أعمدة

كم أدخر؟

حمده الشامسية
 
حمده الشامسية
في تعاملاتنا المالية لا يوجد مقاس واحد للجميع، ورغم ذلك تمتلئ صفحات الخبراء الماليين بالنصائح حول النسبة التي يجب أن تدخرها من دخلك، في حين أن هذه الطريقة يمكن استخدامها كممارسة فضلى، نسترشد بها لكنها لا يمكن أن تصلح للجميع، فـ20% وفقا لقانون باريتو لا يمكن تطبيقها في الواقع على الجميع، هذه الأرقام قد تصلح لثقافات أخرى، لكن أعتقد بأنه من الصعب تطبيقها علينا، إذ إن الشاب في الغرب في عمر الثلاثين يعيش في الغالب أعزبا دون مسؤوليات، بسبب تأخر سن الزواج، وحتى لو تزوج وأسس أسرة في الغالب أيضا فإن الزوجة ستكون هي أيضا عاملة وستسهم بنصف ميزانية الأسرة، وعادة ما تكون الأسرة صغيرة من حيث العدد، في حين يتزوج الشاب لدينا في سن مبكرة جدا، ويبدأ في تأسيس الأسرة مباشرة، وغالبا ما يكون عدد الأسرة كبيرا، وكثير أيضا من الشباب يسهمون في مساعدة والديهم ماديا، بالتالي لايمكن أن تطالب شابا يعيل أسرة من عشرة أفراد، على الحد الأدنى من الدخل أن يدخر 20%، إذ لو كان أجره 350 نحن نتحدث عن 70 ريالا عمانيا.

قد تكون هذه النسبة مناسبة جدا لشاب في مقتبل العمر لم يرتبط بعد، أو شخص لديه دخل مناسب، في هذه الحالة من المفترض أن يكون قادرا على ادخار حتى 40% من دخله،والمستشار المالي الذي يعرف عمله سينصحه بذلك، لأنها المرحلة التي يحتاج فيها الشاب إلى ادخار أكبر قدر من دخله من أجل تمويل مشروع الزواج والبيت، والسيارة دون الحاجة للجوء إلى التمويل بفوائد من المصارف.

هذا لايعني بالطبع أن صاحب الدخل البسيط ليس عليه أن يدخر، ولكن يدخر وفقا لمقدرته، خذ دخلك، واخصم منه مصاريفك الشهرية، والمتبقي هو ما يجب ادخاره ببساطة، وهذا لا يمكن تثبيته على نسبة معينة، لأنك لا تستطيع تثبيت مصروفاتك، خاصة في مجتمعنا كما ذكرت، حيث المناسبات الاجتماعية غير المخطط لها، والزيارات الفجائية المتكررة من الأهل والأقارب، وغيرها من المصاريف التي يصعب وضع مبلغ ثابت لها.

كل إنسان وظروفه، وأنت أعلم، النسبة مفيدة جدا للاسترشاد بها، لكن النسبة المناسبة أنت من تحددها وفقا لظروفك، فما يصلح لك لا يصلح لغيرك.