العقر والحوية والغزيلي.. أنموذجًا للحارات القديمة
المطالبة بتطوير المنطقة المحيطة بقلعة بهلا التاريخية لتحويل البيوت القديمة إلى نُزُل تراثية
الثلاثاء / 29 / ربيع الثاني / 1445 هـ - 15:17 - الثلاثاء 14 نوفمبر 2023 15:17
ولاية بهلا بمحافظة الداخلية من الولايات العمانية العريقة التي يعود تاريخها لحقب زمنية قديمة ومواقعها الأثرية ممثلة في قلعة بهلا وسورها العظيم وسوقها القديم وحصن سلوت وحصن جبرين وغيرها من المعالم الأثرية تقف شاهدة على الكنوز الأثرية التي تزخر بها هذه الولاية. وإلى جانب قلعة بهلا التاريخية التي تعد من أقدم القلاع العمانية وارتباطها بالكثير من الحضارات القديمة أدرجتها منظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي وكمحمية ثقافية منذ عام 1987 لتشمل واحة بهلا بقلعتها وسوقها والمناطق المحيطة بها، تأتي أهمية الحارات الثلاث المحيطة بالقلعة (العقر والحويّة والغزيلي) مما يتطلب العمل على تطوير هذه المنطقة وتهيئتها بالخدمات ليتم تحويل هذه الحارات ومنازلها إلى نزل تراثية متاحة للسياح، ويتم توفير وتلبية احتياجاتها لتمكين أصحاب هذه المنازل لتحويلها ولتصبح وجهة للسياح.
مبادرات متعددة أطلقها شباب بهلا رسمت الطريق لاستغلال هذه الحارات القديمة المحيطة بالقلعة وبما يعزز من السياحة واستثمارها وبما يعود بالنفع سواء على أصحاب الممتلكات أو الولاية بشكل عام، ولتكون الوجهة الأبرز للسياح من داخل السلطنة وخارجها.
وتعد المنطقة المحيطة بقلعة بهلا أنموذجا رائعا ومميزا للحارات العمانية القديمة، حيث البناء المعماري والهندسة العمانية القديمة وشق الفلج الذي يمر أسفل هذه المنازل، وتشكيلة الحارة العمانية بصباحاتها وأقواسها التي تزيّن مداخلها ومخارجها ومكونات هذه الحارات من السبلة والسوق والمسجد.
وتنبع أهمية استغلال هذا الموقع لجذب السياحة وتهيئة هذه المنطقة المحيطة بالقلعة لتنطلق من خلالها مراحل أخرى في استثمار هذه البيوت القديمة بترميمها وتحويلها لنزل تراثية ومتاحف ومقاهٍ أثرية وعمل جولات سياحية وسط هذه الحارات، والاستفادة من المنطقة المحيطة بقلعة بهلا وما تضمها من تجسيد للقرية العمانية القديمة وبها 8 صباحات ومبانٍ أثرية يمكن استغلالها لاحقا في إقامة نزل تراثية وتهيئة كافة الطرق القديمة بهذه الحارات؛ لتسهيل القيام بجولات سياحية عبر مركبات مخصصة لهذا الغرض؛ تعرف السائح بهذا الإرث الحضاري وفنون العمارة العمانية القديمة وما يتميز به المعمار العماني من جمال الهندسة والتصميم.
منطقة حيوية ومهمة
ناصر بن حميد الوردي عضو المجلس البلدي بولاية بهلا قال: إن المنطقة المحيطة بقلعة بهلا منطقة حيوية ومهمة كونها تمثل تجانسًا وتطابقًا مع القلعة فهي تعمل توأمة بين القلعة والبيئة المحيطة بها، وإذا ما تم تفعيل المنطقة المحيطة بالقلعة فستكون نتائج تشغيل القلعة سياحيا وتجاريا مضاعفة، وإذا لم يتم تفعيل هذه المنطقة سيؤثر سلبا على توجه الشركة المستثمرة لقلعة بهلا لذلك من صالح الشركة المستثمرة لقلعة بهلا أن تعمل على تفعيل المنطقة المحيطة بالقلعة بالتعاون مع الأهالي المعنيين أو ملاك البيوت الأثرية المجاورة للقلعة ومع الجهات المعنية ذات الصلة.
