تحقيقات

مبتعثون: التواصل والتوجيه الأسري حصانة للسلوك والفكر

وسط تحفظات أولياء الأمور وقلقهم من مخاطر الغربة

 
يلعب التوجيه الفعال للأبناء المبتعثين للدراسة في الخارج دورا في حمايتهم من السلوكيات الخاطئة من خلال ترسيخ مساحات التشارك والحوار بين الشباب والقدوات المؤثرة.

ويؤكد مختصون أن الغربة قد تسهم في تقوية شخصية الأبناء، وينبهون في المقابل إلى ان السلوكيات التي يمارسها الطلبة قد تعود الى التنشئة الاسرية التي اعتاد عليها الطالب، وأن التواصل المستمر مع المبتعث ومعرفة أصحابه في الغربة داعم قوي له.

يقول وليد بن عبدالملك الراشدي: لابد من توعية الأبناء في كيفية اختيار الأصدقاء لأنهم المؤثر الأساسي في تصرفاتهم وسلوكياتهم خصوصا عندما يكونون خارج البلاد لإنهم يفتقدون الرقابة الأسرية الضرورية في تقويم اي سلوك معوج، لأن الحرية متاحة في التصرف من دون رقيب أو حسيب، وقد يكون هناك ما يساعد في تغيير أفكارهم ومشاعرهم، مما يؤثر على علاقتهم بذويهم واسرهم.

وترى خولة بنت راشد المعولية أن الغربة صعبة وتتطلب قوة وصبرا وتحديا في نفس الوقت، وفي هذا العام حصل ابني على بعثة للدراسة في الخارج، وكنت قد خططت مسبقا ارساله إلى احدى الدول الاوروبية لتعلم اللغة الإنجليزية وفي نفس الوقت يخوض تجربة الغربة والاعتماد على النفس، ممايتيح له من تطوير شخصيته وطريقة اختيار اصدقائه، لان الأبناء في هذا العمر يفتقدون الوعي وقد يتصرفون بتصرفات غير لائقة لا يدركون مدى خطورتها.

وقالت إبتسام بنت سيف المحروقية : نحن نعيش في مجتمع ملتزم دينيا وأخلاقيا، ولدي ابنة تدرس في الخارج فمن الطبيعي قد يخرج الأبناء في مرحلة المراهقة الى مجتمع اخر مختلف تماما عن مجتمعنا، وقد يكونوا معرضين للتأثر بالمجمتع الجديد، هنا ياتي دورنا كأولياء امور في متابعة مستمرة ومتواصلة مع ابنائنا لأيام،حتى يدرك الطالب مدى اهتمام الأسرة به.

وقال خلفان بن علي الغماري: بعد تخرج ابني من الدراسة بالخارج لاحظت تغيرات كبيرة في شخصيته حيث أصبحت له خصوصية اكبر، معتبرا ان له حريته التي يجب ان لا يتعدى عليه الاخرون وان كان الأهل، ويرجع ذلك من التأثر بالأصدقاء الذين يسعى إلى تقليدهم.

ادارة الوقت

وقالت مرام محمود اليعربية: عندما تلقيت خبر ابتعاثي للخارج شعرت بتوتر لعدم معرفة الواقع القادم وإدراكي بأني سأصبح مستقلة تماماً و معتمدة على نفسي اعتمادا تاما في تلبية احتياجاتي الحياتية اليومية والتي اعتاد والدايّ توفيرها لي، وبفضل دعم أهلي أسدوا لي بعض النصائح و التوصيات المتعلقة بالحياة الجامعية بشكل عام وبالابتعاث بشكل خاص و ذلك من واقع تجاربهم السابقة في الحياة الجماعية و كانت هذي التوصيات مستمرة طيلة فترة دراستي مثل تذكيري بأهمية الصلاة بالإضافة إلى عدم الدخول في المناقشات الدينية واحترام جميع الآراء و المعتقدات و تقبلها و لتعايش معها مهما كانت مختلفة عن واقع بيئتنا العمانية.

مضيفة: لم تكن هنالك الكثير من المخاوف لدي وذلك عائد إلى كوني أدرس في دولة خليجية و بيئتها مشابهة بشكل كبير إلى حدٍ ما للبيئة العمانية و لكن كنت قلقة بشأن الرفقة التي ستصاحبني فهي بطبيعة الحال عامل أساسي من العوامل التي قد تبعث الراحة والطمأنينة في نفس الطالب المبتعث.

