البتروكيماويات والتوجه نحو صناعات تكاملية جديدة
ضمن خطط التنويع الاقتصادي
السبت / 10 / ذو الحجة / 1443 هـ - 16:48 - السبت 9 يوليو 2022 16:48


صناعة البتروكياويات رافد جديد لنمو الاقتصاد
- موارد الطاقة تدعم التنويع الاقتصادي
- قطاع البتروكيماويات يواصل النمو.. وتوجه متزايد نحو توطين صناعات تكاملية جديدة
- صادرات البلاستيك واللدائن تصل إلى 290 مليون ريال خلال الربع الأول بنمو 83%
- شهدت الصادرات قفزة خلال العام الماضي بنسبة 386%.. وكانت الأعلى ارتفاعا بين الصادرات غير النفطية لسلطنة عمان
يتحول قطاع البتروكيماويات في سلطنة عُمان إلى واحد من أكثر القطاعات الداعمة لتوسع الصناعات التحويلية ودعم التوجه نحو التنويع الاقتصادي وزيادة التصدير عبر تعظيم القيمة المضافة لمنتجات النفط والغاز فضلا عن إيجاد صناعات جديدة تكاملية مع منتجات البتروكيماويات خاصة توطين صناعة البلاستيك، وشهدت صناعة البتروكيماويات نموا كبيرا مع افتتاح مجمع لوى للصناعات البلاستيك نهاية العام الماضي مع مزيد من التوسع المرتقب عند بدء التشغيل التجريبي لمشروع استراتيجي آخر هو مصفاة الدقم والمتوقع بداية العام المقبل، وتعد كافة هذه المشروعات مكونا أساسيا ضمن خطط التنويع الاقتصادي التي تستهدف التوسع في جذب الاستثمارات لمختلف قطاعات الاقتصاد.
وتشير الإحصائيات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن قيمة صادرات البلاستيك واللدائن ومنتجاتهما حققت ارتفاعا إلى 290 مليون ريال عماني خلال الربع الأول من هذا العام بنمو نحو 83 بالمائة مقارنة مع الربع الأول من عام 2021، وقد شهدت صادرات هذه الصناعات قفزة خلال العام الماضي لتسجل زيادة بنسبة 386 بالمائة مقارنة مع عام 2020، وكانت صادرات اللدائن والبلاستيك ومصنوعاتها هي الأعلى ارتفاعا بين الصادرات غير النفطية لسلطنة عمان، وقد حقق إنتاج البولي بروبلين، وهو أحد المنتجات الأساسية الواعدة لصناعة البتروكيماويات، زيادة كبيرة في 2021، وارتفع الإنتاج بشكل كبير خلال العام الجاري مسجلا صعودا بنسبة 22,2 بالمائة خلال الفترة من يناير وحتى مايو الماضي مقارنة مع نفس الفترة من العام 2021، وقد حققت الصادرات نموا بنسبة 48,9 بالمائة خلال نفس الفترة المشار إليها، كما تشير الإحصائيات إلى حجم صادرات من مادة البولي ايثلين بقيمة 71 مليون ريال عماني في الربع الأول وبقيمة 206 ملايين ريال عماني خلال العام الماضي.
وتعد هذه الأرقام دلالة واضحة على الاهتمام بالصناعات التحويلية ومن بينها قطاع البتروكيماويات الذي تسعى سلطنة عمان من خلاله إلى مضاعفة الاستفادة من موارد قطاع النفط والغاز وتحويلهما إلى مصدر ثري لمنتجات لها قيمة مضافة أعلى للاقتصاد، وقد سجل إنتاج النفط خلال العام الماضي 354 مليون برميل، بمتوسط إنتاج يومي 971 ألف برميل، وبلغ إجمالي صادرات النفط 288 مليون برميل، وشهد العام الجاري زيادة في إنتاج النفط بنسبة 9.4 بالمائة بنهاية مايو الماضي مقارنة مع نفس الفترة من عام 2021.
