أعمدة

نوافذ.. نظرة على التعليم في المستقبل

WhatsApp-Image-2021-10-26-at-2.38.38-PM
 
WhatsApp-Image-2021-10-26-at-2.38.38-PM
في عصرنا الحديث بات من الصعوبة التكهن والتنبؤ بالشكل الذي سيكون عليه سوق العمل محليا وعالميا وما هي الوظائف والمهن التي يمكن أن تبقى والوظائف التي ستنقرض وغيرها التي ستولد من رحم الحاجة إليها ؛ ولعل العنصر الأبرز المحدد لهذه الاتجاهات هو التعليم ونوعيته ومخرجاته وجودته.

سوق العمل والتعليم صنوان لا يفترقان فلطالما اقترن التعليم بالعمل والعمل بالتعليم فكلاهما وجهان لعملة واحدة متى ما صلح التعليم صلح سوق العمل، ولا أدل من ذلك من الدول التي تتربع على قائمة مؤشر جودة التعليم هي التي يتسابق أرباب العمل على توظيف خريجيها والعكس من ذلك صحيح لا يرغب أحد في توظيف طالب تخرج من دولة تتذيل مؤشر التعليم ويقاس على ذلك الجامعات والكليات والمعاهد التي تتمتع بجودة عالية في التعليم يجد خريجوها فرصا أعلى للتوظيف من تلك التي لا تتمتع بالسمعة العلمية الجيدة.

الحديث هنا يقودنا إلى محاولة استراق النظر إلى المستقبل ومعرفة كيف سيكون العالم بعد عشرين أو ثلاثين سنة كيف سنتحرك هل بالسيارة الذاتية القيادة أم بالطائرة المسيرة أم بالقطار الفائق السرعة أم بوسيلة أخرى غير التي نعرفها وهل سنستخدم الوقود الأحفوري أم الطاقة الكهربائية أم أشعة الشمس والهواء أو طاقة جديدة من مكونات الأرض؛ وما ينطبق على مستقبل وسائط النقل يمكن تعميمه على باقي مناحي الحياة الأخرى في الزراعة والصناعة والفضاء وغيرها الكثير من نواحي الحياة.

النظرة المستقبلية لأشكال الحياة في المستقبل تساعدنا على التفكير في طريقة نظرنا الحالية للأمور وعلى الأخص في نظرتنا إلى التعليم والتعلم والتلقين؛ هل ستصبح المناهج الحالية التي يدرسها أبناؤنا اليوم في مدارس الصفوف الأولى صالحة للحياة والعيش بعد ست عشرة سنة وهل ستكون ملائمة لنمط ونوعية الحياة المستقبلية أم أن عادات وأنماط التعليم التقليدي الحالية لن تكون صالحة لهذا الجيل ويفترض أن يتم إعادة النظر فيها بما يتلاءم مع الواقع الحالي الحياة وما ستؤول إليه في المستقبل.

أنماط التعليم في المستقبل ستتغير بلا محالة لأن الأنماط الحالية والمعتمدة كثيرا على الحفظ والتلقين والترديد لن تستطيع الصمود كثيرا في وجه التغيرات الحاصلة في واقع الحياة وسيحل محلها التعليم الآلي والبيانات الضخمة والواقع الافتراضي المعزز الذي يوفر تجارب تعليمية تفاعلية وربما بنظرة تخيلية أكبر أن يتم الاستغناء عن كثير من المدرسين والمواد التي يمكن أن تحل الآلة محلهم ويكون أداؤها أفضل كثيرا من أداء المعلم التقليدي.

العديد من الأكاديميين والخبراء طرحوا وناقشوا وتوسعوا في مناقشة فكرة ' كيف سيكون التعليم في 2050' وخلصوا بعد تفكير عميق إلى أن بعضا من أشكال هذا التغير سوف تبدأ من المنزل من حيث انتشار التعليم المنزلي على نطاق أوسع مما هو عليه حاليا وسيصبح التعليم المنزلي اكثر متعة وفائدة وأقل كلفة مما هو عليه الآن وستلعب التقنيات الحديثة التي تطورها شركات التقنية بمساعدة الأكاديميين أنفسهم في جعل التعليم المنزلي خيارا جوهريا وبديلا عن المدرسة؛ وهذا سينطبق أيضا على التعلم الشخصي والتعلم المستمر والتعليم التخصصي الذي يتيح الفرصة للفرد لمواصلة دراسته في أي تخصص يرغب به من دون حجز أي مقعد دراسي في كلية أو جامعة وستتنافس العديد من المواقع المتخصصة والاحترافية في تقديم كل أدوات التعليم الحديثة وبشكل جذاب ومغر بعيدا عن مسميات الجامعات والكليات الأكاديمية.

تعميق المهارات الاجتماعية والعاطفية والاهتمام بالإبداع والابتكار سيكون لهما الحصة الأكبر في التعليم المستقبلي من خلال تعليم الطلاب مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات والتعاون مع الآخرين والاتصال والتواصل الفعال بالمجتمع غير المدرسي والاهتمام بالمشاريع والبحوث العلمية من السنين الأولى من عمر التعليم؛ وستلعب المنصات الرقمية المتطورة علميا وتقنيا دورا محوريا في التعليم المستقبلي وستكون رافدا رئيسيا في تعليم الكثير من المهارات والاهتمام بالمواهب والمبدعين من الطلاب.

الكثير من التصورات ناقشها ويناقشها المختصون بالتربية والتعليم على المستوى العالمي وعلى صعيد الدول والمجتمعات للارتقاء بالتعليم من خلال تعديل وتحديث ومراجعة المناهج والمقررات الدراسية على مختلف مستويات التعليم والهدف من ذلك كله يهدف إلى الاهتمام بالإنسان والارتقاء بمستوياته الحياتية والمعيشية ولا يتأتى ذلك إلا بتطوير التعليم وجعله مواكبا للحياة ومنسجما معها.