فتاوى يجيب عنها فضيلة الشيخ د.كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
الاحد / 27 / رمضان / 1445 هـ - 21:31 - الاحد 7 أبريل 2024 21:31
- السائل يقول عندما تأملت تأويل سيدنا يوسف عليه السلام لرؤيا الملك وجدت أن سيدنا يوسف عليه السلام أوَّلَ السبع البقرات السمان بالسبع السنوات الخصبة وأوَّلَ السبع البقرات العجاف بالسبع السنوات العجاف لكنني لم أجد إشارة من رؤيا الملك للآية الكريمة «ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ» بمعنى آخر أن هذه الآية الكريمة لم أجد لها إشارة في رؤية الملك، السؤال هل هناك إشارة موجودة في رؤيا الملك لهذه الآية ولم أنتبه لها؟
إن ما ذكره الأخ السائل صحيح وفي محله، ففي هذا الجزء الذي ورد على لسان يوسف عليه السلام مخاطبا به من سأله عن تعبير ما رآه الملك «ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ» ليس في رؤيا الملك ما يقابله، وهذا باتفاق المفسرين، ثم ذهب جمهور أهل التفسير إلى أن هذه الزيادة التي وردت على لسانه يوسف عليه السلام كانت زيادة بوحي وإلهام من الله تبارك وتعالى ليوسف عليه السلام، فأراد أن يتبع تعبيره أو تأويله للرؤيا بتبشيرهم بما يكون عليه الحال بعد السبع العجاف، فكان ما أخبرهم به وحيا وإلهاما من عند الله تبارك وتعالى، ومن المفسرين ومنهم العلامة ابن عاشور في التحرير والتنوير من رأى بأن ذلك كان من لوازم نهاية سني الجدب والمحل فإن رؤيا الملك كان تأويلها بأن السبع العجاف والسنبلات السبع اليابسات هي سنوات الجدب والمحل والشدة فهي سبع سنوات، وهذا يعني أن نهاية الجدب من لازمه أن يكون بالغيث والخصب، فبشرهم يوسف عليه السلام بلازم نهاية الجدب، وهذا قول حسن أيضا.
وعلى المعهود في نواميس الله تبارك وتعالى أن يعقب الشدة رخاء وأن يأتي بعد الجدب غيث وخصب فإن يوسف عليه السلام قد بشرهم بذلك وقد كانت رؤيا الملك أن سنوات الجدب والشدة تكون سبعا وهذا ما يعنيه بطبيعة الحال، وهذا ما يعبر عنه الأصوليون وعلماء التفسير في هذا السياق باللازم أن من لوازم ذلك أن يرتفع هذا الجدب عنهم ولا يرتفع إلا بنزول الغيث وأن يكون خصبا عاما شاملا فبشرهم به يوسف عليه السلام أي لم يكن ذلك بوحي وإلهام وإنما كان من التعبير نفسه من تأويل الرؤيا نفسها. والله تعالى أعلم.
