محللون سياسيون وإعلاميون: العلاقات العمانية ـ الإيرانية تعزز التقارب بين دول المنطقة وتدعم جهود السلام والاستقرار
الاحد / 20 / شوال / 1443 هـ - 19:54 - الاحد 22 مايو 2022 19:54
أشاد محللون سياسيون وإعلاميون بعمق العلاقات العمانية ـ الإيرانية التاريخية ودور سلطنة عمان في التقارب بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودول الجوار وتعزيز الحوار والحل السلمي لقضايا المنطقة مع توقعات أن تشهد الزيارة الأولى لفخامة إبراهيم رئيسي، رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى سلطنة عمان اليوم آفاقًا جديدة من التعاون بين البلدين، مع وجود جهود سياسية حثيثة تقوم بها سلطنة عمان على صعيد وقف الحرب في اليمن وتعزيز التقارب الإيراني مع دول مجلس التعاون الخليجي، وكل هذا الجهد السياسي العماني ينطلق من حرص جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- في تعزيز قيم السلام والاستقرار والحوار كصيغة توافقية بين دول المنطقة.
أمن المنطقة
وقال الدكتور صباح زنكنه، كاتب ودبلوماسي إيراني سابق: إن سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية بلدان لهما تاريخ وعلاقات متينة سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً وثقافياً وهناك الكثير من الأمور المشتركة بين البلدين للتطوير والارتقاء بالعلاقات بين البلدين، وهو أمر طبيعي حينما يقع البلدان على ضفتي مضيق هرمز الذي تمر عبره مئات السفن التجارية والنفطية، فإن لهذين البلدين تفاهمًا وتنسيقًا للحفاظ على هذا الممر المائي المهم جدا عالميا، وكذلك الحفاظ على أمن المنطقة بشكل عام من أن تتسرب إليها التيارات الإرهابية أو التيارات الهدامة، وسلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية بإمكانهما القيام بالكثير من الأعمال الإيجابية للمنطقة.
وأشار إلى أن سلطنة عمان سعت لتعزيز التقارب بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودول المنطقة وحل القضايا عبر الحوار وبالطرق السلمية، وكان لجهودها الأثر الكبير في تقليص هوة البعد بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبعض دول المنطقة، كما أن سلطنة عمان أسهمت كثيراً في تقريب وجهات النظر في الاجتماعات الإقليمية، وخاصة العربية على مستوى مجلس التعاون الخليجي أو على مستوى جامعة الدول العربية، وهذه الجهود تؤكد سعة نظر المسؤولين في سلطنة عمان والحكمة التي يتحلى بها قادة البلدين.. مشيرًا إلى أن الزيارة الأولى للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سلطنة عمان تأتي في إطار العلاقات الثنائية وأيضاً تنفيذاً لسياسته الرامية إلى تطوير وتوسعة العلاقات مع دول الجوار، ومن الطبيعي أن توضع لهذه الزيارة آمال للنجاح في وضع النقاط على الحروف في الاتفاقيات المبرمة ومذكرات التفاهم بين البلدين، إن كان على المستويات التجارية والطاقة ومشاريع التطوير النفطية وغيرها بالإضافة إلى خطوط الترانزيت للربط بين شرق وجنوب آسيا عبر موانئ ومطارات سلطنة عمان من خلال الربط المائي بين البلدين لتواصل طريقها إلى آسيا الوسطى وأوروبا، إذن هناك الكثير من المؤمل أن تتوج به الزيارة الأولى للرئيس الإيراني إلى سلطنة عمان لتحقيق هذه الاتفاقيات والمشاريع والعمل على التمهيد لدعم التعاون الإقليمي سياسياً وأمنياً واقتصادياً وتجارياً وتطويره نحو آفاق أوسع.