وأشار الوردي إلى أنه يوجد تحدٍ في واحة بهلا على وجه الخصوص والمنطقة المحيطة بالقلعة نظرا لانضمامها لمنظمة اليونسكو فلها اشتراطات معينة لابد من إيفائها لتنال شرف انتسابها لقائمة التراث العالمي لذلك فإن الجهات المعنية أصدرت قرارا بتشكيل لجنة تيسيرية مهمتها العمل على تسهيل الإجراءات وتنظيم العمل ما بين الجهات الحكومية ومتطلبات اليونسكو وتطلعات الأهالي فهي همزة وصل، وتسعى جاهدة للتغلب على التحديات والصعاب التي تواجه جميع الأطراف ودورها في العمل على تعزيز الاستفادة من هذه المقومات الممثلة في القلعة والمنطقة المحيطة بها لاستثمارها بما يعود بالنفع على الأهالي القاطنين في الواحة أو تنشيط الاقتصاد العماني مواكبة لسعي الحكومة نحو تعزيز ورفع نسبة مساهمة السياحة في الاقتصاد الوطني أو المحلي، كما أن جهودا تبذل من قبل شباب أبناء الولاية للاستثمار في هذا المجال ورغم أنه في بداياته فهو محتاج لمزيد من الجهد ومضاعفة العمل من أجل تحقيق الراغبين في الاستثمار لتحقيق النجاح والتغلب على العقبات والتحديات القائمة وتذليل الصعاب التي تواجههم، وبه اشتراطات خاصة بخلاف أي موقع والمستقبل مبشر في هذه المنطقة وإيجابي للاستثمار فيها وسيكون لها دور في تنشيط الحركة السياحية. وأضاف الوردي: نحن نسعى جاهدين من خلال اللجنة لعمل لائحة تنفيذية موحدة لكافة الجهات الحكومية من حيث الاشتراطات والمتطلبات للاستثمار بما يتوافق مع اشتراطات ومتطلبات الجهات الحكومية، وللتسهيل على المستثمرين.
حارة الحويّة
وقال ناصر بن مسعود الجديدي رشيد حارة الحوية: كما تعلمون أن حارة الحّوية تعد أحد أهم الحارات الأثرية الواقعة في واحة بهلا، يحدها من الشمال قلعة بهلا الشامخة، ومن الجنوب والجنوب الشرقي حارة العقر العريقة، ومن الغرب سوق بهلا التراثي، ومن الشرق جامع بهلا الأثري وحارة الغزيلي القديمة، يحيط بحارة الحوية سور أثري قديم ما زال جزء من هذا السور قائمًا، ويحتفظ بمعالمه، وبه بوابتان يطلق على المفرد منها مسمى (صباح) كانت في الماضي تغلق بعد غروب الشمس، ويعاد فتحها بعد صلاة الفجر، يتخلل حارة الحوية فلجان، وهما فلج (الميتا) وهو الفلج الرئيس في الولاية، والفلج الآخر يطلق عليه (فلج المقيل) وبذلك تكون حارة الحوية مؤمنة بموارد المياه خلال الأزمات. كما أن لحارة الحّوية مسجدين يقعان داخل أسوار الحارة وهما (المسجد الحديث ومسجد عمر) إلى جانب جامع بهلا الأثري الذي يقع على ربوة عالية تطل على الحارة من الجهة الشمالية، كما ترتبط الحارة بجامع بهلا الأثري عبر سلم طويل يتكون من 28 (رفصة) درجا، والملاحظ أنها بعدد الحروف الهجائية، ويسمى هذا السلم المبني من الحجارة العريضة المصقولة (درجة أليف) يؤدي هذا السلم مباشرة إلى مجلس حارة الحوية القديم الذي لا يزال قائما مع وجود تصدعات في بعض أجزائه. وتحوي حارة الحّوية ما يقارب 200 منزل تاريخي وأثري، علمًا أن الكثير من هذه المنازل أصبح آيلًا للسقوط والبعض الآخر قائما، علمًا أن الحاجة ماسة إلى بعض الترميمات؛ كي تصلح للسكن، وتعتبر حارة الحّوية الواجهة الرئيسية لقلعة بهلا وهي الوجهة السياحية الأولى إلى جانب الحارات المجاورة (العقر والغزيلي) والسور الذي يحتضن بين جنبيه واحة بهلا الخلابة وهو يحيط بها كالإسوارة الثمينة بالمعصم.
