أوقفوا إبادة غزّة
الاثنين / 25 / جمادى الآخرة / 1445 هـ - 21:13 - الاثنين 8 يناير 2024 21:13
ما يحدث اليوم في غزّة ليست حربا عادلة أو حتّى غير عادلة، ولا يهم أكانت شرعية أم غير شرعية، هي حرب إبادة بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى، إبادة بشعة لا يمكن بحال تصوّرها حتّى في الأحلام المزعجة، تجاوزنا الثّلاثة أشهر ودماء الأطفال والنساء والأبرياء لا تتوقف أمام مرأى من العالم، وما خفي كان أعظم.
ليست مجزرة واحدة يثور حولها العالم، بل هي مجزرة تلو مجزرة، والعالم اليوم تطبع برؤيتها مع بشاعتها، فثار في أيامه الأولى ثم بكى، أمّا الآن فخفتت تلك النّداءات، وخفّت البيانات، وقلّت اجتماعات رؤساء العالم والوطن العربيّ، وكأنّه تطبع برؤية تلك الدماء، وأصبحت تلك الصور التي تحرّك جيوشا بكاملها، أصبحت أقرب إلى الصور الكرتونية أو السينمائية التي لا تتجاوز تأثير اللّحظة، حتّى يتتطبع الواحد من كثرة مشاهدتها، فتصبح حالة طبيعية لا أكثر.
أي إنسانيّة هذه وهي تتفرج على هذه الدّماء، صراخ الأطفال ملأ الكون ظلمة، وأنين النّساء سحب كالحة خيّمت على سماء العالم، وهي تمطر آهاتها لعلّها تجد قلبا يعقل حالها، ويدرك مأساتها، ويتحرّك لنصرتها، ويوقف هذه الإبادة الّتي لم يعرف العالم لها نظيرا، ولا لبشاعتها مثيلا.
لا ينبغي أن نعيش شهرا رابعا مظلما كالحا آخر، ونحن في بدايات العام الجديد، آن لهذه الإبادة أن تتوقف اليوم قبل الغد، وآن لهذا الظّلم أن يرفع عن شعب أعزل يباد أمام مرأى من العالم، وآن لهذه المجازر المؤلمة أن تنتهي من العقل الإنسانيّ، فمع تقدّم حضارته، من المؤسف حقّا أن نجد من يعيش حياة الغاب في عالمنا اليوم.
والأصل في المصائب أنّها توحد؛ لأنّ الألم والمصاب واحد، والإنسان هو الإنسان، ففي وقت الشدة لا ينظر إلى العوارض، بل جوهر الأصل يوحد الجميع، والجوهر هنا هي النّفس البشرية التي لها حقّ الحياة، ولا يهمنا عوارض انتماءاتها، فأيّ نفس في العالم هي نفسي، ما يؤلمها يؤلمني، وما يسعدها يسعدني، فكيف بهذه النّفس أن تتعرض لإبادة كهذه الإبادة الّتي هي حيّة اليوم أمام أعيننا ومسامعنا.
أعجب من عالم اليوم يتنازع حول هذا، بل ومنهم من يعيش فرحا؛ لأنّ العوارض الّتي عاش في خصام معها أصيبت بسوء، فيتشفى بتلك النّفوس البريئة الّتي تتعرّض لهذه الإبادة البشعة، ولو أصيب ابنه بسوء لملأ العالم ضجيجا، فأيّ قلب اليوم ينزل إلى دركات الرّضا والتّشفي لهذه الكارثة الإنسانيّة الكالحة.
وإذا كانت بعض سياسات العالم الغربي داعمة لهذه الإبادة، فهي صفحة سوداء في تأريخها، كصفحات إبادة شعوب ومجازر أقامتها منذ الاستعمار وحتى هذه الإبادة، ولن تتوقف هذه الصفحات، فهي تتحرك وفق برجماتية الأنا الأسمى، وإن تحدّثت بالإنسان وحقوقه، إلّا أنّها عند الأنا الأسمى تبقى شعارات لا أكثر، وقد تمارس إبادتها باسم الإنسان وحقوقه.
