ثقافة

"بن دامس".. سوق زمن الطيبين الذي يواصل الصمود في وجه التطور

بمشاركة نجوم من الكويت والإمارات وسلطنة عمان

 
جزار يبيع اللحم في بيئة بدائية، في ركن مصنوع من العريش يوحي بسوق شعبي قديم يخلوا من أدنى مظاهر التطور والحداثة، وجواره العديد من المحال المتشابهة بالشكل، يسأل أحدهم بائع اللحم عن أسعاره، خشية أن تكون قد تأثرت بالضرائب الحديثة، ولكن بائع اللحم يعطيه بما جاد به صدقة من عنده، ومراعاة لما حل بالمجتمع من صعوبات الحياة، يدخل شخص آخر عليهم، يعاتب الجزار لأنه لا يطبق قانون الضرائب، ويوبخه بأن ما يفعله تهرب وله عواقب عليه وعلى المجتمع، وفي الاثناء أعتلى المكان صوت عالٍ بكلمة 'أستوب'، ليتوقف المشهد التمثيلي لمسلسل 'بن دامس' بينما كنتُ في موقع التصوير.

المسلسل العماني 'بن دامس' يواصل خلال هذه الأيام تصوير حلقاته العشر، وهو من إنتاج مؤسسة أريل للانتاج الفني، واخراج الكويتي محمد كاظم، وتأليف المنتج فيصل بن طلال العامري، ومشاركة عدد من نجوم الخليج منهم الفنان الكويتي القدير جاسم النبهان، والفنان الاماراتي القدير أحمد الجسمي، ومن سلطنة عمان كل من الفنانة القديرة فخرية خميس، والفنان محمد نور البلوشي، والفنان طالب البلوشي، ومشاركة عدد من الفنانين الشباب منهم فارس البلوشي و زاهر السلامي وعدد كبير من الفنانين والفنانات.

المشهد الذي تم تصويره أمامي حمل في داخلي العديد من التساؤلات، فما هي القصة التي تعكس بيئة قديمة توحي بتصوير مسلسل تاريخي وفي مشاهده حوارات عن الضرائب وتأثيرها، وهي من الأمور الحديثة نسبيا، هنا كان لا بد لنا أن نطرح عدة تساؤلات مع عدد من المشاركين في العمل، كان أولهم منتج العمل ومؤلفه فيصل العامري، الذي قال: 'مسلسل بن دامس، هو مسلسل مستوحى من البيئة التراثية، يناقش العديد من القضايا الآنية بطريقة كوميدية، الفكرة العامة هي في سوق شعبي، وقد تم بناء هذا السوق بالكامل في قرية الخوض بولاية السيب، المسلسل سيتكون من 10 حلقات، مدة كل حلقة 25 دقيقة، وأنا مؤمن بكل فريق العمل بأنه سيقدم كل ما بوسعه لإنجاح العمل، منهم مدير التصوير والاضاءة محمود ذياب، ومهندس الصوت بلال الحاج، ومخرج منفذ مبارك المعشري، ومهندس الديكور حبيب البلوشي'.

وتابع العامري: 'بن دامس هي شخصية متقيدة بالعادات والقيم والمبادئ العمانية الأصيلة، ولديه هذا السوق الذي يأجر محاله على أهالي القرية بأسعار رمزية، ويرفض بن دامس التطور لما يتبع ذلك من مصاريف قد يتكبدها أهل القرية، ولكن يحل على أهل القرية مستثمر يحاول تغيير وتطوير المكان لأنه مكان سياحي ومقصد للزوار، هنا تحدث العقدة بين المستثمر وبين بن دامس، لتدور الكثير من الأحداث في إطار هذا السوق، ولن تكون هناك مشاهد منزلية أو في مكان آخر غير السوق، والحلقات متصلة ومنفصلة في آن، بمعنى أن لكل حلقة حدث جديد، المسلسل يعكس بيئة عمان الجميلة، ومن خلاله اهدف إلى التسويق السياحي للسلطنة، وهذا السوق سيكون موجودا في مكانه، وكلي أمل أن يحقق النجاح ويتم تصوير أجزاء أخرى منه'.

واختتم العامري قائلا: 'إلى الآن ليست لدينا أي تفاوضات لعرض العمل، الفكرة أن يتم تسويق العمل بعد تصويره كاملا'.

