omandaily

ثقافة

الأزياء العمانية يوم العيد.. موروث تقليدي يتوارثه الأجيال

تضفي بعدا ثقافيا واجتماعيا

هلّ العيد.. وابتهجت القلوب، وساد الفرح كل بيت.. لبس الناس الجديد.. وتبادلوا الزيارات والسلام، وشاركوا في أيام العيد كعادتهم بالمأكولات العمانية ولقاء الأحبة، والتنزه مع الأبناء.

وما يميز العيد العماني احتفاظه بنكهته، وأصالة التراث العماني التي لم يتخل عنها أبناء عمان، مع ازدحام موجات الموضة، وخصوصا اليوم الأول للعيد، فاللباس تقليد وأصالة ونكهة خاصة عرف بها العماني، كما عرف عن المرأة العمانية تنوع أزيائها مع تنوع مناخ سلطنة عمان وعاداتها، ولكل منطقة زي يميزها، تلبسه مطرزا بمختلف الألوان، وكذلك الصغيرات لهن ملابس وحلي خاصة يلبسنها في المناسبات. والملابس التقليدية الشعبية ملابس ارتدتها المرأة العمانية من سالف الزمن، فكان خط الموضة للمرأة العمانية في ذلك الوقت قبل الضجيج الحالي والتحول إلى الخلط بين الموروث والحديث. ولأن عمان ضاربة في عمق التاريخ فقد تنوعت وتشكلت هذه الأزياء حسب تنوع العادات والتقاليد التي تميز محافظة عن أخرى لذلك أعطت هذه الأزياء بعدا ثقافيا واجتماعيا يميز كل محافظة عن الأخرى.

ومع خصوصية العيد ومكانته، كانت الملابس الجديدة تلبس فيه، فيلبس كل فرد من العائلة صغيرها وكبيرها اللباس الجديد، ضمن العادات العمانية المتوارثة في كل منطقة. واليوم وبعد مرور كل هذه السنين، وانفتاح العالم ، ودخول خطوط الموضة العالمية إلينا، ما زال العماني يفتخر بزيه، ولم يؤثر ذلك على العادات العمانية في اللباس وخصوصا النساء يوم العيد، حيث تفخر المرأة العمانية بتقليدها وتراثها، وتتفنن في اللباس مع لمسات خاصة بكل امرأة، أما الرجال فيرتدون الزي العماني مع حمل العصا أو السيف أو الخنجر، وكل حسب تراث منطقته، فيوم العيد يحتفظ بنكهته العمانية المميزة.

لباسنا هويتنا

طفول الحارثية من محافظة الشرقية شمال ولاية القابل تقول: نحن من الناس المحافظين على الزي العماني في كل عيد منذ كنا صغارا وحتى كبرنا، وحتى مع التطور المنتشر، وكل جديد في عالم الموضة إلا أننا محافظون على نوع ملابسنا التقليدية التي نلبسها في أول يوم للعيد، مضيفة أن مجرد التفكير باللباس العصري يوم العيد يجعلنا نشعر بأن العيد ناقص، ولا يسمى عيدا. لأن هذا تراثنا وهويتنا لا نستطيع أن نغيرها، فجمالية العيد بلباسنا التقليدي، وحتى الأطفال والفتيات الصغار في اللباس التقليدي الذي يشرح الصدر، ونحن نلبس التقليدي القديم مع الذهب الخاص به وليس التقليدي المطور، لنستشعر هويتنا ونكسر الروتين العصري، وأتمنى من كل مناطق السلطنة الأخرى أن تحتفظ بتراث أزيائها التقليدية، مضيفة: القماش البريسم هو ما لبسناه هذا العيد.

طابع مختلف

تشير استقلال الخروصية: من العادات التي تربينا عليها من الصغر ونقلناها للأبناء، عادة الملابس التقليدية في الأعياد والمناسبات، حيث أننا ما زلنا ننتقي الملابس التقليدية في الأعياد، ونحب ان يتميز الصغير والكبير بها، بالرغم من أن البعض بدأ يواكب التطورات والتصاميم الحديثة، إلا أن التصاميم التراثية يبقى لها طابع مختلف ونظرة مختلفة، ويتباهون بتميزهم عن غيرهم بالأزياء، وتضيف: من منطلق احتفالاتنا بالعيد، كنا سابقاً نلتزم بالزي التقليدي مثل: «الزي العماني»، والملابس التراثية المتعارف عليها، وحالياً هناك الكثيرون من يلتزمون بلباسهم التقليدي، ويفتخرون به، ويلبسون أبناءهم، ويحتفلون بالعيد بالأزياء المتنوعة من التراث العماني، ونحن أخذنا من موروثنا التقليدي البعض، وواكبنا التطور بحكم اختلاف الأجيال والرغبات.

