فتاوى يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
السبت / 16 / رمضان / 1444 هـ - 19:26 - السبت 8 أبريل 2023 19:26
ما صحة حديث: ليأتين على الناس زمان ما يبلي الرجل من أين أصاب المال من حلال أم من حرام؟
الحديث ورد عند الإمام البخاري من طريق أبي هريرة لكن بلفظ «امرؤ» بدلا من «رجل»، والحدث صحيح وهو وارد في التحذير من اكتساب المال واشتراط أن يكون من حله، وأن يوضع في محله، فهو حكاية لما يمكن أن يؤول إليه حال الأمة من عدم المبالاة بطرق اكتساب المال فيمكن أن تضعف النفوس فتعمد إلى اكتساب المال من غير الطرق المشروعة من المعاملات المحرمة كالربا والرشوة والقمار والميسر والغش والتدليس وأكل أموال الناس بالباطل، مما في حقيقة الأمر يلحظ أنه فشا في حياة الناس اليوم، فكثير من الناس لا يبالون باكتساب المال من حله وبتحري الطيبات من الرزق، فيخوضون في المال الحرام تكثرا لهذا المال، ولا يلتفتون إلى الأحكام الشرعية المتعلقة باكتساب المال، فهذا الحديث فيه هذا الوعيد، أمن حلال هو أم من حرام؟ وهذا نجده أيضا في كتاب الله عز وجل، كما عند بعض المفسرين، صحيح أن السياق القرآني يتحدث عن التحريم والتحليل عما يتعلق بمنازعة هذا الحق لله تبارك وتعالى لكن الذين ينتهكون ويخوضون في الأموال بمثل هذه الدعاوى داخلون في هذا الوعيد، فالله عز وجل يقول: «وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ». ويقول تعالى: «قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ۖ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59) وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ». والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد هذا المعنى الوارد في هذا الحديث حينما قال: «لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ : عن عُمرِهِ فيمَ أفناهُ ؟ وعن علمِهِ ماذا عمِلَ بهِ ؟ وعن مالِهِ مِن أينَ اكتسبَهُ، وفيمَ أنفقَهُ ؟ وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ؟» هذا الحديث يدور في نفس هذا الفلك الذي يكشف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن بعض المغيبات التي يمكن أن يؤول إليها حال أمته في سياق التحذير والتنفير من الوقوع في هذا الأمر والله تعالى أعلم.
اقترضت مبلغا من عند شخص وعلى أساسه أدفع له شهريا مبلغا معينا إلى تاريخ معين، حال على هذا المبلغ الحول والنصاب، فمن عليه زكاة هذا المبلغ المقرض أم المقترض؟
في زكاة الدين ينبغي أن ينظر في الشروط التي هي في هذا الدين، إذا كان الدين على وفيّ لا يجحد وأمين يؤدي ما عليه ومليء قادر على السداد، وقد حضر وقت السداد فالزكاة على المقرض، لأن هذا المال في حكم الموجود وهو مالكه على الحقيقة، فله أن يطلب من المقترض أن يرد إليه ماله، وليس هناك ما يمنع من ذلك، فهذا المقترض وفيّ وقد حضر وقت السداد، وذلك من خلال حلول الأجل، أو أن يكون الدين غير مؤجل، والحقيقة أن معنى كون الدين غير مؤجل أن للدائن أن يطالب به المدين متى احتاج إليه، ففي هذه الحالة تكون الزكاة على مالك المال حقيقة أي الدائن، فإن انخرمت هذه الشروط فلا زكاة على هذا الدائن، كأن يكون المقترض غير أمين، أو يجحد، أو يماطل، فهذا لا يد له في الوصول إلى ماله، فلا يكلف أن يزكي مالا هو كالمعدوم له، والحالة الثانية أن يكون المدين المقترض معسرا، هو مقر بالدين الذي عليه لكنه في حالة إعسار، فالمال لا وجود له، وقد يظل على هذا الحال سنوات، ففي هذه الحالة انخرم هذا الشرط، فلا يكلف المقرض أن يؤدي الزكاة، وفي الصورة السابقة من انخرام شرط الوفاء، وكان المال في يد المقترض لكنه ظالم باخس للحق يماطل فإنه آثم والواجب شرعا عليه أن يرد هذا الدين إلى صاحبه وأن يبادر إلى ذلك وإن كان المال في يده فإن عليه مع إثمه عليه أيضا أن يزكي. والحالة الثالثة أن يكون الدين مؤجلا، فالدين المؤجل كما تقدم إن كان المقرض ليس له أن يطالب به لأن الأجل لم يحن بعد أو بعيد، والمال ليس في يده، فقد انخرم هذا الشرط فلا زكاة عليه هو. والله تعالى أعلم.
