رأي عُمان

دور الشباب العربي في تشكيل السلام والأمن

 
اعتمد وزراء الشباب والرياضة العرب «الاستراتيجية العربية للشباب والسلام والأمن»، وهي خطوة مهمة جدا أن يكون لدى العالم العربي مثل هذه الاستراتيجية التي يمكن أن تنبثق منها استراتيجيات وطنية تهدف إلى إشراك الشباب العربي في قضايا السلام والأمن وهي إحدى أهم القضايا التي يمكن أن تعيد تشكيل المنطقة والعالم.

وفي المنطقة العربية التي شابها الكثير من التعقيدات والمواجهات عبر التاريخ فإن اعتماد مثل هذه الاستراتيجية يمثل خطوة واعدة نحو الأمام، كما تؤكد على الدور المحوري للشباب في بناء السلام وتعزيز الأمن.

لا ينظر للشباب في العالم العربي بوصفهم متلقين للقرارات السياسية أو متفرجين سلبيين في عالم يحدده كبار السن، بل هم مشاركون نشطون ومحركون ومصلحون لعصر جديد من السلام والتعاون.

إن العالم العربي، بنسيجه الغني من الثقافات والأديان والتاريخ، كان- مع الأسف- نقطة ساخنة للصراعات، لقد خلفت الصراعات الطائفية والنزاعات الإقليمية والاختلالات الاجتماعية والاقتصادية ندوبا تمتد لأجيال عديدة، ومن أجل شفاء هذه الجروح، فإن وجهات النظر الجديدة والحلول المبتكرة أمر حيوي وضروري.. ومن أفضل من الشباب الذين هم أقل تأثرا بأحكام الماضي وعقائده المسبقة لبناء جسور جديدة نحو المستقبل بعيدا عن كل ندوب الماضي وآلامه؟

وفي عصر تربط فيه التكنولوجيا القارات وتنتقل الأفكار بشكل أسرع من أي وقت مضى، فإن الشباب العربي في وضع فريد يؤهله ليقوم بدور سفير السلام وباني الجسور وصانع التغيير لغد مختلف.

يستطيع الشباب العربي تسخير قوة الدبلوماسية الرقمية، وإنشاء شبكات تتجاوز الحدود، وتعزيز بيئة من الاحترام والتفاهم المتبادلين. ويمكن لهذا الجيل الرقمي أن يتحدى الصور النمطية، ويحارب المعلومات المضللة، ويعزز خطاب الوحدة.

إن إشراك الشباب في قضايا السلام والأمن يمهد الطريق لتحقيق التنمية المستدامة.. ولا شك أن البيئة الآمنة والمتناغمة أمرا أساسيا للنمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي وتحسين المجتمعات بشكل عام، ومن خلال إشراك الشباب في هذه الأمور المهمة؛ فإننا لا نستثمر في الحاضر فحسب، بل نضمن مستقبلًا مستقرًا ومزدهرًا.

لكن لا بد من التأكيد أن نجاح هذه الاستراتيجية يتوقف على التنفيذ الفعال.. إن الاعتراف بإمكانات الشباب شيء وتزويدهم بالأدوات والموارد والمنصات التي يحتاجون إليها لإحداث فرق شيء آخر، وهذا يتطلب إصلاحات تعليمية شاملة، وبرامج تدريب، ومبادرات إرشادية. ويعني أيضًا إيجاد مساحات حيث يتم سماع أصوات الشباب واحترامها والتصرف بناء عليها. إن الاستراتيجية العربية للشباب والسلام والأمن ليست مجرد وثيقة أو سياسة، إنها شهادة على الوعي المتطور في العالم العربي، الذي يرى شبابه ليس كتحدٍ تجب إدارته، بل كأصل تجب رعايته. ومن خلال وضعها في طليعة مساعي السلام والأمن، فإننا لا نعترف بقيمتها فحسب، بل نخطو خطوة حاسمة نحو عالم عربي أكثر انسجاما.