رأي عُمان

حان الوقت لمكتبة عمانية إلكترونية عامة

 
تحتل القراءة مكانة كبيرة في حياتنا، إذ يمكن لقوة التغيير الناتجة عن كتاب واحد أن تكون هائلة جدا، ومؤثرة في بناء وجهات نظرنا حول الأشياء من حولنا، وتكون ملهمة لنا في المجالات الإبداعية، وتثري فهمنا للعالم المتغير حولنا.

وطوال العقود الماضية كان هناك الكثير من الحديث في سلطنة عمان حول أهمية وجود مكتبات عامة في مختلف الولايات والمحافظات، تكون منبثقة من مكتبة عامة رئيسية في مسقط، إلا أن هذا الحلم لم ير النور، لكن الحاجة له ما زالت ماسة سواء على هيئة مكتبة عامة تحتضن الكتاب الورقي أو على هيئة مكتبة افتراضية تقدم خدمات إلكترونية بحيث تتيح الكتاب الإلكتروني للجميع عبر اشتراك «هذه المكتبة» في مجموعات دولية تقدمها مكتبات عالمية، وهي موجودة والاشتراك بها وتحويلها إلى مكتبة عامة للجميع ليس بالأمر الصعب.

لقد تغيّر العالم كثيرا في مجال الحصول على الكتاب، فلم تعد الصيغة الورقية هي المسار الوحيد لاقتناء الكتاب وقراءته، وإن كانت الصيغة الأهم والأغلى، وصارت فئات واسعة من أجيال اليوم تبحث عن الصيغ الرقمية للكتاب. وإذا كان من الصعب الآن -رغم أنه لا شيء صعب عند وجود الإرادة- بناء مكتبات ورقية في كل ولاية من ولايات سلطنة عمان فإن الأمر يكون أكثر سهولة في بناء المكتبات الرقمية، أو في بناء مكتبة رقمية عمانية ضخمة جدا تكون متاحة لكل عماني ومقيم على هذه الأرض والدخول إليها عبر الرقم المدني إن كان ذلك ضروريا، والدخول إليها مباشرة دون الحاجة إلى أي رقم حتى. إن هذا الأمر في حال تحققه يمكن أن يملأ الكثير من الفراغات التي تشكلت في ظل غياب المكتبات العامة وفي ظل ندرة مكتبات بيع الكتاب الورقي. إن تبنّي مثل هذا الخيار يؤكد اهتمام الدولة ببناء مواطنيها بناءً عميقًا. ووجود المكتبات في أي بلد من شأنه أن يعطي انطباعا عن المستوى الحضاري الذي وصلت إليه تلك الدولة.

إن الشغف الكبير باستخدام الأجهزة الذكية عند فئة الشباب يمكن تحويله إلى شغف أكثر إيجابية عندما يساعد كل ولي أمر ابنه في تنزيل التطبيق الخاص بالمكتبة العمانية الإلكترونية العامة «المقترحة»، ليتحول تصفح وسائل التواصل الاجتماعي إلى تصفح الكتب والمجلات والدوريات العلمية ومختلف مصادر المعرفة وستسمح مثل هذه المنصة للشباب بالاستفادة من أوقات فراغهم بشكل بنّاء، وتحويل «هوس الشاشة» إلى هوس قراءة إيجابي.

وستساعد المكتبات الرقمية في التغلب على الحواجز الجغرافية، وإتاحة موارد هائلة للجميع، بغض النظر عن موقعهم. بالإضافة إلى ذلك، لا يمكن للمنصات الرقمية استضافة الكتب فحسب، بل أيضا الكتب الصوتية والبودكاست ومواد الوسائط المتعددة الأخرى التي تلبي أنماط التعلم المتنوعة.

إنها فرصة مهمة للاستثمار في مثل هذه المنصات التي تعزز ثقافة القراءة والتعلم مدى الحياة، إضافة إلى تعزيز الجوانب الثقافية والوطنية لدى الأجيال الشابة، وخطوة سهلة عمليا لكنها تحتاج إلى قرار يحولها إلى واقع وإلى حملة إعلامية لتجعلها ضمن أولوياتنا جميعا.