المحافظة على الموقع
إن المحافظة على هذا الكنز الأثري الثمين يقع على عاتق أطراف عديدة إلى جانب المواطنين ملاك تلك البيوت، وكما يعلم الجميع أن هذه المواقع الأثرية تعتبر إحدى أولويات الحكومة في الحفاظ على هذا الموروث الأثري المهم، ونحن على يقين تام أن الجهات المسؤولة في وزارة التراث والسياحة تسعى إلى تطوير هذا القطاع الحيوي الذي بلا شك في حال تطوير هذه المرافق الأثرية سوف تعزز قطاع السياحة في الولاية فهي تعد مكملا رئيسيًا لزوّار قلعة بهلا، وهي امتداد أثري مثرٍ، حيث إنها مهوى أفئدة المواطنين والمقيمين إلى جانب السياح الأجانب الذين يتوافدون على هذه الولاية العريقة على مدار العام. وأضاف الجديدي: إننا في حارة الحّوية بولاية بهلا كما هو حال أهالي الحارات الأثرية الأخرى نناشد الجهات المعنية السعي حثيثا نحو تشجيع أهالي الحارة على تطوير هذه البيوت الأثرية، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال استكمال البنية الأساسية التي من دونها لن يتمكن الأهالي من تطوير أملاكهم، وتتمثل في رصف الطرق والممرات داخل الحارات وبين الأزقة (تبليط أو الحجارة المسطحة) وتوصيل شبكة الصرف الصحي، وتركيب أعمدة إنارة داخل الحارة وبين الأزقة، وتسهيل الإجراءات والسرعة في إصدار الموافقات، وعدم عرقلتها، وإيجاد نافذة مشتركة لتخليص التراخيص اللازمة لاستكمال إجراءات ترميم المنازل من أجل تهيئتها كنزل قابلة للاستخدام، والعمل على إعداد مخططات هندسية مكتملة لكل حارة كي يسهل على الملاك اتباعها في حال الشروع في ترميم أملاكهم وتنظيم الاشتراطات والمواصفات الخاصة بالترميم مع العمل على تخفيف الإجراءات وإزالة أي عراقيل تحول دون إتمام عمليات الترميم.
مكانة تاريخية
المواطن حميد بن علي القصابي أحد ملاك البيوت القديمة بحارة العقر المجاورة لقلعة بهلا قال: نظرا لمكانة قلعة بهلا التاريخية عالميا فإن القلعة تشهد إقبالا كبيرا من قبل السياح القادمين لزيارتها من داخل سلطنة عمان وخارجها، إلا أن السائح لا يلبث كثيرا بعد زيارة القلعة، والاهتمام بالمنطقة المحيطة بالقلعة في الحارات المجاورة يجعل السائح يستقر في هذا المكان، ويكتشف جمالياته، ويقف كثيرا عند هذا المعلم الأثري والحارات القديمة بتصاميمها الرائعة وهندستها المعمارية المتميزة، إلى جانب ما تمثله عودة هذه البيوت وتحويلها إلى نزل من زيادة دخل المواطنين وتوفير فرص العمل.
المكتبة القديمة
وأشار القصابي إلى أنه رفع تصورا للجنة تطوير واحة بهلا من أجل إعادة المكتبة القديمة بحارة العقر التي كانت بيت علم ومعرفة ويرتادها طلبة العلم من مختلف ولايات السلطنة، ولكنها بعد أن هجرت حارة العقر اندثرت هذه المكتبة، وتلفت الكتب الموجودة بها، لذا فإننا نرغب في إعادة المكتبة وبنفس الموقع وبالقرب من صباح الجصة، ويأمل القصابي من الجهات المعنية أن تبدأ في تهيئة هذه الحارات وتوفير كافة الخدمات لها من طرق وتوصيل التيار الكهربائي والإنارة والصرف الصحي والمرافق الخدمية؛ ليسهل على الأهالي استثمار الموقع وتهيئة هذه المنازل القديمة المهجورة والآيلة للسقوط لتكون رافدا للسياحة بعد أن يتم تهيئتها وترميمها. وأضاف القصابي: إن لدى عائلته منزلا قديما في حارة العقر يسمى بيت (السفل) وتمر ساقية الفلج من تحت المنزل وبه مجلس للضيافة يتم فيه استقبال الضيوف وغرف في الأسفل والأعلى ويزين مدخل البيت باب أثري منقوش بنقوش جميلة يعود لأكثر من 200 عام. ويأمل أن يتم ترميم هذا المنزل القديم، وتحويله لنزل تراثي إذا ما توفرت الخدمات اللازمة والتهيئة اللازمة للحارات القديمة التي بلا شك ستشهد توافد السياح عليها من داخل السلطنة وخارجها.
وجهة جذب سياحي وثقافي
وقال المواطن صلاح بن مسعود الحنشي أحد ملاك البيوت الأثرية بحارة الحوية: فكرة تطوير حارة الحوية تمثل جهدًا مهمًا للحفاظ على التراث التاريخي والثقافي لهذه المنطقة وتحويلها إلى وجهة جذب سياحي وثقافي يمكن أن يوفر فرصًا اقتصادية وثقافية للمجتمع المحلي، ويجب أن تكون هذه المبادرة شاملة ومتوازنة للحفاظ على الهوية الثقافية من خلال تطوير حارة الحوية والمحافظة على التراث وتعزيز الحياة المشتركة، فحارة الحوية تمتلك تاريخًا طويلًا وثريًا يجعلها واحدة من الأماكن المهمة للحفاظ على التراث وتطويره وتقع هذه القرية القديمة بين جبالها الخلابة ومساحاتها الخضراء، ولكنها تواجه التحديات التي تهدد بتدهورها مع مرور الزمن.