وشهدت صناعة البتروكيماويات نقلة كبيرة في ديسمبر الماضي بتشغيل مجمع لوى للصناعات البلاستيكية الذي بلغت تكلفته 2.7 مليار ريال عُماني، حيث يأتي إنجازه ضمن خطط الحكومة لتنويع مصادر الدخل وتعزيز الصناعات التحويلية كأحد المشروعات الاستثمارية في قطاع البتروكيماويات الهادفة إلى تعظيم القيمة للموارد الطبيعية بسلطنة عُمان.
ويتكون مجمع لوى للصناعات البلاستيكية من 4 حزم، وبلغت القيمة المحلية المضافة للمشروع خلال فترة إنشائه ما يقرب من 578 مليون ريال عُماني استثمرت في الأسواق المحلية في مراحل الإنشاء، وتم إنفاقها على السلع والخدمات والتدريب ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وكان مجمع لوى للصناعات البلاستيكية أكبر مشروع للصناعات التحويلية تنفذه 'أوكيو' في سلطنة عُمان حيث تسهم منتجات 'البوليمر' التي ستغطي الأسواق المحلية والعالمية في تعزيز محفظة أوكيو من منتجات البتروكيماويات والمواد الأخرى المصاحبة، ويهدف المشروع إلى تعزيز قطاع الصناعات من خلال إنتاج 838 ألف طن سنويًا من مادة البولي إيثيلين (يمثل حوالي 40 بالمائة من إجمالي تطبيقات البلاستيك المختلفة) ونحو 215 ألف طن سنويًا من مادة البولي بروبيلين والذي سيرفع إنتاج سلطنة عُمان من المادتين إلى 1.4 مليون طن سنويا، ويشكل وجود مصنع البتروكيماويات مع مصفاة صحار المجاورة ومصنع العطريات تكاملية في العمليات التي تسهم في تعظيم القيمة المشتقة من موارد النفط الخام والغاز الطبيعي.
ولمزيد من التكامل وزيادة القيمة المضافة لموارد النفط والغاز، وقعت مجموعة أوكيو مؤخرا مذكرة تفاهم مع المؤسسة العامة للمناطق الصناعية 'مدائن' لإنشاء مجمع للصناعات البلاستيكية في منطقة صحار الصناعية بدعم من وحدة متابعة تنفيذ 'رؤية عُمان 2040' ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وبالتعاون مع أكاديمية الابتكار الصناعي، ويأتي المجمع في إطار الجهود المبذولة لتحقيق 'رؤية عُمان 2040' الهادفة إلى إيجاد اقتصاد تنافسي متنوع ومتكامل، ومن المتوقع أن يوفر المجمع العديد من الفرص الاستثمارية خاصة في مجال الصناعات التحويلية للبلاستيك وستكون 'أوكيو' المورد الرئيس للمواد الخام المطلوبة لتشغيل المصانع المزمع إقامتها في هذا المجمع، وسيقوم المشروع بدور رئيس لإيجاد فرص عمل في اقتصاد قائم على الابتكار والمنافسة وتوسيع نطاق إسهام القطاع الخاص في النمو الاقتصادي المتنوع وتشجيع التحول إلى منتجات مستدامة ذات قيمة مضافة عالية.
وسيجذب مجمع الصناعات البلاستيكية الذي سيتم تزويده بالمرافق المطلوبة وتبسيط الإجراءات لضمان سهولة ممارسة الأعمال التجارية المزيد من المستثمرين المحليين والدوليين في سلسلة القيمة في مجال الصناعات البلاستيكية كموردي المواد الخام ومصنعي المواد المضافة وشركات تحويل البلاستيك والشركات العاملة في مجال إعادة التدوير ومختبرات لفحص المنتجات البلاستيكية.
وسيسهم إنشاء مجمع الصناعات البلاستيكية - الذي يقع بالقرب من مطار وميناء صحار ومصنع المواد الخام التابع لمجموعة 'أوكيو'- في إطلاق استثمارات في منتجات جديدة ومبتكرة وعالية الجودة ومستدامة لتحويل اللدائن، والإسهام في الحصول على المواد الخام من 'أوكيو' بأسعار تنافسية وتقليل احتياجات الشركات لتخزين المواد الخام وتقليل وقت التسليم إلى جانب توفير تكلفة النقل.
