عمان اليوم

المجالس البلدية .. أدوار مرتقبة لتعزيز اللامركزية

 
- د. عهود البلوشية: اختيار الكفاءات سيسهم في تحديد الاحتياجات الفعلية لتنمية المحافظات -

- د. خالد الغيلاني: قانون المجالس البلدية يمنح الأعضاء الكثير من المهام والصلاحيات -

- علي كفيتان: نتوقع أن تخرج المجالس البلدية من عباءة المطالبات إلى العمل الممنهج -

- مبارك الحمداني: على عاتق المرشحين والناخبين مسؤولية تعميق الأدوار وتعزيز الشراكة -

يصوت الناخبون العمانيون المقيدون في السجل الانتخابي في الخارج الأحد المقبل لاختيار مرشحيهم في انتخابات المجالس البلدية للفترة الثالثة، بينما يصوت الناخبون العمانيون في الداخل في 25 ديسمبر الجاري عبر تطبيق «انتخب»، حيث يتنافس 727 مرشحًا ومرشحة في العملية الانتخابية، بينهم 28 امرأة.

ويتطلع الناخبون إلى دور أكبر لأعضاء المجالس البلدية في الفترة الثالثة بوضع خطط وبرامج استراتيجية قصيرة وبعيدة المدى تأخذ في عين الاعتبار النواحي والممكنات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في كل محافظة على حدة، والخروج من عباءة رفع المطالبات وانتظار الردود إلى العمل الممنهج القائم على استجلاء البيانات وتقديم الحقائق التي تدعم أي مطلب مجتمعي عادل.

ممكنات المحافظات

وقالت الدكتورة عهود بنت سعيد بن راشد البلوشية، أكاديمية وباحثة: قام صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - بخطوات مهمة لامست طموحات المواطن في الإصلاح الإداري بما يتوافق مع محاور «رؤية عُمان 2040» التي تتمثل في «الإنسان والمجتمع»، «الاقتصاد والتنمية»، «الحوكمة والأداء المؤسسي»، ومن ضمن تلك الخطوات دعم اللامركزية في المحافظات من خلال منح المحافظين والمجالس البلدية صلاحيات تنفيذية أوسع واعتمادات مالية أكبر مما من شأنه تسريع العملية التنموية بما يتناسب واحتياجات كل محافظة وضمان مشاركة مجتمعية أوسع، وبالتالي فإن الأدوار التي يلعبها أعضاء المجالس البلدية أساسية من حيث تلمس الاحتياجات الفعلية للمواطنين في الولايات المختلفة كون عضو المجلس البلدي قريبا بشكل مباشر من المجتمع المحلي، كما يلعب دورا مهما في وضع خطط وبرامج استراتيجية قصيرة وبعيدة المدى تأخذ في عين الاعتبار النواحي والممكنات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في كل محافظة على حدة.

وأضاف: نظرًا للصلاحيات الإدارية والمالية والتنفيذية الجديدة للمحافظات فإن الدورة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية المحلية تعتبر مختلفة عن الدورات التي سبقتها وبالتالي فإنه من المهم تركيز الناخب على اختيار الكفاءات من المترشحين الذين سيساهمون مع الإدارة المحلية للمحافظة في وضع خطط تنموية تلبي الاحتياجات الفعلية وقادرة على إحداث تغيير فارق من خلال استغلال الموارد المحلية بشكل جيد يسهم في تنمية المحافظة بشكل مستدام.

من جهته قال الدكتور خالد بن حمد الغيلاني: إن دور المجالس البلدية في سلطنة عمان ينمو ويتطور شيئًا فشيئًا، وبالتالي في ظل ما تم منحه للمحافظات من صلاحيات واسعة، فإن للمجالس البلدية دورًا مهمًا في تحديد الأولويات وترتيب المشروعات التنموية وفقًا للهدف منها، وبحسب المؤمل من خلالها، لذلك فعلى عضو المجلس البلدي مهام تخطيطية وتنموية مهمة وضرورية ولا بد أن تتوفر لديه كل المهارات والإمكانات التي من شأنها تمكينه من القيام بمهام عمله التي حددها قانون المجالس البلدية.

وأشار إلى أننا مقبلون على تطوير غير مسبوق في العمل البلدي وهذا يحتاج لأن ينهض عضو المجلس البلدي بالدور الملقى على عاتقه، وعليه أن يتجرد من نظرة قاصرة تجاه ولاية بعينها إلى نظرة عامة للمحافظة تعزز من القيمة المضافة في كل محافظة وتبحث عن المشروعات ذات الاستدامة المالية والتنويع الاقتصادي وتحقيق كل الأبعاد الاستراتيجية اللازمة لأي تطوير وتنوع، مشيرًا إلى أن المسؤولية العظيمة الملقاة على عاتق الناخبين في تحديد الشخص المناسب لتكون الأعمال التطويرية سائرة بالشكل الصحيح والمرجو، الشخص القادر على بناء الاستراتيجيات والتعاطي مع مقتضيات العمل البلدي الممنهج بالشكل الذي يضع كل أمر في موضعه الصحيح.

