رأي عُمان

الشفافية ومناخ الاستثمار

 
لا يمكن بناء اقتصاد قوي مولد للفرص وجاذب للاستثمار ورؤوس الأموال، ما لم تكن الشفافية سمته الأساسية الأبرز، بوصفها عاملا مؤثرا على قرارات المستثمرين وقناعاتهم، نظرا لتماسها مع جوانب مهمة في الإدارة والاقتصاد، وهي على النقيض من الضبابية وحالة عدم اليقين التي تربك بيئة الأعمال، وتضعف ثقة المستثمرين.

وفي سلطنة عمان فإن تعزيز الشفافية والحوكمة من المبادئ المهمة للرؤية المستقبلية «عمان 2040» لرفع تنافسية الاقتصاد الوطني على المستوى العالمي، وتأكيدا على هذا التوجه بادرت الجهات الحكومية بالالتزام بقدر عال من الإفصاح والوضوح فيما يخص العجوزات والدين العام ومدفوعات خدمة الدين، وكل ما يتعلق بالمركز المالي للدولة وحجم وتوجهات الاستثمارات الحكومية ومسار النمو والتنويع الاقتصادي.

وتأتي إجراءات تقييم الأداء الحكومي توسيعا لإطار الشفافية وتحقيقا لمضامينها، إلى جانب الاهتمام بإجراء استطلاعات متوالية لرصد رضا المستفيدين ومتابعة مؤشرات التقدم في تنفيذ مستهدفات رؤية عمان وما يواجهها من تحديات.

ومثلما تسعى الحكومة لتبني أفضل الممارسات العالمية للحوكمة للارتقاء بمختلف جوانب العمل الحكومي، فقد أصبحت الشفافية أيضا متطلبا رئيسيا في كل ما يحيط ببيئة الأعمال عبر وضوح إجراءات وفرص الاستثمار. وفي جانب المستثمرين، لا شك أن الالتزام باللوائح والقوانين المنظمة يشكل عاملا مهما للشفافية ويوجد تنافسا عادلا وفرصا متكافئة للجميع ويحد من أي ظواهر سلبية قد تؤثر على الاقتصاد مثل الاحتكار والتجارة المستترة والغش التجاري والتهرب الضريبي وغير ذلك من الممارسات الضارة بالدول ومواطنيها ومجتمع المستثمرين.

وقد شهدت السنوات الماضية العديد من المبادرات والسياسات الحكومية لتعزيز الشفافية كمنهج عمل في جميع القطاعات الخدمية والإنتاجية، وتوالت خطط وبرامج تشجيع الاستثمارات التي حققت نتائج ملموسة وتحسنا في بيئة الأعمال مما انعكس إيجابا على تصنيف سلطنة عمان في المؤشرات الاقتصادية الدولية.

لقد اتخذت توجهات تشجيع الاستثمار مسارا واضحا من خلال التسهيل والتبسيط المستمرين للإجراءات ورقمنتها، وتطوير آليات الاستثمار في العديد من القطاعات بما يوفر بيئة شفافة وعادلة لاستغلال الفرص المتاحة، فالمسعى الطموح لسلطنة عمان هو إرساء منظومة استثمار مشجعة وتنافسية تتوافق مع أفضل ممارسات الحوكمة.

إن الاقتصاد العماني يتمتع بأطر تنظيمية واضحة لحقوق والتزامات مختلف الأطراف، وهو ما يدعو القطاع الخاص إلى الاستغلال الأمثل لهذا المناخ المواتي في بناء الشراكات الاقتصادية واجتذاب المستثمرين والاندماج في الاقتصاد العالمي للإسهام في التنويع الاقتصادي المأمول وإنجاح مستهدفات التنمية.