قيم السلام
وقال عوض بن سعيد باقوير، صحفي وكاتب سياسي: إن العلاقات العمانية الإيرانية هي علاقات تاريخية.. كما لعب الجوار البحري والنشاط التجاري والأخوة الإسلامية دورًا كبيرًا في بقاء العلاقات بين سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية علاقات جيدة، وهناك تنسيق سياسي متواصل حول كل ملفات المنطقة بما يعزز قيم السلام والأمن والاستقرار، وقد شهدت علاقات البلدين الصديقين في العقود الأخيرة تنامياً في كل المجالات الاقتصادية والتجارية والسياحية، وقد جاءت اتفاقية النقل البحري الأخيرة بين مسقط وطهران لتعزز آفاق التعاون في مجال التبادل التجاري والاقتصادي والاستثمار وهناك تعاون اقتصادي في عدد من المجالات، ولعل التنسيق السياسي بين سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية متواصل منذ عقود والدور المحوري للدبلوماسية العمانية في موضوع الملف النووي الإيراني هو أحد أبرز مجالات التنسيق العماني الإيراني.. كما أن تواصل التنسيق السياسي يهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأكد أن علاقات سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية هي نموذج للاحترام المتبادل والتشاور السياسي والدفع بالعلاقات بين البلدين والشعبين إلى آفاق أرحب وأفضل.. أما فيما يخص دور سلطنة عمان في الإسهام الإيجابي لتعزيز السلام والاستقرار فإن الدبلوماسية العمانية لعبت أدوارًا مهمةً وحيويةً خلال نصف قرن من المثابرة والجهود المكثفة بحكمة قيادتها وقد لعب المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- دورًا محوريًا في موضوع التوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني.. كما يواصل جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- نفس النهج من خلال رؤية سديدة تنطلق من خلال تعزيز الروابط والعلاقات الإيجابية بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، ومن هنا فإن الدبلوماسية العمانية تواصل نهجها الحكيم في تقريب وجهات النظر بين طهران ودول المنطقة، وهناك الآن جهود سياسية حثيثة تقوم بها سلطنة عمان على صعيد وقف الحرب في اليمن والحوار بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعلى صعيد تأمين الملاحة البحرية، وكل هذا الجهد السياسي العماني ينطلق من حرص جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- على تعزيز قيم السلام والاستقرار والحوار كصيغة توافقية بين دول المنطقة.
وأشار إلى أن زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سلطنة عمان تعد مهمة لتعزيز تلك العلاقات الجيدة بين سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية ولعل اللقاء المرتقب بين جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي سوف يسهم في تعزيز العلاقات بين البلدين الصديقين في كل المجالات، وخاصة المجالات الاقتصادية والتجارية وفي مجال الاستثمار وفي مجال تواصل التنسيق السياسي بما يعزز علاقات دول المنطقة والتوصل إلى مقاربات سياسية لتعزيز الأمن والاستقرار وتعزيز التبادل الاقتصادي والتجاري بين دول المنطقة، حيث تلعب الجغرافيا والجوار البحري والأخوة الإسلامية دورًا محوريًا بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والجمهورية الإسلامية الإيرانية ومنذ فجر التاريخ، وعلى ضوء ذلك فإن زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لسلطنة عمان ولقاءه بجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- والمسؤولين بالسلطنة تعد زيارة مهمة ومحورية، وسوف تكون لها نتائج إيجابية تعزز من آفاق التعاون المشترك بين البلدين وأيضًا تسهم بشكل فعال في مناقشة قضايا المنطقة بما يعود على هذه المنطقة الحيوية وشعوبها بالخير والسلام والاستقرار.
علاقات متميزة
وقال محمد بن صالح صدقيان، باحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية بالجمهورية الإسلامية الإيرانية: إن العلاقات العمانية ـ الإيرانية علاقات تمتد تاريخيًا، ذلك أن الشعبين العماني والإيراني على ضفتي الخليج كانا وما زالا متقاربين وتجمعهما علاقات اقتصادية وتجارية وأخوية عائلية، فعندما نتحدث عن العلاقات العمانية ـ الإيرانية فإننا نتحدث عن تاريخ طويل من العلاقات والتعاون المتبادل بين البلدين.. وفي عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- كانت هناك علاقات متميزة بين البلدين، ومنها وقفة سلطنة عمان مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلال الاتفاق النووي الذي تم التوقيع عليه بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومجموعة 5 + 1 إذ كانت بدايته في سلطنة عمان، ونستذكر أيضًا زيارة المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- إلى طهران ولقائه بالمرشد الأعلى الإيراني آية الله خامينئي والذي فتح معه الحديث حول التقارب مع الغرب واستجاب المرشد الأعلى الإيراني للمطلب الذي حمله المغفور له مما يشير إلى الاحترام الذي تكنه القيادة الإيرانية لسلطنة عمان وقيادتها، إذ تحدث المرشد الأعلى الإيراني في أكثر من لقاء بأنه استجابة لرغبة سلطنة عمان في الدخول بمفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا مؤشر للاحترام المتبادل بين القيادتين في سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهذه العلاقات المتنامية بين البلدين طوال عمر الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ أكثر من 42 عامًا تدل على الفهم المشترك للعلاقات التاريخية التي تربط بين الجارين الشقيقين والتي من المتوقع خلال زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سلطنة عمان أن تشهد آفاقا جديدة من العمل الاقتصادي والثقافي والاستثمارات المشتركة، وهذا يصب في خدمة الشعبين الشقيقين الجارين.