وأشار الحنشي إلى أن مشروع ترميم وإعادة تأهيل المباني القديمة للحفاظ على التراث البنيوي للقرية، يمكن إطلاقه كمشروع لترميم وإعادة تأهيل المباني القديمة، ويجب الاهتمام بالحفاظ على الهوية المعمارية التقليدية، واستخدام المواد المحلية مثل: الطين والحجارة في عمليات التجديد. كما يجب العمل على تسهيل الحصول على مخطط للحارة وتحويله إلى مخطط ثلاثي الأبعاد والعمل مع مهندسين معماريين للوصل إلى نتيجة تحفظ بها الحارة شكلها المعماري، وهذا سوف يساعد على إبداع بعض الأفكار التي يمكن تنفيذها مع مراعاة الحصول على التراخيص اللازمة.
وأضاف صلاح الحنشي: يمكن إقامة متاحف ومراكز تعليمية، ويمكن تحويل بعض المباني إلى متاحف ومراكز تعليمية تاريخية تعرض تاريخ وثقافة المنطقة، ويمكن للزوار الاستفادة من هذه المرافق لفهم تطور الحياة في القرية على مر العصور، ودعم المشاريع الشبابية، فالشباب لديهم دور مهم في تنمية المجتمع ويمكن تشجيع الشباب المحليين على المشاركة في مشاريع تنمية المجتمع، مثل مشاريع الزراعة المستدامة والحرف اليدوية التقليدية. والعمل على تنويع الأنشطة التجارية، حيث إنه من المهم تنويع الأنشطة التجارية في القرية؛ لجذب الزوار وتوفير فرص اقتصادية للسكان المحليين، كما يمكن إنشاء مقاهٍ تقدم الأكلات التقليدية ومحلات بقالة تبيع المنتجات المحلية والحرف اليدوية. وكما أشجع أن يكون هناك مجلس يلتقي فيه الزوار قبل الشروع بالزيارة، وتضمين جزء من الحارة ليكون نزلا للسائحين. وأتمنى عدم استنساخ أفكار مقاهي القهوة المختصة والابتعاد عنها وتقديم خدمات تعكس ثقافتنا العمانية.
وأشار الحنشي بقوله: لتعزيز الحياة المشتركة والتواصل يمكن تنظيم فعاليات ثقافية واجتماعية تشجع على التواصل بين أفراد المجتمع المحلي والزوار. ويمكن أن تشمل هذه الفعاليات العروض الفنية والموسيقى التقليدية وحلقات العمل، ومن الأهمية تسويق وجذب الزوار، حيث إنه من المهم العمل على التسويق لحارة الحوية والحارات المجاورة كوجهة سياحية وثقافية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وحملات إعلانية. ويمكن تنظيم جولات سياحية لجذب الزوار وتعريفهم بتاريخ وثقافة المنطقة. وتضمين دور التكنولوجيا في التجول في الحارة العريقة كاستخدام تقنية الواقع المعزز. وما أتمناه من الجهات المعنية هو دعم هذا النوع من المشاريع وتوفير الدعم المالي والتقني والتنظيمي لضمان نجاحها والمساهمة في تعزيز التراث الثقافي والاقتصاد المحلي في المنطقة. وتعزيز التعاون بين الحكومة والجهات غير الربحية والمجتمع المحلي يمكن أن يكون مفتاحًا لتحقيق هذه الأهداف.
مشروع النزل التراثية
أوضح عبدالله بن ناصر العثماني أحد ملاك البيوت الأثرية بحارة العقر، وهو من الشباب الذين بدأت منهم المبادرة في ترميم النزل التراثية، حيث وصل مشروع ترميمه إلى المراحل النهائية قائلا: فكرة المشروع تتمثل في إقامة نزل تراثي يعد الأول من نوعه في ولاية بهلا ويوجد في حارة العقر خلف قلعة بهلا الشامخة ويحتوي على 9 غرف نوم فندقية ودورات مياه، ويحتوي على مطعم بوجبات تقليدية شعبية عمانية وأكلات إيطالية ومقهى متخصص. وقد بدأ العثماني مشروعه منذ سنتين شمل أعمال الترميم للمبنى القديم بالموقع. وأشار العثماني إلى أنه واجه صعوبة في الترميم من حيث توفير المواد المتعلقة بالترميم كالأخشاب للأسقف والطين والمواد المستخدمة في الترميم كنزل تراثي قديم وواجهتنا صعوبات كأول مستثمر في هذا الموقع ومدى تقبل الجهات المعنية لتنفيذنا هذا المشروع وإعادة إحياء المنطقة القديمة، وكانت لنا مطالبات بالحصول على الدعم الحكومي ولكن للأسف لم يتحقق ذلك، والحمد لله تيسرت الأمور، وحاليا نتابع الحصول على تصاريح البلدية للنزل التراثية والمطاعم وتوجد صعوبة في الحصول على التصاريح باعتباره المشروع الأول من نوعه في الولاية رغم وجود مثل هذه المشاريع في ولايات مجاورة. والنداء لوزارة التراث والسياحة ووزارة الداخلية ممثلة في البلدية للتسهيل على المواطنين وتشجيع الشباب لإحياء هذه المنطقة القديمة بالكامل وتوفير مختلف الخدمات. وأكد العثماني دعمه الفني لكل من يرغب في استثمار البيوت القديمة بالموقع ونقل خبراته في ترميم الموقع الحالي.