بيئة جديدة

وقالت سارة بنت منصور المفضلية: تلقيت خبر ابتعاثي بمشاعر مختلطة من الخوف والقلق من المجهول والحماس للكامن خلف حدود المجتمع العماني و بالطبع مشاعر الحنين والإشتياق، وارتابني خوف في عدم تقبلي و تكيفي مع البيئة الجديدة المختلفة من جميع النواحي عن بيتنا العمانية، إلا أن للأهل دورا بالغا حيث أنهم غرسوا فينا منذ الصغر قوة الإيمان و التمسك الشديد بالمبادئ، كما نبهوني و حرصوا على تذكيري دائما بأمتي و ديني،و حذروني أشد التحذير من التقليد الأعمى فعلموني تقييم المواقف وأخذ المفيد فقط.

وتقول الطالبة بلقيس حمد القنوبية، مبتعثة للولايات المتحدة : كنت سعيده جداً بالدراسة في الخارج فهي فرصة للتعرف إلى ثقافات الشعوب، وطرق التعامل معهم، وفرصة أيضاً لتعريف ثقافتنا للآخرين، وتعلم الاعتماد على النفس واختبار الشخصية وأيضاً تتغير طريقة حياة الإنسان ويصبح عملياً بشكل أكبر، وهذا لا يعني أني سأفقد ارتباطي ببلدي، بل على العكس، سيزداد إحساسي بالمسؤولية، ونضوج الشخص قبل السفر للدراسة تلعب دوراً كبيراً في مسألة التأقلم مع الخارج، والعائلة دور كبير في دعمي ومساعدتي في تخطي كل التحديات والمخاوف التي كنت أمر فيها.

تحمل المسؤولية

وعن مخاوف أولياء الأمور قالت نائلة بنت محمود البريدية، 'موجهة دينية': إن الأسرة هي الحضن الآمن للأبناء، والداعم في كثير من الأحيان، ففي مجتمعنا نجد أن الأبناء يعتمدون اعتمادا كبيرا على الوالدين في كثير من المسؤوليات التي هي من اختصاص الأبناء أنفسهم، وفي كثير من الأحيان لا ينتبه الوالدين أنهم يؤثرون سلبا في البناء المهاري والمعرفي والشخصي لأبناءهم بهذا التصرف، لينتبهوا لها عند رغبة الأبناء في للدراسة بالخارج، فهم لم يعتادوا تحمل المسؤولية وهنا يبدأ القلق لدى الآباء حيال ذلك.

ولأننا في عصر متسارع بالموجات الفكرية تزداد صعوبة الأمر على الوالدين حين يفكرون أن هؤلاء الآبناء لن يكونوا تحت أعينهم خاصة إأن بناءهم النفسي لا يتسم بالقوة.

أضافت البريدية: ابتعاث الأبناء للدراسة له ميزات وسلبيات، ولكن يمكن القول أن من المميزات أن الابناء يصبحوا قادرين على تحمل المسؤولية بأنفسهم، ويدفعهم الابتعاث للتعلم الذاتي في جوانب الحياة المختلفة، يصبحوا أكثر تقديرا لمكانة الوالدين والأُسرة، ويخوضوا تجاربهم بأنفسهم والتجربة خير معلم للإنسان، في حين قد تصدر بعض السلوكيات السلبية ومنها عدم التحري في اختيار الصحبة، وإن كان البناء العقائدي والنفسي هشا قد يجر الطالب لأفكار تؤثر سلبا عليه.

وحول أسباب السلوكيات السيئة التي قد يسلكها الطلبه قالت البريدية: قد تنتج عن جود بعض المشاكل النفسية والاجتماعية، ووقت الفراغ وعدم امتلاك الطالب مهارة التفكير الناقد،والتاثر بمواقع التواصل ، والاحتكاك بثقافات مختلفة وكذلك التقدم المادي المتسارع في هذا العالم، وغياب مساحات التشارك بين الشباب وبين القُدوات المؤثرة، مؤكدة أن من الأفضل ان يكون البناء منذ الطفولة في الجانب الديني والنفسي وتقدير العلاقات الاجتماعية، والتواصل المستمر مع الطالب المبتعث ومعرفة أصحابه في الغربة، لحمايتهم من الانحرافات، ويجب ان نذكرهم أننا فخورون بهم وأن أسرهم ومجتمعاتهم تنتظر منهم الكثير من العطاء ومواصلة البناء في المراحل القادمة.