إلّا أنّها تتمدد بضعفنا وتفرقنا، وتضيق بقوّتنا ووحدتنا، فإذا لم توحدنا الثّقافة واللّغة والجغرافيا، فعلى الأقل يوحدنا هذا المصاب، فلا معنى أن نتصارع ونتفرق ونحن نرى أبناء جلدتنا يبادون يوما بعد يوم، فإن رضينا لإبادة شعب غزة اليوم، فلا ندري الدّور القادم لمن يكون غدا، بالأمس القريب كان في العراق، واليوم في فلسطين، ونحن لا نجاوز حدّ النّظر والتّفرج والبيانات.
هذه الإبادة فرصة لكي نكون على كلمة عمليّة واحدة، وليست كلمة البيانات الّتي لا تتجاوز حناجر مؤتمراتنا وقممنا، بل يصدّق ذلك العمل أو يكذّبه، خاصّة وأنّ الشّعوب الحرّة اليوم تقف مع عدالة هذه القضيّة، وما زالت تخرج لوقف هذه الإبادة، فهذه أفضل مرحلة لنكون على كلمة عمليّة واحدة، توقف ابتداء هذه الإبادة، وتنقلنا إلى عنصر القوّة لكي لا تتكرّر مثل هذه الدماء والمجازر في الأجيال القادمة.
مع أملي الكبير في هذا، ولكن من المؤسف حقّا أن أراه بعيدا اليوم، ونحن نخرب بيوتنا بأيدينا، وقد كان أجدادنا في نهايات القرن التّاسع عشر، وبدايات القرن العشرين، يتحدّثون عن إحياء هذه الأمة من بعد صدمة الإفاقة، حيث كان عدّوهم واحدا -أي الاستعمار-، فوحد بغداد مع دمشق والقاهرة وبيروت والخليج وما بينهما إلى أقصى دول المغرب، واليوم -للأسف- نتقمص دور المستعمر، ونستخدم ذات أدواته في خراب هذا العالم، فأين بغداد وصنعاء وبيروت والخرطوم وطرابلس، وأين حواضر العالم العربيّ، فضلا عن إحياء هذه الأمّة، وبنائها لا خرابها بمعولنا نحن لا بمعول غيرنا، نعم خرج المستعمر وبقيت أدواته لنستخدمها في دمار بعضنا، فأنى للعالم أن يلتفت إلينا ويهابنا ونحن في أدنى درجات الذّلة والضّعف.
ثمّ إذا كانت بعض سياسات العالم الغربيّ سجلت في تأريخها صفحة سوداء في تأريخ الذّاكرة الإنسانيّة وهي تدعم هذه الإبادة قولا وفعلا، فماذا سيسجل تأريخ الذّاكرة الإنسانيّة عنّا نحن أيضا، وكيف ستتحدّث الأجيال القادمة عنّا، ونحن لم نتجاوز في الجملة حناجر المؤتمرات والقمم، إلّا من رحم الله، وقليل ما هم؟
لا أقصد هنا عن جيوش تدفع، أو حروب تشعل، ما أرمي به هي الأدوات العمليّة المنطلقة من كلمة واحدة موحدة، والضّاغطة لوقف هذه الإبادة اليوم قبل الغد، فهناك العديد من الأدوات الضّاغطة يدركها أصحاب القرار، ولكن تفرقهم مع ذواتهم، جعلت أوراقهم متناثرة، وتأثيرهم أوهن من بيت العنكبوت.
علّمنا منذ الصّغر «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء»، ونفتتح أكلنا وشربنا ببسملة الرّحمة لنتذكر الجياع في الأرض، ونبتدئ بها نومنا لنتذكر المشردين والهاربين من الموت في المعمورة، وتسبق لبسنا لنتذكر الفقراء والعراة الّذين لا يملكون إلا لباسا أو اثنين على الأكثر، فكيف لهذه الرّحمة أن ترفع عن مجازر يوميّة في غزة، رحماك ما الّذي جناه أطفالهم ونساؤهم وشيوخهم لتكون دماؤهم وأشلاؤهم فرجة العالم، وأيّ قلوب يملكها أولئك ليمارسوا هذه الإبادة، أفي أيّ شريعة ذلك، وأيّ إله شفع لهم بذلك، أم أيّ نفوس يهدأ لها نوم، أو يسكن لها بال، وهي تمارس هذه المجازر لتحفظ بقاءها، وكيف لعقول أخرى أن تدافع وتبرر لها، وتركن إلى من يقوم بذلك وتشفع له؟
ثمّ ليس من العقل ولا من الحكمة ورحمة الإنسانيّة حاليا الحديث عن حماس أو حتّى عن إيران، أو حزب الله، أو أنصار الله، أو الإخوان المسلمين، سمّها ما شئت، وعدّدها كيفما شئت، أخلاقيّا اليوم هي كلمة واحدة لا تقبل التّعدّد ولا التّأويل: أوقفوا هذه الإبادة، أوقفوا هذه البربريّة، أوقفوا هذه المجازر، ثمّ تحدّثوا بعدها كيفما تشاؤون.
