بتحديه لجو بايدن.. نتانياهو يفضح حدود القوة الأمريكية
الاحد / 13 / رمضان / 1445 هـ - 22:58 - الاحد 24 مارس 2024 22:58
ترجمة: أحمد شافعي -
تزداد صور غزة رعبا مع مرور كل يوم. فبعد شهور من مشاهدة المدنيين وهم يبكون أحباءهم القتلى بسبب القنابل، نرى الآن الأطفال لا يجدون ما يقتاتون به، فهم ضحايا لما أجمعت وكالات الغوث والخبراء على تسميته بالمجاعة الوشيكة «الناجمة عن صنع الإنسان». والأهم في هذه الصور هو تصويرها الرعب المستمر المفروض على شعب غزة. لكنها تكشف أيضا شيئا يمكن أن يكون ذا تداعيات دائمة على الإسرائيليين والفلسطينيين وعلى الأمريكيين وعلى العالم كله. لأن ما تظهره، بل وما تروجه في واقع الأمر، هو ضعف رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
ذلك أن جو بايدن ومساعديه يحثون إسرائيل على زيادة تدفق المساعدات الغذائية إلى غزة منذ شهور، وبلغة متزايدة الإصرار. وفي هذا الأسبوع أشار وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن إلى ما توصلت إليه وكالة مدعومة من الأمم المتحدة من أن خطر الجوع يواجه الآن «100% من أهل غزة» مضيفا أن هذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها عن هذه الجهة تحذير كهذا. وفي وقت سابق من الشهر الجاري قالت نائبة الرئيس كمالا هاريس لإسرائيل إن عليها أن تفعل كل ما من شأنه إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة فـ«ما من أعذار». فها هي إدارة بايدن كلها تقرع الطاولة مطالبة إسرائيل بالعمل.
قبل أسبوع بدا أن لذلك تأثيرا. فقد أعلن الجيش الإسرائيلي عما وصف بـ«تحول دراماتيكي» إذ وعد بأنه سوف «يغرق» غزة بإمدادات الغذاء. ولكن بشائر ذلك عزيزة للغاية. فقد افتتح معبر إضافي، هو المعروف بالبوابة السادسة والتسعين، متيحا دخول قدر إضافي قليل من الشاحنات، لكن ذلك لا يبلغ المقدار الواجب لتفادي الكارثة، أو تخفيف الكارثة الجارية بالفعل. وبرغم كل الحديث عن التحول لم تزل ثمة «سلسلة من الإعاقات والعراقيل والمحاذير... على الشاحنات حاملة الأساسيات اللازمة من المعونات الإنسانية» بحسب ما قال هذا الأسبوع ديفيد ميليباند من اللجنة الدولية للإنقاذ. فضلا عن إشارته إلى أن منع إسرائيل للمواد «مزدوجة الاستعمال» ـ أي التي يمكن أن تستعمل استعمال السلاح إذا ما وقعت في أيدي حماس ـ يعني أن محض إدراج مقص للاستعمال الطبي قد يؤدي إلى رد شاحنة كاملة محملة بالمساعدات.
وأكرر فأقول إن ضحايا هذا يبلغون 2.2 مليون من أهل غزة لا يعرفون من أين ستأتيهم وجبتهم التالية. وهذه تمثل مشكلة، بل مشكلات، جسيمة لبايدن أيضا. أوضحها على الإطلاق أنه في سنة إعادة الانتخاب، ويسعى إلى إعادة جمع تحالفه الذي كفل له الانتصار في 2020. وإذ ذاك كانت الفئة الانتخابية الحاسمة هي الشباب إذ فضَّل من كانوا دون الثلاثين بايدن على ترامب بخمس وعشرين نقطة. والآن تتقارب المنافسة أشد التقارب ومن المؤكد أن عوامل عديدة تفسر هذا التحول، لكن من بينها غضب الأمريكيين الشبان من محنة غزة.