وأكد أنه من خلال العلاقات بين البلدين وتقدمها بين سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية فإن القطاعات الاقتصادية والتجارية والثقافية تستطيع أن تعزز آفاق السلام والأمن والاستقرار بين دول المنطقة ليس فقط بين سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية بل أن تنعكس على السلام في هذه المنطقة، وأعتقد أن سلطنة عمان لما لديها من ثقل سياسي في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي تستطيع العلاقات المتنامية بينها وبين الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن تنعكس على باقي دول المنطقة، وأن تسهم في تعزيز الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة، ونحن بحاجة كدول وشعوب في هذه المنطقة إلى التنمية وزيادة العلاقات الثنائية، وتعزيز العلاقات البينية بين دول المنطقة، وشئنا أم أبينا نحن شعوب هذه المنطقة، ونحن أيضا دول هذه المنطقة، وأي تعاون وتبادل للعلاقات الثقافية والأنشطة المختلفة سيسهم ويدعم أسس الأمن والاستقرار في منطقتنا.
وأشار إلى أن سلطنة عمان تتمتع بسياسة مستقرة إلى حد بعيد تمتاز بعوامل التهدئة، ولا تميل إلى التشنج، والتوتر، ولا ترغب في أن تدخل في أطر التوتر في المنطقة، ولا أن تكون عاملاً في أزمات المنطقة، واستطاعت سلطنة عمان أن تكون حلقة وصل بين دول المنطقة سواء كانت في العلاقات العربية ـ الإيرانية أو العلاقات الخليجية ـ الإيرانية.. مشيرًا إلى أن سلطنة عمان كانت عاملاً مساعداً في التهدئة بالأزمة اليمنية، ولم تكن عامل تأجيج لأي أزمة من أزمات المنطقة، وتعد سلطنة عمان عامل استقرار داخل الإطار العربي والإسلامي أيضًا، والسياسة الخارجية التي تنفرد بها سلطنة عمان ستمكنها لتكون عاملًا مشجعًا من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وسلطنة عمان قادرة، كما هي في السابق على تعزيز الأمن والاستقرار في هذه المنطقة، والقضايا الأمنية مهمة لمنطقتنا، وقد أثبتت سلطنة عمان جدارتها في أن تكون دولة تدعو إلى الأمن والاستقرار بهذه المنطقة، ويجب أن ندرك أن الموقع الجيوسياسي والجيواستراتيجي الذي تتميز به سلطنة عمان بوقوعها على مضيق هرمز وعضوتها في مجلس التعاون الخليجي يسهم في تعزيز الأمن والسلام العالم، وليس فقط في المنطقة لإشرافها على هذا المضيق الاستراتيجي، وهو مصدر من مصادر توريد الطاقة للعالم، ويؤهلها هذا الموقع أن تلعب دورًا مميزًا في قضايا الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم على حد سواء.
