رأي عُمان

الدولة الفلسطينية.. والضرورة الوجودية

 
اعتبر وزير الخارجية معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي في محاضرة له بمركز إكسفورد للدراسات الإسلامية أن إنشاء دولة فلسطينية «ضرورة وجودية»، وفي الحقيقة هذا ما تؤمن به سلطنة عمان وتدعو له في كل المحافل الدولية، ليس باعتباره خطابا دبلوماسيا عابرا يقال على المنابر ولكنه الإيمان الذي يصدقه العمل كما يقول الفقهاء. فسياسة سلطنة عمان واضحة جدا وظهرت بشكلها الجلي خلال الحرب الحالية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث كان رأيها الدبلوماسي واضحا جدا: إسرائيل دولة احتلال وترتكب أبشع الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، بل إن سلطنة عمان كانت أول دولة دعت بشكل واضح عبر وزارة الخارجية إلى ضرورة محاكمة إسرائيل لأنها ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

كما أوضحت سلطنة عمان عبر وزير خارجيتها منذ وقت مبكر لبدء الحرب أن حركة حماس ليست حركة إرهابية وأنها جزء من المقاومة الفلسطينية التي أقرتها جميع الشرائع على اعتبار أن إسرائيل دولة احتلال، ومن حق الشعوب المحتلة أن تقاوم الاحتلال بكل الطرق الممكنة.

وفي محاضرة وزير الخارجية في إكسفورد عاد وأكد أن أي جهود من أجل إقامة السلام وحل القضية الفلسطينية لا يمكن أن يتجاهل حركة حماس.. بل إن معاليه أشار بوضوح تام إلى أن الاستقطاب الطائفي الذي تشهده المنطقة والفرقة الطائفية لا يمكن تجاوزه إلا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

ودعا معاليه في كلمته إلى أهمية إحداث تحول في التفكير الذي يسيطر على كل الأطراف التي تناقش القضية الفلسطينية والتي يبدو أنها ما زالت غارقة في أفكار الماضي، بل إنها تتحرك بعقلية الحرب الباردة التي لا يتحدث فيها إلا الأصدقاء مع بعضهم البعض أما الآخر الذي يعتبر عدوا فلا أحد يتحدث معه من أجل تجاوز ركامات الماضي والاتفاق على مسارات جديدة من العمل.. معتبرا أن هذا العائق خطير جدا لأنه يبقي التفكير في القالب نفسه دون القدرة على تجاوزه.

تكمن أهمية محاضرة وزير الخارجية في أنها طرحت أفكارا واضحة لمسارات مستقبلية لحل القضية الفلسطينية عبر عقد مؤتمر دولي عاجل يضع أسس ومسارات الانتقال إلى الدولة الفلسطينية المستقلة، إضافة إلى أن المحاضرة ألقيت في مؤسسة علمية كبيرة بحجم إكسفورد وفي بريطانيا أحد رعاة إسرائيل ومؤسسيها.