ويستهدف المشروع سد الفجوة التي كانت قائمة في الصناعات البلاستيكية من خلال توطين هذه الصناعات المعتمدة على البلاستيك وتعزيز هذه الصناعة في سلطنة عُمان والاستفادة من العديد من الفرص الواعدة في هذا المجال، مع تعظيم القيمة المضافة عن طريق تحويل المواد الخام إلى منتجات مصنعة وشبه مصنعة، ويعد قطاع الصناعات البلاستيكية من القطاعات الواعدة التي ستشهد زيادة مستمرة في الطلب من مختلف القطاعات المهمة كالرعاية الصحية وتغليف المواد الغذائية والبناء والزراعة. ومن المتوقع أن يبلغ الاستثمار في مشروع مجمع البلاستيك على مدى السنوات الخمس القادمة 150 مليون ريال عُماني وتوفير ما يعادل 2500 وظيفة مباشرة.
من جانب آخر، من المقرر أن يتم بداية العام المقبل التشغيل التجريبي لمصفاة الدقم 'اوكيو 8' وقد بلغت نسبة الإنجاز في مجمع مصفاة الدقم 91.86 بالمائة بنهاية مايو الماضي ويتكون هذا المشروع من ثلاث حزم، إذ تشمل الحزمة الأولى وحدات المعالجة الرئيسية للمصفاة، أما الحزمة الثانية فتشمل مرافق وخدمات داعمة للعمليات التشغيلية للمصفاة، بينما ترتبط الحزمة الثالثة بإنشاء منشآت تخزين وتصدير المواد البترولية السائلة والسائبة في ميناء الدقم، ومنشآت تخزين النفط الخام الخاصة بالمصفاة في رأس مركز، وخط أنبوب نقل النفط الخام بطول 80 كم من رأس مركز إلى مصفاة الدقم.
ومصفاة الدقم هي مشروع مشترك بين مجموعة أوكيو في سلطنة عمان، وشركة البترول الكويتية العالمية، وتبلغ تكلفته 8 مليارات دولار، وهو الأكبر في مجال المصافي والبتروكيماويات. وتبلغ طاقة إنتاج مصفاة الدقم 230 ألف برميل يوميًا، وتنتج الديزل ووقود الطائرات، إضافة إلى النافثا وغاز النفط المسال، وستعمل المصفاة على تغطية الاحتياجات اليومية الإقليمية والعالمية من منتجات الطاقة المختلفة، وتحقيق الاستغلال الأمثل للموقع الجغرافي للمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.
وتم خلال الفترة الماضية دخول عدد من المشروعات المهمة حيز العمل منها مشروع مصفاة سيباسك بالدقم ومصنع إنتاج البوليمرات، ومصنع أوكيو للغاز البترولي المُسال بصلالة الذي يُعد الأول من نوعه لمعالجة الغاز في سلطنة عُمان باستثمارات بلغت نحو 318 مليون ريال عُماني, ويمثل المصنع أحد أهم مشروعات الطاقة المهمة حيث سُسهم في تعزيز سلسلة قيمة الغاز في سلطنة عُمان من خلال استخلاص سوائل الغاز الطبيعي عن طريق شبكات وخطوط الغاز.
ويتكون المصنع الذي بني وفقا لأعلى معايير السلامة والجودة الفنية، من مرفق استخلاص مختلف مكونات الغاز البترولي وتجميعها مثل 'البروبان' و'البيوتان' والمكثفات الأخرى، كما يضم منشأة تكسير وخزانات ومرافق للشحن ونظام خطوط أنابيب الربط، ودشن هذا المشروع لمرحلة جديدة في تعزيز اسم سلطنة عُمان لتكون مصدّرة لمنتجات الطاقة في العالم ضمن جهود تطوير صناعات جديدة في قطاع البتروكيماويات.
وتمهد كافة هذه المشروعات لنقلة كبيرة في قطاع الصناعات التحويلية في سلطنة عمان وتحقيق أقصى استفادة من خامات النفط والغاز وتحويلها إلى منتجات بتروكيماوية مع تحقيق عائدات أعلى مقارنة بما يحققه بيع الخام ويعد ذلك من أهم مستهدفات التنويع الاقتصادي وإيجاد روافد جديدة لنمو الاقتصاد وللمالية العامة في الوقت ذاته.