وهناك صورة أيضا وهي الديون المقسطة اليوم، فكثير من الناس يتمولون وتكون هذه الديون مقسطة على أقساط شهرية على سبيل المثال، فيؤدونها تباعا قسطا بعد قسط، وإذا كان على المدين دين وهو قادر على سداده وفقا للأقساط الدورية المتفق عليها، فإن عليه أن يزكي أمواله ما لم يكن جادا في الخلاص من الدين الذي عليه بأن يدفعه كله مرة واحدة أو أن يدفع المدخرات التي عنده ليدفع من كل الدين أو أغلب الدين، ولكن أن يقول إن عليّ ديون وقدرها كذا، والذي أملكه كذا، وهي تستهلك مدخراتي، فلا زكاة عليّ، فهذا غير صحيح، نعم لو كان جادا قاصدا لسداد الدين فإنه مأمور بذلك، لكن أكثر هذه الديون التي نتحدث عنها، تسير وفق جدول شهري أو دوري معين، أقساط يدفعها، فهو مأمور أن يزكي لأن سداده للدين الذي عليه مرتب على جدول الأقساط المتفق عليها، بناء على هذا فإن المدخرات الأخرى بتحقق شروط الزكاة فيها يجب أن تزكى.
الحديث ورد عند الإمام البخاري من طريق أبي هريرة لكن بلفظ «امرؤ» بدلا من «رجل»، والحدث صحيح وهو وارد في التحذير من اكتساب المال واشتراط أن يكون من حله، وأن يوضع في محله، فهو حكاية لما يمكن أن يؤول إليه حال الأمة من عدم المبالاة بطرق اكتساب المال فيمكن أن تضعف النفوس فتعمد إلى اكتساب المال من غير الطرق المشروعة من المعاملات المحرمة كالربا والرشوة والقمار والميسر والغش والتدليس وأكل أموال الناس بالباطل، مما في حقيقة الأمر يلحظ أنه فشا في حياة الناس اليوم، فكثير من الناس لا يبالون باكتساب المال من حله وبتحري الطيبات من الرزق، فيخوضون في المال الحرام تكثرا لهذا المال، ولا يلتفتون إلى الأحكام الشرعية المتعلقة باكتساب المال، فهذا الحديث فيه هذا الوعيد، أمن حلال هو أم من حرام؟ وهذا نجده أيضا في كتاب الله عز وجل، كما عند بعض المفسرين، صحيح أن السياق القرآني يتحدث عن التحريم والتحليل عما يتعلق بمنازعة هذا الحق لله تبارك وتعالى لكن الذين ينتهكون ويخوضون في الأموال بمثل هذه الدعاوى داخلون في هذا الوعيد، فالله عز وجل يقول: «وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ». ويقول تعالى: «قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ۖ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59) وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ». والحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد هذا المعنى الوارد في هذا الحديث حينما قال: «لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ : عن عُمرِهِ فيمَ أفناهُ ؟ وعن علمِهِ ماذا عمِلَ بهِ ؟ وعن مالِهِ مِن أينَ اكتسبَهُ، وفيمَ أنفقَهُ ؟ وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ؟» هذا الحديث يدور في نفس هذا الفلك الذي يكشف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن بعض المغيبات التي يمكن أن يؤول إليها حال أمته في سياق التحذير والتنفير من الوقوع في هذا الأمر والله تعالى أعلم.
