رأي عُمان

هل العالم على شفا أزمة غذائية كبرى؟!

 
عادت أزمة تصدير الحبوب إلى الواجهة مرة أخرى منذرة بشبح مجاعة عالمية خاصة في الدول الأكثر فقرا في العالم مع إعلان روسيا انسحابها من اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود الأسبوع الماضي قائلة إن مطالبها المتعلقة بدعم صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة لم تُلب، كما انتقدت عدم وصول كميات كافية من الحبوب الأوكرانية إلى الدول الفقيرة.

وقال مسؤول المساعدات بالأمم المتحدة مارتن جريفيث إن الارتفاع الحاد في أسعار الحبوب عقب انسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود «يحتمل أن يهدد ملايين الأشخاص بتفشي الجوع وبما هو أسوأ من ذلك».

وقال جريفيث أمام مجلس الأمن «سيشعر البعض بالجوع وسيتضور البعض جوعا وقد يموت كثيرون نتيجة هذه القرارات»، مضيفا أن 362 مليون شخص في 69 دولة يحتاجون حاليا إلى مساعدات إنسانية.

وإذا كان الموت والدمار والتشرد هو أسوأ وجوه أي حرب مهما اعتقد البعض أنها عادلة إلا أن وجه الجوع والفقر لا يقل سوءا عن وجه الموت، بل هو أكثر تعذيبا من الموت المباشر.

كل طرف في هذه الحرب الشرسة يعتقد أن حربه عادلة، ولها ما يبررها على المستويات السياسية والاستراتيجية والمستقبلية وكذلك المستويات الثقافية الأكثر عمقا ، لكنّ الحرب مثلها مثل النار عندما تشتعل لا يمكن معرفة حدود امتدادها ولا وقت إخمادها.

وقد أدخلت هذه الحرب الضروس العالم أجمع طرفا غير مباشر في الصراع حتى تلك الدول الأكثر بعدا عن المشهد وحيادا منه. من الناحية الاقتصادية، أدت الأزمة إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع الأساسية، ما أدى إلى إجهاد الأسواق العالمية وتضخم أسعار المواد الغذائية. والأكثر تضررا هي الدول النامية التي تعتمد بشكل كبير على الحبوب الأوكرانية، مما يؤدي إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي.

وتحذر الآن منظمة الأمم المتحدة من شبح مجاعة عالمية وأزمة جوع في الكثير من بقاع العالم وكل هذا نتائج ثانوية ولكنها مفجعة لهذه الحرب التي لا يبدو أن لها نهاية مرتقبة.

وينظر العالم الآن إلى الوساطة التركية التي تتمتع بعلاقات جيدة بين طرفي الحرب باعتبارها ضوءا منتظرا قادما من وسط نفق مظلم.

ورغم أن هذه الحبوب تشكل مصدر دخل أساسي لروسيا ولأوكرانيا إلا أنها تحولت إلي سلاح أساسي من أسلحة هذه الحرب لا تستخدمه روسيا لوحدها بل تستخدمه أوكرانيا لتستطيع به الحصول على دعم وتعاطف عالمي.

وتلفت هذه الأزمة إلى أهمية عودة العالم إلى الاهتمام بالزراعة وبناء منظومة أمن غذائي يستطيع أن يجنب كل دولة شبح الأزمة وخطر المجاعة.