مبادرات متعددة أطلقها شباب بهلا رسمت الطريق لاستغلال هذه الحارات القديمة المحيطة بالقلعة وبما يعزز من السياحة واستثمارها وبما يعود بالنفع سواء على أصحاب الممتلكات أو الولاية بشكل عام، ولتكون الوجهة الأبرز للسياح من داخل السلطنة وخارجها.
وتعد المنطقة المحيطة بقلعة بهلا أنموذجا رائعا ومميزا للحارات العمانية القديمة، حيث البناء المعماري والهندسة العمانية القديمة وشق الفلج الذي يمر أسفل هذه المنازل، وتشكيلة الحارة العمانية بصباحاتها وأقواسها التي تزيّن مداخلها ومخارجها ومكونات هذه الحارات من السبلة والسوق والمسجد.
وتنبع أهمية استغلال هذا الموقع لجذب السياحة وتهيئة هذه المنطقة المحيطة بالقلعة لتنطلق من خلالها مراحل أخرى في استثمار هذه البيوت القديمة بترميمها وتحويلها لنزل تراثية ومتاحف ومقاهٍ أثرية وعمل جولات سياحية وسط هذه الحارات، والاستفادة من المنطقة المحيطة بقلعة بهلا وما تضمها من تجسيد للقرية العمانية القديمة وبها 8 صباحات ومبانٍ أثرية يمكن استغلالها لاحقا في إقامة نزل تراثية وتهيئة كافة الطرق القديمة بهذه الحارات؛ لتسهيل القيام بجولات سياحية عبر مركبات مخصصة لهذا الغرض؛ تعرف السائح بهذا الإرث الحضاري وفنون العمارة العمانية القديمة وما يتميز به المعمار العماني من جمال الهندسة والتصميم.
منطقة حيوية ومهمة
ناصر بن حميد الوردي عضو المجلس البلدي بولاية بهلا قال: إن المنطقة المحيطة بقلعة بهلا منطقة حيوية ومهمة كونها تمثل تجانسًا وتطابقًا مع القلعة فهي تعمل توأمة بين القلعة والبيئة المحيطة بها، وإذا ما تم تفعيل المنطقة المحيطة بالقلعة فستكون نتائج تشغيل القلعة سياحيا وتجاريا مضاعفة، وإذا لم يتم تفعيل هذه المنطقة سيؤثر سلبا على توجه الشركة المستثمرة لقلعة بهلا لذلك من صالح الشركة المستثمرة لقلعة بهلا أن تعمل على تفعيل المنطقة المحيطة بالقلعة بالتعاون مع الأهالي المعنيين أو ملاك البيوت الأثرية المجاورة للقلعة ومع الجهات المعنية ذات الصلة.
وأشار الوردي إلى أنه يوجد تحدٍ في واحة بهلا على وجه الخصوص والمنطقة المحيطة بالقلعة نظرا لانضمامها لمنظمة اليونسكو فلها اشتراطات معينة لابد من إيفائها لتنال شرف انتسابها لقائمة التراث العالمي لذلك فإن الجهات المعنية أصدرت قرارا بتشكيل لجنة تيسيرية مهمتها العمل على تسهيل الإجراءات وتنظيم العمل ما بين الجهات الحكومية ومتطلبات اليونسكو وتطلعات الأهالي فهي همزة وصل، وتسعى جاهدة للتغلب على التحديات والصعاب التي تواجه جميع الأطراف ودورها في العمل على تعزيز الاستفادة من هذه المقومات الممثلة في القلعة والمنطقة المحيطة بها لاستثمارها بما يعود بالنفع على الأهالي القاطنين في الواحة أو تنشيط الاقتصاد العماني مواكبة لسعي الحكومة نحو تعزيز ورفع نسبة مساهمة السياحة في الاقتصاد الوطني أو المحلي، كما أن جهودا تبذل من قبل شباب أبناء الولاية للاستثمار في هذا المجال ورغم أنه في بداياته فهو محتاج لمزيد من الجهد ومضاعفة العمل من أجل تحقيق الراغبين في الاستثمار لتحقيق النجاح والتغلب على العقبات والتحديات القائمة وتذليل الصعاب التي تواجههم، وبه اشتراطات خاصة بخلاف أي موقع والمستقبل مبشر في هذه المنطقة وإيجابي للاستثمار فيها وسيكون لها دور في تنشيط الحركة السياحية. وأضاف الوردي: نحن نسعى جاهدين من خلال اللجنة لعمل لائحة تنفيذية موحدة لكافة الجهات الحكومية من حيث الاشتراطات والمتطلبات للاستثمار بما يتوافق مع اشتراطات ومتطلبات الجهات الحكومية، وللتسهيل على المستثمرين.
