كلام فنون: يا مركب الهند (2 -2)
الاحد / 19 / ذو القعدة / 1443 هـ - 18:30 - الاحد 19 يونيو 2022 18:30
يحيى عمر قال قف يا زين.. سألك بمن كحل أعياناك
ومن علمك يا كحيل العين.. ومن ذا الذي خضب أبنانك
ومن شكلك حرز في حرزين.. ومن شكل لؤلؤك ومرجانك
مَن في الجزيرة العربية الذي لم يسمع بيحيى عمر اليافعي؟ الشاعر والملحن وعازف عود القمبوس/ القنبوس، وأشهر الشعراء المغنيين الجوالين منذ القرن الثامن عشر. عاش يحيى عمر في عدد من البلدان وكان أكثر استقراره في بلاد الهند، حيث قضى آخر أيام حياته وتوفى حوالي: 1739م. ولا تزال بلاد الهند تحتفظ بجالية عربية من أصول يمنية حتى هذا الوقت، وربما كان لها تأثير في الموسيقى الهندية، ولكن للأسف حجم هذا التأثير لم يدرس بعد خاصة إذا ما علمنا بأن يحيى عمر وأمثاله من المغنيين العرب كانوا يمارسون الغناء الهندي إلى جانب الغناء بالعربي، وكان صديقي العزيز الفنان العُماني رحمت حسن البلوشي قد ذكر لي في دارسة سابقة، إن واحدًا من المقامات الهندية (راغا) يسمى 'يمن كليان' ومعناه بنت اليمن حسب تفسيره.
وفي الواقع معلوماتنا شحيحة جدًا عن الموسيقى وتاريخها وفنونها في البلاد المطلة على المحيط الهندي الأفريقية والآسيوية رغم الصلات العميقة والتاريخية للعُمانيين وعرب الجزيرة العربية مع هذه الشعوب منذ قديم الزمان فنشاطنا البحثي كسولًا وآمل أن لا يستمر طويلاً على هذه الحالة بعد تأسيس الجامعات والتعليم الموسيقي الأكاديمي.
تتوفر معلومات لا بأس بها عن الشاعر والمغني يحيى عمر، ولعله كان أكثر الذين نالوا اهتمام الكتاب من بين معاصريه من الشعراء المغنيين في القرن الثامن عشر، حيث تروى عنه العديد من الحكايات والقصص الظريفة، نجد لبعضها صدى فيما يروى من قصص عن حياة أمثاله من الشعراء المغنيين في عصور لاحقة.
يُنسب ليحيى عمر الكثير من الأصوات الخليجية والعُمانية التي غناها المطرب سالم الصوري وهو أشهر المصوتين العُمانيين. وفي هذه المناسبة من الأهمية الإشارة إلى المطرب حمد بن راشد الصوري ود جاش، وهو من بين الفنانين الصوريين المتمكنين من أداء الصوت وله عدد من التسجيلات السمعية والتلفزيونية في عُمان والخليج.
وحسب بعض الكتابات التي وقفت عليها والروايات المنقولة لي من بعض المطربين العُمانيين فإن أداء هذا الفن الغنائي المعروف بالصوت قديم في بعض المدن العُمانية مثل: مسقط، وصور، أما في صلالة ومرباط وقريات فله جذور في الشرح وكذلك في زربادي حضرموت، وتوجد الكثير من العناصر الفنية المشتركة بينهما جميعا في القالب الفني اللحني والإيقاعي، وأسلوب الرقص، والآلات الموسيقية كالمراويس الحضرمي الآلة الإيقاعية الأساسية في أداء الشرح والزربادي. وقد ذكرت ذلك في بحوث ومقالات سابقة منشورة بمجلة نزوى المحترمة كان آخرها بعنوان: مكانة الصوت في التراث الموسيقي العُماني.
وفي هذا المقال وأنا أتحدث عن المطرب سالم بن راشد الصوري وأهمية مسيرته الغنائية في عُمان والجزيرة العربية أود أن ألفت عناية المعنيين برسم الاستراتيجيات العامة في بلدنا الحبيب إلى أهمية العناية بالخطاب الثقافي الموسيقي العُماني وتوجهاته الفنية التقليدية والحديثة. وفي هذا السياق سيكون من المناسبة لو تم إبراز هذه العناية وتسمية بعض المسارح وقاعات العروض الموسيقية في مسقط وغيرها من المحافظات بأسماء بعض رواد الغناء العُماني مثل سالم الصوري وغيره.
وفي حوار له موثق في إذاعة سلطنة عُمان يذكر الصوري معلومات مهمة عن نوعين من الأعواد التي استعملها وهي عود القمبوس، والعود الشامي. يقول الصوري: 'بدأت حكايتي مع العود لما شفت واحد من ربعنا من أهل صور عنده عود (ربما يقصد المطرب حمد حليس)، كان أول العود حطبه، وكان له رقمه عند الغزالة الذي يجلس عليها الوتر، كانت هناك قطعة جلد مرقمه على هذاك العود. من بعد رحت عدن وأخذت لي عود شامي سنة 1938'.
