رأي عُمان

الفنون والآداب.. مسار مهم في البناء الحضاري

 
على مرّ التاريخ كان للثقافة والفنون دور محوري في بناء الحضارات الإنسانية، وفهم تطورها، وتطور اهتمامات الإنسان فيها. فلم يخلد التاريخ تفاصيل حضارة متقدمة أهملت الفنون، ولم تولها العناية الخاصة التي تستحقها. بل إن الفنون والآداب بمختلف أنواعها كانت في صدارة ميراث الأمم الحيّة التي نقلته من جيل إلى جيل، وكانت أحد أهم مقاييس تطور الحضارات وصعودها. ومن بين هذه الفنون التي احتفت بها كل الحضارات الإنسانية نجد الموسيقى في صدارة تلك الفنون التي اهتم بها الإنسان وأولاها كبير عنايته، فكانت معبرة عنه في مختلف الأوقات، ومعبرة عن الحقبة التاريخية التي يعيش فيها.

وعبر التاريخ نفسه كان العمانيون يولون عناية خاصة بالفنون والآداب، بما في ذلك الموسيقى التي عبرت عن الكثير من تفاصيل التاريخي العماني سواء في أوقات الرخاء أو أوقات الشقاء، وما صحبها من حروب وقتال. ومن تلك الموسيقى نفهم حجم التبادل الثقافي بين عمان وبين الشعوب والحضارات الأخرى.

وفي العصر الحديث الذي تعيشه سلطنة عمان لقيت الفنون والآداب عناية خاصة، بل إن المتابع والمتأمل يستطيع أن يرى أن هذه الفنون تعيش عصرها الذهبي دون جدال.. وتلقى عناية خاصة من القيادة العليا في البلاد.

وعندما تقيم دار الأوبرا السلطانية أمس احتفالا موسيقيا بمناسبة الذكرى الثالثة لتولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله- مقاليد الحكم في البلاد، فإن هذا له دلالة كبيرة لا تخفى رمزيتها.. فجلالة عاهل البلاد المفدى يولي الآداب والفنون في البلاد عناية خاصة لما لها من مكانة مرموقة في بناء الحضارة الإنسانية والمساهم في بناء الثقافة العمانية. ولذلك فهذه الفنون حَرية أن تحتفي بجلالته في هذه المناسبة الكبيرة.

ونستطيع أن نفهم من هذا الاحتفال الذي يقام بهذه المناسبة الوطنية أن فيه تأكيد أن عناية جلالته بالفنون والآداب مستمرة، وأنها ركن من أركان البناء الحضاري الذي لن تحيد عنه عُمان أبدا.

وكما أن جلالته يبني المسارات السياسية والاقتصادية والأخلاقية فإنه كذلك يبني في السياق نفسه المسارات الفنية والأدبية؛ لأنها جميعها تأتي في سياق البناء الحضاري الأشمل.