رأي عُمان

يوم من أيام عُمان الخالدة

 
مضت أربع سنوات كلمح البصر منذ أن تولى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في سلطنة عمان، ورغم تسارع حركة الزمن، وتوالي الأحداث الكبار التي تحيط بنا، إلا أن ما تحقق في أرض عُمان خلال هذه السنوات الأربع كان كبيرًا بكل المقاييس، وكان منسجمًا مع تطلعات القيادة وطموحات العمانيين. وعبرت عُمان بكل حمولاتها الحضارية وبكثير من الهدوء والأمان وفي لحظة تاريخية فارقة فوق جسر صلد إلى مرحلة جديدة من مراحلها المشرّفة؛ لتثبت من جديد للعالم أجمع أنها دولة قوية وراسخة في الحاضر كما كانت قوية وراسخة عبر التاريخ الطويل، وقادرة على صناعة قادة عظام يتسنمون شرف عرشها المكين.

كانت لحظة فارقة عبرت فيها عُمان من الحزن إلى الأمل، ومن القلق إلى الشجاعة، ومن الحيرة إلى اليقين وأكدت أنها قادرة، على الدوام، أن تحرك التاريخ نحو المستقبل دون إبطاء أو تعثر وتبقى مساهمة في الحضارة الإنسانية وحاضرة في عمق مشهدها.

وكان حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- على وعي تام ويقين مطلق بعظمة الوطن الذي تولى عرشه، ولكن -أيضا- بعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه في تلك اللحظة الفارقة من تاريخ عُمان؛ فكان أن اتسعت همته -أيّده الله- لكل آمال العمانيين وطموحاتهم. وعاهد الله في خطابه المهم في فبراير 2020 على أن «يكرس حياته من أجل عُمان وأبناء عمان؛ كي تستمر مسيرتها الظافرة ونهضتها المباركة».

واستطاع أن يعبر بعُمان في لحظة صعبة بين الأمل والرجاء إلى ما صارت إليه اليوم من يقين باللحظة والمستقبل. لم يكن الأمر سهلًا، وكانت التحديات الداخلية والخارجية كبيرة جدًا، ولكن العزيمة كانت أكبر بكثير من كل الصعاب، وعُمان وطن يستحق كل التضحيات.

وهذا الفهم لتلك المرحلة التي انتقلت فيها عُمان من عهد إلى عهد مهم جدًا لاستقراء المستقبل، والوقوف على قوة المجتمعات وقدرتها على تجاوز التحديات؛ فمسارات التاريخ رغم تباين أحداثه تراكم الكثير من الخبرات التي يكون استدعاؤها معينا لتجاوز العقبات مهما كبرت وعبورها إلى الضفة الأخرى الآمنة.

وهذا الفهم أيضا، يكشف عن عظم القائد/ الرمز الذي استطاع أن يعبر بالوطن وآماله وطموحاته إلى مرحلة مهمة من الاستقرار الاقتصادي والاستدامة المالية مع استمرار قوي في البناء الحضاري والتمسك بالقيم والمبادئ السياسية والثقافية وبالأخلاق الإسلامية الراسخة في وعي الشعب العماني.

وعُمان، اليوم، وهي تحتفل بالذكرى الرابعة فإنها أكثر تفاؤلا بالمستقبل، وأكثر صلابة في مواجهة التحديات التي لا تخلو منها مسارات الزمن.

أما العمانيون فهم في ذروة تماسكهم المجتمعي، وفي أخصب لحظات توليدهم للأفكار العبقرية التي بها يطمحون في بناء وطنهم وتقدمه بين الأمم. وهذا الشعور، المهم جدا، نابع من إحساسهم العميق أنهم شركاء في البناء منذ لحظة توليد الأفكار إلى لحظة مراجعة الإنجازات، وتحمل المسؤوليات. وصناعة هذا الشعور في نفوس الشباب أحد أعظم المنجزات التي حققها جلالة السلطان المعظم الذي قال في الخطاب نفسه مخاطبا به العمانيين والعالم في فبراير 2020 «إن الشباب هم ثروة الأمم وموردها الذي لا ينضب، وسواعدها التي تبني، هم حاضر الأمة ومستقبلها، وسوف نحرص على الاستماع لهم وتلمُّس احتياجاتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم، ولا شك أنها ستجد العناية التي تستحقها».

لكل هذا تستحق ذكرى تولي جلالة السلطان المعظم مقاليد الحكم في عُمان هذا الاحتفاء من العمانيين وتستحق أن تكون انطلاقة سنوية نحو مسارات المستقبل العماني المشرق.

فكل عام وعُمان تتسنم ذرى السماء، وجلالة السلطان في عز ومجد وسؤدد.