حارة الحويّة
وقال ناصر بن مسعود الجديدي رشيد حارة الحوية: كما تعلمون أن حارة الحّوية تعد أحد أهم الحارات الأثرية الواقعة في واحة بهلا، يحدها من الشمال قلعة بهلا الشامخة، ومن الجنوب والجنوب الشرقي حارة العقر العريقة، ومن الغرب سوق بهلا التراثي، ومن الشرق جامع بهلا الأثري وحارة الغزيلي القديمة، يحيط بحارة الحوية سور أثري قديم ما زال جزء من هذا السور قائمًا، ويحتفظ بمعالمه، وبه بوابتان يطلق على المفرد منها مسمى (صباح) كانت في الماضي تغلق بعد غروب الشمس، ويعاد فتحها بعد صلاة الفجر، يتخلل حارة الحوية فلجان، وهما فلج (الميتا) وهو الفلج الرئيس في الولاية، والفلج الآخر يطلق عليه (فلج المقيل) وبذلك تكون حارة الحوية مؤمنة بموارد المياه خلال الأزمات. كما أن لحارة الحّوية مسجدين يقعان داخل أسوار الحارة وهما (المسجد الحديث ومسجد عمر) إلى جانب جامع بهلا الأثري الذي يقع على ربوة عالية تطل على الحارة من الجهة الشمالية، كما ترتبط الحارة بجامع بهلا الأثري عبر سلم طويل يتكون من 28 (رفصة) درجا، والملاحظ أنها بعدد الحروف الهجائية، ويسمى هذا السلم المبني من الحجارة العريضة المصقولة (درجة أليف) يؤدي هذا السلم مباشرة إلى مجلس حارة الحوية القديم الذي لا يزال قائما مع وجود تصدعات في بعض أجزائه. وتحوي حارة الحّوية ما يقارب 200 منزل تاريخي وأثري، علمًا أن الكثير من هذه المنازل أصبح آيلًا للسقوط والبعض الآخر قائما، علمًا أن الحاجة ماسة إلى بعض الترميمات؛ كي تصلح للسكن، وتعتبر حارة الحّوية الواجهة الرئيسية لقلعة بهلا وهي الوجهة السياحية الأولى إلى جانب الحارات المجاورة (العقر والغزيلي) والسور الذي يحتضن بين جنبيه واحة بهلا الخلابة وهو يحيط بها كالإسوارة الثمينة بالمعصم.
المحافظة على الموقع
إن المحافظة على هذا الكنز الأثري الثمين يقع على عاتق أطراف عديدة إلى جانب المواطنين ملاك تلك البيوت، وكما يعلم الجميع أن هذه المواقع الأثرية تعتبر إحدى أولويات الحكومة في الحفاظ على هذا الموروث الأثري المهم، ونحن على يقين تام أن الجهات المسؤولة في وزارة التراث والسياحة تسعى إلى تطوير هذا القطاع الحيوي الذي بلا شك في حال تطوير هذه المرافق الأثرية سوف تعزز قطاع السياحة في الولاية فهي تعد مكملا رئيسيًا لزوّار قلعة بهلا، وهي امتداد أثري مثرٍ، حيث إنها مهوى أفئدة المواطنين والمقيمين إلى جانب السياح الأجانب الذين يتوافدون على هذه الولاية العريقة على مدار العام. وأضاف الجديدي: إننا في حارة الحّوية بولاية بهلا كما هو حال أهالي الحارات الأثرية الأخرى نناشد الجهات المعنية السعي حثيثا نحو تشجيع أهالي الحارة على تطوير هذه البيوت الأثرية، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال استكمال البنية الأساسية التي من دونها لن يتمكن الأهالي من تطوير أملاكهم، وتتمثل في رصف الطرق والممرات داخل الحارات وبين الأزقة (تبليط أو الحجارة المسطحة) وتوصيل شبكة الصرف الصحي، وتركيب أعمدة إنارة داخل الحارة وبين الأزقة، وتسهيل الإجراءات والسرعة في إصدار الموافقات، وعدم عرقلتها، وإيجاد نافذة مشتركة لتخليص التراخيص اللازمة لاستكمال إجراءات ترميم المنازل من أجل تهيئتها كنزل قابلة للاستخدام، والعمل على إعداد مخططات هندسية مكتملة لكل حارة كي يسهل على الملاك اتباعها في حال الشروع في ترميم أملاكهم وتنظيم الاشتراطات والمواصفات الخاصة بالترميم مع العمل على تخفيف الإجراءات وإزالة أي عراقيل تحول دون إتمام عمليات الترميم.
