أعمدة

يمين التاجر

 
أظهر لنا التسويق عن طريق من باتوا يسمون بـ«المؤثرين» على شبكات التواصل الاجتماعي، انتشار ظاهرة البيع بالحلف، التي يستسهل فيها المعلن الحلف بالله -سبحانه وتعالى- من أجل الترويج لسلع كثيرا ما تكون سلعا لم يجربها هو أساسا، لكنه يحلف يمينا أنه جربها واستفاد منها، وأنه لم يعد يستخدم غيرها، رغم أنه في إعلان سابق لمنتج مشابه قال الشيء ذاته، والفرق بينهما قد يكون يوما واحدا.

يستغرب المرء كيف للإنسان أن يصدق هذه الإعلانات، لكن كثيرا من الناس للأسف تصدق، خاصة أن كثيرا من الشخصيات التي لها مكانتها وسمعتها في المجتمع بدأت تدخل بقوة هذا المجال من أجل كسب المزيد من المال، على حساب صحة الآخرين النفسية والبدنية، وعلى حساب الوضع الاقتصادي للبلاد، وعلى حساب إيمان المرء الذي يحلف كاذبا، وهو مدرك تماما أنه كاذب، وقد حرم الشرع هذا النوع من البيع لكونه ينطوي على غش وتدليس وكذب، وهو للأسف الشديد بات سائدا اليوم في حملات التسويق، التي ينقل فيها خبراء التسويق نقلا نصيا ما جاء في مناهج التسويق التي وضعت من قبل الغرب في الغالب، والقائمة على مبدأ (الغاية تبرر الوسيلة) المهم أن أربح وأن أسوق منتجاتي بغض النظر عن سلامة الفرد والمجتمع.

وفي الحديث الشريف (الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للبركة) لأن الشخص الذي يشتري منك إنما يشتري تعظيما لله الذي حلفت به كذبا، ولو لم تحلف لما اشتراه، فالصادق ليس بحاجة للحلف لبيع بضاعته، هذا بالنسبة لصاحب الخدمة أو البضاعة، أما المعلنون والمسوقون فهم أدهى وأمر؛ لأنهم كمن يبيع السمك في الماء، يبيع لك منتجا أنت لا تحتاجه أبدا، باستخدام حيل تسويقية خاصة عبر الإعلانات، فالمشتري لا يتاح له فحص المنتج أو الخدمة في أغلب الأحيان، هو يكتفي بما تنقله له أنت كتاجر أو معلن من خلال وصف مميزات المنتج التي غالبا ما تكون مضللة، حتى إذا وصلت للمشتري، وصلت له مختلفة كلية عن المنتج الذي رأى في الإعلان، وختاما نذكر بالحديث الشريف (من غش فليس مني) فلا تجعلها ذنبين ذنب الغش وكبيرة اليمين الكاذب.

حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية