أعمدة

في زنجبار

 
منذ متابعتي لبرنامج (أثر التواجد العُماني في شرق إفريقيا) الذي قدمه محمد المرجبي على تلفزيون سلطنة عمان وأنا أتوق لزيارة زنجبار، فقد نقل البرنامج صورة جميلة ومشرفة لهذا الوجود أثار فضولي لمعرفته عن قرب، وقد أتيحت لي هذه الفرصة هذا العام.

مما لاشك أن هناك الكثير مما يقال عن جمال زنجبار وتاريخ العمانيين فيها، لكن مما شدني في هذه الزيارة إلى جانب جمال الطبيعة، ونظافة البلد ولطف وكرم أهلها، هو توفر دورات المياه النظيفة في كل مكان، في أماكن نائية زرتها كانت هذه الدورات مجرد حظيرة مسورة بجريد، ويتوسطها مرحاض صغير وسطل ماء،أمر كان مثارا للدهشة والإعجاب فعلا.

لكن إذا عرف السبب بطل العجب فقد اكتشفت بأن تنزانيا قد أطلقت حملة وطنية لتغيير سلوك السكان حملت عنوان ذا مغزى (جيران) وذلك لتحقيق هدف (صرف صحي ونظافة للجميع) بحلول عام 2025، ضمن أهدافها لتحقيق الهدف (6) من أهداف المياه والصرف الصحي للجميع بحلول عام 2030 ضمن أهداف الأمم المتحدة المستدامة، وقد أقرت الأمم المتحدة الصرف الصحي كحق أساسي من حقوق الانسان، ولهذا أعلن تاريخ 19 نوفمبر من كل عام يوما عالميا لدورات المياه، 'من أجل التأكيد على حق الإنسان في حياة كريمة آمنة، من خلال توفير مرافق صحية وآمنة ومقبولة اجتماعيا وثقافيا وتوفر الخصوصية وتضمن كرامة الإنسان'، فغياب دورات المياه الصحية والمناسبة لها عواقب وخيمة على الصحة والاقتصاد والبيئة خاصة في المجتمعات الأشد فقرا و تهميشا.

على الرغم من أن كثيرا من الشعوب مازالت تستخدم الخلاء ومجاري المياه لقضاء حاجتها، الأمر الذي يشكل خطورة كبيرة على الكائنات الحية، وعلى صحة الإنسان ذاته، إلا أن المدنية بدأت تزحف بشكل كبير على كثير من المناطق، مما يتعذر معه لجوء الإنسان لها، مشكلا تهديدا حقيقيا لحياة الكثير من سكان المعمورة، وخصوصيتهم وكرامتهم.

على الرغم من أن الأمر قد يبدو بديهيا لدى الكثيرين منا، لكن مازال كثير من الدول لا تولي لهذا المرفق الحيوي جدا الاهتمام الذي يستحقه، رغم انعكاس ذلك على كلفة الرعاية الصحية فيها.