مكانة تاريخية
المواطن حميد بن علي القصابي أحد ملاك البيوت القديمة بحارة العقر المجاورة لقلعة بهلا قال: نظرا لمكانة قلعة بهلا التاريخية عالميا فإن القلعة تشهد إقبالا كبيرا من قبل السياح القادمين لزيارتها من داخل سلطنة عمان وخارجها، إلا أن السائح لا يلبث كثيرا بعد زيارة القلعة، والاهتمام بالمنطقة المحيطة بالقلعة في الحارات المجاورة يجعل السائح يستقر في هذا المكان، ويكتشف جمالياته، ويقف كثيرا عند هذا المعلم الأثري والحارات القديمة بتصاميمها الرائعة وهندستها المعمارية المتميزة، إلى جانب ما تمثله عودة هذه البيوت وتحويلها إلى نزل من زيادة دخل المواطنين وتوفير فرص العمل.
المكتبة القديمة
وأشار القصابي إلى أنه رفع تصورا للجنة تطوير واحة بهلا من أجل إعادة المكتبة القديمة بحارة العقر التي كانت بيت علم ومعرفة ويرتادها طلبة العلم من مختلف ولايات السلطنة، ولكنها بعد أن هجرت حارة العقر اندثرت هذه المكتبة، وتلفت الكتب الموجودة بها، لذا فإننا نرغب في إعادة المكتبة وبنفس الموقع وبالقرب من صباح الجصة، ويأمل القصابي من الجهات المعنية أن تبدأ في تهيئة هذه الحارات وتوفير كافة الخدمات لها من طرق وتوصيل التيار الكهربائي والإنارة والصرف الصحي والمرافق الخدمية؛ ليسهل على الأهالي استثمار الموقع وتهيئة هذه المنازل القديمة المهجورة والآيلة للسقوط لتكون رافدا للسياحة بعد أن يتم تهيئتها وترميمها. وأضاف القصابي: إن لدى عائلته منزلا قديما في حارة العقر يسمى بيت (السفل) وتمر ساقية الفلج من تحت المنزل وبه مجلس للضيافة يتم فيه استقبال الضيوف وغرف في الأسفل والأعلى ويزين مدخل البيت باب أثري منقوش بنقوش جميلة يعود لأكثر من 200 عام. ويأمل أن يتم ترميم هذا المنزل القديم، وتحويله لنزل تراثي إذا ما توفرت الخدمات اللازمة والتهيئة اللازمة للحارات القديمة التي بلا شك ستشهد توافد السياح عليها من داخل السلطنة وخارجها.
وجهة جذب سياحي وثقافي
وقال المواطن صلاح بن مسعود الحنشي أحد ملاك البيوت الأثرية بحارة الحوية: فكرة تطوير حارة الحوية تمثل جهدًا مهمًا للحفاظ على التراث التاريخي والثقافي لهذه المنطقة وتحويلها إلى وجهة جذب سياحي وثقافي يمكن أن يوفر فرصًا اقتصادية وثقافية للمجتمع المحلي، ويجب أن تكون هذه المبادرة شاملة ومتوازنة للحفاظ على الهوية الثقافية من خلال تطوير حارة الحوية والمحافظة على التراث وتعزيز الحياة المشتركة، فحارة الحوية تمتلك تاريخًا طويلًا وثريًا يجعلها واحدة من الأماكن المهمة للحفاظ على التراث وتطويره وتقع هذه القرية القديمة بين جبالها الخلابة ومساحاتها الخضراء، ولكنها تواجه التحديات التي تهدد بتدهورها مع مرور الزمن.
وأشار الحنشي إلى أن مشروع ترميم وإعادة تأهيل المباني القديمة للحفاظ على التراث البنيوي للقرية، يمكن إطلاقه كمشروع لترميم وإعادة تأهيل المباني القديمة، ويجب الاهتمام بالحفاظ على الهوية المعمارية التقليدية، واستخدام المواد المحلية مثل: الطين والحجارة في عمليات التجديد. كما يجب العمل على تسهيل الحصول على مخطط للحارة وتحويله إلى مخطط ثلاثي الأبعاد والعمل مع مهندسين معماريين للوصل إلى نتيجة تحفظ بها الحارة شكلها المعماري، وهذا سوف يساعد على إبداع بعض الأفكار التي يمكن تنفيذها مع مراعاة الحصول على التراخيص اللازمة.