أعمال شبابية

أما الفنان القدير جاسم النبهان، فقد حدثنا في فسحته بين مشاهد التصوير قائلا: 'أنا متفائل بالأعمال التي يقودها الشباب في سلطنة عمان، هم على قدر كبير من الإطلاع والثقافة، وهم قادرون على انتاج الكثير من الأعمال إذا ما وجدوا الدعم، من الحكومة والمجتمع على حد سواء، لأن العمل الدرامي أو المسرحي عامل مهم من عوامل رفد الثقافة والفن، ونحن اليوم من خلال مشاركتنا مع الشباب نحمل الرسالة السامية من الفن لنقدمها للمجتمع من خلال هذا المسلسل، الذي يأخذ الشكل الفنتازي في طرح القضايا، والشكل العام للمسلسل يوحي بالبيئة القديمة ولكنها وفق معطيات حديثة، نحاول من قدر الإمكان من خلال العمل توصيل رسائلنا بطريقة كوميدية خفيفة'.

الجمهور له حق

في حين قال الفنان القدير أحمد الجسمي: 'أنا سعيد أن أشارك في عمل عماني مع مجموعة من الفنانين والأخوة الأعزاء، الجمهور العماني له حق علي، كثير من الاصداء التي تصلني من سلطنة عمان والطلبات التي تتمنى أن أشارك في عمل عماني، وها أنا اليوم هنا لأحقق للجمهور العماني هذا المطلب، أما عن شخصيتي بالعمل فأنا تاجر من الامارات أبيع التحف، أحببت السوق لأنه مقصد للسياح والزوار، وقررت ان افتتح محلا فيه، حملت فكرة تطوير السوق بما بتواكب العصر الحديث، ولكني واجهت من البعض الرفض، بحجة أن هذا السوق سوقنا ونحن راضون بما هو عليه،، وأتمنى أن يحقق العمل النجاح والقبول من المجتمع أن يرى النور في قناة سلطنة عمان والقنوات الأخرى، فهو عمل عماني له خصوصيته المحلية'.

عام 2023

أما الفنان القدير محمد نور البلوشي فقد حدثنا قائلا: 'من يشاهد العمل لن يتخيل أنه يروي أحداثا في عام 2023، فالسوق شعبي بكل ما فيه من أشكال المحال، وبساطة الناس وأزيائهم، وأنا أجسد شخصية بن دامس، الشخصية المحورية بالسوق، والسوق على اسمه بما أنه صاحبه، يجاهد بن دامس ان يكون السوق كما هو عليه منذ زمن الأجداد إلى العصر الحديث الحالي، يرفض كل تطور يدخل فيه، ويحاول أن يبقى عبقه وروحه القديمة كما هي، بن دامس شخصية طيبة وغير جشعة، روث السوق أبا عن جد ولا زال يأخذ مقابل تأجير المحال مبالغ زهيدة تيسيرا للتجار والمجتمع، وتحمل الشخصية رسالة للمجتمع بأن التمسك بالهوية والسمت والعادات الحسنة والتقاليد من الضروريات، ويجب أن تبقى رغم التطور ورغم الحداثة ووجود التقنيات التي غزت العالم'.

الرؤية الاخراجية

وختاما كانت الوقفة مع مخرج العمل الكويتي محمد كاظم، حيث قال: 'بداية تلقيت اتصالا من العزيز فيصل العامري لأتولى اخراج مسلسل بن دامس، وعليه طلبت النص للاطلاع على محتواه، وحقيقة كان النص مشجعا لي لما به من قيم ومبادئ وروح التضحية بين الشخوص، والأمر الآخر المشجع لي هو أن أكون في سلطنة عمان وأقدم عملا هنا، أما الروئية الاخراجية تتركز في إظهار طبيعة المكان التراثية في بيئة جبلية، ورغم محدودية المكان إلا أن المشاهد هنا كثيرة جدا ويمكن التقطاع العديد من الزوايا التي لا تنتهي، وللجبال والطبيعة دور كبير في توظيف المشاهد، وكذلك أعطت التفاصيل الدقيقة للديكور خيارات كثيرة للنظرة الاخراجية'.

وعن صعوبات العمل قال المخرج محمد كاظم: 'لا يوجد عمل يخلو من الصعوبات، وربما أبرز الصعوبات تتمثل في أننا في مكان مكشوف وسياحي، السوق مبني في أحد أجمل الأودية في العاصمة مسقط، وبالتالي مرور السيارات والسياح يتكرر كثيرا ما يؤدي إلى اعادة المشاهد مرة بعد مرة، ولكن نتعامل مع كل ذلك بكل هدوء'.

وحول الاختلاف بين اخراج مسلسل من 30 حلقة وانتاج مسلسل آخر من 10 أو 8 حلقات قال: 'لا يوجد اختلاف في عملية الاخراج، كل ما في الأمر أن هناك من المنتيجن من يتجه إلى ما يعرف بـ (السيزن) المكون من حلقات قليلة نظرا للاقبال على هذا النوع من المسلسلات، والأمر كذلك يرجع إلى ميزانية الانتاج، ولكن في كلا القالبين عملية الاخراج واحدة'.