ويتجلى خطر إعادة الانتخاب على أشد نحو في معركة ولاية ميشيجن التي يسكنها مئتا ألف أمريكي عربي يشعرون بفزع مماثل وكثير منهم قاطعون في أنهم لن يصوتوا لبايدن ولو كان في هذا مخاطرة برجوع ترامب، بكل ما يعنيه ذلك للولايات المتحدة وللعالم. وذلك الرقم يتجاوز الحد اللازم لتحويل الولاية من ديمقراطية إلى جمهورية في نوفمبر. «فلو أقيمت الانتخابات غدا، أعتقد أن بايدن سوف يخسر ميشيجن» حسبما قال لي المخطط الاستراتيجي الجمهوري المخضرم مايك ميرفي في برنامج (أنهولي) هذا الأسبوع «وهذه مشكلة ملحة» لبايدن.
من شأن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في هذا السياق أن يمثّل صداعا لأي رئيس ديمقراطي، لكن عزم إسرائيل على تحدي أقوى حلفائها يمثل ضغطا خاصا على بايدن. فمن ناحية يفترض بالجانب الإيجابي في عمره الكبير أن يتمثل في خبرته بالشؤون الخارجية وبخاصة علاقاته الشخصية بزملائه من زعماء العالم. وإذا كان يحلو له القول إنه عرف كل رئيس لوزراء إسرائيل منذ جولدا مائير وإنه تعامل مع نتانياهو منذ عقود فإن منتقديه يقولون ساخرين «لقد عاد عليك هذا بنفع عظيم!»
وهذا هو لب المسألة. فعلى مدار أغلب تاريخ إسرائيل، كان من المسلمات أن اعتراضا واضحا من رئيس أمريكي كافٍ ليغير رئيس وزراء إسرائيلي مساره. فهزة من رأس دوايت أيزنهاور أنهت حرب السويس سنة 1956، ومكالمة هاتفية من رونالد ريجان أنهت قصف إسرائيل لغرب بيروت سنة 1982، وفي عام 1991 دفع جورج دبليو بوش رئيس الوزراء الليكودي الممانع إلى حضور مؤتمر مدريد للسلام بحجبه ضمانات قروض بعشرة مليارات دولارات.
ولقد أعرب بايدن مرارا عن سخطه، ولم يزل نتانياهو لا يتزحزح. فيبدي هذا الولايات المتحدة ضعيفة وهذا وضع قاتل لبايدن بصفة خاصة. لقد قال لي ديفيد أكسلرود كبير مستشاري باراك أوباما سابقا في برنامج أنهولي إن «الحملة الجمهورية كلها تقوم على أن العالم خارج عن السيطرة وأن بايدن لم يعد يتولى القيادة» وأضاف «هذه هي حجتهم الأساسية، وهم يستعملون السن كناية عن الضعف». ويقول أكسلرود إنه كلما بدا أن نتانياهو «يستهين» ببايدن، ازدادت الأمور سوءا.
يشير كثير من المحللين الإسرائيليين إلى أن المظاهر خداعة. ففي رأيهم أن نتانياهو يغالي كثيرا في استعراض أنه لا يبالي ببايدن، لأنه في حملة انتخابية غير معلنة وتحديه لواشنطن له صدى جيد لدى قاعدته، لكنه في الواقع أطوع مما يبدو. بموجب هذه القراءة، فإن حديث نتانياهو عن عملية برية في رفح ـ حيث يتكدس قرابة مليون ونصف المليون من الفلسطينيين أغلبهم ممن هربوا من القصف الإسرائيلي ـ ما هو إلا محض حديث. نعم، يحلو لرئيس الوزراء الإسرائيلي التهديد بغزو رفح، للضغط على حماس، ولنيل ورقة ضغط على الأمريكيين، ولكنه لا يكاد يتصرف تصرفات الملتزم بعمل ذلك. ويشير عاموس هاريل ـ محلل الشؤون العسكرية المرموق في صحيفة هاآرتس ـ إلا أنه لا يوجد غير ثلاثة ألوية ونصف في غزة حاليا، مقارنة بثمانية وعشرين في ذروة الأعمال العدائية. وقال لي إن «نتانياهو يخوض حملة انتخابية، وفي الوقت الراهن على الأقل ليست رفح إلا شعارا».
فلنرجُ أن يكون هذا صحيحا، وأن تكون عملية رفح دعاية لا حقيقة. ولكن ذلك لا يعالج مماطلة إسرائيل في مسألة المساعدات التي لا يبدو نتانياهو في عجلة من أمره لإنهائها، وذلك جزئيا لأن شركاء ائتلافه الوطنيين المتطرفين يعتقدون أن إرسال الغذاء إلى غزة يعادل تقديم المساعدة للعدو حماس.