وأضاف صلاح الحنشي: يمكن إقامة متاحف ومراكز تعليمية، ويمكن تحويل بعض المباني إلى متاحف ومراكز تعليمية تاريخية تعرض تاريخ وثقافة المنطقة، ويمكن للزوار الاستفادة من هذه المرافق لفهم تطور الحياة في القرية على مر العصور، ودعم المشاريع الشبابية، فالشباب لديهم دور مهم في تنمية المجتمع ويمكن تشجيع الشباب المحليين على المشاركة في مشاريع تنمية المجتمع، مثل مشاريع الزراعة المستدامة والحرف اليدوية التقليدية. والعمل على تنويع الأنشطة التجارية، حيث إنه من المهم تنويع الأنشطة التجارية في القرية؛ لجذب الزوار وتوفير فرص اقتصادية للسكان المحليين، كما يمكن إنشاء مقاهٍ تقدم الأكلات التقليدية ومحلات بقالة تبيع المنتجات المحلية والحرف اليدوية. وكما أشجع أن يكون هناك مجلس يلتقي فيه الزوار قبل الشروع بالزيارة، وتضمين جزء من الحارة ليكون نزلا للسائحين. وأتمنى عدم استنساخ أفكار مقاهي القهوة المختصة والابتعاد عنها وتقديم خدمات تعكس ثقافتنا العمانية.
وأشار الحنشي بقوله: لتعزيز الحياة المشتركة والتواصل يمكن تنظيم فعاليات ثقافية واجتماعية تشجع على التواصل بين أفراد المجتمع المحلي والزوار. ويمكن أن تشمل هذه الفعاليات العروض الفنية والموسيقى التقليدية وحلقات العمل، ومن الأهمية تسويق وجذب الزوار، حيث إنه من المهم العمل على التسويق لحارة الحوية والحارات المجاورة كوجهة سياحية وثقافية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وحملات إعلانية. ويمكن تنظيم جولات سياحية لجذب الزوار وتعريفهم بتاريخ وثقافة المنطقة. وتضمين دور التكنولوجيا في التجول في الحارة العريقة كاستخدام تقنية الواقع المعزز. وما أتمناه من الجهات المعنية هو دعم هذا النوع من المشاريع وتوفير الدعم المالي والتقني والتنظيمي لضمان نجاحها والمساهمة في تعزيز التراث الثقافي والاقتصاد المحلي في المنطقة. وتعزيز التعاون بين الحكومة والجهات غير الربحية والمجتمع المحلي يمكن أن يكون مفتاحًا لتحقيق هذه الأهداف.
مشروع النزل التراثية
أوضح عبدالله بن ناصر العثماني أحد ملاك البيوت الأثرية بحارة العقر، وهو من الشباب الذين بدأت منهم المبادرة في ترميم النزل التراثية، حيث وصل مشروع ترميمه إلى المراحل النهائية قائلا: فكرة المشروع تتمثل في إقامة نزل تراثي يعد الأول من نوعه في ولاية بهلا ويوجد في حارة العقر خلف قلعة بهلا الشامخة ويحتوي على 9 غرف نوم فندقية ودورات مياه، ويحتوي على مطعم بوجبات تقليدية شعبية عمانية وأكلات إيطالية ومقهى متخصص. وقد بدأ العثماني مشروعه منذ سنتين شمل أعمال الترميم للمبنى القديم بالموقع. وأشار العثماني إلى أنه واجه صعوبة في الترميم من حيث توفير المواد المتعلقة بالترميم كالأخشاب للأسقف والطين والمواد المستخدمة في الترميم كنزل تراثي قديم وواجهتنا صعوبات كأول مستثمر في هذا الموقع ومدى تقبل الجهات المعنية لتنفيذنا هذا المشروع وإعادة إحياء المنطقة القديمة، وكانت لنا مطالبات بالحصول على الدعم الحكومي ولكن للأسف لم يتحقق ذلك، والحمد لله تيسرت الأمور، وحاليا نتابع الحصول على تصاريح البلدية للنزل التراثية والمطاعم وتوجد صعوبة في الحصول على التصاريح باعتباره المشروع الأول من نوعه في الولاية رغم وجود مثل هذه المشاريع في ولايات مجاورة. والنداء لوزارة التراث والسياحة ووزارة الداخلية ممثلة في البلدية للتسهيل على المواطنين وتشجيع الشباب لإحياء هذه المنطقة القديمة بالكامل وتوفير مختلف الخدمات. وأكد العثماني دعمه الفني لكل من يرغب في استثمار البيوت القديمة بالموقع ونقل خبراته في ترميم الموقع الحالي.