اقترضت مبلغا من عند شخص وعلى أساسه أدفع له شهريا مبلغا معينا إلى تاريخ معين، حال على هذا المبلغ الحول والنصاب، فمن عليه زكاة هذا المبلغ المقرض أم المقترض؟
في زكاة الدين ينبغي أن ينظر في الشروط التي هي في هذا الدين، إذا كان الدين على وفيّ لا يجحد وأمين يؤدي ما عليه ومليء قادر على السداد، وقد حضر وقت السداد فالزكاة على المقرض، لأن هذا المال في حكم الموجود وهو مالكه على الحقيقة، فله أن يطلب من المقترض أن يرد إليه ماله، وليس هناك ما يمنع من ذلك، فهذا المقترض وفيّ وقد حضر وقت السداد، وذلك من خلال حلول الأجل، أو أن يكون الدين غير مؤجل، والحقيقة أن معنى كون الدين غير مؤجل أن للدائن أن يطالب به المدين متى احتاج إليه، ففي هذه الحالة تكون الزكاة على مالك المال حقيقة أي الدائن، فإن انخرمت هذه الشروط فلا زكاة على هذا الدائن، كأن يكون المقترض غير أمين، أو يجحد، أو يماطل، فهذا لا يد له في الوصول إلى ماله، فلا يكلف أن يزكي مالا هو كالمعدوم له، والحالة الثانية أن يكون المدين المقترض معسرا، هو مقر بالدين الذي عليه لكنه في حالة إعسار، فالمال لا وجود له، وقد يظل على هذا الحال سنوات، ففي هذه الحالة انخرم هذا الشرط، فلا يكلف المقرض أن يؤدي الزكاة، وفي الصورة السابقة من انخرام شرط الوفاء، وكان المال في يد المقترض لكنه ظالم باخس للحق يماطل فإنه آثم والواجب شرعا عليه أن يرد هذا الدين إلى صاحبه وأن يبادر إلى ذلك وإن كان المال في يده فإن عليه مع إثمه عليه أيضا أن يزكي. والحالة الثالثة أن يكون الدين مؤجلا، فالدين المؤجل كما تقدم إن كان المقرض ليس له أن يطالب به لأن الأجل لم يحن بعد أو بعيد، والمال ليس في يده، فقد انخرم هذا الشرط فلا زكاة عليه هو. والله تعالى أعلم.
وهناك صورة أيضا وهي الديون المقسطة اليوم، فكثير من الناس يتمولون وتكون هذه الديون مقسطة على أقساط شهرية على سبيل المثال، فيؤدونها تباعا قسطا بعد قسط، وإذا كان على المدين دين وهو قادر على سداده وفقا للأقساط الدورية المتفق عليها، فإن عليه أن يزكي أمواله ما لم يكن جادا في الخلاص من الدين الذي عليه بأن يدفعه كله مرة واحدة أو أن يدفع المدخرات التي عنده ليدفع من كل الدين أو أغلب الدين، ولكن أن يقول إن عليّ ديون وقدرها كذا، والذي أملكه كذا، وهي تستهلك مدخراتي، فلا زكاة عليّ، فهذا غير صحيح، نعم لو كان جادا قاصدا لسداد الدين فإنه مأمور بذلك، لكن أكثر هذه الديون التي نتحدث عنها، تسير وفق جدول شهري أو دوري معين، أقساط يدفعها، فهو مأمور أن يزكي لأن سداده للدين الذي عليه مرتب على جدول الأقساط المتفق عليها، بناء على هذا فإن المدخرات الأخرى بتحقق شروط الزكاة فيها يجب أن تزكى.