أعمدة

شراكة من أجل الأجيال

بشفافية

 
مع حلول الإجازة الصيفية لطلبة المدارس يزداد قلق أولياء الأمور على أبنائهم في كيفية تنظيم أوقات فراغهم واستغلالها بالصورة المثلى، خصوصا في ظل ارتباط الأم والأب بوظيفة، الأمر الذي يدعو إلى إيجاد منظومة متكاملة تأتي بعد المدرسة مباشرة لتسهم في تنظيم أوقات طلبة المدارس من أطفال ومراهقين، واستغلال أوقات فراغهم في ما يفيد ويسهم في الرقي بالعديد من الجوانب العلمية والأخلاقية والسلوكية لدى الأبناء.

تمتد الإجازة الصيفية لطلبة المدارس بكافة المراحل لقرابة 3 أشهر، واليوم ليست الظروف كما كانت في الماضي، حيث يقضي الأبناء إجازتهم بصحبة أهاليهم، في المساعدة بالمزارع وبعضهم في العزب للعناية بالهجن أو المواشي أو البدء في تعلم مهنة معينة مع آبائهم، فالوضع تغير، والظروف تغيرت ومعظم أولياء الأمور يعملون في وظائف أو أعمال لا تسمح لهم بالتواجد مع أبنائهم طوال مدة الإجازة، وفي معظم الأحيان يكون الأب والأم طوال الفترة الصباحية إلى الظهر في أعمالهم، الأمر الذي يزيد من أهمية إيجاد برامج واسعة لاستغلال أوقات فراغ الأبناء.

ومع وجود مخاوف مبررة لدى أولياء الأمور تتعلق بالكيفية التي يقضي فيها طلبة المدارس أوقاتهم في الإجازة الصيفية، وامتداد ساعات تواجدهم بالمنزل بصحبة الأجهزة الإلكترونية وبدون رقابة من ولي الأمر!، أو قضاء ساعات طويلة في النوم، أو العراك والمشاجرة بين بعضهم البعض وزيادة حدوث مخاطر من عبث الأطفال ببعض المرافق أو الأدوات المنزلية، وغيرها من المخاطر التي تتزايد مع المراهقين الذين قد يخرجون من المنزل لتمتد إليهم أيدي العابثين وأصدقاء السوء فيتعرضون لما لا تحمد عقباه.

مخاوف أولياء الأمور مبررة جدا لأن هذه الفترة الطويلة من الإجازة تحتاج فعلا إلى إمكانيات لتنظيمها قد تدفع بالبعض منهم للبحث عن معهد أو مركز لتدريب الأبناء على مهارات في اللغة أو القرآن أو الحاسب الآلي، لكن هل لدى الجميع الإمكانيات المادية لهذه الخطوة؟ ـ بالتأكيد لاـ، على الرغم من وجود بعض المبادرات المجانية والمراكز الصيفية إلا أنها ليست بذلك الزخم أو الكم الذي يستطيع استيعاب جميع الراغبين للانضمام إليها.. من هنا تأتي الحاجة إلى شراكة بين ثلاثة أطراف وقد تتسع.. تتمثل في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ومكاتب الولاة والمجتمع ممثلا بذوي الخبرة والرأي بحيث يتم إقامة برامج صيفية متنوعة في المساجد والمجالس العامة وحلقات لغرس القيم والانتماء للوطن، من خلال شخصيات تمتلك المهارات في التدريب والتدريس.. وقد تدخل وزارة التنمية الاجتماعية كشريك رابع والقطاع الخاص كشريك خامس ليسهما مع الشركاء المؤسسين في دعم هذه المبادرات المجتمعية.

أعتقد أن مثل هذه المبادرات قد تخلق أجواء من الاستغلال الأمثل لأوقات فراغ الطلبة وتنمي فيهم الكثير من الجوانب المهمة وتبعدهم عن مخاطر الشبكات الإلكترونية وأيضا متاعب الانعزال التي قد تحصل لهم وهم بين جدران المنزل طوال اليوم.. كما أن مثل هذه البرامج الصيفية ستخفف على بعض أولياء الأمور الذين لا يملكون القدرة المالية لدخول أبنائهم المعاهد أو مراكز التدريب أو الخروج بهم إلى رحلات سياحية.

إن التكاتف بين المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، والمجتمع بشكل عام يجب أن يتزايد خصوصا مع تغير أنماط الحياة التي تستدعي، مضاعفة الاهتمام بالأجيال، والحفاظ عليهم واستثمار أوقات فراغهم فيما يفيد مستقبلهم ويحفظهم من المخاطر.