تقاليد ترجمة ونقل الأسماء
الأربعاء / 29 / شعبان / 1444 هـ - 23:44 - الأربعاء 22 مارس 2023 23:44
فكر معي كم مرة حصل أن جلست لتقرأ كتابا مترجما للعربية، يلفت انتباهك اسم ما، أو عنوان، لم تسمع به من قبل. تُحاول -كأي من أبناء هذا القرن- أن تبحث عنه على الإنترنت، لكنك تجهل كيف تُعيد بناء الاسم بالحروف الأصلية (سأفترض أنها لاتينية). إذ أنه ما من تقاليد متفق عليها يسمح للانتقال ببساطة من اللغات اللاتينية للعربية والعكس. لنفترض أن الاسم الذي تبحث عنه هو «بَنش» وهي مجلة أورد الكاتب اقتباسا منها، أردت التحقق منه، ورؤيته في أي سياق جاء. والآن إذا ما أردت إعادة كتابته -لأن المترجم لم يرأف بي ويبقيه بلغته الأصلية، أو لأن الناشرين وكثيرا ما يفعلون هذا، لا يُعجبهم أن تورد الكلمات مترجمة ثم مكتوبة بحروفها الأصلية- أقول أنني لو أردت إعادة كتابة الكلمة فعليّ أولا تحديد ما إذا كانت هذه الباء مُرادفا لـB أو P. بعدها سيتعين علي تحديد ما إذا كانت الفتحة فوقها مرادفا لـ A أو ربما U (خصوصا أنك قد تحدس أن الكلمة الأصلية هي BUNCH)، أو ربما جاءت لتقود النطق العربي دون أن يكون لها حرف علة مرادف في الكلمة الأصلية. وحتى تلك الشين في نهاية الكلمة يُمكن أن تُكتب CH كما في BUNCH، أو الأكثر شيوعا SH، أو حتى SCH كما في الكلمات الإنجليزية المأخوذة من الألمانية مثل schadenfreude (والتي تعني تقريبا الشماتة). انظر إلى كم الاحتمالات التي يُمكن الخروج بها وأنت تحاول إعادة كتابة كلمة من ثلاثة حروف لا أكثر! وماذا لو وجدت أن هناك مجلة تُدعى BUNCH وأخرى PANNSH فكيف تعرف أيهما المقصودة.
أعتب على المترجمين والمحررين والناشرين العرب الذين لا يلتفتون للدور التوثيقي للأسماء. والذي يُعين على الرجوع إلى المصادر، أو الاستفاضة في البحث والبناء على ما بين أيدينا. أدرج في هذا المقال بعض الملاحظات حول تقاليد نقل الأسماء إلى العربية، وكيف نحتاج إلى الاحتكام لقواعد معيارية جديدة تناسب وتيرة الترجمة السريعة والعريضة. لا يهتم هذا المقال سوى بالجوانب العملية لعملية الترجمة. أُجادل أن الاحتفاظ بالاسم مكتوبا بلغته الأصلية يُعادل -في وقتنا هذا- توثيقه وفق الطريقة العلمية، أو يُسهل -على الأقل- قدر الإمكان الرجوع للأصل، والإشادة (إعطاء الـ Credit) لمن يستحقون.
يُمكن للغات اللاتينية أن تتبادل الكلمات بينها على نحو سلس، وخالٍ من الإشكال تقريبا. إنها تقترض الكلمة (مع تغير نُطقها قليلا) مبقية على إملائها الأصلي. ورغم أن للكتابة بأبجدية غير الأصلية أثرها الإيجابي (نطق المتحدثين بالعربية لاسم آينشتاين أدق إذا ما قُورن باللفظ الألماني Einstein، منه لدى المتحدثين بالانجليزية والذين ينطقونه في الغالب آينستاين)، أقول أنه ثمة آثار إيجابية للترجمة إلى لغة تستخدم ألفبائية مغايرة للأصل، إلا أن لها أيضا آثارها السلبية، التي لا يستحيل التعامل معها.
