رأي عُمان

النفايات الكيميائية.. خطر لا تساهل أمامه

 
بعد كل التغيرات المناخية التي نعيش أثرها الواضح في كوكبنا لا يمكن أن ننظر إلى حماية البيئة ومحيطنا الطبيعي فيها بصفته مجرد رفاهية؛ إنها في هذه اللحظة بالذات ضرورة حتمية لا يمكن الحياد عنها.. ولا يمكن أن تتحقق هذه المهمة دون الالتزام الصارم بمعايير حماية البيئة، وخاصة إدارة النفايات الكيميائية، والالتزام بمسارات الحياد الصفري.

تشكل النفايات الكيميائية، وهي منتج ثانوي للعديد من العمليات الصناعية، تهديدا كبيرا لبيئتنا. وإذا لم يُدار إدارة صحيحة فإنه سيدمر تربتنا ومياهنا وهواءنا وصحتنا، ثم يدمر كوكبنا. لم يعد أمام العالم أي حل وسط في هذه اللحظة التي تشهد تحولات مناخية متطرفة من شأنها أن تضر بالوجود الإنساني على هذا الكوكب.

وفي سلطنة عمان التي تتأثر بالمتغيرات المناخية بتسجيل زيادة في عدد الأعاصير التي تنشأ في بحر العرب ويؤثر بعضها تأثيرًا مدمرًا في البلاد، لا بد أن نكون طرفا أساسيا في حماية المناخ من الممارسات التي يمكن أن تزيد من تطرفه.. وسلطنة عمان من الدول التي تولي عناية كبيرة بموضوع حماية البيئة، بل إنها في مقدمة الدول العربية التي تشتغل بهذا الموضوع منذ فترة مبكرة من نهضتها الحديثة قبل أن تطرح موضوعات التغيرات المناخية على أجندة المؤتمرات السياسية والاقتصادية في العالم.

وهناك الكثير من المعايير التي اعتمدتها الدولة في هذا المجال وتحولت مع الوقت إلى ثقافة عامة بين الناس، لكن هذا لا يعني أنه ليس هناك ممارسات خارجة عن السياق تحتاج إلى مزيد من المراقبة وتطبيق القوانين حولها بشكل صارم. إن التلوث، وخصوصا التلوث الكيميائي لا يتسبب فقط في زيادة تطرف المناخ ولكنه يسهم في انتشار الكثير من الأمراض التي تفتك بالإنسان والتي تكلف الدولة مئات الملايين من أجل متابعتها علاجيا ما يعني أن تساهلا بسيطا في مجال التلوث الكيميائي يتسبب في إهدار مئات الملايين من المال العام إضافة إلى تهديد حياة الناس.

هذه مرحلة الحوكمة ولذلك لا مجال للتساهل حول إهمال بعض الشركات في رمي المخلفات الكيميائية التي تلوث البيئة وتهدد حياة الإنسان بالخطر كما هو الحال مع ما حدث في مردم «هصاص» بولاية سمائل والذي كشفت تفاصيله جريدة « » أمس الأول. إن ذلك التلوث رغم بدء الجهات المعنية في إزالة آثاره إلا أنه ترك آثارا لا تزول قريبا خاصة تأثيره في التربة وفي المياه الجوفية وكذلك الأفلاج.

هذه مرحلة لا بد أن يتكاتف فيها الجميع من أجل الالتزام بالمعايير البيئية وسلامة الإنسان من جميع أخطار التلوث ومعايير التخلص من النفايات الكيميائية على وجه الخصوص، والسعي من أجل الحياد الصفري.. إننا في كل هذا مطالبون أمام أنفسنا وأمام الأجيال القادمة بالحفاظ على البيئة التي نعيش فيها وألا ندخر جهدا في حمايتها من أي خطر.