وأوضح أن زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سلطنة عمان في غاية الأهمية إذ تأتي في إطار الرغبة التي أعلنت عنها الحكومة الإيرانية، وشخص الرئيس إبراهيم رئيسي منذ فوزه في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، وتشكيل الحكومة الإيرانية الجديدة بأن تكون العلاقات الإقليمية في الأولوية للحكومة الإيرانية، والزيارة التي يقوم بها الرئيس الإيراني إلى سلطنة عمان تأتي في إطار تعزيز العلاقات وهناك الكثير من القضايا المهمة سوف يبحثها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مع جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، بينها المجال الاستثماري المشترك والتعاون الاقتصادي والسياسي والثقافي، وإذ ما تم تعزيز هذه المجالات فإنها بلاشك ستصب في خدمة البلدين إذ أن هناك العديد من الفرص المشتركة بين البلدين، وأعتقد أننا نعول كثيرًا على نتائج هذه الزيارة لما للحكومة الإيرانية من رغبة في تعزيز العلاقات مع سلطنة عمان.. موضحًا أن تعثر مفاوضات فيينا جعل الحكومة الإيرانية تلتفت نحو تنمية العلاقات مع دول الجوار، وتولي السياسة الخارجية الإيرانية اهتمامًا خاصًا بالعلاقات مع دول الجوار وتحديدًا مع الدول الخليجية والعربية، ونحن متفائلون بنتائج الزيارة الأولى للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سلطنة عمان خصوصًا على المستويات الاقتصادية والتجارية والثقافية وبطبيعة الحال سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية يشتركان في إدارة مضيق هرمز، ويتحملان جزءًا كبيرًا من المسؤولية لإدارة قطاع الطاقة العالمي، ومن المهم تعزيز الأمن في هذا المضيق الاستراتيجي مع وجود جهود مشتركة بين البلدين من أجل إيجاد حل للأزمة اليمنية وإنهاء الحرب والتوتر في اليمن، والعلاقات العمانية ـ الإيرانية تاريخية تستطيع أن تنهض بأعباء كبيرة من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في هذه المنطقة.
الحنكة العمانية
وقال صالح بن عبدالله البلوشي، كاتب ورئيس تحرير صحيفة شؤون عمانية الإلكترونية: إن العلاقات العمانية ـ الإيرانية ليست وليدة اليوم، وإنما ممتدة لعقود طويلة استطاع خلالها البلدان تعزيز التعاون في جميع المجالات، في ظل السعي إلى تعزيز هذه العلاقة من خلال التعاون الاقتصادي والاستفادة من القرب الجغرافي بين البلدين والعلاقات التاريخية التي تربطهما.
وأضاف: ربما يتفق كثيرون أن السياسة العمانية التي أرسى دعائمها المغفور له - بإذن الله - السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه- وأكد عليها قائد النهضة المتجددة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - استطاعت بحكمتها والأسس الثابتة التي تقوم عليها أن تحظى باحترام جميع دول العالم دون استثناء؛ لأنها تقوم على الدعوة إلى السلام، وحل الخلافات بالطرق السلمية، ولذلك يتفاءل العالم عندما يرى تحركًا سياسيًا عمانيًا في المنطقة؛ لأنه يعرف جيدًا أن السلطنة بحكم علاقاتها مع جميع الدول تستطيع أن تبني جسورًا من الثقة والتفاهم بين الفرقاء.
وأشار إلى أن العلاقات العُمانية الإيرانية استطاعت أن تحافظ على أمن واستقرار المنطقة عقودًا طويلةً، بعدما كانت هناك العديد من الملفات على وشك الانفجار عدة مرات، وأشير هنا بشكل خاص إلى دور سلطنة عمان في عدم امتداد الحرب العراقية الإيرانية «1980 ـ 1988» إلى خارج حدود البلدين، ودورها أيضا في التوصل إلى الاتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى عام 2015 قبل أن ينسحب منه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عام 2018، وكذلك دورها في تهدئة التوتر الذي حدث بين إيران والولايات المتحدة في صيف سنة 2019 الذي كاد أن يعرّض المنطقة لحرب مدمرة، وكذلك عقب اغتيال اللواء قاسم سليماني في يناير 2020.
وأكد أن زيارة الرئيس الإيراني الدكتور إبراهيم رئيسي هي الزيارة الأولى لرئيس إيراني إلى سلطنة عمان بعد تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه- مقاليد حكم البلاد في 11 من يناير 2022، وتكتسب أهميتها في عدة محاور، منها رغبة البلدين في تطوير العلاقات الاقتصادية المشتركة التي شهدت تطورًا لافتًا في السنوات الأخيرة، فقد أصدر جلالة السلطان المعظم بتاريخ 18 من مايو الجاري مرسومًا سلطانيًا ساميًا بالتصديق على اتفاقية التعاون في مجال النقل البحري بين حكومة سلطنة عمان، وحكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين حسبما جاء في تقرير نشرته مؤخرًا وكالة فارس الإيرانية إلى 1.336 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في 20 من مارس 2022 وهو مستوى وصفته الوكالة بأنه قياسي بزيادة 53% على أساس سنوي، أضف إلى ذلك أن البلدين بحثا مؤخرًا تأسيس شركة ملاحة بحرية مشتركة، وفي المحور السياسي هناك جهود داعمة لإنقاذ الاتفاق النووي من الانهيار الكامل خاصة، وأن المفاوضات المستمرة منذ عدة أشهر لم تحقق تقدمًا كبيرًا، في ظل التخوفات من انهيار المفاوضات بشكل كامل والمطالب الإيرانية بوجود ضمانات حقيقية لعدم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق كما حدث في السابق، ومطالب أمريكية بأن تتضمن المفاوضات ملفات أخرى.. كما تأتي الزيارة أيضًا في سياق رغبة حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في توثيق علاقات بلاده مع دول المنطقة.
أمن المنطقة
وقال الدكتور صباح زنكنه، كاتب ودبلوماسي إيراني سابق: إن سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية بلدان لهما تاريخ وعلاقات متينة سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً وثقافياً وهناك الكثير من الأمور المشتركة بين البلدين للتطوير والارتقاء بالعلاقات بين البلدين، وهو أمر طبيعي حينما يقع البلدان على ضفتي مضيق هرمز الذي تمر عبره مئات السفن التجارية والنفطية، فإن لهذين البلدين تفاهمًا وتنسيقًا للحفاظ على هذا الممر المائي المهم جدا عالميا، وكذلك الحفاظ على أمن المنطقة بشكل عام من أن تتسرب إليها التيارات الإرهابية أو التيارات الهدامة، وسلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية بإمكانهما القيام بالكثير من الأعمال الإيجابية للمنطقة.
وأشار إلى أن سلطنة عمان سعت لتعزيز التقارب بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودول المنطقة وحل القضايا عبر الحوار وبالطرق السلمية، وكان لجهودها الأثر الكبير في تقليص هوة البعد بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبعض دول المنطقة، كما أن سلطنة عمان أسهمت كثيراً في تقريب وجهات النظر في الاجتماعات الإقليمية، وخاصة العربية على مستوى مجلس التعاون الخليجي أو على مستوى جامعة الدول العربية، وهذه الجهود تؤكد سعة نظر المسؤولين في سلطنة عمان والحكمة التي يتحلى بها قادة البلدين.. مشيرًا إلى أن الزيارة الأولى للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سلطنة عمان تأتي في إطار العلاقات الثنائية وأيضاً تنفيذاً لسياسته الرامية إلى تطوير وتوسعة العلاقات مع دول الجوار، ومن الطبيعي أن توضع لهذه الزيارة آمال للنجاح في وضع النقاط على الحروف في الاتفاقيات المبرمة ومذكرات التفاهم بين البلدين، إن كان على المستويات التجارية والطاقة ومشاريع التطوير النفطية وغيرها بالإضافة إلى خطوط الترانزيت للربط بين شرق وجنوب آسيا عبر موانئ ومطارات سلطنة عمان من خلال الربط المائي بين البلدين لتواصل طريقها إلى آسيا الوسطى وأوروبا، إذن هناك الكثير من المؤمل أن تتوج به الزيارة الأولى للرئيس الإيراني إلى سلطنة عمان لتحقيق هذه الاتفاقيات والمشاريع والعمل على التمهيد لدعم التعاون الإقليمي سياسياً وأمنياً واقتصادياً وتجارياً وتطويره نحو آفاق أوسع.
قيم السلام
وقال عوض بن سعيد باقوير، صحفي وكاتب سياسي: إن العلاقات العمانية الإيرانية هي علاقات تاريخية.. كما لعب الجوار البحري والنشاط التجاري والأخوة الإسلامية دورًا كبيرًا في بقاء العلاقات بين سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية علاقات جيدة، وهناك تنسيق سياسي متواصل حول كل ملفات المنطقة بما يعزز قيم السلام والأمن والاستقرار، وقد شهدت علاقات البلدين الصديقين في العقود الأخيرة تنامياً في كل المجالات الاقتصادية والتجارية والسياحية، وقد جاءت اتفاقية النقل البحري الأخيرة بين مسقط وطهران لتعزز آفاق التعاون في مجال التبادل التجاري والاقتصادي والاستثمار وهناك تعاون اقتصادي في عدد من المجالات، ولعل التنسيق السياسي بين سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية متواصل منذ عقود والدور المحوري للدبلوماسية العمانية في موضوع الملف النووي الإيراني هو أحد أبرز مجالات التنسيق العماني الإيراني.. كما أن تواصل التنسيق السياسي يهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأكد أن علاقات سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية هي نموذج للاحترام المتبادل والتشاور السياسي والدفع بالعلاقات بين البلدين والشعبين إلى آفاق أرحب وأفضل.. أما فيما يخص دور سلطنة عمان في الإسهام الإيجابي لتعزيز السلام والاستقرار فإن الدبلوماسية العمانية لعبت أدوارًا مهمةً وحيويةً خلال نصف قرن من المثابرة والجهود المكثفة بحكمة قيادتها وقد لعب المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- دورًا محوريًا في موضوع التوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني.. كما يواصل جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- نفس النهج من خلال رؤية سديدة تنطلق من خلال تعزيز الروابط والعلاقات الإيجابية بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي، ومن هنا فإن الدبلوماسية العمانية تواصل نهجها الحكيم في تقريب وجهات النظر بين طهران ودول المنطقة، وهناك الآن جهود سياسية حثيثة تقوم بها سلطنة عمان على صعيد وقف الحرب في اليمن والحوار بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعلى صعيد تأمين الملاحة البحرية، وكل هذا الجهد السياسي العماني ينطلق من حرص جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- على تعزيز قيم السلام والاستقرار والحوار كصيغة توافقية بين دول المنطقة.