وهو ما يضع بايدن أمام خيارين. النتيجة المفضلة له هي حدوث فتح كبير في محادثات قطر من شأنه أن يفضي إلى إطلاق سراح بعض الرهائن الذين أسرتهم حماس في السابع من أكتوبر وإيقاف القتال بما يسمح بتدفق المساعدات. لكن نتانياهو يخشى من الإيقاف لأن من شأنه أن يعجّل بالنظر في دوره في تعرية جنوب إسرائيل قبل ستة أشهر لحماس، سواء جاء هذا النظر في دوره من خلال الناخبين أو من خلال لجنة تحقيق. وهو يفضل أن يلعب بعامل الزمن، والمثالي له أن يستمر ذلك حتى نوفمبر، إذ يرجو نتانياهو حينها أن يودع بايدن ويرحب برجوع ترامب.
والبديل لبايدن أصعب. ففي الشهر الماضي، أصدر بروتوكولا جديدا، يطالب البلاد التي تتلقى أسلحة أمريكية أن تؤكد كتابة أنها تخضع للقانون الدولي، ويشمل ذلك ما يتعلق بالمساعدات الدولية. وإذا لم تصدق الولايات المتحدة على هذا الإعلان، فجميع صفقات السلاح تتوقف على الفور. وفي حالة إسرائيل، فإن الموعد النهائي للتصديق هو يوم الأحد.
لا يريد جو بايدن أن يكون هو الرجل الذي أوقف تسليح إسرائيل، وليس أقل أسباب ذلك أن من شأنه أن يترك البلد ضعيفا أمام ترسانة حزب الله الهائلة على الجانب الآخر من الحدود الشمالية مع لبنان. وإدارته منقسمة في هذه الخطوة ولعله هو الآخر يعدها أكثر مما ينبغي. ولكنه يريد حقا أن يرى الغذاء يتدفق على غزة، فورا. وقد حاول أن يطلب ذلك من نتانياهو بلطف. وهو الآن بحاجة إلى أن ينحو إلى الشدة.
جوناثان فريدلاند من كتاب أعمدة الرأي في جارديان
تزداد صور غزة رعبا مع مرور كل يوم. فبعد شهور من مشاهدة المدنيين وهم يبكون أحباءهم القتلى بسبب القنابل، نرى الآن الأطفال لا يجدون ما يقتاتون به، فهم ضحايا لما أجمعت وكالات الغوث والخبراء على تسميته بالمجاعة الوشيكة «الناجمة عن صنع الإنسان». والأهم في هذه الصور هو تصويرها الرعب المستمر المفروض على شعب غزة. لكنها تكشف أيضا شيئا يمكن أن يكون ذا تداعيات دائمة على الإسرائيليين والفلسطينيين وعلى الأمريكيين وعلى العالم كله. لأن ما تظهره، بل وما تروجه في واقع الأمر، هو ضعف رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
ذلك أن جو بايدن ومساعديه يحثون إسرائيل على زيادة تدفق المساعدات الغذائية إلى غزة منذ شهور، وبلغة متزايدة الإصرار. وفي هذا الأسبوع أشار وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن إلى ما توصلت إليه وكالة مدعومة من الأمم المتحدة من أن خطر الجوع يواجه الآن «100% من أهل غزة» مضيفا أن هذه هي المرة الأولى التي يصدر فيها عن هذه الجهة تحذير كهذا. وفي وقت سابق من الشهر الجاري قالت نائبة الرئيس كمالا هاريس لإسرائيل إن عليها أن تفعل كل ما من شأنه إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة فـ«ما من أعذار». فها هي إدارة بايدن كلها تقرع الطاولة مطالبة إسرائيل بالعمل.
قبل أسبوع بدا أن لذلك تأثيرا. فقد أعلن الجيش الإسرائيلي عما وصف بـ«تحول دراماتيكي» إذ وعد بأنه سوف «يغرق» غزة بإمدادات الغذاء. ولكن بشائر ذلك عزيزة للغاية. فقد افتتح معبر إضافي، هو المعروف بالبوابة السادسة والتسعين، متيحا دخول قدر إضافي قليل من الشاحنات، لكن ذلك لا يبلغ المقدار الواجب لتفادي الكارثة، أو تخفيف الكارثة الجارية بالفعل. وبرغم كل الحديث عن التحول لم تزل ثمة «سلسلة من الإعاقات والعراقيل والمحاذير... على الشاحنات حاملة الأساسيات اللازمة من المعونات الإنسانية» بحسب ما قال هذا الأسبوع ديفيد ميليباند من اللجنة الدولية للإنقاذ. فضلا عن إشارته إلى أن منع إسرائيل للمواد «مزدوجة الاستعمال» ـ أي التي يمكن أن تستعمل استعمال السلاح إذا ما وقعت في أيدي حماس ـ يعني أن محض إدراج مقص للاستعمال الطبي قد يؤدي إلى رد شاحنة كاملة محملة بالمساعدات.
وأكرر فأقول إن ضحايا هذا يبلغون 2.2 مليون من أهل غزة لا يعرفون من أين ستأتيهم وجبتهم التالية. وهذه تمثل مشكلة، بل مشكلات، جسيمة لبايدن أيضا. أوضحها على الإطلاق أنه في سنة إعادة الانتخاب، ويسعى إلى إعادة جمع تحالفه الذي كفل له الانتصار في 2020. وإذ ذاك كانت الفئة الانتخابية الحاسمة هي الشباب إذ فضَّل من كانوا دون الثلاثين بايدن على ترامب بخمس وعشرين نقطة. والآن تتقارب المنافسة أشد التقارب ومن المؤكد أن عوامل عديدة تفسر هذا التحول، لكن من بينها غضب الأمريكيين الشبان من محنة غزة.
ويتجلى خطر إعادة الانتخاب على أشد نحو في معركة ولاية ميشيجن التي يسكنها مئتا ألف أمريكي عربي يشعرون بفزع مماثل وكثير منهم قاطعون في أنهم لن يصوتوا لبايدن ولو كان في هذا مخاطرة برجوع ترامب، بكل ما يعنيه ذلك للولايات المتحدة وللعالم. وذلك الرقم يتجاوز الحد اللازم لتحويل الولاية من ديمقراطية إلى جمهورية في نوفمبر. «فلو أقيمت الانتخابات غدا، أعتقد أن بايدن سوف يخسر ميشيجن» حسبما قال لي المخطط الاستراتيجي الجمهوري المخضرم مايك ميرفي في برنامج (أنهولي) هذا الأسبوع «وهذه مشكلة ملحة» لبايدن.
من شأن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في هذا السياق أن يمثّل صداعا لأي رئيس ديمقراطي، لكن عزم إسرائيل على تحدي أقوى حلفائها يمثل ضغطا خاصا على بايدن. فمن ناحية يفترض بالجانب الإيجابي في عمره الكبير أن يتمثل في خبرته بالشؤون الخارجية وبخاصة علاقاته الشخصية بزملائه من زعماء العالم. وإذا كان يحلو له القول إنه عرف كل رئيس لوزراء إسرائيل منذ جولدا مائير وإنه تعامل مع نتانياهو منذ عقود فإن منتقديه يقولون ساخرين «لقد عاد عليك هذا بنفع عظيم!»
وهذا هو لب المسألة. فعلى مدار أغلب تاريخ إسرائيل، كان من المسلمات أن اعتراضا واضحا من رئيس أمريكي كافٍ ليغير رئيس وزراء إسرائيلي مساره. فهزة من رأس دوايت أيزنهاور أنهت حرب السويس سنة 1956، ومكالمة هاتفية من رونالد ريجان أنهت قصف إسرائيل لغرب بيروت سنة 1982، وفي عام 1991 دفع جورج دبليو بوش رئيس الوزراء الليكودي الممانع إلى حضور مؤتمر مدريد للسلام بحجبه ضمانات قروض بعشرة مليارات دولارات.
ولقد أعرب بايدن مرارا عن سخطه، ولم يزل نتانياهو لا يتزحزح. فيبدي هذا الولايات المتحدة ضعيفة وهذا وضع قاتل لبايدن بصفة خاصة. لقد قال لي ديفيد أكسلرود كبير مستشاري باراك أوباما سابقا في برنامج أنهولي إن «الحملة الجمهورية كلها تقوم على أن العالم خارج عن السيطرة وأن بايدن لم يعد يتولى القيادة» وأضاف «هذه هي حجتهم الأساسية، وهم يستعملون السن كناية عن الضعف». ويقول أكسلرود إنه كلما بدا أن نتانياهو «يستهين» ببايدن، ازدادت الأمور سوءا.