وأكد أن أهمية الفترة الثالثة تقتضي مسلكًا واضحًا ومحددًا نحو البناء والتطوير واضعين نصب أعيننا توجيهات جلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه - وأولويات ومرتكزات عمان 2040 وكذلك تطوير المحافظات من خلال الاستراتيجية العمرانية، وكل الأمنيات والدعوات أن تكون لدى أعضاء المجالس البلدية القادمة القدرات اللازمة لتفعيل حقيقي وواقعي ومنطقي ومستقبلي لأدوار هذه المجالس.

الشراكة التنموية

وقال مبارك بن خميس الحمداني باحث علم اجتماع: لا شك أن صدور قانون المجالس البلدية «126/ 2020» ونظام المحافظات «36/ 2022» ووضوح البنى التشريعية وتكاملها فيما يتصل بالانتقال إلى مرحلة جديدة تمكن فيها المحافظات وتعزز من خلالها مهام الإدارة المحلية سيتطلب خلال المرحلة المقبلة فاعلية أكبر لأدوار المجالس البلدية ذلك أن ملفات العمل في المحافظات سواء في الشق الخدمي أو الإنمائي أو الاستثماري سيكون الضامن الرئيسي لنجاحها وتحققها هو النهج التشاركي ومع وجود المجالس وفاعليتها عبر الولايات فإنها ستقدم رؤية أكثر التماسًا لحاجيات المجتمع المحلي ومقترحات وتوصيات أكثر استدراكًا للفرص التي تتوافر عليها الولايات، ويمكن العمل على تنميتها واستثمارها، كما ستكون هذه المجالس ذراعًا مساندًا في التخطيط لأصحاب السمو والمعالي والمحافظين من ناحية وقناة مثلى لإيصال أفكار ومرئيات أفراد المجتمع بشأن القضايا التنموية في ولاياتهم من ناحية أخرى، وبالتالي فإن ما تكتسبه انتخابات الفترة المقبلة لأعضاء المجالس البلدية من أهمية محورية تلقي على عاتق المرشحين والناخبين على حد سواء مسؤولية كبرى في اتضاح منظومة الأدوار وتعزيز الشراكة من أجل التنمية واستدراك المقاصد الكبرى التي يرنو لها النموذج التنموي الراهن في سلطنة عُمان في التحول نحو اللامركزية.

فرص العمل.

وقال علي بن سالم كفيتان بيت سعيد: لقد أوضح جلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه - وفي أكثر من مناسبة خلال لقائه بالمشايخ أهمية المجالس البلدية والدور المتوقع منها خلال المرحلة المقبلة في ظل تخصيص موازنات مستقلة للمحافظات ومنح نظام اللامركزية للمحافظات بمزيد من الصلاحيات المالية والرقابية، ولا شك أن ركيزة الخدمات المتعلقة بحياة الناس اليومية ستتحملها المجالس البلدية من حيث الكشف عن الأولويات والسعي لتنفيذها بالتنسيق مع الجهات المعنية بالإضافة لاقتراح مشروعات رائدة تساهم في تنمية المحافظات ومنح المزيد من فرص العمل للشباب من خلال الموازنات المخصصة للمحافظات.

وأضاف: نتوقع أن تخرج المجالس البلدية من عباءة رفع المطالبات وانتظار الردود إلى العمل الممنهج القائم على استجلاء البيانات وتقديم الحقائق التي تدعم أي مطلب مجتمعي عادل ومن هنا تبنى الشراكة الحقيقية، ولن يكون دور العضو جمع شكاوى ومطالبات المواطنين وحسب بل البحث والاستقصاء وإسناد تلك المطالب ببيانات لا تقبل الشك ولا تمنح أي فرص للرفض من قبل الجهات المعنية وهذا بطبيعة الحال يعتمد على مخرجات الانتخابات، وسيكون على المجالس البلدية في المرحلة القادمة الدخول بعمق للمشاكل والظواهر السلبية التي باتت تنخر في لحمة المجتمع وتقديم حلول وليس الكشف عن المشاكل فقط، وأوضح أن الفترتين الماضيتين للمجالس البلدية مثلت أساس بناء المشاركة المجتمعية ولكنها انتقلت في الفترة الثالثة إلى مساحات أرحب فالمجالس أصبحت تمتلك إمكانيات مالية من واقع موازنات المحافظات والتي هي في الأساس خارج نطاق المشروعات المعتمدة في الخطة الخمسية العاشرة مما يضيف ويزيد من قدر الممكنات التي باتت تمتلكها المجالس البلدية، والجميع يتوقع دورة متميزة للمجالس البلدية في المرحلة الثالثة ويترقب بشغف اختيار الأعضاء الأكثر كفاءة وقدرة على مواكبة المرحلة المفصلية التي تمر بها البلاد.