رأي عُمان

عن زمن الجامعة والعلم والمعرفة

 
هذا زمن العلم وحده، والمستقبل الذي تتطلع له البشرية مرتبط بشكل أساسي بالعلم، ولا طرق معبدة له بمعزل عنه. والعالم الذي يتقدم بشكل متسارع في مختلف المجالات وبشكل خاص في المجال التكنولوجي عالم يدرس ويبحث ويفكر ويرسم مسارات نحو المستقبل. وعلى كل المجتمعات بما في ذلك المجتمعات العربية أن تتفوق على مشاكلها وتحدياتها وتركز جهودها في مجال العلم والدراسات والبحوث العلمية.

وما يستحق الإشادة أن جامعة السلطان قابوس التي احتفلت أمس بيومها السنوي خصصت الاحتفال للإعلان عن المشاريع البحثية الفائزة بتمويل المقام السامي إضافة إلى البحوث التي تمولها الجامعة نفسها، وهذا خير ما تحتفل به الجامعة بوصفها مركزا تعليميا وبحثيا ومنارة فكرية. وفي الحقيقة فإن سلطنة عمان في أمسّ الحاجة إلى تفعيل دور البحث العلمي ليس في جامعة السلطان قابوس التي تقوم بدور مهم في هذا الجانب ولكن في جميع الجامعات والكليات في سلطنة عمان. وتبذل جامعة نزوى دورا مهما في مجال البحوث العلمية ولا يمكن تجاوزها عند الحديث عن المراكز البحثية في سلطنة عمان.

ولا شك أن البحث العلمي هو العمود الفقري للتقدم الإنساني والاقتصادي والاجتماعي في كل الدول، إنه يمثل المحرك الأساسي للابتكار والاكتشافات الجديدة التي تسهم في تحسين نوعية حياة الإنسان وتوفير الحلول للتحديات التي تواجهه على مختلف الأصعدة. البحث العلمي يتيح للأمم الاستثمار في المواهب والعقول الشابة، مما يعزز قدراتها التنافسية على الساحة العالمية ويمنحها أدوات لتحقيق التنمية المستدامة.

من هنا، يأتي دور تمويل الجامعات للبحث العلمي كعامل حيوي لتعزيز جودة البحوث وتحفيز الباحثين على مواصلة جهودهم الإبداعية. إن الجامعات تلعب دورا مهما في تشجيع الأفكار الرائدة وتوفير الموارد اللازمة للباحثين لتطوير الأفكار وتحويلها إلى تطبيقات عملية.

فيما يتعلق بدور البحث العلمي في حياتنا المستقبلية، فإن مساهماته لا حصر لها وتأثيره يمتد إلى مجالات عدة، سواء كانت تكنولوجيا المعلومات، أو الطب، أو البيئة، أو الطاقة المتجددة. من خلال البحث العلمي، نتعرف على الحلول المبتكرة والأساليب الأكثر فعالية لمواجهة المشكلات التي قد تعترض مسيرتنا نحو مستقبل أفضل.

بالإضافة إلى ذلك، يتيح البحث العلمي فرصا للتعاون بين البلدان والمؤسسات العلمية، مما يعزز العلاقات الدولية ويسهم في نشر الثقافة العلمية والتكنولوجية. بالتالي، يسهم البحث العلمي في تعزيز التواصل بين الأمم وتبادل الخبرات والمعرفة لتحقيق مزيد من التقدم والرفاهية.

وفي هذا السياق الذي يحضر فيه الاحتفاء بالعلم وبالدراسات العلمية والبحوث والإعلاء من شأنها وشأن المشتغلين فيها لا بد من الإشارة إلى نقطة مهمة وخطيرة وهي ضرورة التزام الجامعات في جوهر عملها بهذا المسار وعدم السماح بتحويلها إلى منابر تسطح العلم والمعرفة على حساب الدعوات والأفكار الشعبوية لأن مكانها ليست الجامعات وفي الحقيقة لا يفترض أن يكون لها مكان في هذا الزمن القائم كله على العلم وتطبيقاته.