الاجتماع بالأجداد

موزة المشرفية من ولاية صور تستشعر فرحة العيد باجتماعها مع أسرتها، وترى بأن اجتماع الأهل هو أفضل هدايا العيد، حيث يلتقي الصغار بالأجداد، في «البيت العود»، ويتباهى الأطفال بأزيائهم، وما يرتدون في العيد، وحيث أنها أم لثلاثة أولاد، فتشير إلى أنها تحب أن ترى أطفالها بالزي الصوري العماني، حيث يتميز اللباس الصوري للأولاد بطابعه المختلف، لذلك تحب أن يكونوا بالزي الذي ينتمون إليه، موضحة أن كل عيد يرتدون الملابس التقليدية إلى جانب الخنجر والمحزم والمصر، وهم ينتظرون أيام العيد بلهفة لأنهم يكونون بملابس مميزة عن باقي أيام السنة، لذلك ففرحة العيد تعم البيت، وعندما يلتقي الأطفال يشكلون توليفة رائعة من العبق القديم الذي ننتمي إليه، لأن الجميع يلبسون الملابس التراثية ويحتفظون بهذا التقليد ولا يتخلون عنه.

أزياؤنا تميزنا

أم نوف الشعيبية تقول بأننا لا يمكن أن نتخلى عن الزي التقليدي لأن هذه الأزياء التقليدية هي التي تميزنا وتعود بنا إلى ذكريات بعيدة، حيث كان آباؤنا وأمهاتنا يعتنون بأزيائنا، لذلك حافظ الشعب العماني على هذه الأصالة، وتلك الروح الحضارية التي تنتقل عبر الأجيال لتنقل صورة الإنسان العماني المحافظ، ومهما كانت المؤثرات والمتغيرات، والتطور الذي يلاحقنا، فنحن نأخذ ما ينفعنا، ولا نتخلى عن تراثنا. مضيفة أن الزي العماني لا نلبسه دائما بحكم الحياة المعاصرة، ولكن في المناسبات وخصوصا الأعياد، لا بد أن نتذكر بأننا عمانيون وأن أزياءنا التقليدية هي عنوان حضارتنا، ونحاول أن ننقل هذه الفكرة إلى أبنائنا ليكملوا الرسالة ويتعلموا بأننا نحافظ على هويتنا وأصالتنا.

أعيادنا تتميز بتقاليدنا

أم ضحى المشيفرية تحب أن تلبس مع ابنتها زيا موحدا على أن يكون تقليديا، وتشير إلى أن اختيار الملابس يتم بمشاركة ابنتها لأنهما يلبسان سوية، وتضيف: الملابس التقليدية نلبسها كل عيد، فأعيادنا تتميز بتقاليدنا، وهذا هو المتعارف في معظم البيوت العمانية، وأنا أحب أن ألبس مع ابنتي ملابس ذات طابع محلي تقليدي، يعكس الأصالة العمانية، كما أننا لا نلتزم بزي معين، فالأزياء العمانية غنية بالتنوع، ونحب أن نغير بين الأزياء، حيث أن الموضة تتطلب التغيير، والتغيير هذا لا يخرجنا من عباءة التقليد المتوارث، وإنما من تنوع الأزياء العمانية وجمالها، والبنات يفضلن اختيار ألبسة متنوعة ملائمة لمناسبة العيد، وأجواء الاحتفال مع الأهل والأقارب بطابع عماني خالص.

تراث غني بالأزياء

وتشاركها الرأي أم ميرة البلوشية حيث توضح بأن التراث العماني غني بالأزياء المتنوعة، وأنها حريصة على أن تلبس هي وسائر أسرتها الأزياء التقليدية، كما كان يلبس أجدادهم، وهنا تشير إلى أن ابنتها ميرة تلبس الزي البلوشي، لأنهم وفي تقليدهم ملتزمون بهذا اللباس كل عيد، وهو أحد الأزياء العمانية التقليدية، لأن عمان على مر العصور شهدت التداخل مع حضارات كثيرة، ونقلت أزياءها واستقبلت أزياء أخرى، ونتج عنها هذا الاندماج في اللباس، والتنوع والاختلاف، مع الابتكار والتميز بالنكهة الخاصة للبلاد. وتصنف أم ميرة الزي البلوشي بأحد أزياء التراث العماني، وهم يحتفلون بأزيائهم التقليدية كل عيد في إطار المحافظة على التقاليد القديمة والعناية بها.

اجتماع الأهل والأقارب

وتقول أم كلثوم البلوشية إنها تلبس الملابس العمانية التقليدية وتحث ابنتها على الاهتمام بالموروث العماني في هذا اليوم بالتحديد، لأن يوم العيد هو يوم اجتماع الأهل والأقارب والغائبين، وهم أينما ذهبوا يعودون إلى ديارهم، وإلى الجو التقليدي التراثي، الذي يشعرهم بهويتهم، وأصالتهم، ويحفظ ملامحهم وأطباعهم، وجمالهم، وتؤكد بأن لباس العيد هو أهم ما يميز هذا اليوم، ولذلك فإننا نتوجه لشراء الزي التقليدي، وكل زي عماني نرتديه لأن عمان تحتوي أزياء متنوعة جميلة، لا تجعلنا نشعر بالملل، كما أننا نختار الألوان المختلفة والتطريزات والخامات كما نحب، وذلك كله يجعل الزي مميزا يوم العيد، ناهيك عن الحلي والمجوهرات اللاتي يرتدينها الفتيات هذا اليوم، فتضفي على الملابس رونقا مميزا، وتمنحنا سعادة لا توصف. وأنا أهتم بلباس ابنتي هذا اليوم، لذلك أجعلها تتعرف إلى الأزياء العمانية التقليدية ثم تختار منها ما يعجبها لتتباهى بلباسها مع قريباتها اللاتي يرتدين الملابس التقليدية العمانية عند اجتماع الأهل يوم العيد.

