أعمدة

عندما نجوع في رمضان

 
في الأيام الماضية طرحت موضوع التبضع لرمضان، الذي أرى أنه يثقل كاهل الأسر، ولكننا نقع في الأخطاء ذاتها سنويا، لكن ما أبهجني أن غالبية الردود جاءت من أناس لديهم وعي عالٍ بهذه القضية، فكثير ممن شارك في التعليق على الموضوع اتفق معي بأنهم توقفوا منذ سنوات عن التبضع لرمضان، وأنهم باتوا يتعاملون مع الشهر الفضيل كأي شهر آخر من حيث الإنفاق والوجبات التي تعد، وتبقى فئة ما زال رمضان يعني بالنسبة لها شهر الإنفاق والسفرة العامرة بما لذ وطاب مما سيكون مصير نصفه سلة المهملات، فثلث المواد الغذائية تهدر سنويا تبلغ تكلفتها 750 مليار دولار أمريكي تكفي لسد جوع ملياري شخص، لكن لماذا هذا الإسراف المبالغ فيه في الطعام أثناء الشهر الفضيل؟

على هذا يجيب الإمام الشعراوي -رحمة الله عليه-: حين تجوع يكفيك أي طعام، إلا أن الناس يعدون إفطارهم بشهوات جوعهم، فيعدون أنواعا متعددة من الطعام، فيجهز المرء إفطاره تجهيز الجائع، فإذا ما جاء الواقع أكل أي شيء، كفاه، وبقي الشيء الآخر، لكن الله سبحانه وتعالى شرع لنا الصوم كعملية اقتصادية، بمعنى إذا جعت تكتفي بأي شيء، لكن الناس تستقبل الإفطار بإعداد أطباق عدة كان يكفي واحد منها لتأدية غرض الإشباع، وقد يكون هذا أبسط شيء، وينقل عن الأصمعي قوله: (نعم الإدام الجوع).

ويضيف -رحمه الله-: نحن حوّلنا شهر العبادة إلى شهر تخمة يشتكي الناس بعده من ضيق الحال، ومن اعتلال الصحة، ذلك أنهم خالفوا حكمة الله من الصيام، ولم يستقبلوه بما يحب الله وما يحب رمضان، وكان المفروض أن يكون شهرا اقتصاديا للتوفير، وراحة الجيوب والدخل، ولكننا جعلنا منه وسيلة لإرهاق الجيوب والدخل، وذلك لاستقبال الشيء بما لا يناسبه، وكثير من فساد الأشياء حولنا بهذه الطريقة، نستقبل الأشياء بما لا تحب هذه الأشياء وبما لا يتناسب معها، إذن فإن استقبال رمضان يجب أن يكون من جنس ما يحب رمضان وما يحبه الله، ليسعد بنا رمضان ونسعد نحن به ونسعد بتطبيق منهج الله.

هل ستكون إحدى نوايا هذا الشهر الفضيل أن نستقبله بما يحب؟

حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية