رأي عُمان

النفط يرتفع.. ولكن الحكمة في التنوع

 
رغم أن العالم ودّع الشتاء متّجهًا إلى الصيف أو الربيع في الكثير من بلدان العالم فإن أسعار النفط آخذة في الصعود لأسباب عالمية كثيرة من بينها الصراعات السياسية والتجارية، وبيانات حول نمو الاقتصاد الصيني، إضافة إلى تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية، وكذلك حرب إسرائيل على قطاع غزة وما صاحب ذلك من اضطرابات كبيرة في حركة الملاحة في البحر الأحمر.

وتجاوز سعر نفط عمان أمس حاجز الـ87 دولارا وهو سعر مُرضٍ قياسا بالسعر الاحترازي الذي رُسمت عليه ميزانية العام الجاري. لكن أسعار النفط لا يمكن الوثوق بها كثيرا في ظل التفاعلات المعقدة للأحداث الجيوسياسية والسياسات الاقتصادية والتقدم التكنولوجي، وكلها عوامل تؤثر في أسعار النفط وبالتالي في مسارات الاقتصاد العالمي وتشكّل مصدر قلق دائم للاقتصادات في جميع أنحاء العالم. وإذا ما أضفنا السياسات التي انتهجتها مجموعة «أوبك بلس» للحفاظ على استقرار أسعار النفط بعد سنوات من الهبوط الكبير للأسعار في النصف الثاني من العقد الماضي وما تلا ذلك من تأثير جائحة فيروس كورونا فإن أسعار النفط لا يمكن الوثوق بها أو الاطمئنان على مسار صعودها هذا؛ فهي متأثرة على الدوام بكل ما يدور في العالم.

ومن المنتظر أن تتأثر أسعار النفط بمسار الانتخابات الأمريكية في نوفمبر القادم خاصة إذا ما عاد للمشهد السياسي الرئيس ترامب الذي شغلته أسعار النفط كثيرا خلال رئاسته الأولى ولا يمكن تجاهل تأثيره في هبوط الأسعار عام 2014.

وإذا كانت سياسات «أوبك بلس» الجديدة واقعيةً وتخدم جميع الأطراف سواء الدول المنتجة أو الدول المستوردة، وصمودها على النحو الحالي من شأنه أن يحفظ مصالح الدول المنتجة ويحفظ بقاء الأسعار في الحدود العادلة للجميع فإن الخيار الأكثر أمانا دائما هو خيار البدائل الذي يجعل الدول المنتجة، بما في ذلك سلطنة عمان، في مأمن من تقلبات الأسعار خاصة في شقها السياسي.

وخلال السنوات الخمس الماضية استطاعت سلطنة عمان العمل بشكل جاد من أجل تنويع مصادر الدخل والتحوط من أي متغيرات سياسية أو اقتصادية من شأنها أن تزلزل الأسعار، ونستطيع عبر فهم الحركة الإصلاحية الكبرى التي تجري في سلطنة عمان في مجال فتح مسارات الاستثمار الخارجي والدخول في شراكات استثمارية كبيرة في مجال الطاقة النظيفة أن نفهم أن توجهات السلطنة للخروج من إطار الاعتماد الوحيد على النفط إلى تنويع مسارات الدخل الوطني.