والآن دعونا ننظر في أربع أمثلة ممكنة لترجمة الأسماء، ونحلل أيها أنفع لأي سياق.
(1) «أوردتْ مجلة بنش»
(2) «أوردتْ مجلة بنش BUNCH»
(3) «أوردتْ مجلة BUNCH والذي يعني اسمها بالعربية حُزمة»
(4) «أوردتْ مجلة حُزمة»
لحسن الحظ وسوئه، ليس الأقصر دائما هو الأفضل، وليس الاختزال هو الحل دائما، مهما بدا أنيقا، كما في الحالة الأولى. الحالة الأولى إذا، مناسبة للنصوص الخيالية، وحين تكون هذه المجلة لا وجود لها في الواقع، وحين لا يكون للاسم دلالات أخرى يُعد فهمها أساسيا لفهم النص.
الحالة الثانية ملائمة إن كان المترجم يرغب بمد قراءه بالأدوات التي تعينهم على العودة إلى الأصل. من هنا تأتي دعوتي للمترجمين لأن يبقوا العناوين بلغتها الأصلية، والأسماء مكتوبة بحروف اللغة الأصلية. خصوصا حين تكون المادة غير خيالية Non-fiction.
الحالة الثالثة أنسب حين تُريد مد القراء بما يُعينهم على الرجوع للأصل، مع التنبيه إلى دلالة المعنى لجميع القراء، حتى من لا يهتمون بالتبحر في هذا الموضوع بشكل خاص.
الحالة الرابعة، لا أرى أي سبب مقنع لترجمة الأسماء، عدا الحالات التي يكون فيها العمل معروفا، والتي تكون فيها ترجمته متداولة لدرجة تجعل مواصلة هذا العرف مُبررة. فكر مثلا برواية المسخ لكافكا، هنا تنتفي الحاجة لإدراج العنوان الأصلي، واسم مؤلفه. خصوصا وأن بحثا سريعا على الإنترنت سيعيد لك نتائج شافية حول الموضوع. هذا بعكس الأسماء والعناوين الأقل شهرة والتي لا تتوفر لها تراجم دارجة.
ملاحظة أخرى حول النقل الدقيق للحروف. كترجمة P إلى پ وليس ب، وترجمة V إلى ڤ وليس ف. وهو أمر بسيط إلا أنه يُمكن أن يوفر على القارئ المهتم كثير عناء، كما يُقارب الدقة إلى أقصى حد ممكن.
ما ينطبق على الأسماء هنا يُنطبق أيضا على المصطلحات التي لا يوجد لها بعد ترجمة مصطلحة. ما أحب أن أفعله عادة عند مواجهة مصطلح غير متفق على ترجمته في العربية هو البحث عن الترجمة العربية المقترحة على ويكيبيديا، لأن صفحة الويكيبيديا (مهما صغرت) يتوقع أن تنمو، وهي غالبا ضمن أوائل ما يظهر من نتائج عند البحث. لا أدعي أن هذه الطريقة هي الأفضل (فأنا بهذا قد أتخلى عن مصطلحات أخرى أقرب للمعنى الأصلي)، ولكنها كما أرى تُكثف الجهود الشخصية وتجمعها، ومن هنا تأتي قيمتها.
أعتب على المترجمين والمحررين والناشرين العرب الذين لا يلتفتون للدور التوثيقي للأسماء. والذي يُعين على الرجوع إلى المصادر، أو الاستفاضة في البحث والبناء على ما بين أيدينا. أدرج في هذا المقال بعض الملاحظات حول تقاليد نقل الأسماء إلى العربية، وكيف نحتاج إلى الاحتكام لقواعد معيارية جديدة تناسب وتيرة الترجمة السريعة والعريضة. لا يهتم هذا المقال سوى بالجوانب العملية لعملية الترجمة. أُجادل أن الاحتفاظ بالاسم مكتوبا بلغته الأصلية يُعادل -في وقتنا هذا- توثيقه وفق الطريقة العلمية، أو يُسهل -على الأقل- قدر الإمكان الرجوع للأصل، والإشادة (إعطاء الـ Credit) لمن يستحقون.