يشير كثير من المحللين الإسرائيليين إلى أن المظاهر خداعة. ففي رأيهم أن نتانياهو يغالي كثيرا في استعراض أنه لا يبالي ببايدن، لأنه في حملة انتخابية غير معلنة وتحديه لواشنطن له صدى جيد لدى قاعدته، لكنه في الواقع أطوع مما يبدو. بموجب هذه القراءة، فإن حديث نتانياهو عن عملية برية في رفح ـ حيث يتكدس قرابة مليون ونصف المليون من الفلسطينيين أغلبهم ممن هربوا من القصف الإسرائيلي ـ ما هو إلا محض حديث. نعم، يحلو لرئيس الوزراء الإسرائيلي التهديد بغزو رفح، للضغط على حماس، ولنيل ورقة ضغط على الأمريكيين، ولكنه لا يكاد يتصرف تصرفات الملتزم بعمل ذلك. ويشير عاموس هاريل ـ محلل الشؤون العسكرية المرموق في صحيفة هاآرتس ـ إلا أنه لا يوجد غير ثلاثة ألوية ونصف في غزة حاليا، مقارنة بثمانية وعشرين في ذروة الأعمال العدائية. وقال لي إن «نتانياهو يخوض حملة انتخابية، وفي الوقت الراهن على الأقل ليست رفح إلا شعارا».
فلنرجُ أن يكون هذا صحيحا، وأن تكون عملية رفح دعاية لا حقيقة. ولكن ذلك لا يعالج مماطلة إسرائيل في مسألة المساعدات التي لا يبدو نتانياهو في عجلة من أمره لإنهائها، وذلك جزئيا لأن شركاء ائتلافه الوطنيين المتطرفين يعتقدون أن إرسال الغذاء إلى غزة يعادل تقديم المساعدة للعدو حماس.
وهو ما يضع بايدن أمام خيارين. النتيجة المفضلة له هي حدوث فتح كبير في محادثات قطر من شأنه أن يفضي إلى إطلاق سراح بعض الرهائن الذين أسرتهم حماس في السابع من أكتوبر وإيقاف القتال بما يسمح بتدفق المساعدات. لكن نتانياهو يخشى من الإيقاف لأن من شأنه أن يعجّل بالنظر في دوره في تعرية جنوب إسرائيل قبل ستة أشهر لحماس، سواء جاء هذا النظر في دوره من خلال الناخبين أو من خلال لجنة تحقيق. وهو يفضل أن يلعب بعامل الزمن، والمثالي له أن يستمر ذلك حتى نوفمبر، إذ يرجو نتانياهو حينها أن يودع بايدن ويرحب برجوع ترامب.
والبديل لبايدن أصعب. ففي الشهر الماضي، أصدر بروتوكولا جديدا، يطالب البلاد التي تتلقى أسلحة أمريكية أن تؤكد كتابة أنها تخضع للقانون الدولي، ويشمل ذلك ما يتعلق بالمساعدات الدولية. وإذا لم تصدق الولايات المتحدة على هذا الإعلان، فجميع صفقات السلاح تتوقف على الفور. وفي حالة إسرائيل، فإن الموعد النهائي للتصديق هو يوم الأحد.
لا يريد جو بايدن أن يكون هو الرجل الذي أوقف تسليح إسرائيل، وليس أقل أسباب ذلك أن من شأنه أن يترك البلد ضعيفا أمام ترسانة حزب الله الهائلة على الجانب الآخر من الحدود الشمالية مع لبنان. وإدارته منقسمة في هذه الخطوة ولعله هو الآخر يعدها أكثر مما ينبغي. ولكنه يريد حقا أن يرى الغذاء يتدفق على غزة، فورا. وقد حاول أن يطلب ذلك من نتانياهو بلطف. وهو الآن بحاجة إلى أن ينحو إلى الشدة.
جوناثان فريدلاند من كتاب أعمدة الرأي في جارديان