هوامش.. ومتون: الحبُّ دون سابق إنذار
الأربعاء / 1 / ربيع الأول / 1444 هـ - 15:28 - الأربعاء 28 سبتمبر 2022 15:28
اعتادت دار الأوبرا السلطانيّة أن تفتتح مواسمها الجديدة بعروض أوبرالية، فهي العناوين الرئيسة لكلّ دور الأوبرا في العالم، وكان العرض الأول في افتتاح الدار في الثاني عشر من أكتوبر 2011 هو أوبرا 'توراندوت' للإيطالي جياكومو بوتشيني بحضور جلالة المغفور له السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- ويومها وقف على خشبة المسرح بأكثر من 300 مشارك ومشاركة، قدّموا عرضا مبهرا نقل الحضور إلى أزمنة غابرة، لتعود الإمبراطورية الصينية باسطة نفوذها على الأسماع والأبصار عبر موسيقى بوتشيني، ومناظر وأزياء صمّمها المخرج فرانكو زيفريللي الذي غادر عالمنا العام الماضي، ومع انطلاق كل موسم جديد تظلّ عيوننا شاخصة على العرض الأوبرالي الافتتاحي، وفي موسم دار الأوبرا الجديد الذي افتتح الأسبوع الماضي شاهدنا العرض الأوبرالي 'لاترافيادتا' للموسيقي الإيطالي فيردي (1813م- 1901م)، الذي يعدّ من أبرز أعماله، وكان العرض الأول لـ 'لاترافيادتا' قد قدّم عام 1853م في البندقية، لذا وجدنا أنفسنا إزاء عرض عالمي يقدّم منذ أكثر مائة وسبعين سنة، ورغم أن القضايا الإنسانية واحدة، إلّا أنّ الظروف تتغّير، لذا، من الطبيعي أن تختفي ظواهر اجتماعية، وتحلّ محلّها ظواهر جديدة، بحكم تطوّر المجتمعات والتحوّلات التي تشهدها، ولهذا، فالظاهرة التي قام عليها العرض هي 'المحظيّات' أو 'الجواري' في موروثنا الثقافي، الظاهرة التي أخذت في العصر العباسي منحى خطيرا، لدرجة أن الجارية 'شغب' كانت جارية الخليفة العباسي المستضيء بالله وهي والدة الخليفة المقتدر بالله، أو 'الخليلات' كما نقرأ في المصطلح الحديث، وهن سيدات يمتلكن أدوارا فاعلة، ومؤثّرة في المجتمعات التي برزت فيها بأوروبا عامة، منذ عصر النهضة وحتى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، ولهن نفوذ، وقد احتللن مكانة عالية، تقول مارتا دومينجو مخرجة العرض في دليله 'وقد حصلن على سلطات سياسية هائلة، وحقّقن ثروات أسطورية، كان عشّاقهنّ من الملوك والأمراء والمهراجات، والارستقراطيين، والسياسيين، والعسكريين، والمصرفيين بالإضافة إلى الموسيقيين والرسامين' ومن هذا الوصف تبرز لنا المكانة التي احتلتها 'المحظيّات'، وقد تطرّق نجيب محفوظ في ثلاثيته لجوانب من حياة الليل، ونسائها تأثرت بعض الأفلام المصرية بهذه الظاهرة في عدد من الأفلام من بينها 'درب الهوى' لحسام الدين مصطفى.
أمّا عن هو سبب الحديث عن 'المحظيّات'، فهو أن بطلة العرض واحدة من 'المحظيات'، تُدعى 'فيوليتا' تتعرّف على شاب اسمه 'الفريدو' في واحدة من الحفلات التي تقيمها بمنزلها، وسرعان ما يقع في حبها، لكنها تحذّره، فعالمها مختلف، وهي غير جديرة بهذا الحب العنيف الذي يأتي 'دون سابق إنذار، لكن المشكلة الكبرى أن الشخص الذي يتلقى هذا الحب عادة ما يكون شابا يافعا يعتنق مبادئ وأخلاقيات مختلفة' كما تقول المخرجة دومينجو، فضلا عن ذلك، كانت 'فيوليتا' مصابة بمرض عضال، غير أنّها تتغلّب على مقاومتها، وتستسلم لهذا الحب، ويوما بعد آخر تبادل 'الفريدو' المشاعر، وحين يعلم والده بأمر هذا الحب المحظور اجتماعيا،، يثور، ويرفض ارتباط ولده بـ 'محظيّة'، وهذا أمر متوقّع، فدخول عالم 'المحظيّات' من باب الارتباط الشرعي، غير مقبول من الناحية الاجتماعية، بحكم التمييز الطبقي الذي كان سائدا، فيزورها في منزلها الريفي، ويطلب منها أن تهجر 'الفريدو'، وكان طلبا صعبا، وبعد حديث طويل، تعده بذلك، وتقرّر التضحية بحبها، مهما كانت النتائج، وصعوبة ذلك على الطرفين، وتحدث بينهما جفوة، ويكون اللقاء في حفل ترفيهي، بمشهد أضفى مسحة جمالية من خلال الرقصات التي أدّاها الغجر، لكن ذلك اللقاء ينتهي نهاية حزينة حين تطلب منه أن يرحل، فيثور في وجهها، ويهينها أمام الجميع، وفي الفصل الأخير، يعرف 'الفريدو' بتضحيتها، ويشعر والده بالندم على ما فعل، لكن بعد فوات الأوان.