ألوان وزخارف

وتشير مصممة الأزياء زينة السيفي إلى أن ما يميز الأزياء العمانية أنها ذات تقليد متعارف عليه يميز زي عن زي آخر، وهذا التميز هو ما يعطي قوة ونكهة لا يمكن تقليده بسهولة لذلك إن لم تكن المصممة ملمة ولديها الدقة والمهارة والمعرفة التامة فمن الصعب أن تعمل في هذا المجال فالتصميم هو القوة التخيلية بدقة التفاصيل للزي التقليدي الشعبي. مبينة أن الألوان والزخارف الصحيحة هي ما تعطي القوة لنموذج الزي فأي خطأ ترتكبه المصممة في هذين المكونين قد يضر بجمالية الزي وقد يخرجه من دائرة التصوير الحقيقي لزي محافظة ما، لذلك المعرفة الدقيقة بالألوان والزخارف أمر ضروري عند المصممة.

مكونات الزي التقليدي

وعن المواد المستخدمة في الزي العماني تشير السيفي إلى أن أنواع الأقمشة المستخدمة للأزياء التقليدية متعددة ونستخدم أقمشة «البريسم، والحرير، والشيفون، والمزخرف، والدرياهي، والمخمل، والمزرّي»، كما أن هناك أنواعا مختلفة من الأقمشة كقماش «الويل» أيضا كان وما زال يستخدم بكثرة لتصميم الزي التقليدي، أما الموديلات فإنها تختلف باختلاف الزمن وكمثال: فالبعض يفضل التقليدي القصير، والبعض يرى أن الموديل الطويل أجمل، وهناك أيضا موديلات ظهرت وتم اقتباسها من الحضارة الهندية.

وتوضح السيفي أن الرائج والشائع في التقليد المتوارث في لبس الأزياء التقليدية في المناسبات، اقتناء الملابس التقليدية ولكل مناسبة ثيمة مختلفة، أما المناسبات الاجتماعية لها ما يميزها من هذه الأزياء والمناسبات الدينية كذلك لها ما يميزها فمن خلال الزي قد تعرف نوع المناسبة المحتفل بها.

مضيفة أن الملابس التقليدية والمجوهرات القديمة التي ابدعت المرأة العمانية في التوليف بينها لبسا وتنسيقا تعتبر بمثابة ثقافة أجيال متعاقبة وهوية وطن ضارب في عمق التاريخ لذلك من واجبنا وواجب الجميع المحافظة على هذا الكنز الموروث بمختلف الطرق وإبرازه للجيل الجديد، وايضا لمن يزور عمان من سياح ووفود رسمية.

الإقبال على الأزياء التقليدية

وهنا تبين زينة السيفي أن الطلب على الملابس التقليدية لا يقتصر على مناسبة العيد فقط، فموروث الزي العماني زاخر بالتنوع ويكاد يكون لكل مناسبة اجتماعية او وطنية او دينية زي يميزه، لذلك نجد ان الزي التقليدي مطلوب لكل المناسبات كالأعراس والأعياد والاحتفالات الوطنية، وحتى ان البعض بات يحبه للاحتفال بأعياد الميلاد والسهرات العائلية.

مضيفة أن كل شيء في هذا العالم تطور وتغير ولا يبقى شيء على حاله والزي التقليدي واكب هذا التطور والتغيير من خلال إضافة لمحات جمالية من حيث الخامات المستخدمة وكذلك الألوان وادوات التطريز والزخارف، ولكن بقي محافظا على النكهة العمانية التقليدية كما بقي محافظا على الزهو والأناقة والتفرد وعلى حشمة الزي العماني التقليدي. وتوضح أن كل زبونة تأتي إليها بطلباتها الخاصة من حيث نوع الزي وشكله ومقاسه، واغلب الطلبات من خلال التواصل الهاتفي او رسائل الواتساب حيث تقوم الزبونة بإرسال معلومات قياسها بشكل صحيح ومفصل او تحضر لأخذ قياسها.

وتؤكد المصممة زينة السيفي أن العيد هو المناسبة الأفضل للتسويق والبيع ومن خلال عملي في هذا المجال لسنوات طويلة أرى بأن الاقبال على شراء وتفصيل الأزياء التقليدية يشمل الكبار والصغار على حد سواء، كما أصبحت بعض الامهات تطلب زيا موحدا للأم والبنت او للأختين أو لمجموعة بنات العائلة.