رأي عُمان

القضية الفلسطينية.. والنظام العالمي

 
في اللحظات الصعبة التي تمر بها القضية الفلسطينية يبدو أي تأييد لها يحمل قيمة كبيرة للشعب الفلسطيني، ليس على المستوى السياسي فقط ولكن على المستوى الشعبي حيث يتمسك المواطن الفلسطيني بأرضه التاريخية رغم كل التحديات التي يواجهها من المحتل الصهيوني.

وفي هذا السياق يمكن أن تقرأ الرسالة التي وجهها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم إلى أخيه فخامة الرئيس محمود عباس والتي قام بتسليمها في رام الله معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية، ومهما كان مضمون الرسالة إلا أن تسليمها في رام الله يرسخ موقف سلطنة عمان من القضية الفلسطينية ومن دعمها بكل الطرق والوسائل، وهذا ما تؤكده سلطنة عُمان في كل مناسبة وهو حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967م، وفقًا لحل الدولتين ومبدأ الأرض مقابل السلام، وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

وهذا الموقف السياسي العماني الثابت من القضية الفلسطينية يدعمه موقف شعبي يؤمن إيمانا راسخا بعدالة القضية، وأن على العالم أجمع أن يعمل من أجل حل عادل لها يعيد الحق التاريخي للشعب الفلسطيني وفقا للقرارات الدولية.

وهذه القضية ليست قضية فلسطينية فقط إنها قضية عدالة دولية، والنظام العالمي إن كان عادلا فعلا، فعليه أن يعيد النظر في مواقفه من هذه القضية التي استهلكت الكثير من الزمن وخلال ذلك كله ذهب عشرات الآلاف من الشهداء وفقد العالم لحظات كان يمكن أن يكون خلالها أكثر استقرارا وأكثر أمانا ووئاما. وعلى العالم أن يتذكر جيدا أن قضية فلسطين ليست مجرد نزاع جغرافي أو سياسي، بل هي رمز للضمير الإنساني الجماعي، وشهادة على التزامنا العالمي بمبادئ العدل والحرية وتقرير المصير.

إن محنة الشعب الفلسطيني التي يعلم عنها العالم أجمع اليوم هي مرآة يرى فيها العالم انعكاسه الخاص - انعكاس يتأرجح بين انتصار العدالة واستمرار القمع. لقد حان الوقت لأن ترتفع جميع الدول بما في ذلك الدول الغربية والكبرى منها على وجه التحديد فوق المناورات السياسية الضيقة وتعترف بالحقوق التاريخية والقانونية للفلسطينيين في وطنهم وعلى أرضهم وتدعم قيام دولتهم المستقلة بشكل عاجل.

وتؤكد القوانين والاتفاقيات الدولية على هذا الحق، ولسنا هنا من أجل إعادة النقاش الذي تأكدت نتائجه عبر التاريخ بل من أجل التذكير بحقيقة تاريخية، آن أوان الاعتراف بها دوليا، وعلى العالم أن لا يقع في فخ أن يصبح مجرد متفرج لسلب الشعوب، والانتهاك المنهجي لحقوقهم فالتاريخ لا يرحم ويدور دوراته المنطقية.

والوقوف إلى جانب فلسطين ليس عملا خيريا، سواء كان ذلك من سلطنة عمان أو من الدول العربية أو من أحرار العالم بل هو التزام بالعدالة وبالمبادئ الإنسانية ولذلك فإن دعم قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية هو أبسط انعكاس لإنسانيتنا الجماعية، إنه تأكيد تعلمناه من الماضي، وعلينا أن نبقى متمسكين به دائما وأن لا نسمح للتاريخ لأن يكرر أكثر فصوله إيلامًا.

وسوف تشرق الشمس على تلال القدس، وتسلط نورها على فلسطين حرة وذات سيادة، لأن الشعب الفلسطيني ليس له الحق فحسب، بل الإرادة والصمود والتصميم الذي لا يتزعزع لتشكيل مصيره.