وكما نحبّ الأمان لأنفسنا وأطفالنا ونسائنا، فلم لا نحب ذلك لغيرنا، وكما نسعد أن نرى أقطارنا الجغرافيّة آمنة مستقرة، يجبى إليها ثمرات ما أنتجه الإنسان، يصبح فيها آمنا، ويبيت فيها مطمئنا، لم لا نرجو ذلك للأقطار الأخرى، لم لا نتخلّص من أنا الذّات، ولم نفكر بعقليّة بناء الذّات من خلال دمار الآخر؟ لم لا يكون تفكيرنا بناء الذّات من خلال إحياء الآخر؟ فهل استمرار هذه الإبادة في غزة، والاستخفاف بملايين البشر يولد استقرارا في المنطقة، أم أنّه خراب للجميع؟ وقد تكون شرارة لخراب أوسع، هذا لا أحد يرجوه، ولا عاقل يهفو إليه.
من المؤسف حقّا أن نعيش هذه اللحظة ونرى العديد من الأقطار العربية يقتلها الفقر والخوف والتّشريد والحرب، في طرقاتنا نرى المشردين من حروب اليمن والسودان وفلسطين وسوريا وغيرها، فضلا عن الباحثين عن لقمة العيش بثمن زهيد لا يكفي لأجرة شهرهم، ونحن أغنى أهل الأرض بهذه الثّروات، فهذه إبادة أخرى لمقدّرات أمّة من أعظم أمم الأرض تأريخا وتنوعا، فيا قومي، ارحموا هذه الأمة، وأوقفوا إبادة غزة، وارحموا هذه الشّعوب، وانقلوها إلى الإحياء لا الدمار، يرحمكم من في السماء باستقرار أقطاركم، وثناء التّأريخ لكم، واقتداء أجيال قادمة بكم.
ليست مجزرة واحدة يثور حولها العالم، بل هي مجزرة تلو مجزرة، والعالم اليوم تطبع برؤيتها مع بشاعتها، فثار في أيامه الأولى ثم بكى، أمّا الآن فخفتت تلك النّداءات، وخفّت البيانات، وقلّت اجتماعات رؤساء العالم والوطن العربيّ، وكأنّه تطبع برؤية تلك الدماء، وأصبحت تلك الصور التي تحرّك جيوشا بكاملها، أصبحت أقرب إلى الصور الكرتونية أو السينمائية التي لا تتجاوز تأثير اللّحظة، حتّى يتتطبع الواحد من كثرة مشاهدتها، فتصبح حالة طبيعية لا أكثر.
أي إنسانيّة هذه وهي تتفرج على هذه الدّماء، صراخ الأطفال ملأ الكون ظلمة، وأنين النّساء سحب كالحة خيّمت على سماء العالم، وهي تمطر آهاتها لعلّها تجد قلبا يعقل حالها، ويدرك مأساتها، ويتحرّك لنصرتها، ويوقف هذه الإبادة الّتي لم يعرف العالم لها نظيرا، ولا لبشاعتها مثيلا.
لا ينبغي أن نعيش شهرا رابعا مظلما كالحا آخر، ونحن في بدايات العام الجديد، آن لهذه الإبادة أن تتوقف اليوم قبل الغد، وآن لهذا الظّلم أن يرفع عن شعب أعزل يباد أمام مرأى من العالم، وآن لهذه المجازر المؤلمة أن تنتهي من العقل الإنسانيّ، فمع تقدّم حضارته، من المؤسف حقّا أن نجد من يعيش حياة الغاب في عالمنا اليوم.