وأشار إلى أن زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سلطنة عمان تعد مهمة لتعزيز تلك العلاقات الجيدة بين سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية ولعل اللقاء المرتقب بين جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي سوف يسهم في تعزيز العلاقات بين البلدين الصديقين في كل المجالات، وخاصة المجالات الاقتصادية والتجارية وفي مجال الاستثمار وفي مجال تواصل التنسيق السياسي بما يعزز علاقات دول المنطقة والتوصل إلى مقاربات سياسية لتعزيز الأمن والاستقرار وتعزيز التبادل الاقتصادي والتجاري بين دول المنطقة، حيث تلعب الجغرافيا والجوار البحري والأخوة الإسلامية دورًا محوريًا بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والجمهورية الإسلامية الإيرانية ومنذ فجر التاريخ، وعلى ضوء ذلك فإن زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لسلطنة عمان ولقاءه بجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- والمسؤولين بالسلطنة تعد زيارة مهمة ومحورية، وسوف تكون لها نتائج إيجابية تعزز من آفاق التعاون المشترك بين البلدين وأيضًا تسهم بشكل فعال في مناقشة قضايا المنطقة بما يعود على هذه المنطقة الحيوية وشعوبها بالخير والسلام والاستقرار.
علاقات متميزة
وقال محمد بن صالح صدقيان، باحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية بالجمهورية الإسلامية الإيرانية: إن العلاقات العمانية ـ الإيرانية علاقات تمتد تاريخيًا، ذلك أن الشعبين العماني والإيراني على ضفتي الخليج كانا وما زالا متقاربين وتجمعهما علاقات اقتصادية وتجارية وأخوية عائلية، فعندما نتحدث عن العلاقات العمانية ـ الإيرانية فإننا نتحدث عن تاريخ طويل من العلاقات والتعاون المتبادل بين البلدين.. وفي عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- كانت هناك علاقات متميزة بين البلدين، ومنها وقفة سلطنة عمان مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلال الاتفاق النووي الذي تم التوقيع عليه بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومجموعة 5 + 1 إذ كانت بدايته في سلطنة عمان، ونستذكر أيضًا زيارة المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- إلى طهران ولقائه بالمرشد الأعلى الإيراني آية الله خامينئي والذي فتح معه الحديث حول التقارب مع الغرب واستجاب المرشد الأعلى الإيراني للمطلب الذي حمله المغفور له مما يشير إلى الاحترام الذي تكنه القيادة الإيرانية لسلطنة عمان وقيادتها، إذ تحدث المرشد الأعلى الإيراني في أكثر من لقاء بأنه استجابة لرغبة سلطنة عمان في الدخول بمفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا مؤشر للاحترام المتبادل بين القيادتين في سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهذه العلاقات المتنامية بين البلدين طوال عمر الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ أكثر من 42 عامًا تدل على الفهم المشترك للعلاقات التاريخية التي تربط بين الجارين الشقيقين والتي من المتوقع خلال زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سلطنة عمان أن تشهد آفاقا جديدة من العمل الاقتصادي والثقافي والاستثمارات المشتركة، وهذا يصب في خدمة الشعبين الشقيقين الجارين.