- عندما يجد الإنسان في مناماته أمثال هذه الرموز التي يتوخى أنها تعني شيئا معينا، هل هو مطالب أن يبحث عن تأويلها حتى يستبين ماذا وراءها من المعاني التي يريدها الله تعالى له، وكيف يفرق بينها وبين ما ينهى عنه من البحث عن تفسير الأحلام المزعجة؟
ما يراه النائم كما يقول أهل العلم إما أن يكون أثرًا لما يشتغل به خاطره وما يعمل فيه فكره، فيكون مهموما بأمر ما ويكون عقله مشغولا به فيرى في منامه ما يتصل بما كان عقله مشغولا به وبما كانت نفسه متعلقة به، وهذا هو غير ما يتحدث عنه من يتحدث عن الرؤى فإن الرؤى قد تكون مبشرة حاملة لمعاني خير لرائيها أو لغيره، وقد يكون فيها ما يزعج، لكنها لا علاقة لها باشتغال العقل والخاطر بالتدبر والتفكر في أمر ما، فتأتي هكذا اتفاقًا، تأتي دون مقدمات كما يقال، وهذه تنقسم إلى نوعين، فيها ما يستبشر به الإنسان فيما يرى كرؤية الأنبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام ورؤيا العلماء والصالحين والأولياء أو رؤيا مبشرات من حوادث خير تحصل للناس فهذه مبشرات، وقد يرى ما يزعجه، فقد أرشد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه رضوان الله تعالى عليهم أي ما يكرهه ويزعجه ويقلق مضجعه، أن يعمد إلى أن ينفث عن يساره ثلاثًا وأن يستعذ بالله من شر ما رأى قال: فليتفل عن يساره ثلاثًا، وليقل اللهم إني أعوذ بك من شر ما رأيت ثم قال فإنها لن تضره بإذن الله، ولذلك كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن شَكَوا إليه عليه الصلاة والسلام فأرشدهم إلى هذا الذكر قالوا: فكان الواحد منا يرى الرؤيا كالجبل ثم بعد هذا الذكر لم تكن تؤثر فيه. أما ما يرى من خير وبشارات أو ما يرى مما هو غير ذلك فلا مانع شرعًا من السؤال عن تعبيره وكذلك إذا كان هناك من هو محب له سيدعو له بالخير فلا مانع من إخباره والرؤى تتفاوت أي لا يلزم في من رأى سبع بقرات أن يكون تعبيرها بسبع سنوات، فإذا كانت سمانًا كانت سنوات خصب وإذا كانت عجافًا فهي سنوات جفاف وشدة، لا يلزم، لأنها بحسب الرائي وبحسب البيئة، وهذا علم كما تقدم في جواب سابق والتفاصيل والفروع فيه كما يقول أهل الاختصاص ذات أهمية، في التعرف على التعبير لكن لا يمكن أن يخوض في التأويل والتعبير الجاهل الذي لا دراية له ولا علم عنده وإلا فإنه يكون داخلا في وعيد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: «من أفتى مسألة أو فسَّر رؤيا بغير علم كان كمن وقع من السماء إلى الأرض فصادف بئرًا لا قعر لها ولو أنه أصاب الحق» ففي المسألة وعيد شديد، لكن أن يتطلب تعبير رؤياه مع ذكر التفاصيل فهذا هو الأصل عند أهل الاختصاص، وإن لم يجد أهل اختصاص فليدعُ ربه تبارك وتعالى أن يجعل ما رآه رؤيا خير وأن تكون مجلبة للخير دافعة عن كل ضير وأن يكتب الله تبارك وتعالى له من
ورائها البشرى والخير، والله تعالى أعلم.
إن ما ذكره الأخ السائل صحيح وفي محله، ففي هذا الجزء الذي ورد على لسان يوسف عليه السلام مخاطبا به من سأله عن تعبير ما رآه الملك «ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ» ليس في رؤيا الملك ما يقابله، وهذا باتفاق المفسرين، ثم ذهب جمهور أهل التفسير إلى أن هذه الزيادة التي وردت على لسانه يوسف عليه السلام كانت زيادة بوحي وإلهام من الله تبارك وتعالى ليوسف عليه السلام، فأراد أن يتبع تعبيره أو تأويله للرؤيا بتبشيرهم بما يكون عليه الحال بعد السبع العجاف، فكان ما أخبرهم به وحيا وإلهاما من عند الله تبارك وتعالى، ومن المفسرين ومنهم العلامة ابن عاشور في التحرير والتنوير من رأى بأن ذلك كان من لوازم نهاية سني الجدب والمحل فإن رؤيا الملك كان تأويلها بأن السبع العجاف والسنبلات السبع اليابسات هي سنوات الجدب والمحل والشدة فهي سبع سنوات، وهذا يعني أن نهاية الجدب من لازمه أن يكون بالغيث والخصب، فبشرهم يوسف عليه السلام بلازم نهاية الجدب، وهذا قول حسن أيضا.
وعلى المعهود في نواميس الله تبارك وتعالى أن يعقب الشدة رخاء وأن يأتي بعد الجدب غيث وخصب فإن يوسف عليه السلام قد بشرهم بذلك وقد كانت رؤيا الملك أن سنوات الجدب والشدة تكون سبعا وهذا ما يعنيه بطبيعة الحال، وهذا ما يعبر عنه الأصوليون وعلماء التفسير في هذا السياق باللازم أن من لوازم ذلك أن يرتفع هذا الجدب عنهم ولا يرتفع إلا بنزول الغيث وأن يكون خصبا عاما شاملا فبشرهم به يوسف عليه السلام أي لم يكن ذلك بوحي وإلهام وإنما كان من التعبير نفسه من تأويل الرؤيا نفسها. والله تعالى أعلم.
- عندما يجد الإنسان في مناماته أمثال هذه الرموز التي يتوخى أنها تعني شيئا معينا، هل هو مطالب أن يبحث عن تأويلها حتى يستبين ماذا وراءها من المعاني التي يريدها الله تعالى له، وكيف يفرق بينها وبين ما ينهى عنه من البحث عن تفسير الأحلام المزعجة؟
ما يراه النائم كما يقول أهل العلم إما أن يكون أثرًا لما يشتغل به خاطره وما يعمل فيه فكره، فيكون مهموما بأمر ما ويكون عقله مشغولا به فيرى في منامه ما يتصل بما كان عقله مشغولا به وبما كانت نفسه متعلقة به، وهذا هو غير ما يتحدث عنه من يتحدث عن الرؤى فإن الرؤى قد تكون مبشرة حاملة لمعاني خير لرائيها أو لغيره، وقد يكون فيها ما يزعج، لكنها لا علاقة لها باشتغال العقل والخاطر بالتدبر والتفكر في أمر ما، فتأتي هكذا اتفاقًا، تأتي دون مقدمات كما يقال، وهذه تنقسم إلى نوعين، فيها ما يستبشر به الإنسان فيما يرى كرؤية الأنبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام ورؤيا العلماء والصالحين والأولياء أو رؤيا مبشرات من حوادث خير تحصل للناس فهذه مبشرات، وقد يرى ما يزعجه، فقد أرشد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه رضوان الله تعالى عليهم أي ما يكرهه ويزعجه ويقلق مضجعه، أن يعمد إلى أن ينفث عن يساره ثلاثًا وأن يستعذ بالله من شر ما رأى قال: فليتفل عن يساره ثلاثًا، وليقل اللهم إني أعوذ بك من شر ما رأيت ثم قال فإنها لن تضره بإذن الله، ولذلك كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن شَكَوا إليه عليه الصلاة والسلام فأرشدهم إلى هذا الذكر قالوا: فكان الواحد منا يرى الرؤيا كالجبل ثم بعد هذا الذكر لم تكن تؤثر فيه. أما ما يرى من خير وبشارات أو ما يرى مما هو غير ذلك فلا مانع شرعًا من السؤال عن تعبيره وكذلك إذا كان هناك من هو محب له سيدعو له بالخير فلا مانع من إخباره والرؤى تتفاوت أي لا يلزم في من رأى سبع بقرات أن يكون تعبيرها بسبع سنوات، فإذا كانت سمانًا كانت سنوات خصب وإذا كانت عجافًا فهي سنوات جفاف وشدة، لا يلزم، لأنها بحسب الرائي وبحسب البيئة، وهذا علم كما تقدم في جواب سابق والتفاصيل والفروع فيه كما يقول أهل الاختصاص ذات أهمية، في التعرف على التعبير لكن لا يمكن أن يخوض في التأويل والتعبير الجاهل الذي لا دراية له ولا علم عنده وإلا فإنه يكون داخلا في وعيد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم: «من أفتى مسألة أو فسَّر رؤيا بغير علم كان كمن وقع من السماء إلى الأرض فصادف بئرًا لا قعر لها ولو أنه أصاب الحق» ففي المسألة وعيد شديد، لكن أن يتطلب تعبير رؤياه مع ذكر التفاصيل فهذا هو الأصل عند أهل الاختصاص، وإن لم يجد أهل اختصاص فليدعُ ربه تبارك وتعالى أن يجعل ما رآه رؤيا خير وأن تكون مجلبة للخير دافعة عن كل ضير وأن يكتب الله تبارك وتعالى له من
ورائها البشرى والخير، والله تعالى أعلم.