رأي عُمان

سوق العمل.. وتحديات التنمية

 
في عالمنا المعاصر، أصبحت المتغيرات الديموغرافية أهم العوامل التي تحدد مستقبل النمو واستدامته، ففيما تشهد دول زيادة في معدلات شيخوخة السكان، يتسم هرم النمو السكاني في دول أخرى بارتفاع نسبة الشباب بين إجمالي عدد السكان.

وسلطنة عمان من الدول التي تزيد فيها نسبة الشباب وعدد الداخلين الجدد إلى سوق العمل، وهي تنظر لثروتها البشرية باعتبارها أحد عوامل القوة للتقدم وتعزيز تنافسية الاقتصاد، كما تولي سلطنة عمان اهتماما كبيرا ومستمرا بالبعد الاجتماعي للتنمية مما يضعها بين الدول التي تتمتع بمستويات مرتفعة من التنمية، لكنّ متغيرات النمو السكاني والأزمات المتصاعدة في بيئة الاقتصاد العالمي تضع مزيدا من التحديات التي تواجه جهود التنمية سواء في عمان أو غيرها من الدول، لذا يبرز ملف التوظيف كواحد من بين أهم التحديات التي تتطلب حلولا مستدامة.

ومن المؤكد أن التعامل مع تحديات التنمية عبر نهج علمي يقوم على التخطيط وتحديد الأهداف وآليات تنفيذها وإنجاحها هو السبيل الأول نحو التقدم اقتصاديا واجتماعيا، من هنا يعول كثيرا على مبادرات البرنامج الوطني للتشغيل، ومواكبة التغيرات الكبرى في أنماط العمل التي يشهدها العالم وحتى في نوعية الوظائف، وكذلك توجهات الاقتصاد العماني نحو التحول الرقمي والابتكار بوصفهما ركيزتين لدعم جهود التوظيف، وقد تابعنا في الآونة الأخيرة الإعلان المتوالي عن العديد من المنصات الإلكترونية التي تدعم خطط التشغيل والتدريب وتشجع ريادة الأعمال وتسهم في إيجاد قواعد بيانات وإحصائيات تخدم جميع المستفيدين بمن فيهم الطلبة والموظفون والباحثون عن عمل وصناع القرار.

مما لا شك فيه أن تلبية المتطلبات التنموية والسكانية الحالية والمستقبلية بحاجة إلى تبني هيكل اقتصادي إنتاجي يتمتع بالحيوية والتنوع ولا يعتمد كليا على النفط، فالتعويل على مصدر واحد للدخل يوجد اختلالات هيكلية في استدامة النمو وينعكس سلبا على سوق العمل، وقد شخصت خطط التنمية التحديات التي تواجه سوق العمل في سلطنة عمان ووضعتها ضمن أولويات تحقيق الاستدامة على جميع الأصعدة، وذلك بالعمل على تحديث الإطار التشريعي المنظم للعلاقة بين أطراف الإنتاج لإيجاد سوق عمل متوازن وتنافسي، وتوسعة مظلة الحماية الاجتماعية ودعم التعمين والربط ما بين برامج التعليم واحتياجات سوق العمل والتوسع المتزايد في جهود التدريب والتأهيل.

يظل الطموح كبيرا بأن تسهم كل هذه الجهود في وضع أسس مستدامة لتنظيم سوق العمل وتوفير الوظائف خاصة في ظل تسارع خطط وبرامج التنويع الاقتصادي وتلبية تطلعات التقدم والتنمية.