وأكد أنه من خلال العلاقات بين البلدين وتقدمها بين سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية فإن القطاعات الاقتصادية والتجارية والثقافية تستطيع أن تعزز آفاق السلام والأمن والاستقرار بين دول المنطقة ليس فقط بين سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية بل أن تنعكس على السلام في هذه المنطقة، وأعتقد أن سلطنة عمان لما لديها من ثقل سياسي في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي تستطيع العلاقات المتنامية بينها وبين الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن تنعكس على باقي دول المنطقة، وأن تسهم في تعزيز الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة، ونحن بحاجة كدول وشعوب في هذه المنطقة إلى التنمية وزيادة العلاقات الثنائية، وتعزيز العلاقات البينية بين دول المنطقة، وشئنا أم أبينا نحن شعوب هذه المنطقة، ونحن أيضا دول هذه المنطقة، وأي تعاون وتبادل للعلاقات الثقافية والأنشطة المختلفة سيسهم ويدعم أسس الأمن والاستقرار في منطقتنا.
وأشار إلى أن سلطنة عمان تتمتع بسياسة مستقرة إلى حد بعيد تمتاز بعوامل التهدئة، ولا تميل إلى التشنج، والتوتر، ولا ترغب في أن تدخل في أطر التوتر في المنطقة، ولا أن تكون عاملاً في أزمات المنطقة، واستطاعت سلطنة عمان أن تكون حلقة وصل بين دول المنطقة سواء كانت في العلاقات العربية ـ الإيرانية أو العلاقات الخليجية ـ الإيرانية.. مشيرًا إلى أن سلطنة عمان كانت عاملاً مساعداً في التهدئة بالأزمة اليمنية، ولم تكن عامل تأجيج لأي أزمة من أزمات المنطقة، وتعد سلطنة عمان عامل استقرار داخل الإطار العربي والإسلامي أيضًا، والسياسة الخارجية التي تنفرد بها سلطنة عمان ستمكنها لتكون عاملًا مشجعًا من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وسلطنة عمان قادرة، كما هي في السابق على تعزيز الأمن والاستقرار في هذه المنطقة، والقضايا الأمنية مهمة لمنطقتنا، وقد أثبتت سلطنة عمان جدارتها في أن تكون دولة تدعو إلى الأمن والاستقرار بهذه المنطقة، ويجب أن ندرك أن الموقع الجيوسياسي والجيواستراتيجي الذي تتميز به سلطنة عمان بوقوعها على مضيق هرمز وعضوتها في مجلس التعاون الخليجي يسهم في تعزيز الأمن والسلام العالم، وليس فقط في المنطقة لإشرافها على هذا المضيق الاستراتيجي، وهو مصدر من مصادر توريد الطاقة للعالم، ويؤهلها هذا الموقع أن تلعب دورًا مميزًا في قضايا الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم على حد سواء.
وأوضح أن زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سلطنة عمان في غاية الأهمية إذ تأتي في إطار الرغبة التي أعلنت عنها الحكومة الإيرانية، وشخص الرئيس إبراهيم رئيسي منذ فوزه في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، وتشكيل الحكومة الإيرانية الجديدة بأن تكون العلاقات الإقليمية في الأولوية للحكومة الإيرانية، والزيارة التي يقوم بها الرئيس الإيراني إلى سلطنة عمان تأتي في إطار تعزيز العلاقات وهناك الكثير من القضايا المهمة سوف يبحثها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مع جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، بينها المجال الاستثماري المشترك والتعاون الاقتصادي والسياسي والثقافي، وإذ ما تم تعزيز هذه المجالات فإنها بلاشك ستصب في خدمة البلدين إذ أن هناك العديد من الفرص المشتركة بين البلدين، وأعتقد أننا نعول كثيرًا على نتائج هذه الزيارة لما للحكومة الإيرانية من رغبة في تعزيز العلاقات مع سلطنة عمان.. موضحًا أن تعثر مفاوضات فيينا جعل الحكومة الإيرانية تلتفت نحو تنمية العلاقات مع دول الجوار، وتولي السياسة الخارجية الإيرانية اهتمامًا خاصًا بالعلاقات مع دول الجوار وتحديدًا مع الدول الخليجية والعربية، ونحن متفائلون بنتائج الزيارة الأولى للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سلطنة عمان خصوصًا على المستويات الاقتصادية والتجارية والثقافية وبطبيعة الحال سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية يشتركان في إدارة مضيق هرمز، ويتحملان جزءًا كبيرًا من المسؤولية لإدارة قطاع الطاقة العالمي، ومن المهم تعزيز الأمن في هذا المضيق الاستراتيجي مع وجود جهود مشتركة بين البلدين من أجل إيجاد حل للأزمة اليمنية وإنهاء الحرب والتوتر في اليمن، والعلاقات العمانية ـ الإيرانية تاريخية تستطيع أن تنهض بأعباء كبيرة من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في هذه المنطقة.
