رأي عُمان

تقرير رؤية عُمان 2040.. رصد ومراجعة

 
تدفع رؤية «عُمان 2040» سلطنة عمان إلى تحولات كبرى في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إنها تحولات نابعة من عمق المجتمع ولكنها تنظر بكثير من الاهتمام للتحولات الكبرى التي تحدث في العالم من حولنا وتؤثر في كل ما حولها. ورغم هذه التحديات التي لا تخطئها العين إلا أن مسارات الرؤية تخطو بوتيرة متصاعدة، وبكثير من الوضوح والعمل يجري في كل المجالات، بل إن هناك حديثًا رسميًا من المسؤولين الحكوميين، يقول بوضوح: إن سلطنة عمان تعيش الآن ما يمكن أن نطلق عليه «ورشة عمل في كل المجالات بهدف تجاوز التحديات ومواصلة البناء الحقيقي لصروح هذا الوطن العظيم».

وأمس خلال استعراض وحدة متابعة تنفيذ الرؤية لتقرير «رؤية عمان 2040» السنوي لعام 2022/ 2023 كان هناك الكثير من المؤشرات التي جرى الحديث عنها وتكشف حجم النقلات النوعية التي تحققت في عُمان خلال السنتين الماضيتين وما مضى من هذه السنة وفق نهج الرؤية.

ويمكن أن يعطي «التقرير» انطباعا عميقا أن سلطنة عمان في كل ما تنجزه الآن من مشروعات وخطط وتحديث للهياكل والبنى الوطنية ملتزمة بالتنمية الشاملة في مختلف المجالات.

وركز التقرير على مؤشر الناتج المحلي الإجمالي، وهذا يعكس الاتجاه العالمي للدول التي تتطلع بشكل متزايد إلى ما هو أبعد من الناتج المحلي الإجمالي لتقييم تقدمها وازدهارها. ورغم أهمية مؤشر الناتج المحلي إلا أن سلطنة عُمان أيضا لم تهمل في الركائز التي وضعت عليها رؤيتها بقية المؤشرات، خصوصا الجانب الاقتصادي وتنمية الموارد البشرية والاستدامة المالية، وسوق العمل والتشغيل إضافة إلى الجهد الكبير الذي بُذل في موضوع الحماية الاجتماعية.

لقد سلط التقرير الضوء على نجاح سلطنة عمان في زيادة الاستثمارات الخاصة بنسبة 5 في المائة والاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة تستحق التقدير وهي 10.5 في المائة خلال عام 2022 مقارنة بالعام السابق له، وكلها مؤشرات مهمة تكشف عن تحقق أهداف الرؤية. لقد أدى البرنامج الوطني للاستثمار وتنمية الصادرات «نزدهر» دورا محوريا في هذا النجاح، وتعزيز دور القطاع الخاص، في قيادة التنمية الاقتصادية من خلال خلق بيئة استثمارية جذابة وتعزيز الشراكات التجارية الدولية والمحلية.

وهذا يسلط الضوء على جانب مهم من رؤية عمان 2040 وهو تركيزها على القطاع الخاص بصفته محركا مهما لنموها الاقتصادي في المستقبل. بينما تكافح البلدان في جميع أنحاء العالم لتحقيق التوازن بين أدوار القطاعين العام والخاص في اقتصاداتها، تقدم رؤية عمان 2040 نموذجا مثيرا للاهتمام يستحق النظر والدراسة.

إن ما يميز سلطنة عمان في خطة 2040 هو التزامها بالمسؤولية المشتركة، ونجاح الرؤية كما أكد رئس وحدة المتابعة أمس «هو مسؤولية الجميع، مسؤولية كل فرد يعمل من منطلق وظيفته وضمن نطاق قدراته ومسؤولياته».

في الوقت الذي تخطو فيه سلطنة عمان خطوات واثقة نحو المستقبل فإن التحديات التي قد تواجه مسارات الرؤية يمكن تذليلها في ظل الإرادة السياسية وفي ظل المراجعات الدائمة لها.