كلّ هذه الأحداث دارت على خشبة المسرح عبر ثلاثة فصول تباينت بين الطول والقصر، بين بطيء الإيقاع، في بعض المشاهد، فتنوب موسيقى فيردي في العرض الذي قاد الأوكسترا والجوقة الموسيقية الموسيقار جيامباولو بيسانتي، في التعبير، وشرح ما يدور داخل النفس البشرية من مشاعر خفية، مضمرة، فيما تتصاعد الأحداث في مفاصل أخرى من العرض، وقد أضافت المناظر والأزياء التي صمّمها جيوفاني أغوستينوتشي، متعة بصرية عالية، زاد من ذلك أداء السوبرانو نينو ماتشيدزه التي مثّلت دور 'فيوليتا'، والتينور فيتوريو جريجولو في دور 'ألفريدو'، وبقية الممثلين، وكل تلك العوامل جعلت الجمهور يقضّي وقتا ممتعا في ليلة افتتاح موسم أوبرالي جديد.
أمّا عن هو سبب الحديث عن 'المحظيّات'، فهو أن بطلة العرض واحدة من 'المحظيات'، تُدعى 'فيوليتا' تتعرّف على شاب اسمه 'الفريدو' في واحدة من الحفلات التي تقيمها بمنزلها، وسرعان ما يقع في حبها، لكنها تحذّره، فعالمها مختلف، وهي غير جديرة بهذا الحب العنيف الذي يأتي 'دون سابق إنذار، لكن المشكلة الكبرى أن الشخص الذي يتلقى هذا الحب عادة ما يكون شابا يافعا يعتنق مبادئ وأخلاقيات مختلفة' كما تقول المخرجة دومينجو، فضلا عن ذلك، كانت 'فيوليتا' مصابة بمرض عضال، غير أنّها تتغلّب على مقاومتها، وتستسلم لهذا الحب، ويوما بعد آخر تبادل 'الفريدو' المشاعر، وحين يعلم والده بأمر هذا الحب المحظور اجتماعيا،، يثور، ويرفض ارتباط ولده بـ 'محظيّة'، وهذا أمر متوقّع، فدخول عالم 'المحظيّات' من باب الارتباط الشرعي، غير مقبول من الناحية الاجتماعية، بحكم التمييز الطبقي الذي كان سائدا، فيزورها في منزلها الريفي، ويطلب منها أن تهجر 'الفريدو'، وكان طلبا صعبا، وبعد حديث طويل، تعده بذلك، وتقرّر التضحية بحبها، مهما كانت النتائج، وصعوبة ذلك على الطرفين، وتحدث بينهما جفوة، ويكون اللقاء في حفل ترفيهي، بمشهد أضفى مسحة جمالية من خلال الرقصات التي أدّاها الغجر، لكن ذلك اللقاء ينتهي نهاية حزينة حين تطلب منه أن يرحل، فيثور في وجهها، ويهينها أمام الجميع، وفي الفصل الأخير، يعرف 'الفريدو' بتضحيتها، ويشعر والده بالندم على ما فعل، لكن بعد فوات الأوان.
كلّ هذه الأحداث دارت على خشبة المسرح عبر ثلاثة فصول تباينت بين الطول والقصر، بين بطيء الإيقاع، في بعض المشاهد، فتنوب موسيقى فيردي في العرض الذي قاد الأوكسترا والجوقة الموسيقية الموسيقار جيامباولو بيسانتي، في التعبير، وشرح ما يدور داخل النفس البشرية من مشاعر خفية، مضمرة، فيما تتصاعد الأحداث في مفاصل أخرى من العرض، وقد أضافت المناظر والأزياء التي صمّمها جيوفاني أغوستينوتشي، متعة بصرية عالية، زاد من ذلك أداء السوبرانو نينو ماتشيدزه التي مثّلت دور 'فيوليتا'، والتينور فيتوريو جريجولو في دور 'ألفريدو'، وبقية الممثلين، وكل تلك العوامل جعلت الجمهور يقضّي وقتا ممتعا في ليلة افتتاح موسم أوبرالي جديد.