الحنكة العمانية
وقال صالح بن عبدالله البلوشي، كاتب ورئيس تحرير صحيفة شؤون عمانية الإلكترونية: إن العلاقات العمانية ـ الإيرانية ليست وليدة اليوم، وإنما ممتدة لعقود طويلة استطاع خلالها البلدان تعزيز التعاون في جميع المجالات، في ظل السعي إلى تعزيز هذه العلاقة من خلال التعاون الاقتصادي والاستفادة من القرب الجغرافي بين البلدين والعلاقات التاريخية التي تربطهما.
وأضاف: ربما يتفق كثيرون أن السياسة العمانية التي أرسى دعائمها المغفور له - بإذن الله - السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه- وأكد عليها قائد النهضة المتجددة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - استطاعت بحكمتها والأسس الثابتة التي تقوم عليها أن تحظى باحترام جميع دول العالم دون استثناء؛ لأنها تقوم على الدعوة إلى السلام، وحل الخلافات بالطرق السلمية، ولذلك يتفاءل العالم عندما يرى تحركًا سياسيًا عمانيًا في المنطقة؛ لأنه يعرف جيدًا أن السلطنة بحكم علاقاتها مع جميع الدول تستطيع أن تبني جسورًا من الثقة والتفاهم بين الفرقاء.
وأشار إلى أن العلاقات العُمانية الإيرانية استطاعت أن تحافظ على أمن واستقرار المنطقة عقودًا طويلةً، بعدما كانت هناك العديد من الملفات على وشك الانفجار عدة مرات، وأشير هنا بشكل خاص إلى دور سلطنة عمان في عدم امتداد الحرب العراقية الإيرانية «1980 ـ 1988» إلى خارج حدود البلدين، ودورها أيضا في التوصل إلى الاتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى عام 2015 قبل أن ينسحب منه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عام 2018، وكذلك دورها في تهدئة التوتر الذي حدث بين إيران والولايات المتحدة في صيف سنة 2019 الذي كاد أن يعرّض المنطقة لحرب مدمرة، وكذلك عقب اغتيال اللواء قاسم سليماني في يناير 2020.
وأكد أن زيارة الرئيس الإيراني الدكتور إبراهيم رئيسي هي الزيارة الأولى لرئيس إيراني إلى سلطنة عمان بعد تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه- مقاليد حكم البلاد في 11 من يناير 2022، وتكتسب أهميتها في عدة محاور، منها رغبة البلدين في تطوير العلاقات الاقتصادية المشتركة التي شهدت تطورًا لافتًا في السنوات الأخيرة، فقد أصدر جلالة السلطان المعظم بتاريخ 18 من مايو الجاري مرسومًا سلطانيًا ساميًا بالتصديق على اتفاقية التعاون في مجال النقل البحري بين حكومة سلطنة عمان، وحكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين حسبما جاء في تقرير نشرته مؤخرًا وكالة فارس الإيرانية إلى 1.336 مليار دولار في السنة المالية المنتهية في 20 من مارس 2022 وهو مستوى وصفته الوكالة بأنه قياسي بزيادة 53% على أساس سنوي، أضف إلى ذلك أن البلدين بحثا مؤخرًا تأسيس شركة ملاحة بحرية مشتركة، وفي المحور السياسي هناك جهود داعمة لإنقاذ الاتفاق النووي من الانهيار الكامل خاصة، وأن المفاوضات المستمرة منذ عدة أشهر لم تحقق تقدمًا كبيرًا، في ظل التخوفات من انهيار المفاوضات بشكل كامل والمطالب الإيرانية بوجود ضمانات حقيقية لعدم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق كما حدث في السابق، ومطالب أمريكية بأن تتضمن المفاوضات ملفات أخرى.. كما تأتي الزيارة أيضًا في سياق رغبة حكومة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في توثيق علاقات بلاده مع دول المنطقة.