والأصل في المصائب أنّها توحد؛ لأنّ الألم والمصاب واحد، والإنسان هو الإنسان، ففي وقت الشدة لا ينظر إلى العوارض، بل جوهر الأصل يوحد الجميع، والجوهر هنا هي النّفس البشرية التي لها حقّ الحياة، ولا يهمنا عوارض انتماءاتها، فأيّ نفس في العالم هي نفسي، ما يؤلمها يؤلمني، وما يسعدها يسعدني، فكيف بهذه النّفس أن تتعرض لإبادة كهذه الإبادة الّتي هي حيّة اليوم أمام أعيننا ومسامعنا.
أعجب من عالم اليوم يتنازع حول هذا، بل ومنهم من يعيش فرحا؛ لأنّ العوارض الّتي عاش في خصام معها أصيبت بسوء، فيتشفى بتلك النّفوس البريئة الّتي تتعرّض لهذه الإبادة البشعة، ولو أصيب ابنه بسوء لملأ العالم ضجيجا، فأيّ قلب اليوم ينزل إلى دركات الرّضا والتّشفي لهذه الكارثة الإنسانيّة الكالحة.
وإذا كانت بعض سياسات العالم الغربي داعمة لهذه الإبادة، فهي صفحة سوداء في تأريخها، كصفحات إبادة شعوب ومجازر أقامتها منذ الاستعمار وحتى هذه الإبادة، ولن تتوقف هذه الصفحات، فهي تتحرك وفق برجماتية الأنا الأسمى، وإن تحدّثت بالإنسان وحقوقه، إلّا أنّها عند الأنا الأسمى تبقى شعارات لا أكثر، وقد تمارس إبادتها باسم الإنسان وحقوقه.
إلّا أنّها تتمدد بضعفنا وتفرقنا، وتضيق بقوّتنا ووحدتنا، فإذا لم توحدنا الثّقافة واللّغة والجغرافيا، فعلى الأقل يوحدنا هذا المصاب، فلا معنى أن نتصارع ونتفرق ونحن نرى أبناء جلدتنا يبادون يوما بعد يوم، فإن رضينا لإبادة شعب غزة اليوم، فلا ندري الدّور القادم لمن يكون غدا، بالأمس القريب كان في العراق، واليوم في فلسطين، ونحن لا نجاوز حدّ النّظر والتّفرج والبيانات.
هذه الإبادة فرصة لكي نكون على كلمة عمليّة واحدة، وليست كلمة البيانات الّتي لا تتجاوز حناجر مؤتمراتنا وقممنا، بل يصدّق ذلك العمل أو يكذّبه، خاصّة وأنّ الشّعوب الحرّة اليوم تقف مع عدالة هذه القضيّة، وما زالت تخرج لوقف هذه الإبادة، فهذه أفضل مرحلة لنكون على كلمة عمليّة واحدة، توقف ابتداء هذه الإبادة، وتنقلنا إلى عنصر القوّة لكي لا تتكرّر مثل هذه الدماء والمجازر في الأجيال القادمة.
مع أملي الكبير في هذا، ولكن من المؤسف حقّا أن أراه بعيدا اليوم، ونحن نخرب بيوتنا بأيدينا، وقد كان أجدادنا في نهايات القرن التّاسع عشر، وبدايات القرن العشرين، يتحدّثون عن إحياء هذه الأمة من بعد صدمة الإفاقة، حيث كان عدّوهم واحدا -أي الاستعمار-، فوحد بغداد مع دمشق والقاهرة وبيروت والخليج وما بينهما إلى أقصى دول المغرب، واليوم -للأسف- نتقمص دور المستعمر، ونستخدم ذات أدواته في خراب هذا العالم، فأين بغداد وصنعاء وبيروت والخرطوم وطرابلس، وأين حواضر العالم العربيّ، فضلا عن إحياء هذه الأمّة، وبنائها لا خرابها بمعولنا نحن لا بمعول غيرنا، نعم خرج المستعمر وبقيت أدواته لنستخدمها في دمار بعضنا، فأنى للعالم أن يلتفت إلينا ويهابنا ونحن في أدنى درجات الذّلة والضّعف.