حملت يحيى عمر حملين.. وصار تعبان من شأنك
ودي بوصولك ولو زامين.. وأحط يدي على امتانك
لي شهر في شهر في شهرين.. وأنا مناظر لبستانك
لا ذقت حبة ولا ثنتين.. نهبت خوخك ورمانك
والورد شفته في ذا الخدين.. وهَوْ محطوط على أوجانك
يا مركب الهند أبو دقلين.. يا ليتني كنت ربانك
مسلم بن أحمد الكثيري
موسيقي وباحث
ومن علمك يا كحيل العين.. ومن ذا الذي خضب أبنانك
ومن شكلك حرز في حرزين.. ومن شكل لؤلؤك ومرجانك
مَن في الجزيرة العربية الذي لم يسمع بيحيى عمر اليافعي؟ الشاعر والملحن وعازف عود القمبوس/ القنبوس، وأشهر الشعراء المغنيين الجوالين منذ القرن الثامن عشر. عاش يحيى عمر في عدد من البلدان وكان أكثر استقراره في بلاد الهند، حيث قضى آخر أيام حياته وتوفى حوالي: 1739م. ولا تزال بلاد الهند تحتفظ بجالية عربية من أصول يمنية حتى هذا الوقت، وربما كان لها تأثير في الموسيقى الهندية، ولكن للأسف حجم هذا التأثير لم يدرس بعد خاصة إذا ما علمنا بأن يحيى عمر وأمثاله من المغنيين العرب كانوا يمارسون الغناء الهندي إلى جانب الغناء بالعربي، وكان صديقي العزيز الفنان العُماني رحمت حسن البلوشي قد ذكر لي في دارسة سابقة، إن واحدًا من المقامات الهندية (راغا) يسمى 'يمن كليان' ومعناه بنت اليمن حسب تفسيره.
وفي الواقع معلوماتنا شحيحة جدًا عن الموسيقى وتاريخها وفنونها في البلاد المطلة على المحيط الهندي الأفريقية والآسيوية رغم الصلات العميقة والتاريخية للعُمانيين وعرب الجزيرة العربية مع هذه الشعوب منذ قديم الزمان فنشاطنا البحثي كسولًا وآمل أن لا يستمر طويلاً على هذه الحالة بعد تأسيس الجامعات والتعليم الموسيقي الأكاديمي.
تتوفر معلومات لا بأس بها عن الشاعر والمغني يحيى عمر، ولعله كان أكثر الذين نالوا اهتمام الكتاب من بين معاصريه من الشعراء المغنيين في القرن الثامن عشر، حيث تروى عنه العديد من الحكايات والقصص الظريفة، نجد لبعضها صدى فيما يروى من قصص عن حياة أمثاله من الشعراء المغنيين في عصور لاحقة.
يُنسب ليحيى عمر الكثير من الأصوات الخليجية والعُمانية التي غناها المطرب سالم الصوري وهو أشهر المصوتين العُمانيين. وفي هذه المناسبة من الأهمية الإشارة إلى المطرب حمد بن راشد الصوري ود جاش، وهو من بين الفنانين الصوريين المتمكنين من أداء الصوت وله عدد من التسجيلات السمعية والتلفزيونية في عُمان والخليج.
وحسب بعض الكتابات التي وقفت عليها والروايات المنقولة لي من بعض المطربين العُمانيين فإن أداء هذا الفن الغنائي المعروف بالصوت قديم في بعض المدن العُمانية مثل: مسقط، وصور، أما في صلالة ومرباط وقريات فله جذور في الشرح وكذلك في زربادي حضرموت، وتوجد الكثير من العناصر الفنية المشتركة بينهما جميعا في القالب الفني اللحني والإيقاعي، وأسلوب الرقص، والآلات الموسيقية كالمراويس الحضرمي الآلة الإيقاعية الأساسية في أداء الشرح والزربادي. وقد ذكرت ذلك في بحوث ومقالات سابقة منشورة بمجلة نزوى المحترمة كان آخرها بعنوان: مكانة الصوت في التراث الموسيقي العُماني.
وفي هذا المقال وأنا أتحدث عن المطرب سالم بن راشد الصوري وأهمية مسيرته الغنائية في عُمان والجزيرة العربية أود أن ألفت عناية المعنيين برسم الاستراتيجيات العامة في بلدنا الحبيب إلى أهمية العناية بالخطاب الثقافي الموسيقي العُماني وتوجهاته الفنية التقليدية والحديثة. وفي هذا السياق سيكون من المناسبة لو تم إبراز هذه العناية وتسمية بعض المسارح وقاعات العروض الموسيقية في مسقط وغيرها من المحافظات بأسماء بعض رواد الغناء العُماني مثل سالم الصوري وغيره.
وفي حوار له موثق في إذاعة سلطنة عُمان يذكر الصوري معلومات مهمة عن نوعين من الأعواد التي استعملها وهي عود القمبوس، والعود الشامي. يقول الصوري: 'بدأت حكايتي مع العود لما شفت واحد من ربعنا من أهل صور عنده عود (ربما يقصد المطرب حمد حليس)، كان أول العود حطبه، وكان له رقمه عند الغزالة الذي يجلس عليها الوتر، كانت هناك قطعة جلد مرقمه على هذاك العود. من بعد رحت عدن وأخذت لي عود شامي سنة 1938'.
حملت يحيى عمر حملين.. وصار تعبان من شأنك
ودي بوصولك ولو زامين.. وأحط يدي على امتانك
لي شهر في شهر في شهرين.. وأنا مناظر لبستانك
لا ذقت حبة ولا ثنتين.. نهبت خوخك ورمانك
والورد شفته في ذا الخدين.. وهَوْ محطوط على أوجانك
يا مركب الهند أبو دقلين.. يا ليتني كنت ربانك
مسلم بن أحمد الكثيري
موسيقي وباحث