوا بالمنام فوق سطح المنزل صيفا ويكون السقف مائلا قليلا إلى الخلف كي يتخلصوا من ماء المطر إذا تجمع فوقه وذلك ببناء (التسنيفة) وهو الحاجز الذي يحصر ماء المطر ويؤدي به إلى المرزاب لينسكب الماء إلى الخارج وتصنع التسنيفة من صف الحجارة واحدة جنب الأخرى فوق السقف وعلى مداره ويخرج جزء منها إلى الخارج ويثبت في أجزائها حجر عريض هو المرزاب الذي (ينسف) الماء أي يقذف به إلى الخارج ويسمى أقشوع القفل - فإذا تم بناء السقف انصرفوا إلى سد شقوق حيطان القفل من الداخل بالطين الأحمر المخلوط بالتبن وشعر الماعز فيسدون به الفتحات الصغيرة التي قد تظهر ويطلون به ما بين الأحجار لضمان عدم تسرب الهواء البارد أو مياه الأمطار منها.
نظام قفل خاص
ويضيف يوسف الشحي: إذا صادف أن وجد رجال البناء حجرا واحدا كبيرا له سطح مسطح، أو وجدوا حجرين كبيرين بهذا الشكل، وكان البيت صغير الحجم، تعاونوا على رفع الحجر الضخم أو الحجرين وثبتوهما على الجدران فإذا تم كل هذا وضعوا باب الدار واسمه باب (القفل) ويصنع من خشب السدر المربوط بالمسامير الحديدية القوية، والباب مكون من صفيحتين وأحيانا من صفيحة واحدة ولكل باب مفتاحان واحد اسمه (العلق) ويفتح المعلقة (القفل الداخلي للبيت) والثاني اسمه (لمفرية) وتكون أسفل الباب وتفتح بطريقة خاصة ومعقدة لا يعرفها إلا صاحب البيت أما بالنسبة لنظام التهوية والنوافذ ففيه فقط فتحة في سقف المنزل للتهوية تقع في زاوية المطبخ من غرفة الجلوس ويسمى (مصباح) أو (الفغل) يسمح بدخول النور ومنه يخرج دخان المطبخ أيضا ويسدونه عادة بأغصان نبات العنزروت ذي الأشواك التي تمنع دخول الثعابين والجرذان والحشرات إلى الداخل.
مزار سياحي
وأكد يوسف الشحي أحد المهتمين بالتاريخ أهمية الحفاظ على بيوت القفل وترميمها بحيث تصبح شاهدا على النمط المعماري الفريد خاصة كونها أصبحت في الآونة الأخيرة مزارا سياحيا للعديد من السياح الذين يبحثون عن التاريخ الحضاري القديم والشواهد الأثرية القائمة منها والدالة على تاريخ الاستيطان وطبيعة حياة أهلها. ويظل بيت القفل في جبال محافظة مسندم شاهدا على براعة الإنسان العماني وتطويعه لبيئته الجبلية الوعرة ليتكيف مع الحياة القاسية فيها ولتظل هذه البيوت اليوم تاريخا ومتحفا للأجيال يبرز نمطا معماريا خاصا وفريدا لا مثيل له على هذه الأرض.
التقت «عمان» بيوسف بن محمد الشحي أحد المهتمين في التاريخ في حوار يعيد إلى الذاكرة نمطا معماريا ندر تشييده في الوقت الحاضر مع تفاصيل جميلة لكيفية بنائه واستخداماته.
يقول يوسف بن محمد بن علي الشحي يسمى هذا الطراز المعماري بيت القفل، وذلك نظرا لدقة بنائه وقوة إحكامه وكان الأجداد والآباء يحرصون في القرون الماضية على بناء مساكنهم في الأماكن المرتفعة وذلك تجنبا لمخاطر سقوط الأمطار التي كانت تهدد البيت في المناطق المنحدرة والبيت عبارة عن غرفة واحدة مبنية من الصخر الأحمر الجبلي أو غيره من الصخور المتوفرة في المنطقة الذي كانت تبنى به أيضا آنذاك القلاع التاريخية القائمة في المنطقة ومناطق أخرى بمحافظة مسندم حتى الآن وتدل مواد البناء المستخدمة في بنائه على عبقرية الأجداد الفطرية فالجدران مبنية من الطين الذي يجعل حرارة البيت معتدلة في الصيف ودافئة في الشتاء أما السقف فمن خشب السدر والسمر وتوضع فوقه طبقة من الطين وبينهما ورق شجر صغير يعرف بـ«السخبر» وذلك لمنع سقوط الطين عند هطول الأمطار في فصل الشتاء.
نظام متكيف مع الطبيعة
من أهم ما يميز بيت القفل هو تصميمه بطريقة خاصة ومناسبة لظروف الطقس المختلفة وفي هذا الجانب يقول يوسف الشحي: «يمثل بيت القفل نوعا خاصا من العمارة يدل على مدى براعة الإنسان القديم في التأقلم مع ظروف الطقس والحياة وكيفية تطويعه الطبيعة من حوله لتناسب احتياجاته واحتياجات أسرته ويعود سبب تسمية هذا النوع من البيوت لوجود نظام قفل خاص به فهو يحوي قفلين يمكنان صاحب البيت من التحكم فيه بشكل أكبر ولحفظ البضائع بالداخل عند مغادرة صاحب البيت في فصل الصيف إلى السواحل ويتميز بيت «القفل» بأمرين: الأول أن حجارة وصخور وجدران «القفل» تكون مرصوفة بشكل متلاصق يربطها ويلحمها بعضها بالبعض الآخر «الجص» أو «الطين» وما يسمونه «طين المقطع» الذي يقوم مقام الإسمنت في البناء الحديث في سد الثغرات الموجودة بين الحجارة أما الأمر الثاني فهو أن غرفة النوم في بيت «القفل» وهي عادة غرفة واحدة رئيسية تنام فيها العائلة كلها فإنها محفورة داخل الأرض بعمق متر تقريبا، كي تساعد على حماية النائمين من البرد الشديد وعواصف الجبال والهواء البارد أيام الشتاء.
تعاون في البناء
ويؤكد يوسف الشحي على روح التعاون الأسري والقبلي الذي كان سائدا فما إن كان الشخص ينوي الزواج وبناء منزل للعائلة حتى يهب الكبير والصغير من أجل المعاونة في عملية البناء التي تمر بمراحل متعددة تتميز كل مرحلة بدقتها وتفاصيلها وتقع على عاتقهم مهمة البناء وقد يطلبون «فزعة» أي نجدة ومساعدة من أبناء الحي فإذا اجتمع هؤلاء للمساعدة سمي هذا التجمع «حشيد» أي الحشد من الأصدقاء الذين يساعدون في إتمام بناء بيت القفل.
المرحلة الأولى
وتبدأ أولى مراحل بناء بيت القفل بحفر حفرة بيت القفل على شكل مربع أو حسب رغبة مالك البيت في شكلها أو عمقها وعادة تكون شكل مستطيل بعمق متر فإذا تم هذا باشروا بحفر أساس البيت وهو الأساس الذي ستقوم عليه جدران البيت الأربعة فبيت القفل عامة مربع الشكل وتوجد في داخله دكتين يفصل بينهما مكان الجلوس وتحضير الطعام أي أن تصميم البيت مكون من دكتين مرتفعتين تتوسطهما مساحة الجلوس أي استقبال الضيوف وصنع الطعام فإذا تم تكديس الصخور التي ستبنى بها الحيطان، فحينذاك يقومون بتهيئة «الجص» الذي يصنعونه في محارق خاصة وهو المادة التي تمسك وتشد الحجارة بعضها إلى البعض الآخر أو أن يستعملوا بدلا عنه «الطين» وهو مادة طينية حمراء شديدة التماسك تصلح للبناء، وأحسنه ما يسمى «طين المقطع». فإذا وضعوا حجر الأساس ارتفعوا بالبناء بأن يضعوا حجرا جنب حجر بشكل هندسي ويملأون الثغرات بينهما بالجص أو بطين المقطع فيتماسك الحجر ويرتفع الحائط محافظين على استقامته وعدم بروز أحجار منه لئلا يميل ويسقط.
المرحلة الثانية
ونظرا لكبر حجم الأواني الفخارية التي يستخدمها سكان المناطق الجبلية لتخزين الطعام فإنه يتم البدء بوضعها في البيت قبل الشروع في بناء السقف حيث يقول يوسف الشحي: إذا ارتفعت الجدران ووصلت إلى أعلى من قامة الإنسان بدأوا بإدخال الأواني الفخارية «الخرس» الذي تحفظ به الحبوب والتمر والعسل وغيرها ثم يعمدون إلى السقف ويباشرون بتهيئة المواد التي يصنع منها ليقوموا بالتسقيف وتتكون مواد التسقيف عادة من أخشاب شجر السدر القوي ويسمونه «علبة»، وتوضع أخشاب السدر بشكل متراص على حيطان البيت لتكون المرحلة الأولى من عمل التسقيف.