ثمّ إذا كانت بعض سياسات العالم الغربيّ سجلت في تأريخها صفحة سوداء في تأريخ الذّاكرة الإنسانيّة وهي تدعم هذه الإبادة قولا وفعلا، فماذا سيسجل تأريخ الذّاكرة الإنسانيّة عنّا نحن أيضا، وكيف ستتحدّث الأجيال القادمة عنّا، ونحن لم نتجاوز في الجملة حناجر المؤتمرات والقمم، إلّا من رحم الله، وقليل ما هم؟
لا أقصد هنا عن جيوش تدفع، أو حروب تشعل، ما أرمي به هي الأدوات العمليّة المنطلقة من كلمة واحدة موحدة، والضّاغطة لوقف هذه الإبادة اليوم قبل الغد، فهناك العديد من الأدوات الضّاغطة يدركها أصحاب القرار، ولكن تفرقهم مع ذواتهم، جعلت أوراقهم متناثرة، وتأثيرهم أوهن من بيت العنكبوت.
علّمنا منذ الصّغر «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء»، ونفتتح أكلنا وشربنا ببسملة الرّحمة لنتذكر الجياع في الأرض، ونبتدئ بها نومنا لنتذكر المشردين والهاربين من الموت في المعمورة، وتسبق لبسنا لنتذكر الفقراء والعراة الّذين لا يملكون إلا لباسا أو اثنين على الأكثر، فكيف لهذه الرّحمة أن ترفع عن مجازر يوميّة في غزة، رحماك ما الّذي جناه أطفالهم ونساؤهم وشيوخهم لتكون دماؤهم وأشلاؤهم فرجة العالم، وأيّ قلوب يملكها أولئك ليمارسوا هذه الإبادة، أفي أيّ شريعة ذلك، وأيّ إله شفع لهم بذلك، أم أيّ نفوس يهدأ لها نوم، أو يسكن لها بال، وهي تمارس هذه المجازر لتحفظ بقاءها، وكيف لعقول أخرى أن تدافع وتبرر لها، وتركن إلى من يقوم بذلك وتشفع له؟
ثمّ ليس من العقل ولا من الحكمة ورحمة الإنسانيّة حاليا الحديث عن حماس أو حتّى عن إيران، أو حزب الله، أو أنصار الله، أو الإخوان المسلمين، سمّها ما شئت، وعدّدها كيفما شئت، أخلاقيّا اليوم هي كلمة واحدة لا تقبل التّعدّد ولا التّأويل: أوقفوا هذه الإبادة، أوقفوا هذه البربريّة، أوقفوا هذه المجازر، ثمّ تحدّثوا بعدها كيفما تشاؤون.
وكما نحبّ الأمان لأنفسنا وأطفالنا ونسائنا، فلم لا نحب ذلك لغيرنا، وكما نسعد أن نرى أقطارنا الجغرافيّة آمنة مستقرة، يجبى إليها ثمرات ما أنتجه الإنسان، يصبح فيها آمنا، ويبيت فيها مطمئنا، لم لا نرجو ذلك للأقطار الأخرى، لم لا نتخلّص من أنا الذّات، ولم نفكر بعقليّة بناء الذّات من خلال دمار الآخر؟ لم لا يكون تفكيرنا بناء الذّات من خلال إحياء الآخر؟ فهل استمرار هذه الإبادة في غزة، والاستخفاف بملايين البشر يولد استقرارا في المنطقة، أم أنّه خراب للجميع؟ وقد تكون شرارة لخراب أوسع، هذا لا أحد يرجوه، ولا عاقل يهفو إليه.
من المؤسف حقّا أن نعيش هذه اللحظة ونرى العديد من الأقطار العربية يقتلها الفقر والخوف والتّشريد والحرب، في طرقاتنا نرى المشردين من حروب اليمن والسودان وفلسطين وسوريا وغيرها، فضلا عن الباحثين عن لقمة العيش بثمن زهيد لا يكفي لأجرة شهرهم، ونحن أغنى أهل الأرض بهذه الثّروات، فهذه إبادة أخرى لمقدّرات أمّة من أعظم أمم الأرض تأريخا وتنوعا، فيا قومي، ارحموا هذه الأمة، وأوقفوا إبادة غزة، وارحموا هذه الشّعوب، وانقلوها إلى الإحياء لا الدمار، يرحمكم من في السماء باستقرار أقطاركم، وثناء التّأريخ لكم، واقتداء أجيال قادمة بكم.