يُمكن للغات اللاتينية أن تتبادل الكلمات بينها على نحو سلس، وخالٍ من الإشكال تقريبا. إنها تقترض الكلمة (مع تغير نُطقها قليلا) مبقية على إملائها الأصلي. ورغم أن للكتابة بأبجدية غير الأصلية أثرها الإيجابي (نطق المتحدثين بالعربية لاسم آينشتاين أدق إذا ما قُورن باللفظ الألماني Einstein، منه لدى المتحدثين بالانجليزية والذين ينطقونه في الغالب آينستاين)، أقول أنه ثمة آثار إيجابية للترجمة إلى لغة تستخدم ألفبائية مغايرة للأصل، إلا أن لها أيضا آثارها السلبية، التي لا يستحيل التعامل معها.
والآن دعونا ننظر في أربع أمثلة ممكنة لترجمة الأسماء، ونحلل أيها أنفع لأي سياق.
(1) «أوردتْ مجلة بنش»
(2) «أوردتْ مجلة بنش BUNCH»
(3) «أوردتْ مجلة BUNCH والذي يعني اسمها بالعربية حُزمة»
(4) «أوردتْ مجلة حُزمة»
لحسن الحظ وسوئه، ليس الأقصر دائما هو الأفضل، وليس الاختزال هو الحل دائما، مهما بدا أنيقا، كما في الحالة الأولى. الحالة الأولى إذا، مناسبة للنصوص الخيالية، وحين تكون هذه المجلة لا وجود لها في الواقع، وحين لا يكون للاسم دلالات أخرى يُعد فهمها أساسيا لفهم النص.
الحالة الثانية ملائمة إن كان المترجم يرغب بمد قراءه بالأدوات التي تعينهم على العودة إلى الأصل. من هنا تأتي دعوتي للمترجمين لأن يبقوا العناوين بلغتها الأصلية، والأسماء مكتوبة بحروف اللغة الأصلية. خصوصا حين تكون المادة غير خيالية Non-fiction.
الحالة الثالثة أنسب حين تُريد مد القراء بما يُعينهم على الرجوع للأصل، مع التنبيه إلى دلالة المعنى لجميع القراء، حتى من لا يهتمون بالتبحر في هذا الموضوع بشكل خاص.
الحالة الرابعة، لا أرى أي سبب مقنع لترجمة الأسماء، عدا الحالات التي يكون فيها العمل معروفا، والتي تكون فيها ترجمته متداولة لدرجة تجعل مواصلة هذا العرف مُبررة. فكر مثلا برواية المسخ لكافكا، هنا تنتفي الحاجة لإدراج العنوان الأصلي، واسم مؤلفه. خصوصا وأن بحثا سريعا على الإنترنت سيعيد لك نتائج شافية حول الموضوع. هذا بعكس الأسماء والعناوين الأقل شهرة والتي لا تتوفر لها تراجم دارجة.
ملاحظة أخرى حول النقل الدقيق للحروف. كترجمة P إلى پ وليس ب، وترجمة V إلى ڤ وليس ف. وهو أمر بسيط إلا أنه يُمكن أن يوفر على القارئ المهتم كثير عناء، كما يُقارب الدقة إلى أقصى حد ممكن.
ما ينطبق على الأسماء هنا يُنطبق أيضا على المصطلحات التي لا يوجد لها بعد ترجمة مصطلحة. ما أحب أن أفعله عادة عند مواجهة مصطلح غير متفق على ترجمته في العربية هو البحث عن الترجمة العربية المقترحة على ويكيبيديا، لأن صفحة الويكيبيديا (مهما صغرت) يتوقع أن تنمو، وهي غالبا ضمن أوائل ما يظهر من نتائج عند البحث. لا أدعي أن هذه الطريقة هي الأفضل (فأنا بهذا قد أتخلى عن مصطلحات أخرى أقرب للمعنى الأصلي)، ولكنها كما أرى تُكثف الجهود الشخصية وتجمعها، ومن هنا تأتي قيمتها.