فإذا تم هذا رصوا فيما بينها وشدوها بعضها بالآخر ثم جهزوا أحجارا صخرية صغيرة اسمها (الصفي) تصف ما بين (العلب) أي خشب السدر المتراص. وبعد ذلك يهيئون (الغيلة) وهي خلطة تصنع من الطين الأحمر والتبن وعيدان ورق شجر (السخبر) تخلط بالماء جيدا فتصبح كثيفة ومتماسكة وتفرش جيدا على خشب السدر والحصى الصغير الموجود بينهما حتى تسد كافة الثغرات والتشققات فإذا انتهوا من هذا العمل فرشوا ترابا بارتفاع قدم إلى قدمين فوق الغيلة فيصير السقف قويا يتحمل زخات المطر الكثيف فلا يترشح منه الماء إلى داخل البيت كما أنه يتحمل ثقل أهل البيت إن هم رغبوا بالمنام فوق سطح المنزل صيفا ويكون السقف مائلا قليلا إلى الخلف كي يتخلصوا من ماء المطر إذا تجمع فوقه وذلك ببناء (التسنيفة) وهو الحاجز الذي يحصر ماء المطر ويؤدي به إلى المرزاب لينسكب الماء إلى الخارج وتصنع التسنيفة من صف الحجارة واحدة جنب الأخرى فوق السقف وعلى مداره ويخرج جزء منها إلى الخارج ويثبت في أجزائها حجر عريض هو المرزاب الذي (ينسف) الماء أي يقذف به إلى الخارج ويسمى أقشوع القفل - فإذا تم بناء السقف انصرفوا إلى سد شقوق حيطان القفل من الداخل بالطين الأحمر المخلوط بالتبن وشعر الماعز فيسدون به الفتحات الصغيرة التي قد تظهر ويطلون به ما بين الأحجار لضمان عدم تسرب الهواء البارد أو مياه الأمطار منها.
نظام قفل خاص
ويضيف يوسف الشحي: إذا صادف أن وجد رجال البناء حجرا واحدا كبيرا له سطح مسطح، أو وجدوا حجرين كبيرين بهذا الشكل، وكان البيت صغير الحجم، تعاونوا على رفع الحجر الضخم أو الحجرين وثبتوهما على الجدران فإذا تم كل هذا وضعوا باب الدار واسمه باب (القفل) ويصنع من خشب السدر المربوط بالمسامير الحديدية القوية، والباب مكون من صفيحتين وأحيانا من صفيحة واحدة ولكل باب مفتاحان واحد اسمه (العلق) ويفتح المعلقة (القفل الداخلي للبيت) والثاني اسمه (لمفرية) وتكون أسفل الباب وتفتح بطريقة خاصة ومعقدة لا يعرفها إلا صاحب البيت أما بالنسبة لنظام التهوية والنوافذ ففيه فقط فتحة في سقف المنزل للتهوية تقع في زاوية المطبخ من غرفة الجلوس ويسمى (مصباح) أو (الفغل) يسمح بدخول النور ومنه يخرج دخان المطبخ أيضا ويسدونه عادة بأغصان نبات العنزروت ذي الأشواك التي تمنع دخول الثعابين والجرذان والحشرات إلى الداخل.
مزار سياحي
وأكد يوسف الشحي أحد المهتمين بالتاريخ أهمية الحفاظ على بيوت القفل وترميمها بحيث تصبح شاهدا على النمط المعماري الفريد خاصة كونها أصبحت في الآونة الأخيرة مزارا سياحيا للعديد من السياح الذين يبحثون عن التاريخ الحضاري القديم والشواهد الأثرية القائمة منها والدالة على تاريخ الاستيطان وطبيعة حياة أهلها. ويظل بيت القفل في جبال محافظة مسندم شاهدا على براعة الإنسان العماني وتطويعه لبيئته الجبلية الوعرة ليتكيف مع الحياة القاسية فيها ولتظل هذه البيوت اليوم تاريخا ومتحفا للأجيال يبرز نمطا معماريا خاصا وفريدا لا مثيل له على هذه الأرض.