رأي عُمان

قيمة الوعي الحضاري

 
قبل أيام كتبت جريدة عمان في افتتاحيتها في هذه المساحة تقول إن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - قائد أخلاقي وحضاري.. وهذا النوع من القيادة يعد أسمى مراتب القيادة وأعلاها؛ لأن القائد خلالها يبني وفي وعيه البعد الحضاري الشامل والمتكامل والذي يؤسس لمستقبل طويل ولركائز راسخة لا تتزعزع في أي دولة كانت. ولا يخفى على أحد ما يقوم به جلالة القائد من أجل ترسيخ كل مظاهر القوة في البناء الحضاري المتين لعُمان، سواء ما يتضح من عمله في تقوية وتماسك المجتمع، المؤسسة الأكبر والأهم في الدولة، أو عبر الحثّ والدفع الدائم نحو التمسك بالأخلاق والمبادئ والقيم العمانية الأصيلة المستمدة من الدين الإسلامي الحنيف، على اعتبار أن هذه القيم والمبادئ هي أحد أسباب قوة المجتمعات ومنعتها وأداة من أدوات بث الحياة الدائمة فيها.

وفي هذا السياق تماما نقرأ توجيهات جلالته أمس لتقديم دعم مالي للفرق الخيرية التابعة للجان التنمية الاجتماعية وتكريم المتطوعين فيها، وكذلك تقديم دعم مالي للجمعيات الخيرية الداعمة لجهود وزارة التنمية الاجتماعية. والرسالة الأسمى من ذلك ليس الدعم في حد ذاته إنما للقول إن هذه الأعمال الجليلة في مجملها هي جزء من عملية البناء الحضاري؛ لأنها ترسخ فكرة التكافل الاجتماعي. وهذا التكافل كان على الدوام إحدى القيم التي حافظ عليها المجتمع العماني وميزته عبر التاريخ وصنعت جزءا أساسيا من قوته وصلابته. وجاءت القيادة الأخلاقية والحضارية لتؤكد على هذا المبدأ ولتؤكد أن هذه الأعمال هي دائما محل تقدير وثناء.

كما أن منح جلالته، أعزّه الله، وسام الإشادة السلطانية لعدد من الشخصيات العُمانية؛ تقديرًا من لدن جلالته لإسهاماتهم وأدوارهم البارزة في عدة مجالات، من بينها المجالات التطوعية والتربوية الأخلاقية والعلمية والفكرية التي تساهم في رفعة المجتمع والدفع به نحو المستقبل الآمن. وكل هذه المجالات كانت تصنع قوة المجتمع العماني وتساهم في البناء الحضاري الإنساني.

ولا بد أن ننتبه هنا إلى نقطة غاية في الأهمية وهي أن يختار حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم لهذا التكريم وذلك الدعم يوم الحادي عشر من يناير، اليوم الذي تحتفل فيه سلطنة عمان بذكرى تولي جلالته مقاليد الحكم في البلاد ليؤكد جلالته أن قيادته تولي أهمية كبيرة بكل الفئات التي تعمل من أجل أن تكون عُمان دولة قوية وراسخة بأخلاقها ومبادئها وقيمها الحضارية.

عندما نقرأ الأحداث في سياقها العميق نستطيع أن نشعر بحجم الفخر الكبير بهذه القيادة الحضارية التي تنشغل من أجل أن تبقى عُمان في المكانة المرموقة التي وضعت نفسها فيها عبر التاريخ الطويل.