اللحظة التي عليها أن تبني وعينا بالخطر
الاثنين / 5 / شوال / 1445 هـ - 21:50 - الاثنين 15 أبريل 2024 21:50
ما حدث يوم الأحد في ولاية المضيبي كان أمرا مفجعا جدا هز المجتمع العماني، بل إن الأمر تعدى المستوى المحلي ليكون خبرا عربيا مفجعا ومحزنا بالقدر نفسه الذي شعر به العمانيون في وطنهم. ورغم أن سلطنة عمان تتعرض بشكل مستمر لأمطار غزيرة، ولحالات مدارية مدمرة خطرة جدا تتسبب في فيضانات وسيول جارفة وفي خسائر بشرية ومادية إلا أن الأمر هذه المرة كان استثنائيا لأسباب كثيرة ليس آخرها أن العدد الأكبر من الوفيات كانوا طلاب مدارس، وكانوا، أيضا ومع الأسف الشديد، من أسرة واحدة.
ومع إيماننا بالقضاء والقدر إلا أن الطلاب العشرة الذين قضوا جراء انجراف المركبة التي كانت تقلهم كان يمكن لقدرهم أن يذهب في مسار آخر لو لم يخرجوا من المدرسة التي كانت في تلك اللحظة أكثر أمانا من مغامرة عبور الوادي الجارف في لحظة لم تكن متعلقة بمصير السائق الذي اتخذ القرار ولكن بمصائر آخرين جميعهم أطفال لا حول لهم ولا قوة.
ورغم أن هذه اللحظة هي لحظة حزن عميق على رحيل أطفال لا ذنب لهم وليست لحظة توزيع تهم، إلا أن هذه اللحظة بالذات هي لحظة حقيقة نحتاج فيها إلى الإشارة إلى المشكلة التي باتت تتفاقم مع كل يوم ممطر في سلطنة عمان.. حتى صار من النادر أن تتعرض سلطنة عمان إلى منخفض جوي أو إلى أخدود من منخفض جوي إلا وتحدث وفيات مفجعة، وكل وفاة هي فاجعة بحد ذاتها، وكل موت مؤلم.
وبعيدا عن حادثة الأحد وإن كان لا بدّ أن ننطلق منها لأننا جميعا لا نزال نعيش في حزنها فإن كل حالات الوفاة التي تحدث خلال المنخفضات الجوية يكون سببها الأساسي هو غياب المسؤولية وسوء التقدير والاستهتار؛ فلم يُجرف أحد من بيته أو من مكتبه أو من السوق ولكن تُجرف سيارات المغامرين بأرواحهم وأرواح غيرهم عندما يعتقدون أنهم أقوى من الأودية الجارفة، وأكثر خبرة من غيرهم أو أنهم يمتلكون سيارات قادرة على أن تعبر بهم إلى الضفة المقابلة. ورغم أن هذا الأمر يتكرر في كل منخفض جوي ونرى كيف تجرف الأودية السيارات الكبيرة وكيف تتقطع السبل بالناس وكيف أن الكارثة والفجيعة هي نهاية أغلب هذه المغامرات إلا أن الناس لا يقتنعون بخطر الفكرة من أساسها ويعتقد الكثيرون، مع الأسف الشديد، أن الخلل ليس في الفكرة من أساسها وإنما في التجربة الفردية لها! ومع أن الوفيات السابقة كانت مفجعة، أيضا، وكان لا بد أن تساهم في تشكيل وعي مجتمعي أن فكرة عبور الأودية من أساسها مغامرة تنتهي بفاجعة لكن هذا الوعي لم يتشكل لأن كل واحد يعتقد أنه يستطيع تشكيل تجربته الشخصية الناجحة.
ولعل هذه الفاجعة الأخيرة بما شكلته من مساحة ألم في نفوس الجميع أن تنجح في بناء وعي جمعي يفوق ما يمكن أن تصنعه القوانين الرادعة لمثل هذه المغامرات.
كما أن هناك نقطة مهمة لا بد أن نشير إليها لما لها من أهمية، أن المجتمع في عمان وفي كل مكان يقع في بعض الأحيان تحت تأثير دعوات تتحول من الفردية إلى الجماعية وتلقى بعض التبني في الخطاب المجتمعي وتتأثر بها الجهات المنوط بها اتخاذ القرارات. وحدث هذا في الأمطار الماضية حينما أعُلن عن تعليق الدراسة في أغلب المحافظات، ونادى الكثيرون بأن تعليق الدراسة حضوريا في المدارس ما هو إلا ترف وتخبط وأن الدراسة لا يجب أن تعلق وأن كل ولي أمر عليه أن يقدر حجم الخطر بنفسه!
صحيح أن كل ولي أمر عليه أن يقدر الخطر الماثل أمامه ولكن الجهات المعنية عندما تقرر تعليق الدراسة أو تعليق الدوام في المؤسسات الحكومية لا تفعل ذلك بمزاجية وإنما تتحرك وفق معطيات أمامها، وتعليق الدراسة يوم أفضل من تنفيذ عملية إخلاء لأي مدرسة أو حافلة مدرسية. وهنا تتكشف أن الكثير من الآراء في وسائل التواصل الاجتماعي وإن وجدت صدى فهي غير مبنية على أسس علمية أو على تراكم معرفي وتجارب سابقة.. بل إنها تتحول في الكثير من الحالات إلى عملية تضليل تكون نتيجته في النهاية ذهاب أرواح بريئة لا ذنب لها أبدا.
ومع إيماننا بالقضاء والقدر إلا أن الطلاب العشرة الذين قضوا جراء انجراف المركبة التي كانت تقلهم كان يمكن لقدرهم أن يذهب في مسار آخر لو لم يخرجوا من المدرسة التي كانت في تلك اللحظة أكثر أمانا من مغامرة عبور الوادي الجارف في لحظة لم تكن متعلقة بمصير السائق الذي اتخذ القرار ولكن بمصائر آخرين جميعهم أطفال لا حول لهم ولا قوة.
ورغم أن هذه اللحظة هي لحظة حزن عميق على رحيل أطفال لا ذنب لهم وليست لحظة توزيع تهم، إلا أن هذه اللحظة بالذات هي لحظة حقيقة نحتاج فيها إلى الإشارة إلى المشكلة التي باتت تتفاقم مع كل يوم ممطر في سلطنة عمان.. حتى صار من النادر أن تتعرض سلطنة عمان إلى منخفض جوي أو إلى أخدود من منخفض جوي إلا وتحدث وفيات مفجعة، وكل وفاة هي فاجعة بحد ذاتها، وكل موت مؤلم.
وبعيدا عن حادثة الأحد وإن كان لا بدّ أن ننطلق منها لأننا جميعا لا نزال نعيش في حزنها فإن كل حالات الوفاة التي تحدث خلال المنخفضات الجوية يكون سببها الأساسي هو غياب المسؤولية وسوء التقدير والاستهتار؛ فلم يُجرف أحد من بيته أو من مكتبه أو من السوق ولكن تُجرف سيارات المغامرين بأرواحهم وأرواح غيرهم عندما يعتقدون أنهم أقوى من الأودية الجارفة، وأكثر خبرة من غيرهم أو أنهم يمتلكون سيارات قادرة على أن تعبر بهم إلى الضفة المقابلة. ورغم أن هذا الأمر يتكرر في كل منخفض جوي ونرى كيف تجرف الأودية السيارات الكبيرة وكيف تتقطع السبل بالناس وكيف أن الكارثة والفجيعة هي نهاية أغلب هذه المغامرات إلا أن الناس لا يقتنعون بخطر الفكرة من أساسها ويعتقد الكثيرون، مع الأسف الشديد، أن الخلل ليس في الفكرة من أساسها وإنما في التجربة الفردية لها! ومع أن الوفيات السابقة كانت مفجعة، أيضا، وكان لا بد أن تساهم في تشكيل وعي مجتمعي أن فكرة عبور الأودية من أساسها مغامرة تنتهي بفاجعة لكن هذا الوعي لم يتشكل لأن كل واحد يعتقد أنه يستطيع تشكيل تجربته الشخصية الناجحة.
ولعل هذه الفاجعة الأخيرة بما شكلته من مساحة ألم في نفوس الجميع أن تنجح في بناء وعي جمعي يفوق ما يمكن أن تصنعه القوانين الرادعة لمثل هذه المغامرات.
كما أن هناك نقطة مهمة لا بد أن نشير إليها لما لها من أهمية، أن المجتمع في عمان وفي كل مكان يقع في بعض الأحيان تحت تأثير دعوات تتحول من الفردية إلى الجماعية وتلقى بعض التبني في الخطاب المجتمعي وتتأثر بها الجهات المنوط بها اتخاذ القرارات. وحدث هذا في الأمطار الماضية حينما أعُلن عن تعليق الدراسة في أغلب المحافظات، ونادى الكثيرون بأن تعليق الدراسة حضوريا في المدارس ما هو إلا ترف وتخبط وأن الدراسة لا يجب أن تعلق وأن كل ولي أمر عليه أن يقدر حجم الخطر بنفسه!
صحيح أن كل ولي أمر عليه أن يقدر الخطر الماثل أمامه ولكن الجهات المعنية عندما تقرر تعليق الدراسة أو تعليق الدوام في المؤسسات الحكومية لا تفعل ذلك بمزاجية وإنما تتحرك وفق معطيات أمامها، وتعليق الدراسة يوم أفضل من تنفيذ عملية إخلاء لأي مدرسة أو حافلة مدرسية. وهنا تتكشف أن الكثير من الآراء في وسائل التواصل الاجتماعي وإن وجدت صدى فهي غير مبنية على أسس علمية أو على تراكم معرفي وتجارب سابقة.. بل إنها تتحول في الكثير من الحالات إلى عملية تضليل تكون نتيجته في النهاية ذهاب أرواح بريئة لا ذنب لها أبدا.